بينما يتصاعد الصراع في إثيوبيا مع توغل قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي جنوبا باتجاه العاصمة أديس أبابا وإعلان الحكومة الإثيوبية حالة الطوارئ، يتزايد قلق الإسرائيليين من أصل إثيوبي بشأن سلامة أقاربهم.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن هذه المجموعة تضغط على الحكومة الإسرائيلية لتخليص الآلاف من أقاربهم من أخطار الصراع هناك، وإنهاء المعاناة المستمرة منذ سنوات عديدة للعائلات المشتتة.
لكن مصير ما تبقى من اليهود الإثيوبيين (الفلاشا) أصبح مرتبطا بالكثير من الأزمات ومن بينها الوضع في إثيوبيا، وشرعية ادعاءات المخاطر التي يتعرضون لها، وأعداد المؤهلين للحصول على الجنسية الإسرائيلية، والاتهامات بالعنصرية، بحسب نيويورك تايمز.
وكانت إسرائيل تتفاخر بإنقاذها لليهود الإثيوبيين في الماضي. وتعود آخر عملية كبرى قامت بها لعام 1991، حين استقدمت 14 ألف من الفلاشا من المعسكرات في إثيوبيا في جسر جوي سري، استمر لأكثر من 36 ساعة.
لكن معارضي المزيد من عمليات لم شمل الأسر يقولون إن الفلاشا وأحفادهم، الذين تحول الكثير منهم إلى المسيحية من قبل المبشرين الأوروبيين في أواخر القرن الـ18، قد غادروا بالفعل منذ فترة طويلة.
ويقولون إن أولئك الذين يملأون المعسكرات الآن هم في الغالب أقارب للمتحولين إلى المسيحية ولا تربطهم علاقة وثيقة باليهودية، و"بمجرد أن يهاجروا، سيرغب أقارب الأقارب في القدوم، مما يحول الهجرة من إثيوبيا إلى ملحمة لا تنتهي".
في المقابل يقول العديد من الفلاشا وأنصارهم إن أعدادا كبيرة اعتنقت المسيحية تحت الإكراه، وبقوا في مجتمعات منفصلة في إثيوبيا وحافظوا على تقاليدهم. ويتهمون منتقديهم والحكومة الإسرائيلية بالعنصرية والتمييز.
وتحدثت الصحيفة إلى سورافيل ألامو الذي هاجر إلى إسرائيل من إثيوبيا عام 2006 في سن الـ12 مع والده وأخته. وقالت السلطات الإسرائيلية إن شقيقتين كبيرتين كانتا فوق 18 في ذلك الوقت، ستتبعهم في غضون شهر أو شهرين. لكنهما تنتظران حتى الآن في معسكر للمهاجرين المحتملين في إثيوبيا منذ ذلك الحين.
وقال ألامو (26 عاما) الذي خدم كجندي مظلي في الجيش الإسرائيلي ويدرس الآن العلوم السياسية في جامعة حيفا: "إنهم يهود، نعم، يهود سود. يجب على إسرائيل استقدامهم".
يذكر أن الحرب المستمرة منذ عام أودت بحياة الألوف، وأجبرت أكثر من مليوني شخص على الفرار من منازلهم.
والجمعة، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنه يشعر بقلق بالغ من احتمال تعرض إثيوبيا "للانهيار من الداخل" وسط تصاعد في الصراع هناك.
وأضاف للصحفيين في وزارة الخارجية أن التوصل إلى حل سياسي دائم للخلافات التي طفت على السطح في إثيوبيا على مدى العام المنصرم "لا يزال ممكنا بل وضروريا".
تسعى الولايات المتحدة إلى تأمين الممرات البحرية الحيوية في البحر الأحمر، خاصة مضيق باب المندب، من تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران.
وبدأت القوات الأميركية بالفعل شن عمليات عسكرية جوية واسعة النطاق ردا على هجمات الجماعة على حركة الشحن والتجارة البحرية.
