فرنسا استدعت سفيرها من واشنطن
فرنسا استدعت سفيرها من واشنطن

تعكس الأزمة الأخيرة بين فرنسا من جانب، والولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا من جانب آخر، حالة من "عدم الثقة" في العلاقات من منظور دولي جديد، لكن يتوقع محللون ألا تستمر الأزمة طويلا.

واندلعت هذه الأزمة بعد أن أعلنت الدول الثلاث، الأربعاء، إطلاق شراكة استراتيجية لمواجهة الصين تتضمن تزويد كانبيرا بغواصات تعمل بالدفع النووي، ما استدعى رد فعل عنيفا من جانب باريس.

وقالت وكالة رويترز في تحليل لها إن العواصم الأوروبية كانت قد احتفلت، في يونيو الماضي، بزيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، حيث تحدث باستفاضة عن إعادة إحياء الشراكة عبر الأطلسي، وتنفست باريس وواشنطن الصعداء بعد أربع سنوات من رفع شعار "أميركا أولا" ، خلال عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب.

لكن بعد أقل من ثلاثة أشهر من جولة بلينكن، وجدت واشنطن نفسها في أزمة دبلوماسية غير مسبوقة مع فرنسا بشأن صفقة ثلاثية مع بريطانيا لتزويد أستراليا بغواصات تعمل بالطاقة النووية والتي أدت إلى إلغاء عقد بقيمة 40 مليار دولار بين باريس وكانبيرا لتصنيع غواصات تقليدية تبلغ قيمتها حوالي 36.5 مليار دولار عندما تم التوقيع عليها عام 2016.

وأكد وزير الدفاع الأسترالي، بيتر دوتون، أن كانبيرا لم تتمكن من شراء الغواصات الفرنسية بسبب عمليات الصيانة التي يجب أن تتم كل 10 سنوات، والتي تشمل إعادة شحن الوقود النووي، وهو ما لا ينطبق على الغواصات الأميركية، كما أن أستراليا ليست لديها أي محطات للطاقة النووية.

لكن المسؤولين الفرنسين رفضوا بشدة الرأي القائل إن المشكلات التشغيلية هي التي دعمت قرار أستراليا، مضيفين أنه تم حل هذه المشكلات في وقت مبكر من العام.

وتضمن الرد الفرنسي نبرة غير مسبوقة في التصريحات العلنية بين الحلفاء، وذهبت باريس، يوم الجمعة، إلى أبعد من ذلك، حيث اتخذت خطوة غير عادية باستدعاء سفيريها في واشنطن وأستراليا واتهمت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بالتصرف مثل ترامب.

وألغي، الأحد، اجتماع كان مقررا أن يعقد هذا الأسبوع بين وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، ونظيرها البريطاني، بين والاس، بناء على طلب باريس، وفق فرانس برس.

ويقول محللون إن الأزمة هي "أكبر من أن تكون فقط مجرد أزمة تجارية" لأنها في الواقع "أزمة ثقة"، وحتى إذا كان المسؤولون الأميركيون يأملون في أن تنتهي بسرعة، فمن المحتمل أن "تلحق أضرارا دائمة" بالتحالف مع فرنسا وأوروبا، وفقا لرويترز.

ومن المنظور الفرنسي، فإن الخطوة الأميركية تتعارض مع ما تعهدت به إدارة بايدن، وهو العودة إلى التعددية والتعاون الوثيق مع الشركاء والحلفاء.

ويقول بنيامين حداد، مدير مركز أوروبا في المجلس الأطلسي لرويترز: "هذا يجعل الأوروبيين يدركون أن بعض سياسات ترامب، لم تكن انحرافا لكنها تشير إلى تحول أعمق بعيدا عن أوروبا".

وحاول بلينكن تهدئة الغضب الفرنسي واصفا فرنسا بأنها "حليف حيوي طويل الأمد" في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وما وراءها، وسرعان ما أصدر البيت الأبيض ووزارة الخارجية بيانات استرضائية بعد أن استدعت باريس سفيريها.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن تأمل في مواصلة المناقشات حول القضية على مستوى رفيع، في الأيام المقبلة، بما في ذلك خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع المقبل.

وأعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، غابرييل أتال، الأحد، أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، طلب التحدث إلى نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لافتا إلى أن "مكالمة هاتفية ستجري (بينهما) في الأيام المقبلة".

"استقلال استراتيجي"

ويرى ديفيد بيل، أستاذ التاريخ بجامعة برينستون، أن السوابق التاريخية تشير إلى أن الأزمة ستنتهي في النهاية.

