قضت المحكمة على رسلان (58 عاما) بالسجن المؤبد مدى الحياة
قضت المحكمة على رسلان (58 عاما) بالسجن المؤبد مدى الحياة

بمواقف بين "الحزن والفرح" تفاعل معتقلون سابقون وحقوقيون مع الحكم الذي أصدرته محكمة "كوبلنز" الألمانية بحق الضابط السابق في مخابرات النظام السوري، العقيد أنور رسلان.

وقضت المحكمة على رسلان (58 عاما) بالسجن المؤبد مدى الحياة، في خطوة توصف بأنها "سابقة عالمية" في محاسبة النظام السوري على جرائم التعذيب، وانتهاكات حقوق الإنسان.

وكان هذا الضابط قد لجأ إلى ألمانيا بعد فراره من البلاد عام 2012، ومنذ 23 أبريل 2020 يحاكم أمام "كوبلنز"، بتهمة تعذيب معتقلين في مركز احتجاز سرّي تابع للنظام في دمشق، ويسمى بفرع "الخطيب 251".

ويزعم المدعون الفيدراليون، بحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس" الخميس أن رسلان كان الضابط الأعلى المسؤول عن "سجن الخطيب"، وأشرف على "التعذيب المنهجي والوحشي" لأكثر من 4000 سجين بين أبريل 2011 وسبتمبر 2012، مما أدى إلى مقتل 58 شخصا على الأقل.

وقال باتريك كروكر، المحامي في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، الذي مثل العديد من الناجين في المحاكمة، إن المحكمة استمعت إلى أدلة تثبت تورط رسلان في 30 من تلك الوفيات، مضيفا أن "حالات العنف الجنسي تعتبر أيضا جزءا من التهمة".

في المقابل كان محامي دفاع رسلان قد طالب، مطلع يناير الحالي ببراءة موكله، بذريعة أنه لم يقم بالتعذيب بنفسه أو يصدر أوامر بذلك، إنما كان خاضعا لأوامر من قيادته، وكان يعمل على الإفراج عن السجناء.

كما نفى رسلان عند بدء المحاكمة جميع الاتهامات في صحيفة دعوته.

"خطوة أولى ومهمة"

تحدث موقع "الحرة" مع معتقلين سابقين في سجون النظام السوري وناشطين حقوقيين، وبينما اعتبر البعض منهم أن "مؤبد رسلان" يعتبر "سابقة يمكن البناء عليها"، قال آخرون إن "العدالة التي طبقت صغيرة، فيما ما يزال الطريق طويلا لمحاسبة الرؤوس الأمنية الفاعلة في نظام الأسد".

منذ 23 أبريل 2020 يحاكم أمام "كوبلنز"، بتهمة تعذيب معتقلين في مركز احتجاز

ميشال شماس ناشط في مجال حقوق الإنسان، وعضو "لجنة الدفاع عن معتقلي الرأي والضمير" وصل قبل ساعات من صدور حكم المؤبد بحق رسلان إلى محكمة "كوبلنز"، كي يكون شاهدا على "السابقة التاريخية".

ويعتقد شماس أن "الحكم بمؤبد لأنور رسلان هو خطوة أولى ومهمة على طريق تحقيق العدالة للضحايا في سوريا، وتؤكد أنه يجب أن يتلاحق جميع المجرمون الذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب السوري، ومن ثم محاسبتهم، خاصة المسؤولين الكبار في الأجهزة الأمنية على رأسهم بشار الأسد وشقيقه ماهر".

ويضيف الناشط الحقوقي لموقع "الحرة": "على الرغم من أنها صغيرة، إلا أنها تفتح بابا كبيرا نحو تحقيق العدالة"، وقال: "كنا نأمل أن تكون المحاكمة في سوريا، لكن باب العدالة أغلق في المجتمع الدولي، إلى أن استطاع الضحايا أن يفتحوه لمحاكمة مجرمي الحرب في البلدان الأوروبية".

من جهته، يقول عمر الشغري الشاب الذي كان معتقلا في سجن صيدنايا إن "أهمية الحكم في صدوره"، مشيرا إلى أن "ألمانيا اتخذت الخطوة الأولى لمحاكمة أشخاص مسؤولين عن جرائم تعذيب".

