جولة مفاوضات سابعة للاتفاق النووي
جولة مفاوضات سابعة للاتفاق النووي

مع بدء الجولة السابعة من مفاوضات الاتفاق النووي، طلب الرئيس الأميركي، جو بايدن من فريقه مباشرة "التحضيرات" في حال إخفاق المحاولات الدبلوماسية، وفق ما كشفت الناطقة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، الخميس.

وتشير المعلومات إلى أنه في حال وصول المحادثات النووية إلى طريق مسدود، فإن سيناريو تدمير المنشآت النووية الإيرانية قد يكون من بين الخيارات التي تدرسها الولايات المتحدة بالشراكة مع إسرائيل، وفق تقرير نشرته وكالة رويترز.

واستؤنفت الخميس المحادثات في فيينا الهادفة إلى إحياء الاتفاق الذي أبرم العام 2015 للحؤول دون امتلاك إيران السلاح النووي.

وقالت ساكي "اقترحنا سبيلا دبلوماسيا وهذا السبيل لا يزال مفتوحا. ونحن نتحضر لسلوك طريق آخر" في حال الضرورة.

وسرعت إيران كثيرا وتيرة برنامجها النووي خلال تلك الأشهر وقيدت وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ضربات محدودة 

المحلل السياسي، عامر السبايلة، قال في رد على استفسارات "الحرة" إن "عدم جدية إيران وإطالة أمد المفاوضات من قبل إيران، يشكل مساحة بالنسبة للإسرائيليين بالذات لاتخاذ بعض الخطوات على الصعيد الفردي، حتى وإن كانت بخطوات غير معلنة".

ويرى "أن الولايات المتحدة لن تكون معنية بتوجيه ضربة عسكرية بما يحدث حربا مفتوحة، ولكن قد تكون هناك ضربات متفرقة لإضعاف البرنامج النووي الإيراني".

ولم يستبعد السبايلة توجيه ضربة عسكرية لإيران ولكن ليس بصورة مفتوحة، وبما يترك أفق رد طهران محدودا.

وأشار إلى أن قدرة إسرائيل على استهداف مناطق محددة في إيران أكبر من قدرة طهران على الرد واستهداف المصالح الإسرائيلية أو الأميركية في المنطقة.

وأضاف أن إطالة أمد المفاوضات، قد تنظر إليه إيران على أنه يخدم مصلحتها، ولكنه في الحقيقة يعطي ذريعة لإسرائيل لاستمرارها في حربها غير المعلنة وتوجيه ضربات تعرقل التوجهات الإيرانية لامتلاك سلاح نووي.

موعد لم يحِن بعد

المحلل السياسي، علي رجب، أوضح في حديث لموقع "الحرة" أنه خلال الفترة الماضية "لم تستبعد تصريحات من قادة الجيش الأميركي، إمكانية حدوث تحرك عسكري ضد إيران، أو أن تكون هناك ضربات عسكرية إسرائيلية تحددها واشنطن".

وأضاف "أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، ربما قد تكون وضعت سيناريو توجيه ضربة عسكرية، ولكن موعدها لم يحن بعد".

ويرى رجب أن أي "ضربة عسكرية قد تشعل حربا مفتوحة مع إيران، وهو ما يعني استهداف المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة".

وأكد أن أي تحركات عسكرية "لن تكون مفاجئة، أو غير مدروسة، والتحركات الإسرائيلية والتدريبات العسكرية مع الولايات المتحدة تؤشر على أن اسرائيل تدرك جيدا أبعاد التحرك العسكري ضد إيران".

وأشار رجب إلى أن إيران سيكون لديها 3 خيارات للرد إما من خلال حرب الوكلاء، أو حرب الممرات البحرية واستهداف المصالح الأميركية والإسرائيلية، أو من خلال حرب مباشرة ومفتوحة بين جميع الأطراف.

مناورات عسكرية 

وبحثت الولايات المتحدة وإسرائيل الخميس في البنتاغون إجراء مناورات عسكرية مشتركة لمواجهة الطموحات النووية الإيرانية.

وقال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، لدى استقباله نظيره الإسرائيلي، بيني غانتس "أنا قلق للغاية من تصرفات الحكومة الإيرانية في المجال النووي في الأشهر الأخيرة من استفزازاتها المتواصلة وعدم التزامها الدبلوماسي".

