بشار الأسد ومحمد بن زايد ناقشا الأوضاع في الشرق الأوسط
لقاء سابق جمع الرئيس الإماراتي خليفة بن زايد ونظيره السوري بشار الأسد في عام 2006

تطور ملحوظ شهدته العلاقة بين الإمارات وسوريا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، بعد نحو 10 سنوات من القطيعة بين البلدين على خلفية اندلاع الأزمة السورية في 2011، في خطوة جاءت بالتزامن مع تحركات من دول عربية أخرى يبدو أنها في طريقها أيضا لـ"طي صفحة الماضي" مع نظام الأسد.

الأربعاء تلقى ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، اتصالا هاتفيا من الرئيس السوري بشار الأسد، وناقش الجانبان التطورات في سوريا والشرق الأوسط، وفقا لوكالة أنباء الإمارات.

وتناول الاتصال تطورات الأوضاع في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى مجمل القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك، بحسب الوكالة.

جاءت مكالمة الطرفين بعد قرابة ثلاث سنوات على إعلان الإمارات عودة العمل في سفارتها في دمشق، التي ظلت مغلقة منذ الشهور الأولى لبدء الصراع في سوريا في عام 2011 حتى إعلان إعادة فتحها في ديسمبر 2018.

وتزامنت المكالمة، أيضا، مع مشاركة سوريا في معرض إكسبو 2020 دبي حيث بحث وزيرا الاقتصاد السوري والإماراتي مؤخرا تنشيط مجلس الأعمال بين البلدين.

ويرى مراقبون أن هناك دوافع سياسية وأخرى اقتصادية حدت بالإمارات لتغيير سياساتها تجاه نظام الرئيس السوري بشار الأسد، من أبرزها محاولة مواجهة نفوذ أطراف فاعلة غير عربية في المشهد السوري مثل إيران وتركيا.

الباحث في الشأن السوري فراس فحام قال إن الاتصال الذي جرى بين محمد بن زايد والأسد هو "استكمال للمسار الذي بدأته الإمارات في أواخر 2018 بعد فتح سفارتها في دمشق".

ويضيف فحام في حديث لموقع "الحرة" أن الإمارات ترغب من خلال هذه الخطوة في لعب دور أكثر فاعلية في الشرق الأوسط ومنطقة البحر المتوسط على الصعيد السياسي، وأيضا هي تبحث عن استثمارات في سوريا، على المستوى الاقتصادي".

ويتفق الأستاذ في معهد الشرق الأوسط، حسن منيمنه، ضمنيا مع هذه الرؤيا، ويشير في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "الإمارات كانت ولا تزال تعتقد بضرورة إعادة سوريا للحاضنة العربية، ليس فقط من أجل أن تساهم في إعادة إعمارها، وإنما للحد من التأثير الإيراني في هذ البلد".

وسحبت دول مجلس التعاون الخليجي وبينها الإمارات، سفراءها من دمشق في فبراير 2012 متهمة النظام السوري بارتكاب "مجزرة جماعية ضد الشعب الأعزل"، في إشارة إلى قمع الاحتجاجات الشعبية قبل تحولها إلى حرب أهلية تسببت في مقتل أكثر من 360 ألف شخص.

وتسبب النزاع السوري منذ اندلاعه في مارس 2011 بنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها، بينهم أكثر من 6,6 ملايين لاجئ، فروا بشكل أساسي الى الدول المجاورة: لبنان والأردن وتركيا.

ودعمت طهران نظام الأسد عبر إرسال مستشارين عسكريين وعناصر ميليشيات موالية لها من العراق ولبنان وأفغانستان، قاتلوا إلى جانب النظام الذي تمكن تقريبا من القضاء على الانتفاضة التي بدأت قبل عشر سنوات بمساعدة حاسمة من القوات الإيرانية والروسية.

ويشدد منيمنه أن "الحديث عن مواجهة النفوذ الإيراني لا يعني أننا يمكن أن نتجاهل الجرائم التي قام بها النظام السوري".