وسجن النظام السوري الشغري عندما كان يبلغ 15 عاما، إلى أن ساعده البعض في الهرب من السجن في 2016، واستطاع اللجوء إلى السويد بعد ذلك.

ويضيف لموقع "الحرة": "بوابة العدالة انفتحت الآن وبانتظار قضايا أخرى. البنية الأساسية أصبحت موجودة الآن للمحاكمة".

"القليل من العدالة"

ضمن تقرير نشرته منظمة "هيومان رايتش ووتش"، في أبريل 2020 توقعت أن يواجه أنور رسلان السجن مدى الحياة.

وسبق وأن حكم القضاء الألماني في فبراير 2020 بالسجن أربع سنوات ونصف على إياد الغريب (44 عاما) بتهمة المشاركة في اعتقال 30 متظاهرا على الأقل في دوما كبرى مدن الغوطة الشرقية قرب دمشق، في سبتمبر أو أكتوبر 2011، ومن ثم نقلهم إلى مركز اعتقال تابع لأجهزة الاستخبارات.

ويعتبر إياد الغريب المسؤول الأدنى رتبة في ذات القضية المتعلقة بأنور رسلان، وكان قد وصل إلى ألمانيا في 2018.

ويوضح مدير رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، دياب سرية أن محكمة "كوبلنز" في الإطار العام "جيدة، كونها استهدفت أخد الفاعلين في أجهزة النظام السوري الأمنية".

لكن و"عند الدخول بالتفاصيل تم تحميلها أكثر مما تحتمل"، بحسب تعبيره.

ويضيف سرية أن "المنظمات السورية القائمة على جلب الشهود ومساعدة المنظمات الدولية بموضوع الادعاء تم تضخيمها كثيرا".

وإضافة إلى ذلك "تم الحديث عن أن كوبلنز هي محكمة التعذيب السورية وأنها محكمة الخطيب. دورها ضُخم كثيرا".

ويرى سرية أن دور المحكمة الألمانية "صغير جدا ومحدود. هذه ليست العدالة التي نتأملها كناجين ومعتقلين سابقين وممثلي مؤسسات تعمل على الناجين وتدعمهم".

وفيما يتعلق بـ"مؤبد أنور رسلان" اعتبر سرية الذي كان معتقلا سابقا في سجن صيدنايا أن هذه الخطوة "أعطت بعض العدالة للقليل من السوريين، وليس العدالة لكل السوريين. لا يجوز أن نضعها أكثر من ذلك".

ومنذ البدء بمحاكمة رسلان تضاربت مواقف الناشطين الحقوقيين بشأنها، كون الشخصية المستهدفة "لا تؤثر كثيرا على النظام السوري"، والذي بدوره لم يصدر أي تعليق من جانبه حتى اللحظة.

ويملك القضاء الأوروبي صلاحية المحاكمة على جرائم لم تُرتكب على الأراضي الأوروبية، وفق ما يُعرف بـ "الولاية القضائية العالمية"، وذلك في حال كان المتهم يعيش في إحدى دول الاتحاد، ويواجه قضية رفعها ضده أحد الضحايا، وهو ما حصل في قضية أنور رسلان.

وتحدث الناشط الحقوقي، دياب سرية عن سلبيات بينها "محاولات التسلق من بعض الشخصيات، في مسعى لبناء أمجاد شخصية على أكتاف محكمة كوبلنز".

وهناك سلبيات أخرى، بينها أن محاكمة رسلان تم التعامل معها "كشأن ألماني وليس شأن سوري"، موضحا ذلك بالقول: "رسلان يقيم على الأراضي الألمانية والمدعون أيضا. إجراءات المحكمة لم يتم ترجمتها للعربية، ولم تكن متاحة لعموم الناس".

ناشطون حملوا صور الضحايا ووقفوا خارج المحكمة بانتظار صدور الحكم

هل هي مرضية؟ 

على مدى السنوات الماضية صدرت عدة تقارير عن منظمات حقوقية وأممية، وثقت انتهاكات النظام السوري بحق المعتقلين من تعذيب وقتل وحرق، لكن بقيت هذه التقارير حبيسة الصناديق دون تحرك دولي فعلي يوقف الجرائم بحق الشعب السوري.

