داعش- راية
الزعيم الجديد سيكون من قدامى المتشددين العراقيين

كشف مسؤولان أمنيان عراقيان وثلاثة محللين مستقلين إن الزعيم القادم لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) "من المرجح أن يكون من دائرة قريبة من المتطرفين العراقيين المتمرسين الذين ظهروا عقب دخول القوات الأميركية للعراق عام 2003"، وفق ما نقلته وكالة رويترز للأنباء.

ويتوقع متابعون لتنظيم "داعش" أن يتم تحديد خليفة له في الأسابيع المقبلة.

وقال المسؤولان العراقيان إن مجموعة الخلفاء المحتملين لأبو إبراهيم القرشي، الذي فجر نفسه خلال عملية أميركية للقبض عليه في سوريا، الأسبوع الماضي، تضم قائدا واحدا أعلنت واشنطن وبغداد مقتله العام الماضي.

وكان مقتل القرشي (45 عامًا)، بمثابة ضربة قاسية أخرى لداعش بعد عامين من خسارة الجماعة المتطرفة للزعيم أبو بكر البغدادي في غارة مماثلة في عام 2019.

والقرشي، عراقي الجنسية، هو الآخر، لم يخاطب علناً مقاتليه أو أتباعه، وتجنب الاتصالات الإلكترونية وأشرف على التحرك للقتال في وحدات صغيرة تم نقلها ردًا على الضغط المكثف من القوات العراقية والقوات التي تقودها الولايات المتحدة.

خبير: هناك أربعة أسماء لخلافة القرشي

قال فاضل أبو رغيف، الخبير العراقي الذي يقدم المشورة لأجهزتها الأمنية، إن هناك ما لا يقل عن أربعة "خلفاء" محتملين.

ومن بين هؤلاء، أبو خديجة الذي كان آخر دور معروف له، كونه قيادياً للتنظيم في العراق، وأبو مسلم، القيادي في محافظة الأنبار، وآخر اسمه أبو صالح الذي لا توجد معلومات كافية عنه، لكنه كان مقربا من البغدادي والقرشي، وفق أبور رغيف.

وأضاف الرجل: "هناك أيضا أبو ياسر العيساوي الذي يشتبه في أنه لا يزال على قيد الحياة، إنه ذو قيمة معتبرة في الجماعة، لأنه يتمتع بخبرة عسكرية طويلة".

وتم الإبلاغ عن مقتل العيساوي في غارة جوية في يناير 2021، من قبل كل من القوات العراقية وكذلك التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة الذي يقاتل تنظيم "داعش" في العراق وسوريا.

لكن مسؤولا أمنيا عراقيا أكد لرويترز وجود شكوك قوية بأن العيساوي لا يزال على قيد الحياة. وقال: "إذا لم يمت، فسيكون مرشحًا، وقد جرب واختبر في التخطيط لهجمات عسكرية ولديه الآلاف من المؤيدين".

شكل مقتل البغدادي قبل القرشي نكسة للتنظيم

 

تطويق أمني 

وقال حسن حسن، رئيس تحرير مجلة "New Lines" التي نشرت بحثًا عن القرشي، إن الزعيم الجديد سيكون متطرفاً عراقياً "مخضرماً".

وقال: "إذا اختاروا واحداً في الأسابيع المقبلة، فسيتعين عليهم اختيار شخص من نفس الدائرة... المجموعة التي كانت جزءاً من مجموعة 'الأنباري' التي عملت تحت (اسم) داعش منذ الأيام الأولى".

وخرج تنظيم "داعش" من مقاتلين شنوا تمرداً إسلامياً سنياً، وعلى أساس طائفي ضد القوات الأميركية والقوات العراقية بعد عام 2003.

وكانت "دولة العراق الإسلامية"، والمعروفة أيضًا باسم "القاعدة في العراق"، فرعًا من تنظيم القاعدة العالمي، الذي قاده أسامة بن لادن، ونشأ داعش، الذي تبلور في فوضى الحرب الأهلية السورية عبر الحدود.

