طالبان قطعت وعدا بأن حكمها لأفغانستان سيكون مختلفا عن الفترة السابقة
طالبان قطعت وعدا بأن حكمها لأفغانستان سيكون مختلفا عن الفترة السابقة

"نحن نواجه الموت كل يوم"، بهذه العبارة يتحدث أنمار (اسم مستعار) عن واقع مجتمع الميم السري في أفغانستان، موضحا أنه لم يتمكن من الهرب لعدم إمكانية حصوله على جواز سفر، بسبب ضيق حالته المالية.

وقال أنمار، في حديث لموقع  "الحرة": "منذ حوالي 8 أيام تطاردني مجموعة مسلحة من طالبان، بعد إبلاغها بميولي الجنسية من قبل أحد أفراد عائلتي"، مناشدا المجتمع الدولي بضرورة مساعدته وغيره على الخروج من البلاد. 

وكذلك يوضح بارق (اسم مستعار)، في حديث لموقع "الحرة"، أنه لم يتمكن من السفر إلى خارج البلاد، بسبب عدم قدرته على إصدار جواز سفر بسبب  إغلاق مكتب الجوازات حتى الآن.

وتابع: "أنا محاصر هنا، غادر الكثير من أصدقائي المثليين أفغانستان لكنني لم أتمكن من القيام بذلك".

ومنذ سيطرة حركة طالبان على  العاصمة كابل في 15 أغسطس الماضي، أطلق عدد من عمليات الإجلاء عن أفغانستان للرعايا الأجانب والمواطنين الأفغان الذين عملوا مع القوات الأميركية، وسط خروج الأخيرة، وقوات حلف الناتو من الحرب في أفغانستان.

بدوره، يعرب بجاد، الذي طلب هو الآخر عدم الكشف عن هويته أو اختيار اسم مستعار له خوفا من حكم طالبان، عن خيبة أمله من "الطريقة التي اتبعتها الحكومات الدولية تجاه مجتمع الميم"،

وشدد بجاد على أن "المثليين من أكثر الأشخاص المعرضين للخطر في أفغانستان، لاسيما بوجود قانون صارم تتبعه طالبان بحقهم".

وتنفذ طالبان حكما صارما وتطبق بعض الحدود الواردة في الشريعة الإسلامية المتعلقة بالمثلية الجنسية، مما يعني أنه يُعاقب عليها بالإعدام، بحسب تقرير  لصحيفة "ذي إنسايدر".

وأضاف بجاد أن "منظمات المثليين الدولية كان ينبغي أن تكون صوت المثليين الأفغان، ولكنها لم تكن كذلك بقدر ما نستحق". 

وعما يتعرض له مثلي الجنس العالق في أفغانستان، يقول ثامر: "التهديد بالقتل وعدم القدرة على التنقل والاجتماع بأفراد آخرين من مجتمع الميم".

وأشار إلى أن شريكه فقط كان من تمكن من السفر، مشددا: "فقدت كل شيء، وظيفتي وحريتي وحتى هويتي".

وأضاف أنه يحاول إخفاء ميوله الجنسية، لأنه معرض للقتل إذا اكتشف أحدهم حقيقته.

وكشف أن "لدى طالبان قائمة قتل لأفراد مجتمع الميم، سيلجأون إليها عند نيلهم ثقة المجتمع الدولي والاعتراف الرسمي بحكومتهم". 

الخوف يسود بين المثليين من جماعات القصاص التي شجع النظام على ظهورها
"سنجدك أينما كنت".. مثليون يتحدثون عن الرعب الذي يعيشونه من طالبان
رغم أن الحياة لم تكن سهلة للمثليين في أفغانستان، إلا أن سيطرة طالبان على البلاد أطلقت العنان لموجة من العنف الجسدي ضدهم ما دفع الكثير منهم إلى الاختفاء عن الأنظار وتغيير أسمائهم تجنبا لبطش الحركة والموالين لها.

وتسعى طالبان إلى الحصول على اعتراف دولي بـ"إمارة أفغانستان الإسلامية"، لاسيما بعد تشكيل حكومة جديدة لإدارة البلاد، ولكن لم تمنح أي دولة مثل هذه الثقة، رغم استعداد بعض الحكومات لفتح قنوات اتصال.

ورغم الوعود التي قطعتها الحركة بأن حكمها لأفغانستان سيكون مختلفا عن الفترة السابقة التي ارتكبت فيها انتهاكات كبيرة، أعلن قاض في الحركة مؤخرا بأنه لا توجد سوى عقوبتين على المثلية الجنسية، الرجم أو السحق تحت جدار، بحسب تقرير لقناة "آي تي في" البريطانية.

