كشف تحقيق مشترك لموقع "الحرة" وصحيفة " جيروزاليم بوست" أن الأمم المتحدة حاولت التستر على مقتل عامليْن في المجال الإنساني، كانا ضمن قافلة إغاثة بين مدينتي حلب وحمص السوريتين عام 2016، على يد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الأمر الذي ردت عليه المنظمة الدولية.
ووفق مراسلات وشهادات استند عليها التحقيق المشترك، يبدو أن اثنين من كبار المسؤولين السابقين في الأمم المتحدة عام 2016، وهما ستيفن أوبراين، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، ويان إيغلاند، المستشار الخاص لمبعوث الأمم المتحدة لسوريا، أخفقا في عملهما، ولم يعلنا عن مضمون رسالة داخلية للمنظمة تقول إن ضربات الأسد العسكرية، قتلت اثنين من عمال الإغاثة.
وعند مواجهة الأمم المتحدة بإخفاقها في الكشف عن مقتل العاملين، بما في ذلك في وثائقها العامة، شرعت في حذف الأدلة الموجودة على صفحتها على الإنترنت، والتي كانت تستند إلى كشف مفاجئ من مسؤول محلي بالأمم المتحدة في سوريا.
حذف الفيديو
فبعد إرسال استفسارات صحفية إلى الأمم المتحدة، في يونيو الماضي، حذفت المنظمة الدولية مؤتمرا صحفيا عُقد في جنيف في 28 أبريل 2016، من على موقعها على الإنترنت، حيث أشار مترجم عربي إلى مقتل شخص خلال مهمة إغاثة.
ولم يذكر إيغلاند، الذي ألقى تصريحاته باللغة الإنكليزية للصحفيين في هذا المؤتمر، الترجمة العربية بشأن وفاة الموظف.
وقد رفضت الأمم المتحدة الإفصاح عن سبب سحبها الفيديو بعد وقت قصير من إرسال استفساراتنا بشأن عدم ذكر حالتي القتل في سوريا.
وعند السؤال عن حيثيات المؤتمر الصحفي لإيغلاند، ردت ميشيل ديلاني، كبيرة المستشارين الإعلاميين لإيغلاند في المجلس النرويجي للاجئين، قائلة: "لم نكن في موقع يسمح لنا بالرد على استفساركم مباشرة، ولكن مكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا في جنيف، قال إنه سيعود إليكم بشأن ذلك".
ووفقا لنسخة مكتوبة من نص المؤتمر الصحفي المقصود، منشورة على موقع ريليف ويب، قال إيغلاند: "نظمت الأمم المتحدة قافلتين في منطقة حمص في الأيام الثلاثة الماضية. أصيبت إحداها بقذيفة هاون، واضطرت أخرى إلى التوقف عدة مرات بسبب غارات جوية على الطريق وفي الأماكن التي ذهبتا إليها".
ظاهريا، يبدو حديث إيغلاند مشابها لما قاله أحد المسؤولين بالأمم المتحدة في سوريا، بصفته مُبلغ عن الانتهاكات المتعلقة بتنفيذ نظام الأسد ضربات عسكرية، ضد قافلتين إنسانيتين.
المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، خوفا من الانتقام الوظيفي، قال لنا إن مراجعة رسائل داخلية للأمم المتحدة كشفت مقتل اثنين من عمال الإغاثة في 25 أبريل 2016.
التقارير متاحة!
وجاء في الرسالة أن "قافلة إنسانية تضررت جراء القصف على طريق حمص. وبسبب الاشتباكات والقصف، توقفت الأخرى. وأفادت تقارير بوقوع إصابات ومقتل عاملين اثنين في المجال الإنساني".
غير أن فانيسا هوغينين، المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا)، التي تتخذ من جنيف مقرا لها، قالت لنا: "جميع تقاريرنا بشأن الهجمات التي تتعرض لها القوافل الإنسانية والعاملين في المجال الإنساني في سوريا متاحة."
إلا أن مراجعة التقارير العامة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، التي تغطي الفترة الزمنية موضوع التحقيق، أظهرت أن المنظمة لم تذكر مقتل عاملي الإغاثة.
وأرسلت جينيفر فينتون، المتحدثة باسم مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، التقارير.
وقالت فينتون: "بشكل عام، دأبت الأمم المتحدة على تذكير جميع الأطراف بأن الهجمات على المدنيين، بما في ذلك العاملين في المجال الإنساني والبنية التحتية المدنية، غير مقبولة على الإطلاق".