هجوم سجن الحسكة استمر لأيام
مطاردة وقتل عناصره.. عملية داعش في الحسكة تحولت إلى "كارثة" على التنظيم
تحولت "العملية الكبيرة" التي روج لها إعلاميو تنظيم داعش في الحسكة إلى "كارثة" بالنسبة للتنظيم، بعد مقتل المسلحين المشاركين بها، وبعض السجناء الذين اشتركوا مع المهاجمين، ومقتل زعيمه، عبد الله قرداش، أو "أبو إبراهيم القرشي" كما يسميه التنظيم.

والبغدادي والقرشي، وكلاهما عضو في "القاعدة في العراق" منذ البداية، قضيا بعض الوقت رهن الاعتقال لدى القوات الأميركية في منتصف العقد الأول من القرن الجاري.

وقال مسؤول أمني وعقيد في الجيش لرويترز إنه في المقابل، لم يسبق للقوات الأميركية أن اعتقلت أياً من خلفاء القرشي الأربعة المحتملين.

ويتفق المسؤولون والمحللون في دول مختلفة على أن تنظيم "داعش" يتعرض لضغوط أكثر من أي وقت مضى، ولن يستعيد "الخلافة" المزعومة. لكنهم منقسمون حول مدى أهمية الانتكاسة التي يمثلها مقتل القرشي للتنظيم الإرهابي.

ويقول البعض إن القتال ضد داعش سوف يمتص جهود الولايات المتحدة وحلفائها لسنوات قادمة بينما تتطور عمليات هذا التنظيم المتطرف إلى تمرد دائم مع قادة جدد مستعدين لتولي زمام الأمور.

وعلى غرار تنظيم القاعدة، نجح "داعش" على الدوام في البقاء على قيد الحياة في كلّ مرة قُطع فيها رأسه.

لكن، بالنسبة إلى هانز-جاكوب شيندلر، الخبير السابق في الأمم المتّحدة، فإنّ مقتل القرشي "يشكّل بوضوح نكسة كبيرة" لتنظيم "داعش". 

وأضاف في حديث لوكالة فرانس برس: "بالطبع سيتعيّن عليهم العثور على زعيم جديد".

لكنه عاد وقال إن "طرح اسم اليوم سيكون مجرّد تكهّنات.. والخطأ سيكون الاعتقاد بأنّ كلّ شيء انتهى، أو بأنّ الأمور أفضل بعد هذه التصفية، مع الأخذ في الاعتبار العدد المنخفض للهجمات في أوروبا والولايات المتحدة" مؤخّراً.

طواقم طبية في سوريا في تدريب حول كيفية التعامل مع الهجمات الكيماوية
طواقم طبية في سوريا في تدريب حول كيفية التعامل مع الهجمات الكيماوية

تعمل الولايات المتحدة مع عدة دول في الشرق الأوسط لمنع وقوع الأسلحة الكيميائية التي كان يمتلكها نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، في أيدي جهات غير مرغوب فيها، حسبما نقله موقع "أكسيوس"، عن مسؤول بالإدارة الأميركية.

وتشعر الولايات المتحدة وحلفاؤها بالقلق من أن انهيار الجيش السوري والقوات الأمنية الأخرى والفوضى التي تعم البلاد، قد تسمح للجماعات الإرهابية بالاستيلاء على أسلحة خطيرة كان يحتفظ بها نظام الأسد.

وتعهد الرئيس الأميركي، جو بايدن، في خطاب ألقاه، الأحد، بدعم دول الجوار السوري في مواجهة أي تهديدات محتملة. فيما أكد وزير خارجيته، أنتوني بلينكن، عن دعم الجهود الدولية لمحاسبة نظام الأسد عن انتهاكاته، بما فيها استخدام الأسلحة الكيميائية.

وتزامنت هذه التصريحات مع تنفيذ سلاح الجو الإسرائيلي غارات على منشآت عسكرية سورية مرتبطة ببرامج الأسلحة الكيميائية والصواريخ الباليستية.

من جانبها، أصدرت المعارضة السورية، بيانا، أكدت فيه عدم اهتمامها بالأسلحة الكيميائية، متعهدة بالتعامل المسؤول مع المنشآت العسكرية والتنسيق مع المجتمع الدولي.

