بعد عقود من تميزها التنظيمي، تعيش جماعة الإخوان المسلمين أصعب فتراتها بسبب الصراعات الداخلية المحتدمة على القيادة، صراعات تصطدم مع المبادىء التي وضعها حسن البنا لأقدم جماعة إسلامية، وفق تقرير من مجلة "الإيكونوميست".
وينقل التقرير أنه بعد عقود من تأسيسها، بات قادتها يتبادلون الشتائم في لندن وإسطنبول، ويتهمون بعضهم البعض بالفساد والعمالة لوكالات المخابرات الأجنبية.
ويقول الخبير في الجماعات الإسلامية، أحمد سلطان، إن الجماعة كانت تتميز بتنظيم هرمي متماسك جدا يدار بواسطة أكثر من خط قيادي.
ويقر سلطان في حديث لموقع قناة الحرة باحتدام الخلافات في تنظيم الإخوان المسلمين، وهي "خلافات غير مسبوقة في تاريخ الجماعة"، بحسب تعبير الخبير.
ومنذ إسقاط الرئيس المصري (وزير الدفاع آنذاك) عبد الفتاح السيسي، للرئيس الإسلامي محمد مرسي بعد احتجاجات واسعة على حكم الإخوان المسلمين، بزرت الخلافات بين قيادات الجماعة حول الرد المناسب على سجن السيسي العديد من القيادات.
وتقول المجلة إن بعض أعضاء "الحرس القديم" في الجماعة دعوا إلى اتباع نهج عملي في التعامل مع الدولة، فيما أيد آخرون خيار "العنف" للرد.
والحرس القديم يعيش أزمة تواصل حقيقية مع شباب الجماعة على مستوى الخطاب والأفكار، بحسب الخبير في الجماعات الإسلامية، أنيس عكروني.
ويرى عكروني في حديث لموقع قناة الحرة أن القيادات التاريخية للحركة غير قادرة على المرور من حركة دعوية تقليدية إلى حركة سياسية مدنية تتفاعل إيجابيا مع القوى السياسية الأخرى.
وبرز خيار "العمل المسلح" في أعقاب حملة الأجهزة الأمنية على الجماعة في 2013، وهو أحد أبرز نقط الخلافات داخل الجماعة، وفق سلطان.
ويقول الأخير إن ما حدث في 2013 خلخل التنظيم وسمح ببروز تيار قيادي، خاصة من الشباب، يتبنى خيار "العمل المسلح" وهذا أدى إلى انقسام حاد داخل القيادة.
وبحسب "الإيكونوميست" تعثرت جهود الجماعة لإخراج المحتجزين من السجن بسبب ظهور صراع جديد حول من يجب أن يقود الإخوان، فمن جهة، هناك إبراهيم منير، الذي خلف محمود عزت في منصب المرشد الأعلى بعد القبض على الأخير العام الماضي. ومن ناحية أخرى، هناك محمود حسين، الأمين العام السابق، الذي أوقفه منير عن العمل في أكتوبر، مع خمسة أعضاء بارزين آخرين، بسبب مزاعم بالفساد.
وخلق قرار منير جدلا واسعا وهو أبرز مشهد للأزمة التي قد تعصف بمستقبل الجماعة، بحسب عكروني.
ويشرف منير، الذي يعيش في لندن، على الشبكة الدولية لجماعة الإخوان المسلمين ولديه علاقات جيدة مع الحكومات الأجنبية. فيما حسين، الذي يعيش في إسطنبول، يسيطر على حسابات الجماعة المصرفية.
والموراد المالية للجماعة هي سبب آخر للخلافات، ويوضح سلطان أن الجماعة تمول بطرق متعددة أبرزها الاشتراكات الشهرية لأعضائها، وتسجل هذه الأموال بأسماء القيادات وأحيانا بأسماء أشخاص بعيدين عن الجماعة لإبعاد الشبهة الأمنية.
وتشير المجلة إلى أن صراع القيادة في الجماعة يأتي في وقت تعاني الجماعات الإسلامية السنية في جميع أنحاء العالم العربي، بعدما أسقطت الانتخابات إسلاميي المغرب والعراق، وطردوا من السلطة في تونس والسودان.
وتقول المجلة إن قطر وتركيا، اللتان دعمتا الجماعة في السابق، لديهما أولويات أخرى في الوقت الحالي خاصة تحقيق المصالحة مع الجيران.
وفي الماضي، نجحت الجماعة في تجاوز الأزمات، لكن الآن ليس من الواضح كيف يمكنها القيام بذلك، إذ يشعر الكثير من الأعضاء، خاصة الشباب، بخيبة أمل من تعامل القادة مع ملف المحتجزين ويعتقدون أن القادة لم يحاولوا بشكل كاف للتوصل إلى اتفاق مع السيسي للعفو عن من سجنوا.
ويتوقع سلطان استمرار الخلافات داخل جماعة الإخوان المسلمين، "لأن أسباب الخلاف لا تزال قائمة" بحسب تعبيره.