وأضافت: "لقد شددت الأمم المتحدة منذ فترة طويلة على ضرورة ضمان الوصول الآمن والمستمر ودون عوائق لجميع الأطراف الإنسانية لتقديم المساعدة المنقذة للحياة لجميع المحتاجين".
وفي أبريل 2016، وجه جيش النظام السوري والقوات الموالية له ضربات مدمرة للمؤسسات الطبية والإنسانية والعاملين. وفي نفس اليوم الذي عقد فيه إيغلاند مؤتمره الصحفي في جنيف، قدم أوبراين بيانا حول الوضع في سوريا إلى مجلس الأمن في نيويورك.
وقال النائب البريطاني السابق إن "قذيفة هاون سقطت أمام إحدى المركبات في القافلة المتجهة إلى الرستن، مما أدى إلى إصابة السائق ومقتل مدني. اسمحوا لي أن أدين مثل هذه الهجمات".
وتقع الرستن بالقرب من حمص، ويمكن بسهولة أن تكون القافلة التي أشار إليها أوبراين هي القافلة التي قتل بها موظف الأمم المتحدة في سوريا في الرسالة الداخلية.
ورغم ذلك لم يشر تقرير أوبراين إلى مقتل اثنين من عمال الإغاثة. بل ذكر أن "مدنيا" قد قُتل فيما أصيب سائق، وهو ما جاء متوافقا مع بيان الأمين العام عن نفس الفترة.
وقالت هوغينين لنا مستشهدة ببيانه: "أدت الهجمات إلى تأخير القوافل الإنسانية مرتين في أبريل. وفي قافلة 27 أبريل المتجهة إلى الرستن (ثالث أكبر مدينة في محافظة حمص)، ألحقت قذيفة هاون أضرارا بشاحنة متعاقدة مع الأمم المتحدة، وأصابت السائق وقتلت مدنيا".
ورفضت هوغينين، المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الكشف عن هوية المدني والسائق (بالاسم والجنسية)، وقالت لنا: "لسنا في وضع يسمح لنا بالإجابة على هذا السؤال".
وتابعت قائلة: "شهد أبريل 2016 أعمال قتالية مكثفة، وقد أبلغت الأمم المتحدة عن الهجمات، ودعت إلى التحقيق فيها، وأعربت عن صدمتها من تأثيرها على العاملين في المجال الإنساني والمدنيين".
وتحدثت هوغينين عن نص تقرير الأمين العام عن سوريا، الذي يغطي فترة أبريل 2016، أمام مجلس الأمن، وما تضمنه من الالتزام بالقواعد والمبادئ الأساسية، مضيفة "يتمتع العاملون في المجال الطبي وكذا المرافق والنقل بحماية خاصة. لا يمكن أن يكون هناك إفلات من العقاب على الهجمات التي تتعارض مع تلك المبادئ القانونية ".
وهنا يلقي محمد العبد الله، المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة، ومقره واشنطن، باللوم على مجلس الأمن الذي منح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا) المهمة الإغاثية في سوريا "بدون ضغط سياسي"، على حد قوله لنا.
وردا على ذلك، عددت فانيسا هوغينين الهجمات التي وقعت في هذا الشهر (25 أبريل 2016) وأوردها الأمين العام في تقريره، وقالت: "يُدرج الأمين العام في تقاريره المنتظمة إلى مجلس الأمن تحديثات بشأن السلامة والأمن، مشيرا إلى أنه منذ بداية النزاع، قُتل مئات من العاملين في المجال الإنساني".
أما أوبراين فقد قال لنا: "لقد قدمت الحقائق الكاملة، كما كنت أعرفها، وقت الإدلاء بالبيان، وكان فريق عملي في نيويورك على علم بها"، مضيفا "لن أتمكن أبدا من نسيان المشاهد الفظيعة حقا للمذبحة التي شاهدتها شخصيا عندما زرت حمص في ذلك الوقت تقريبا عام 2016".
وأردف قائلا: "معروف عني الصدق في مجلس الأمن، وبصفتي كبير الدبلوماسيين في مجال الإغاثة في حالات الطوارئ في هذه الفترة، شعرت أنه من واجبي عرض ما أعرفه لضمان أن أعضاء المجلس الأمن على علم بالحقائق حتى لو أساء ذلك إلى البعض".