لمحة عن الأسلحة الكيميائية

وبدأت سوريا برنامجها الكيميائي منتصف السبعينيات، مدفوعة بصراعها مع إسرائيل، ورفضت لعقود الانضمام لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية بحجة التهديد الإسرائيلي، 

---

وفقا لمبادرة التهديد النووي، وهي منظمة (كيف مبادرة وكيف منظمة) (الرابط؟)

---

 أمنية عالمية غير ربحية تعمل على  الحد من التهديدات النووية والبيولوجية والتكنولوجية الناشئة.

وخلال عقود من التطوير، نجحت سوريا في الحصول على مئات الأطنان من المواد الكيميائية الأولية، وحولت مصانع زراعية إلى منشآت لإنتاج الغازات السامة.

ورغم الحظر الأميركي على بيع المواد الأولية لسوريا منذ الثمانينيات، استمر البرنامج في التطور عبر التجارة غير المشروعة، خاصة مع روسيا.

وبحلول عام 1997 امتلك النظام السوري، منشآت إنتاج في دمشق وحمص وحلب، قادرة على إنتاج السارين والخردل وغاز VX.

وأشارت تقارير استخباراتية أميركية بين عامي 2002-2010 إلى أن روسيا اعتمدت سوريا على مصادر خارجية لتطوير برنامجها الكيميائي، مع محاولات لتطوير عناصر كيميائية تستهدف الأعصاب، أكثر سمية وثباتا، وفقا لتقرير للمنظمة الدولية.

وشكل اندلاع الثورة السورية عام 2011 نقطة تحول في ملف الأسلحة الكيميائية السورية، إذ تصاعدت المخاوف الدولية من احتمال فقدان السيطرة على مواقع تخزين هذه الأسلحة أو استخدامها ضد المدنيين.

وجاء الاعتراف السوري الضمني بامتلاك ترسانة كيميائية في يوليو 2012، حين صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية حينها، جهاد مقدسي، أن دمشق لن تستخدم هذه الأسلحة إلا في حالة "العدوان الخارجي". 

لكن سرعان ما بدأت موجة هجمات كيميائية، بدءا من حادثة حمص في ديسمبر 2012، وصولاً إلى الهجوم الأكثر دموية على الغوطة في 21 أغسطس 2013، والذي أودى بحياة 1.429 شخصا.

وتحت وطأة التهديد بضربة عسكرية أميركية، وافقت سوريا في سبتمبر 2013 على الانضمام لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وتسليم ترسانتها للرقابة الدولية. 

وكشف التصريح السوري عن مخزون ضخم يشمل ألف طن من الأسلحة شديدة السمية (الفئة الأولى)، و290 طناً من المواد الكيميائية الأقل خطورة (الفئة الثانية)، إضافة إلى 1,230 نظام إطلاق غير معبأ (الفئة الثالثة). 

واستغرقت عملية التدمير، التي أشرفت عليها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أكثر من عامين، حتى أعلنت المنظمة في يناير 2016 اكتمال تدمير 1,328 طناً من المواد المصرح عنها، لكن الشكوك ظلت قائمة حول وجود مخزونات سرية.

واستمرت الهجمات الكيميائية في سوريا. وقدرت المنظمات الطبية وقوع 198 هجوماً كيميائياً منذ 2012، معظمها بعد بعثة نزع السلاح. 

ومن أبرز  الهجمات:

  • هجوم حمص (ديسمبر 2012): سجل أول استخدام موثق للأسلحة الكيميائية في النزاع السوري، حيث عانى المدنيون من أعراض التعرض الكيميائي مثل الغثيان والقيء وصعوبة التنفس وتشنجات وفقدان الوعي.
  • هجوم خان العسل (19 مارس 2013): وقع في قرية بمحافظة حلب، وأدى إلى مقتل 26 شخصاً وإصابة أكثر من 100 آخرين. دفع هذا الهجوم الأمم المتحدة لتشكيل بعثة تحقيق برئاسة، آكي سيلستروم، لكن النظام ماطل في السماح للمفتشين بالدخول لمدة أربعة أشهر.
  • مجزرة الغوطة (21 أغسطس 2013): أخطر الهجمات الكيميائية في سوريا، استهدفت مناطق واسعة في الغوطة قرب دمشق. أظهر المصابون أعراضاً تشمل التشنجات وصعوبة التنفس وتوسع حدقة العين والرغوة من الفم. 
  • هجوم خان شيخون (4 أبريل 2017): أسفر عن مقتل ما بين 80-100 شخص، معظمهم من الأطفال. أكدت تحقيقات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية استخدام غاز السارين، وأثبتت التحليلات المخبرية تطابق تركيبته الكيميائية مع عينات من هجومي الغوطة وخان العسل.
  • هجوم دوما (7 أبريل 2018): أدى إلى مقتل 43 شخصاً. أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في يناير 2024 مسؤولية النظام السوري عن الهجوم.
الهجمات الكيماوية المفترضة في سوريا

وأكدت تحقيقات دولية مسؤولية النظام السوري عن هجمات بغاز الكلور والسارين، كما كشف المفتشون عن وجود آثار لمواد كيميائية خطيرة في منشآت عسكرية غير مُصرح عنها.

وتحدثت تقارير استخباراتية عن تعاون سري بين النظام السوري وكوريا الشمالية في مجال الأسلحة الكيميائية.

وأواخر الشهر الماضي، أعربت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن "قلق بالغ" إزاء ثغرات كبيرة تشوب إعلان النظام السوري في شأن مخزونه، متخوّفةً من احتمال وجود كميات كبيرة من هذه المواد المحظورة.

وقال المدير العام للمنظمة، فرناندو أرياس، للمندوبين في الاجتماع السنوي للمنظمة إنه "على رغم العمل المكثف منذ أكثر من عقد، ما زال من غير الممكن إغلاق ملف الأسلحة الكيميائية في سوريا".

وأضاف أرياس "منذ عام 2014، أبلغت الأمانة العامة للمنظمة عما مجموعه 26 مسألة عالقة، تم استيفاء سبع منها" في ما يتعلق بمخزونات الأسلحة الكيميائية في سوريا.

قوانين دولية

وتحظر اتفاقيات جنيف، التي قننت قوانين الحرب، استخدام الأسلحة الكيميائية.

وشددت على ذلك اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية لعام 1997، وهي معاهدة لمنع انتشار هذه الأسلحة انضمت إليها 193 دولة وتشرف عليها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

لكن الانقسام السياسي بشأن الحرب السورية في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وفي الأمم المتحدة عرقل الجهود الرامية إلى محاسبة النظام عن انتهاكات القانون الدولي واسعة النطاق في ما يشتبه بأنها هجمات كيميائية.

ونفى مسؤولون بالنظام السوري قبل سقوطه استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المعارضين.

وأقامت دول، من بينها فرنسا، محاكمات بموجب ما يسمى بالاختصاص القضائي العالمي للنظر في جرائم الحرب.

ولا يوجد كيان قانوني يستطيع محاكمة الأفراد المشتبه بهم في استخدام الأسلحة الكيميائية على مستوى العالم، وليس للمحكمة الجنائية الدولية المختصة بجرائم الحرب في العالم، ومقرها لاهاي، اختصاص قضائي في سوريا.

وتتمتع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بسلطة التحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية وتحديد الجناة المزعومين في بعض الحالات، لكنها لا تتمتع بسلطة الملاحقة القضائية.

وقالت في يناير إن سوريا مسؤولة عن هجوم وقع في مدينة دوما عام 2018 وأسفر عن مقتل 43 شخصا.

ووجدت آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن جيش النظام السوري استخدم غاز الأعصاب السارين في هجوم وقع في أبريل 2017، واستخدم الكلور مرارا كسلاح، واتهمت مسلحي تنظيم "داعش" باستخدام غاز الخردل.

واستخدمت روسيا، حليفة سوريا، حق النقض (الفيتو) مرارا ضد محاولات تمديد آلية التحقيق المشتركة التي انتهت في نوفمبر 2017.