وفي ظل حكم طالبان الذي امتد من عام 1996 إلى 2001، كانت هناك تقارير عن رجال مثليين رجموا حتى الموت في إعدامات تمت الموافقة عليها رسميا.

أما رائف شهدان، الذي وصل إلى بريطانيا الشهر الماضي، فيقول: "أنا محظوظ بأنني تمكنت من الهرب أخيرا". 

وأكد شهدان، في حديث لموقع الحرة"، أن الناس هنا في لندن يظهرون الحب والاحترام لهويتنا ونشعر بالأمان وننام جيدا دون خوف أو قلق"، مبينا أنه يريد اكتشاف العالم، والسفر إلى الدول الصديقة لمجتمع الميم، والتخلص مما وصفه بـ "شبح طالبان".

وفي 31 أكتوبر الماضي،  وصلت مجموعة من المثليين الأفغان، الذين فروا من وطنهم إلى بريطانيا، كدفعة أولى من أبناء مجتمع الميم في أفغانستان، تقول لندن إنها ستجليهم بعد تلقي مكالمات تحذر من اضطهاد حركة طالبان لهم.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية آنذاك إن " 29 شخصا، بمن فيهم طلاب ونشطاء تحدثوا علنا عن حقوقهم في أفغانستان، هم أوائل من وصلوا إلى المملكة المتحدة". ولم توضح بالتفصيل كيف تمكن هؤلاء من المغادرة.

بدوره، يوضح  أوس جبير، الناشط العراقي، مدير مشروع "أمان"، مقره إسطنبول، لموقع "الحرة"، عما يحتاجه مجتمع الميم في أفغانستان بعد استيلاء طالبان على الحكم. 

ولفت جبير إلى أنه "في مشروع أمان يتم التركيز منذ أغسطس الماضي على دعم المثليين في أفغانستان، حيث بدأنا التواصل مع المجتمع في كابل ومدن أخرى"، مبينا أنه "يتم إرسال مساعدات مالية لمن يحتاجها". 

وأشار إلى أنهم يعملون في الفترة الحالية مع 3 دولة لتقديم طلبات لجوء أمامها لمثليين أفغان يريدون الهرب من حكم طالبان، مضيفا: "حتى الآن تمكنا من إجلاء ١٩ فردا من مجتمع الميم، غالبيتهم إلى دول مستضيفة لا تمنح حق اللجوء".

وعن التحديات التي تواجه عملهم. يشدد جبير على أنه "لا توجد طرق حالية كافية للأفغان من مجتمع الميم للسفر إلى بلدان أخرى، حيث يتم احترام حقوق الإنسان الخاصة بهم".

وتابع: "أولئك الذين يفرون من أفغانستان وليس لديهم مكان يذهبون إليه سيكونون محاصرين عديمي الجنسية، وغالبا ما يكونون غير قانونيين في البلدان المجاورة ، ويصبحون فريسة للإتجار وسوء المعاملة ووحشية الشرطة أو الترحيل". 

ودعا مشروع أمان المجتمع الدولي إلى "الالتزام بإعادة توطين آمنة ومناسبة وذات مغزى للأفغان من مجتمع الميم في الدول الغربية"، مطالبا بجمع تبرعات ومساعدات مالية لدعم هذه الفئة من الأفغان. 

وفي هذا الصدد، يكشف براح (اسم مستعار)، بأنه تعرض لمحاولة اغتصاب في باكستان المجاورة، حيث يقيم بشكل مؤقت. 

وأضاف براح: "نحن منتهكون جنسيا، تعرضت لمحاولتي اغتصاب الأولى من ضابط في الشرطة على الحدود، والثانية من صاحب منزل مجاور لمكان إقامتي".

وتابع: "هم فعلوا ذلك لأنهم يعلمون بأني لن أستطع تقديم شكوى للشرطة أو إخبار أي شخص عن هذه الفظائع"، كاشفا أنه يريد السفر إلى كندا أو الولايات المتحدة ولكن ذلك "صعب للغاية"، على حد قوله. 

وكذلك، يقول نيروز يامن، لموقع "الحرة"، إنه هرب من عقوبة الرجم حتى الموت، وهو ينتظر في دولة عربية، البت في طلب تأشيرة زيارة الولايات المتحدة".

وشدد يامن على أنه يبحث عن الأمان فقط، قائلا: "أعالج عند طبيب نفسي، أتناول مضادات الاكتئاب، أريد النجاة والتوجه إلى دولة تحترم ميولي".