ويقول لرويترز إنه من الواضح أن الفرنسيين كانوا "منزعجين للغاية" وأظهروا ذلك بطريقة "دراماتيكية إلى حد ما".

ويقول إن الأزمات السابقة التي أدت إلى توتر شديد، بما في ذلك انسحاب فرنسا من قيادة "الناتو" في الستينيات، ورفضها، في عام 2003، الانضمام إلى الحرب ضد العراق، لم تؤد إلى تعليق العلاقات الدبلوماسية، وتوقع إعادة السفيرين في وقت ما.

ولفت إلى أن نبرة ماكرون تأتي قبل سباق محتمل لإعادة انتخابه العام المقبل، لذلك يحاول "إعادة إيقاظ هذا التقليد الديغولي للاستقلال الفرنسي" في السياسة الخارجية.

وفي حين قد يجد حلفاء "الناتو" طرقا للتعافي مما يعتبره البعض "أسوأ أزمة دبلوماسية في تاريخهم"، يحذر الخبراء من إلحاق ضرر جسيم باستراتيجية بايدن الأوسع للصين.

وقد تعزز صفقة الغواصات الثلاثية قوة الولايات المتحدة وحلفائها في مواجهة القوة الصينية المتنامية، لكن الضرر الناجم عن غياب فرنسا قد يضر بذلك.

فعلى الرغم من أن العلاقات القوية بين الولايات المتحدة وأستراليا قد تقلق الحكومة الصينية، فقد اتخذت فرنسا، القوة العسكرية الرائدة في الاتحاد الأوروبي، موقفا قويا في حث الكتلة على اتخاذ موقف متشدد تجاه الصين في حين بدت دول الاتحاد الأوروبي الأخرى مثل ألمانيا أكثر قلقا بشأن عدم الإخلال بالعلاقات التجارية مع بكين.

ويرى فرانسوا هايسبورغ، كبير مستشاري أوروبا في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، في حديثه لرويترز، أن فرنسا قد تضيق نطاق تركيزها للتركيز على مصالحها المحددة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بدلا من العمل على صد الصين على نطاق أوسع.

وغداة الإعلان عن صفقة الغواصات، كشف الاتحاد الأوروبي عن استراتيجيته الرسمية لتعزيز وجوده في المحيطين الهندي والهادئ ومواجهة الصين. وقالت ورقة "الاتحاد الأوروبي. استراتيجية التعاون في المحيطين الهندي والهادئ " إن الكتلة ستواصل "انخراطا متعدد الأوجه مع الصين" والتعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بينما "تتراجع حيث توجد خلافات أساسية مع الصين، مثل حقوق الإنسان".

وقال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، متحدثا عن "الاستقلال الاستراتيجي" الذي دافعت عنه فرنسا وماكرون: "يجب أن نعيش بمفردنا، كما يفعل الآخرون".

"نظام جيوسياسي جديد"

وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن شراكة بريطانيا مع الولايات المتحدة كانت مصدر إزعاج آخر لفرنسا، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتبني رئيس وزرائها بوريس جونسون استراتيجية "بريطانيا العالمية" التي تستهدف إلى حد كبير منطقة المحيطين الهندي والهادئ. 

وتشير إلى شكوك فرنسية قديمة في أن مجموعة دول ناطقة باللغة الإنكليزية تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة مع استبعاد فرنسا.

ويريد ماكرون من فرنسا أن تقود الاتحاد الأوروبي نحو مسار وسط بين القوتين العظميين (الولايات المتحدة والصين)، ما يدل على "الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي" في صميم رؤيته، وقد تحدث عن أوروبا المستقلة التي تعمل "بجانب أميركا والصين".

وقالت نيكول باشاران، الباحثة في باريس لنيويورك تايمز: "يبدو هذا وكأنه نظام جيوسياسي جديد دون تحالفات ملزمة" لمواجهة الصين، ويبدو أن الولايات المتحدة اختارت تحالفا مختلفا، مع العالم الأنغلو ساكسوني منفصل عن فرنسا. وتوقعت فترة "صعبة للغاية" في الصداقة القديمة بين باريس وواشنطن.

ومع ذلك، يعتقد محللون آخرون أن الحاجة الملحة لمواجهة بكين ستساعد الدول الغربية على حل خلافاتها، وفق رويترز.

وقال غريغ بولينغ من مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية للوكالة إن "المستوى المتزايد للقلق العالمي بشأن الصين هو المد الذي يرفع كل القوارب".