ويتابع أن "أي تواصل أو تعاطي مع النظام يساهم في إفلاته من العقاب بعد أن ارتكب جرائم كبيرة على مدى عقد كامل"، مضيفا أن "هذه الخطوة تضر بصورة الإمارات".

لكن منيمنه يستدرك بالقول "أيضا يجب ألا نغفل أن هناك أمرا واقعا يتمثل بأن الثورة السورية لم يعد بإمكانها عمل شيء، وهذا يجعلنا نفهم المنطق الذي يدفع الإمارات للتواصل مع سوريا وهو منطق جيو استراتيجي".

في المقابل، يرجح ‏‏‏‏‏الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية الباحث، أمجد طه، أن تقوم دول أخرى بالحذو حذو الإمارات في ما يتعلق بالتعامل مع الملف السوري.

وقال طه في تغريدة على حسابه في تويتر "من يتردد اليوم سيقوم بما قامت به الإمارات غدا"، مضيفا أن "عودة سوريا العربية إلى محيطها الصحيح يعني الاستقرار والأمان وعودة عطاء دمشق للعفو بين أبنائها لأجل السلام والبناء".

يشار إلى أن الأردن أعاد فتح معبره الرئيسي على الحدود مع سوريا بالكامل في أواخر سبتمبر الماضي، وذلك بهدف تعزيز الاقتصاد المتعثر في البلدين وتعزيز مساعي الدول العربية لإعادة دمج سوريا.

وتحدث العاهل الأردني الملك عبد الله مع الأسد لأول مرة منذ عشر سنوات هذا الشهر. والتقى وزيرا الخارجية المصري والسوري الشهر الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في ما وصفته وسائل إعلام مصرية بأنه أول اجتماع على هذا المستوى منذ ما يقرب من عشر سنوات.

ويربط فراس فحام التغييرات التي بدأت تطرأ على العلاقات بين الإمارات ودول عربية أخرى كمصر والأردن من جهة، وسوريا من جهة ثانية، إلى التغيير الذي طرأ على البيت الأبيض بعد مجيء الرئيس الأميركي جو بايدن.

ويقول فحام إن "الإدارة الأميركية السابقة في زمن الرئيس دونالد ترامب كانت صريحة عندما هددت بفرض عقوبات في إطار قانون قيصر على الدول التي تقيم علاقات مع نظام الأسد".

ويضيف "اليوم نرى العكس، لأن واشنطن لم تبد معارضتها على مد الخط الغاز المعروف باسم خط الغاز العربي بين أربع دول هي مصر والأردن وسورية ولبنان".

"وعلى الأرجح ستحاول واشنطن من خلال التنسيق مع روسيا تخفيف العقوبات والقيود المفروضة على سوريا من أجل ضمان تعامل موسكو في قضية الضغط على إيران في الملف النووي"، وفقا لفحام.

بدوره لا يتوقع حسن منيمنه عودة سوريا للمنظومة العربية بشكل كامل "لأنها لم تكن أساسا قائمة فيه بشكل مستقل في المرحلة السابقة وخاصة بعد وصول بشار الأسد لسدة الحكم".

يقول منيمنه "في عهد حافظ الأسد كانت سوريا قادرة على الموازنة في علاقتها مع إيران والسعودية وباقي الدول العربية، وكانت صاحبة قرار ذاتي، لكن بعد مجيء بشار لاحظنا خضوعا من جانب النظام لإيران".

ويرجح منيمنه أن "تسير دول عربية باتجاه التطبيع مع سوريا لكن من دون أن يصل الأمر إلى تطبيع كامل"، لافتا إلى أن "الدول التي تتعامل مع النظام السوري يبدو أنها نسيت كل تلك الجرائم ومستعدة لطي صفحة الماضي وتحاول أن تتعامل بمنطق عفى الله عما سلف".

وكانت وكالة رويترز نقلت في 11 من هذا الشهر عن سفير سوريا لدى الإمارات، غسان عباس، القول إن الإمارات دعت سوريا للمشاركة في معرض إكسبو دبي رغم محاولات "لشيطنة" الحكومة السورية.