وأضاف أن الرئيس الأميركي، جو بايدن "قال بوضوح إنه في حال إخفاق السياسة نحن جاهزون للانتقال إلى خيارات أخرى".

ولم يحدد الخيارات المطروحة، لكنه تحدث عن مناورات عسكرية مشتركة أجريت قبل فترة قصيرة في البحر الأحمر بين الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات والبحرين. 

وأضاف أوستن "سنواصل تطوير هذه الهندسة الأمنية الإقليمية من خلال تعاون عسكري وتدريبات ومناورات".

من جهته، قال الوزير غانتس إنه أتى "لتعميق حوارنا وتعاوننا في مواجهة إيران ولا سيما الجهوزية العسكرية المشتركة للتصدي لإيران ووضع حد لعدوانها في المنطقة وتطلعاتها النووية".

وأضاف "أنا على ثقة تامة بالتزام الإدارة الأميركية لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي".

قلق غربي

وأفاد تحليل نشرته صحيفة جوروزاليم بوست الإسرائيلية، أن الاستعدادات الأميركية الإسرائيلية تؤكد القلق الغربي من احتمال وصول المحادثات النووية إلى طريق مسدود. 

وأوضح أنه بعد نحو عام من الامتناع عن ممارسة أي ضغط حقيقي على إيران، لم تخف الولايات المتحدة الخميس احتمالية القيام بتهديد عسكري حقيقي للمرة الأولى خلال المفاوضات.

جولة سابعة

واجتمعت الوفود من مختلف الأطراف: روسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا الخميس في فندق قصر كوبورغ في العاصمة النمسوية أكثر من ساعة واحدة بقليل.

وتحدث السفير الروسي ميخائيل أوليانوف عن "أجواء بناءة". وقال لوكالة تاس الروسية "نجحنا في توضيح سلسلة من سوء التفاهمات كانت قد خلفت توترا معينا".

وبذلك استؤنفت الجولة السابعة من المفاوضات بعد دورة الربيع من المفاوضات. فقد بوشرت في أبريل وعلقت في يونيو بسبب انتخاب رئيس إيراني جديد. ولم تستأنف سوى في 29 نوفمبر. 

ويفترض أن ينضم الموفد الأميركي، روب مالي، الذي يشارك بشكل غير مباشر من خلال الأوروبيين، إلى المحادثات في نهاية الأسبوع.

وحذر الأميركيون إيران من أنهم لن يقبلوا بأن تعرقل طهران المفاوضات لوقت طويل، في وقت تعمل الأخيرة على تطوير برنامجها الذري، لكن بدون تحديد موعد نهائي حتى الآن.

وفي تقرير نشر الخميس، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش من "مماطلات جديدة" قد "تقوض الثقة بقدرة الاتفاق على ضمان أن يبقى البرنامج النووي الإيراني سلميا حصرا".

لوحة إعلانية تروج لاتفاقية سلام مع السعودية
لوحة إعلانية تروج لاتفاقية سلام مع السعودية في تل أبيب

أعادت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بشأن إمكانية نقل الفلسطينيين إلى السعودية، ملف التطبيع بين المملكة وإسرائيل إلى الواجهة.

قال نتانياهو في تصريحات تلفزيونية الأحد إن "للسعودية أراض شاسعة يمكنها أن تنقل الفلسطينيين إليها وتُنشئ لهم دولة".

هذه التصريحات، وضعت السعودية التي لمحت في أكثر مرة للتطبيع، بموقف محرج، خاصة في ظل المساعي الأميركية لإضافتها إلى الاتفاقيات "الإبراهيمية".

وبالتالي، يُمكن لمواقف نتانياهو الأخيرة، أن تكون عصا تعرقل عجلة التطبيع بين البلدين التي سارت بشكل جيد في السنوات الأخيرة.

الكاتب والمحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي وصف في مقابلة مع قناة "الحرة" تصريحات نتانياهو بأنها "غير مسؤولة"، واعتبر أنها تعكس حالة من التخبط داخل الحكومة الإسرائيلية.