والضربات، التي قد تستمر لأيام وربما لأسابيع، هي أكبر عملية عسكرية أميركية في الشرق الأوسط منذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه في يناير.
ترامب يراقب الهجمات التي أمر بشنها لشل قدرات الحوثيين
وتأتي في الوقت الذي تصعد فيه الولايات المتحدة ضغوط العقوبات على طهران بينما تحاول جلبها إلى طاولة المفاوضات على برنامجها النووي.
وشن الحوثيون عشرات الهجمات على حركة الملاحة الدولية منذ نوفمبر 2023، في حملة قالوا إنها تأتي "دعما للفلسطينيين في الحرب التي تشنها إسرائيل على حركة حماس في غزة".
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الحوثيين هاجموا السفن الحربية الأميركية 174 مرة في حين هاجموا السفن التجارية 145 مرة منذ 2023.
ممرات بحرية في مرمى الحوثيين
يستهدف الحوثيون مناطق بحرية استراتيجية تربط بين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا.
أهم هذه الممرات هو مضيق باب المندب الذي يعتبر نقطة عبور استراتيجية تربط بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس.
يقع مضيق باب المندب بين اليمن في الشمال الغربي وجيبوتي وإريتريا في الجنوب الشرقي، ويفصل بين البحر الأحمر وخليج عدن.
ويربط مضيق باب المندب بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس، ما يجعله مسارا أساسيا للسفن القادمة من آسيا والمتجهة إلى أوروبا.
ناقلة نفط تشتعل فيها النيران بعد إصابتها بصاروخ في البحر الأحمر، قبالة ميناء الحديدة اليمني في الأول من أكتوبر 2024
يمر من خلاله نحو 15 في المئة من حجم التجارة العالمية، مما يجعله ذا أهمية قصوى لحركة الملاحة الدولية.
يستهدف الحوثيون السفن التي تمر في البحر الأحمر أيضا، الذي يربط مضيق باب المندب جنوبا وقناة السويس شمالا.
يعتبر البحر الأحمر شريانا حيويا لنقل البضائع، وتمر عبره آلاف السفن التجارية سنويا، حيث يعد مسارا مختصرا للسفن المتجهة من المحيط الهندي إلى البحر المتوسط، بدلا من الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا.
تأثرت أيضا قناة السويس المصرية التي تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط بهجمات الحوثيين.
وكان يمر عبر قناة السويس قبل هجمات الحوثيين حوالي 12 في المئة من التجارة العالمية، وخاصة ناقلات النفط والغاز الطبيعي.
وأجبرت الهجمات شركات شحن على تحويل مسارات السفن من قناة السويس إلى مسار رأس الرجاء الصالح الأطول حول إفريقيا، مما أثر على سير حركة التجارة العالمية بتأخير عمليات التسليم وزيادة التكاليف.
وكبّدت التوترات في منطقة البحر الأحمر مصر وحدها خسائر تبلغ نحو 7 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس خلال عام 2024، أي ما يعادل أكثر من 60 بالمئة من إيراداتها مقارنة بالعام السابق، وفق تصريحات سابقة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتشير أحدث البيانات المتاحة إلى أن الإيرادات السنوية لقناة السويس تراجعت بنحو الربع في السنة المالية المنتهية في يونيو، إذ سجلت 7.2 مليار دولار في السنة المالية 2023-2024 من 9.4 مليار دولار في 2022-2023.
ومنذ نوفمبر 2023، صعّد الحوثيون من هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر، مما أدى إلى إغراق سفينتين، والاستيلاء على أخرى، ومقتل ما لا يقل عن أربعة بحارة.
وخلفت أعمال "قطع الطريق" بالبحر الأحمر خسائر مالية كبيرة، إذ أدت إلى انخفاض حاد في حركة الشحن البحري عبر البحر الأحمر، من 25 ألف سفينة سنوياً قبل الأزمة إلى نحو 10 آلاف سفينة فقط، بانخفاض قدره 60 في المئة، حسب البيت الأبيض.