وأضاف "جرت في السنوات العشر ونصف الماضية محاولات كثيرة لشيطنة الحكومة السورية. لكن هناك دولا مثل دولة الإمارات العربية المتحدة ظلت مصرة على التعامل معنا من باب أننا من ضمن الدول المعترف بها في الأمم المتحدة. وعلى هذا الأساس تم اتخاذ الموقف لتوجيه دعوة إلى سوريا.

وأختتم بالقول "هل هناك مقاربة جديدة للتعامل مع سوريا؟ نعم".

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلنكين أكد الأسبوع الماضي مجددا الموقف الأميركي الرافض لتطبيع العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد.

وقال الوزير الأميركي خلال مؤتمر صحفي "ما لم نفعله ولا ننوي فعله هو التعبير عن أي دعم للجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات" مع الأسد، بدون أن يطلق على الأخير لقب الرئيس.

وأشار بلينكن إلى أن الولايات المتحدة "لم ترفع أي عقوبة مفروضة على سوريا ولم تغير موقفها المعارض لإعادة إعمار سوريا ما لم يُحرز تقدم لا رجوع عنه نحو حل سياسي نعتقد أنه ضروري وحيوي".

وقال بلينكن إن أولويات واشنطن في سوريا تركز على تقديم المساعدات الإنسانية ووقف أي نشاط متشدد قد يستهدف الولايات المتحدة، ووقف العنف.

ودخل حيز التنفيذ، العام الماضي، قانون قيصر الأميركي الذي يفرض عقوبات على كل شركة تتعامل مع نظام الأسد الذي يسعى إلى إعادة إعمار بلاده بعد حرب مستمرة منذ أكثر من 11 عاما.

ويهدف القانون إلى محاسبة المتورطين في انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبها النظام السوري والتشجيع على التوصل إلى حل سياسي في سوريا.

وعملت سوريا مؤخرا مع مصر والأردن لتأمين الغاز والطاقة الكهربائية للبنان المجاور الذي يعاني من أزمة محروقات حادة منذ أشهر والذي انسحبت منه القوات السورية العام 2005.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها، قبل أيام، عن مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة تدعم خطة لتوصيل الغاز إلى لبنان عبر سوري.

واتبعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن نهجا "أقل حدة" تجاه الأسد من الرئيس السابق، دونالد ترامب، لكنها لا تزال تحث شركاءها العرب على عدم تطبيع العلاقات معه، وفق التقرير.

الهجوم الإيراني لم يتسبب بخسائر كبيرة
الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل.

أكد زعماء مجموعة السبع مجددا، الخميس، قلقهم العميق تجاه الأزمة في الشرق الأوسط ودعوا الأطراف الإقليمية إلى "التصرف بمسؤولية" وضبط النفس، وأكدوا أيضا على دعمهم لأمن إسرائيل.

وجاء في بيان للمجموعة قدمه مكتب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر "نحن، زعماء مجموعة السبع، نعبر عن قلقنا الشديد من تدهور الوضع في الشرق الأوسط... ونؤكد على نحو لا لبس فيه التزامنا بأمن إسرائيل".

وأضاف البيان "تهدد دوامة خطيرة من الهجمات والثأر بإذكاء تصعيد لا يمكن السيطرة عليه في الشرق الأوسط، وهذا ليس في مصلحة أحد. ومن ثم، ندعو جميع الأطراف الإقليمية إلى التصرف بمسؤولية وضبط النفس".

شبح حرب إقليمية يلوح في الأفق.. وإسرائيل "تدرس خيارين"
بالتزامن مع مرور عام على اندلاع الصراع بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، يبدو أن ما كانت الولايات المتحدة تحذر منه قد بات أقرب من أي وقت مضى، مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط لتأخذ أبعادا إقليمية واسعة، وهجوم إيراني ثان على إسرائيل في أقل من ستة أشهر.

وتضم مجموعة السبع بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا واليابان.