لكن بعد مرور أكثر من عشر سنوات على اندلاع الثورة في سوريا، هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها محاكمة في العالم، محورها فظائع متّهم بارتكابها النظام السوري ومسؤولي أجهزته الأمنية. 

وكان أمر رسلان قد افتضح حين تعرّف عليه في أحد شوارع العاصمة الألمانية أنور البنّي، وهو محامي ومعارض، كان اسمه قد تردد كثيرا في الأشهر الماضية، خلال جلسات المرافعة الخاصة برسلان. 

ويقول البني لموقع "الحرة": "حكم اليوم هو تاريخي. إنه انتصار للعدالة كمبدأ. انتصار بعيدا عن تدخل السياسيين. العدالة الحالية صنعها الضحايا بأيديهم".

ويضيف البني الذي وصل إلى كوبلنز صباح الخميس برفقة حقوقيين وذوي معتقلين وضحايا: "الحكم بالمؤبد هو انتصار أيضا للضحايا، الذين أدلوا بشهادتهم، والذين قتلوا تحت التعذيب والآخرين في المعتقلات".

واعتبر المحامي السوري أن إدانة رسلان هي "إدانة لكل منظومة المجرمين في سوريا. رسلان هو جزء من منظومة منهجية لتقل وتعذيب واعتقال السوريين، وممارسة العنف الجنسي ضدهم".

لكن مدير رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، دياب سرية يرى أن حكم الخاصة برسلان "ليس مرضيا لجميع المعتقلين في سجون نظام الأسد. هناك أناس شاركوا في المحاكمة وشهدوا وقالوا إننا محتارون. هل نفرح أم نحزن؟".

ويشير سرية إلى أن الضحايا من ناجين ومعتقلين في سجون النظام السوري يريدون "محكمة دولية تكون خاصة على غرار يوغسلافيا ورواندا. يريدون محكمة تحاكم بشار الأسد وقادة الأجهزة الأمنية، وأن يمتثلوا أمامها بشكل فعلي".

أما محمد منير الفقير المعتقل السابق في سجن صيدنايا فقد اعتبر أن "الحكم بالسجن مدى الحياة على رسلان نقطة ضوء على طريق المحاسبة والعدالة الطويل".

ويضيف أن "المسؤولية الأخلاقية للإنسانية جمعاء تجاه محاسبة نظام الإبادة الجماعية في سوريا وعدم إفلات رأسه وزبانيته من العقاب أكبر بكثير من محاسبة مجرم سابق مغمور في فرع وحشي مثل فرع الخطيب".

لكن ورغم ذلك يرى الفقير أنه "يجب أن يشكل حكم المؤبد إنجازا حافزا قويا للضحايا والناجين وأهاليهم وأحبائهم، كي لا يكفوا عن نضالهم حتى محاسبة جميع المنتهكين، وسوق الأسد وأشباهه إلى العدالة".

ترامب

نشر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إعلانا عبر منصته الاجتماعية "تروث سوشال"، يكشف فيه عن بدء عملية إقالات واسعة النطاق للمعينين في المناصب الرئاسية من الإدارة السابقة.

وأوضح ترامب في منشوره الذي يأتي في أول أيام عودته للبيت الأبيض، أن مكتب شؤون الموظفين الرئاسي يعمل حالياً على تحديد وإقالة ما يزيد عن ألف معين في مناصب المسؤولية.

منشور ترامب على منصته "سوشال تروث"

وأكد ترامب أن هذه الخطوة تأتي "لعدم توافق هؤلاء المسؤولين مع رؤيته"، التي تهدف إلى "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى".

وأعلن الرئيس الأميركي في المنشور ذاته، عن إقالة 4 مسؤولين كدفعة أولى، وهم خوسيه أندريس من مجلس الرئيس للرياضة واللياقة البدنية والتغذية، ومارك ميلي من المجلس الاستشاري للبنية التحتية الوطنية.

بالإضافة إلى كل من براين هوك من مركز ويلسون للباحثين، وكيشا لانس بوتومز من مجلس الرئيس للتصدير.

وشدد ترامب على أن المزيد من قرارات الإقالة ستصدر قريبا، في إطار سعيه لإعادة تشكيل المناصب الإدارية العليا، بما يتوافق مع توجهات ورؤية إدارته الجديدة.