وأجبرت الهجمات "حوالي 75 بالمئة من السفن المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على إعادة توجيه مساراتها" حول قارة أفريقيا بدلاً من عبور البحر الأحمر.
وأدى ذلك إلى إضافة نحو 10 أيام لكل رحلة، وتكاليف وقود إضافية تقدر بنحو مليون دولار لكل رحلة.
ووفقاً لبيان البيت الأبيض، تسببت هذه الهجمات، التي أدت إلى ارتفاع أسعار الشحن، في زيادة معدلات التضخم العالمي للسلع الاستهلاكية بنسبة تتراوح بين 0.6 و0.7 بالمئة عام 2024.
كما تضررت التجارة بين أوروبا وآسيا بشكل خاص من هذه الأزمة، حيث كان نحو 95 بالمئة من السفن المتجهة بين القارتين تمر عبر البحر الأحمر في الظروف الطبيعية.
ومن بين أكبر 10 دول مستوردة من حيث القيمة للتجارة عبر البحر الأحمر، 5 دول من الاتحاد الأوروبي.
كما تأثرت موانئ في المنطقة بشكل متفاوت جراء إعادة توجيه مسارات السفن؛ فقد شهدت الموانئ السعودية مثل جدة وميناء الملك عبدالله انخفاضاً حادا في حركة الشحن.
وتراجعت السفن المتجهة إلى ميناء الملك عبدالله بنسبة 88 بالمئة في النصف الأول من 2024 مقارنة بنفس الفترة من 2023، بينما انخفضت في ميناء جدة بنسبة 70 بالمئة، حسب الموقع المتخصص في شؤون الشحن البحري العالمي Lloyd's List.
بالإضافة إلى ذلك، تسببت الهجمات في إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية للموانئ اليمنية.
وانخفضت عمليات ميناء الحديدة، وهو ميناء حيوي لواردات المساعدات، إلى حوالي 25 في المئة من طاقته التشغيلية، بعد تعرضه لضربات جوية أدت إلى غرق أربع من خمس قاطرات بحرية أساسية وتضرر الخامسة.
هذه التهديدات دفعت الولايات المتحدة إلى النظر في تشكيل تحالفات دولية لتأمين هذه الممرات البحرية.
ففي ديسمبر 2023، شكلت الولايات المتحدة تحالفا بحريا دوليا أطلق عليه اسم "عملية حارس الازدهار".
وسعى هذا التحالف إلى تسيير دوريات في البحر الأحمر وخليج عدن، لحماية حركة الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين.
وضم التحالف عدة دول، بينها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا واليونان وكندا وأستراليا والبحرين، إضافة إلى دول أخرى ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في العمليات.
ونفذت سفن هذا التحالف عمليات اعتراض لصواريخ وطائرات مسيرة أطلقها الحوثيون باتجاه السفن التجارية، مما أسهم في تقليل الخسائر البشرية والمادية.
ورغم نجاح التحالف في اعتراض العديد من الهجمات، فقد استمر الحوثيون في استهداف السفن، مما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا في يناير 2024، إلى شن ضربات جوية مباشرة على مواقع عسكرية للحوثيين في اليمن، تبعتها هجمات متتالية استهدفت منصات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، قبل أن تصل الأمور إلى الهجمات الواسعة التي أمر بها ترامب السبت.
وكان الحوثيون قد قالوا الثلاثاء الماضي إنهم سيستأنفون الهجمات على سفن إسرائيلية تمر عبر البحر الأحمر والبحر العربي ومضيق باب المندب وخليج عدن منهيين بذلك فترة هدوء نسبي بدأت في يناير بالتزامن سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقالت القيادة المركزية الأميركية التي تشرف على القوات في الشرق الأوسط، إن ضربات السبت، هي "بداية لعملية واسعة النطاق" في أنحاء اليمن.
والأحد، أكد وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، أن الولايات المتحدة ستشن ضربات "لا هوادة فيها" على الحوثيين في اليمن لحين وقف عملياتهم العسكرية التي تستهدف الأصول الأميركية وحركة الشحن العالمي.