شكلت عمليات الإجلاء من أفغانستان إلى الولايات المتحدة ضغطا على الإدارات والوكالات الأميركية المختصة باستقبال اللاجئين، نظرا للأعداد الكبيرة لمن تم إجلاؤهم، فيما وصف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ذلك بـ"أكبر عملية إجلاء في التاريخ".

ويتم إيواء بعض اللاجئين مؤقتا في قواعد عسكرية أميركية، قبل نقلهم إلى أماكن أخرى، وقالت وزارة الدفاع (البنتاغون) إنها خصصت 7 قواعد لاستيعاب 28560 لاجئا بشكل جماعي، في ولايات فرجينيا وويسكونسن وتكساس ونيو جيرسي ونيو مكسيكو.

وفي آخر يوم للانسحاب الأميركي من أفغانستان، كشف قائد القيادة المركزية في الجيش، الجنرال كينيث ماكنزي، أن حركة طالبان كانت متعاونة خلال عمليات الإجلاء وأنه "تم إجلاء 123 ألف مدني في زمن قياسي".

اللبنانيون يترقبون تطورات المشهد الأمني ـ صورة أرشيفية.

يترقب اللبنانيون تطورات المشهد الأمني الذي يزداد احتداماً بعد إطلاق 3 صواريخ باتجاه إسرائيل، وردّ الأخيرة بغارات جوية واسعة استهدفت عدة قرى لبنانية في الجنوب والشرق. 

ومع استمرار احتفاظ حزب الله بسلاحه متجاوزاً اتفاق الهدنة، تبدو المواجهة مفتوحة على مزيد من التصعيد.

ففي تحدٍّّ للاتفاقيات الدولية وخطاب قسم رئيس لبنان جوزاف عون والبيان الوزاري، يواصل حزب الله تمسكه بسلاحه، ما يجعل احتمالات التهدئة شبه معدومة. 

في المقابل، تواصل إسرائيل استهداف بنيته التحتية وقياداته العسكرية بضربات جوية، في محاولة لإضعافه أو القضاء عليه.

والسبت الماضي، اعترض الجيش الإسرائيلي 3 صواريخ أُطلقت من منطقة لبنانية تبعد نحو 6 كيلومترات عن الحدود، في ثاني عملية إطلاق عبر الحدود منذ توقف القتال في نوفمبر بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته الولايات المتحدة.

وردّاً على الهجوم، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أنه أصدر تعليمات، بالتنسيق مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس، للجيش "بالتحرك بقوة ضد عشرات الأهداف الإرهابية في لبنان".

من جانبه، نفى حزب الله مسؤوليته عن الصواريخ التي أُطلقت باتجاه إسرائيل، في وقت يواجه فيه تحديات متزايدة بعد الخسائر التي تكبدها في الحرب الأخيرة. 

ورغم تهديد مسؤوليه بالرد على الضربات الإسرائيلية والتأكيد على أن "للصبر حدود"، يرى مراقبون أنه يواجه صعوبات في تنفيذ تهديداته.

وفي ظل استمرار الغارات الإسرائيلية على مواقع وقيادات الحزب، يفرض السؤال نفسه: هل تكفي هذه الضربات لتحقيق أهداف إسرائيل؟ أم أن حزب الله قادر على امتصاصها وإعادة بناء قدراته مجدداً؟

حسم أم استنزاف؟

"نجحت إسرائيل في جمع معلومات دقيقة عن حزب الله تشمل الأسماء والمواقع والأسلحة"، كما يشير الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب، مؤكداً أن السكان في المناطق المستهدفة "لا يخشون المسيّرات الإسرائيلية أو صوتها، لأنهم يدركون أنهم ليسوا في دائرة الاستهداف، وهو ما يعكس تمييز إسرائيل بين حزب الله والمجتمع المدني اللبناني".

ويقول ملاعب لموقع "الحرة"، "إسرائيل تختار أهدافها بعناية، مستهدفة الأشخاص الذين تعتبرهم جزءاً من حزب الله، مما يجعل بقية السكان يدركون أنهم خارج دائرة الاستهداف".

القضاء على حزب الله "ليس أمراً سهلاً"، كما يرى ملاعب "فالغارات الجوية وحدها لا تحسم المعارك، كما أن اكتشاف الأنفاق التابعة للحزب يؤكد أن بنيته العسكرية لا تعتمد فقط على السلاح المكشوف، بل على استراتيجيات بديلة تعزز استمراريته".

ويشير إلى تصريحات الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، الذي أكد أن "حتى إذا تم قطع طرق الإمداد من سوريا، فإن الحزب يمتلك مخزوناً يكفيه لسنوات، مما يجعل من الصعب القضاء على سلاحه عبر الهجمات العسكرية فقط".