وأكد المحلل السياسي السعودي أحمد الركبان في مقابلة  مع قناة "الحرة" أيضا، أن المملكة لم تذكر حتى اسم نتانياهو في بيانها الرسمي، ما يعكس موقفها الثابت من اعتبار إسرائيل قوة "احتلال" لا تملك أي شرعية في فلسطين.

وأشار إلى أن "مثل هذه التصريحات الاستفزازية، لن تُقبل بأي حال من الأحوال، وأن السعودية والدول العربية ترفض الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة عبر سياسة العصا والجزرة".

وجاءت التصريحات الإسرائيلية بعد أيام من تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول توجُّه واشنطن للسيطرة على غزة.

في السنوات الأخيرة، تصاعد الحديث عن إمكانية التطبيع بين السعودية وإسرائيل، خاصة بعد اتفاقيات "إبراهيم" التي وقعتها الإمارات والبحرين والسودان والمغرب مع إسرائيل برعاية أميركية.

إلا أن السعودية حافظت على موقفها، بأن أي تطبيع مرهون بتحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفقا لمبادرة السلام العربية لعام 2002، التي تنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

من جانبه، حاول المستشار السياسي الإسرائيلي ميتشيل باراك التقليل من وقع تصريحات نتانياهو، معتبرا أن الوضع في غزة غير قابل للاستمرار، وأن هناك دورا محتملا لدول مثل السعودية بمساحتها الكبيرة، والأردن ومصر في التعامل مع الأزمة.

وقال خلال مقابلة مع قناة "الحرة" إن "الدولتين الأخيرتين، تحصلان على مساعدات من الولايات المتحدة" في إشارة إلى مصر والأردن.

وحول سبب تصريح نتانياهو في وقت تحاول فيه بلاده إقامة علاقات طبيعية مع السعودية قال باراك: "في الشرق الأوسط، قد تتغير قواعد التفاوض بشكل مفاجئ، ما يثير استياء البعض".

وأضاف أن "فكرة نقل مليوني فلسطيني إلى السعودية ليست واقعية، لكن المملكة لديها قدرات لوجستية هائلة، كما يظهر في موسم الحج، ويمكنها استخدامها لمساعدة غزة، مع احتمال إقامة اللاجئين مؤقتا في مصر أو الأردن".

كان الأمر أقرب من أي وقت مضى أو بالأحرى قاب قوسين أو أدنى قبل هجوم حركة "حماس" في السابع من أكتوبر 2023.

تعطل الأمر لأكثر من 15 شهرا هي المدة التي استمرت فيها الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.

ويقول الركبان: "لم يكن هناك تقدم في عملية التطبيع الإسرائيلي، خاصة بعد التصعيد الأخير من إسرائيل وحماس، مما أدى إلى إنهاء جميع المحاولات التي قادتها الولايات المتحدة ودول أخرى".

وبعد أن توقفت الحرب جراء اتفاق تم بوساطة قطرية ومصرية وبدعم أميركي، عاد الحديث عن مستقبل التطبيع بين السعودية وإسرائيل.

لكن ما نتج عن الحرب من مقتل نحو 48 ألفا وإصابة أكثر من 100 ألف آخرين معظمهم من النساء والأطفال، وما صاحب ذلك من دمار هائل، يعكر المزاج.

"من الصعب أن تقدم السعودية على التطبيع، إذ إنها تشترط أربعة أمور أساسية: أن تكون القدس عاصمة لفلسطين، عودة المهجّرين الفلسطينيين، إزالة المستوطنات الإسرائيلية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، في ظل عدم الثقة في التزام إسرائيل بالمعاهدات"، قال الركبان.

وأضاف: "ترى المملكة أن الوقت ليس مناسبا لأي خطوات تطبيعية، حتى لو حاول ترامب تقريب وجهات النظر".

كما أن الطرح الإسرائيلي حول تحميل الدول العربية مسؤولية إعادة إعمار غزة قوبل برفض واسع.

في المقابل قال باراك إن "إسرائيل تدرك أن حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بحاجة إلى دعم إقليمي، ولا يمكن تجاهل دور الدول العربية الكبرى مثل السعودية".

"لكن في النهاية، على الفلسطينيين والعرب التعامل مع الواقع الجديد وإيجاد حلول مشتركة للخروج من الأزمات المستمرة" وفقا لقوله.