وأضاف: "أنا واثق تماما من أنه ستكون هناك بضعة أشهر صعبة، لكن باريس سوف تتغلب عليها، لأن مصالحها الاستراتيجية تملي عليها أن تتجاوز ذلك".

صورة بتاريخ الرابع من سبتمبر 2023 قبل الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة
صورة بتاريخ الرابع من سبتمبر 2023 قبل الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة

أعلنت جمعية أهلية مصرية معروفة، الأحد، عن استبعادها لأول مرة منذ ما يقرب من عقدين، من مراقبة الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها العام المقبل.

وقالت جمعية "السادات للتنمية والرعاية الاجتماعية"، في بيان، إنه تم رفضها واستبعادها من الإشراف والمتابعة على الانتخابات الرئاسية. 

وانتقدت الجمعية القرار، واعتبرته "بداية غير مطمئنة ولا مبشرة لنتائج محسومة". 

وأشارت إلى أنها استوفت كل الشروط والمعايير الخاصة بالتسجيل لدى الهيئة الوطنية للانتخابات لمتابعة الانتخابات الرئاسية المقبلة "وصدور خطاب رسمي بذلك من وزارة التضامن الاجتماعي لسابق خبرتها وأهليتها ومشاركتها في متابعة كافة الاستحقاقات الانتخابية منذ تأسيسها في عام 2004". 

وأسس عضو مجلس النواب السابق، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور عصمت السادات، الجمعية.

ومحمد أنور عصمت السادات هو ابن شقيق الرئيس المصري الراحل أنور السادات الذي اغتيل عام 1981. 

وفي عام 2018، تراجع عصمت السادات عن خوض الانتخابات الرئاسية بسبب ما وصفه حينها بـ"المناخ السياسي الحالي"، داعيا إلى "تحرير الخطاب السياسي وإلى فتح المجال أمام ممارسة سياسية حقيقية". 

وفي فبراير 2017، وافقت غالبية أعضاء مجلس النواب على إسقاط عضوية السادات بدعوى "الحط من قدر" البرلمان في تقارير سلبية عن أداء المجلس أرسلها إلى الاتحاد البرلماني الدولي.

والأربعاء الماضي قالت هيئة الانتخابات، إنها ستعلن عن موعد السباق الرئاسي، الاثنين المقبل، وذلك بعد أسابيع من الجدل والتكهنات. 

ويعتقد على نطاق واسع أن يتقدم الرئيس عبد الفتاح السيسي بأوراق ترشيحه لتولي فترة رئاسية ثالثة، علما بأنه بدأ حكم البلاد في يونيو 2014 بعد عام تقريبا من إطاحة الجيش الرئيس الإسلامي محمد مرسي، في أعقاب تظاهرات حاشدة ضد حكمه.

والأحد الماضي، أعلن "التيار الحر"، وهو تحالف أحزاب ليبرالية معارضة في مصر، أنه لن يسمي مرشحا للانتخابات الرئاسية المقررة في الربيع المقبل، بعد الحكم على أمينه العام هشام قاسم (64 عاما) بالسجن ستة أشهر.

كما كشف المعارض أحمد الطنطاوي، الذي أعلن نيته خوض انتخابات الرئاسة، أن هاتفه تحت المراقبة منذ سبتمبر 2021 وذلك بعدما كشف مركز "سيتيزن لاب" في جامعة تورنتو أن نظاما للتجسس الإلكتروني خصص لمراقبة هاتفه.

لكن الطنطاوي أكد "تصميمه" على مواصلة حملته للانتخابات رغم تضاعف "معدل وخطورة الأعمال غير القانونية وغير الاخلاقية التي تقوم بها أجهزة الأمن ضد حملته".

يشار إلى أن الانتخابات الرئاسية المقبلة هي الرابعة بعد ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت الرئيس الأسبق حسني مبارك، بعد 30 عاما في الحكم.

وخلال الانتخابات الأخيرة، عام 2018، خاض السيسي السباق ضد مرشح وحيد مغمور هو موسى مصطفى موسى، وحصل على نسبة بلغت 97 بالمئة من أصوات الناخبين، فيما وصفتها "رويترز" بانتخابات بلا معارضة حقيقية.

وفي عام 2019 وافق المصريون في استفتاء على تعديلات دستورية كان من بينها زيادة مدة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، مما يتيح للسيسي الترشح مجددا للانتخابات المقبلة.