من جانبه يؤكد العميد الركن المتقاعد، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، الدكتور هشام جابر، أن "إسرائيل ستواصل هجماتها على لبنان إذ إن يظل الهدف الأسمى لها القضاء على حزب الله عسكرياً، لكن تحقيق ذلك صعب جداً. ومع ذلك، تسعى إسرائيل من خلال ضرباتها المتكررة إلى إضعاف الحزب إلى الحد الأدنى الذي تريده."

ويقول جابر لموقع "الحرة" إن"الضربات الجوية تُحدث دماراً، لكنها لا تكفي للقضاء على الحزب أو إضعافه بالكامل. حزب الله لا يزال يمتلك قدرات عسكرية مخفية، وهو يعمل على إعادة تنظيم صفوفه رغم الاستهدافات المستمرة."

أما مسألة تسليم سلاح الحزب للدولة اللبنانية، فيرتبط وفق جابر "بإدماجه في استراتيجية دفاعية وطنية تشرف عليها السلطة العسكرية."

تجدر الإشارة إلى أنه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر، كان من المفترض أن يجري إخلاء جنوب لبنان من أي أسلحة لحزب الله وأن تنسحب القوات الإسرائيلية من المنطقة، وأن ينشر الجيش اللبناني قوات فيها.

وينص الاتفاق على أن الحكومة اللبنانية مسؤولة عن تفكيك جميع البنى التحتية العسكرية في جنوب لبنان ومصادرة جميع الأسلحة غير المصرح بها.

مفتاح الحل

أكد الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، رفضه التخلي عن سلاح الحزب المصنف جماعة إرهابية، متجاهلاً التزامات الدولة اللبنانية وتعهداتها الرسمية، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، الذي وافق عليه الحزب عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري والحكومة اللبنانية.

وفي مقابلة تلفزيونية على قناة "المنار"، في 9 مارس، أكد قاسم أن "رئيس الجمهورية تحدث عن حصرية السلاح، ونحن أيضاً مع حصرية السلاح بيد قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني لضبط الأمن والدفاع، ولسنا ضد أن يكونوا هم المسؤولين. نرفض منطق الميليشيات ونرفض أن يشارك أحد الدولة في حماية أمنها، لكن نحن لا علاقة لنا بهذا الموضوع، نحن مقاومة".

وبعد إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، دعا الرئيس اللبناني جوزاف عون القوى المعنية في الجنوب اللبناني كافة، لاسيما لجنة المراقبة المنبثقة عن اتفاق نوفمبر 2024، والجيش، إلى متابعة ما يحصل بجدية قصوى لتلافي أي تداعيات وضبط أي خرق أو تسيّب يمكن أن يهدد الوطن في هذه الظروف الدقيقة. 

كما طلب عون من قائد الجيش العماد رودولف هيكل، اتخاذ الإجراءات الميدانية الضرورية للمحافظة على سلامة المواطنين، والتحقيق لجلاء ملابسات ما حصل".

من جانبه، يرى ملاعب أن "انسحاب إسرائيل إلى الحدود الدولية المعترف بها في اتفاقية عام 1949 سيساهم في تعزيز دور الدولة اللبنانية في استعادة سلطتها على السلاح".

ورغم ذلك يلفت ملاعب إلى أن "قرار حزب الله ليس محلياً بالكامل، بل مرتبط ارتباطاً وثيقاً بإيران، لذلك مستقبل سلاح الحزب يتأثر بشكل رئيسي بالعلاقة بين إيران والولايات المتحدة، وخلال الشهرين المقبلين سيتم تحديد ما إذا كانت الجهود الأميركية ستؤدي إلى صفقة بين الطرفين أو ما إذا كنا نتجه نحو تصعيد جديد".

وفي حال فشلت الجهود الدبلوماسية، يحذر ملاعب، من أن "البديل سيكون المواجهة العسكرية، ما قد يؤدي إلى تصعيد دموي في المنطقة، بما في ذلك تفعيل إيران لأذرعها".

وعن السيناريوهات المحتملة للمرحلة المقبلة في حال لم يسلم الحزب سلاحه، يرى جابر أن "إسرائيل ستواصل غاراتها على لبنان وعمليات الاغتيال التي تستهدف كوادر وقيادات حزب الله، في إطار سعيها المستمر لإضعافه أو القضاء عليه".

كما لم يستبعد لجوء إسرائيل إلى تنفيذ عمليات كوماندوز ضد أهداف محددة، "فرغم صعوبة هذا الخيار وتكلفته العالية، يبقى احتمالاً قائماً".