وتابع أوبراين: "أنا على ثقة من أن بياني أمام مجلس الأمن قد قدم أفضل المعلومات التي حصلت عليها أنا وفريقي الممتاز والمثابر حينذاك - كنا في كثير من الأحيان نقوم بصياغة البيان حتى الوقت الذي كنت أمشي فيه إلى غرفة اجتماع المجلس للتأكد من أنها كانت تعبر عن الواقع قدر الإمكان".
في قبضة النظام
ويمكن إرجاع إحجام الأمم المتحدة عن التحقيق في القتل المزعوم لعاملي الإغاثة إلى مخاوف المنظمة الدولية من منعها من القيام بمهام إغاثة مستقبلية في سوريا.
وقدم لنا مصدر من الأمم المتحدة تفسيرا لسبب قيام المنظمة الدولية بإخفاء مقتل عاملي الإغاثة، قائلا، خلال مكالمة هاتفية، إنه إذا كانت الأمم المتحدة ستبلغ عن مثل هذه الحوادث، فلن يسمح لها النظام وحلفائه بالعمل في سوريا.
ويصف العبد الله ذلك بـ"المقايضة"، قائلا إن الأمم المتحدة قبلت بعلاقة "مسمومة وغير سليمة" مع حكومة دمشق؛ فقد سمح لها النظام السوري بإمكانية الوصول للأماكن التي تعمل بها مقابل التعامل معه أو التكتم على انتهاكات يقوم بها.
وردا على ذلك، قالت هوغينين لنا: "لن نعلق على تفسير المصدر".
ويضاف استنتاج تحقيقنا إلى مجموعة من الانتقادات التي وجهت إلى عمل الأمم المتحدة في سوريا، وكان أحدثها تقرير مشترك لكل من منظمة هيومن رايتس ووتش والبرنامج السوري للتطوير القانوني بشأن ما وصفه التقرير بـ"مشاكل كبيرة" في ممارسات الشراء بالأمم المتحدة، وتمثلت في تمويل كيانات منتهكة لحقوق الإنسان.
وجاء في التقرير، الصادر في يناير الماضي، "أن الوكالات الأممية العاملة في سوريا لا تجري في كثير من الأحيان تقييم لمخاطر حقوق الإنسان خاص ببلد العمل".
"معايير صارمة"
وقال التقرير إن الأمم المتحدة تعاقدت مع كيانات فرضت عليها الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي عقوبات لتورطها في انتهاكات حقوقية وقمع السكان المدنيين، مثل "شركة شروق للحماية والحراسات" التي تربطها صلات بماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، والفرقة الرابعة للجيش السوري سيئة السمعة.
وتعليقا على ذلك، قالت هوغينين لنا: "ترحب الأمم المتحدة في سوريا بأي تدقيق مستقل للعمليات الإنسانية هناك، وإبلاغ المنظمات الحقوقية ما يثير قلقها".
وترى هوغينين أن الحوار بشأن مثل هذه التقارير يسمح للمنظمة الدولية بتحديد أوجه التحسين المطلوبة "في السياسات والممارسات، بما في إيلاء العناية الواجبة لحقوق الإنسان".
وأوضحت "تتبع جميع الوكالات الأممية في سوريا معايير صارمة عند فحص البائعين المحتملين ومنح عقود الشراء، طبقا لمبادئ مشتريات الأمم المتحدة".
لكنها شددت على ما وصفته بـ"التوازن، لا سيما في سوق مغلقة مثل سوريا، حيث توجد بدائل تشغيلية محدودة للغاية لبعض الخدمات الأساسية".
وفي هذا السياق، قال العبد الله": "أحيانا تكون مبررات الأمم المتحدة في محلها مثل تعاقدها مع شركة الهواتف المحمولة، التي يمتلكها رامي مخلوف قريب وصديق الأسد، فهي المزود الوحيد للخدمة في السوق السورية".
لكنه عاد ليتساءل: "لماذا يقيم عاملون بالأمم المتحدة في فندق فور سيزون دمشق الذي يملكه مخلوف وسامر فوز، وهما على لائحة العقوبات الأميركية والأوروبية، بينما توجد مئات الفنادق في العاصمة؟".
ومقابل الترحيب الذي أبدته هوغينين بتقارير من نوعية هيومن رايتس ووتش، قال العبد الله إن الأمم المتحدة تتجاهل رسائل منظمات حقوقية بشأن وجود صناديق مساعدات مخزنة داخل أجهزة الأمن السوري، مضيفا "الأمم المتحدة تمتلك تاريخا غير مشرف في هذا الشأن".
تفاوض ومساومة
وأوضح العبد الله أن المركز السوري للعدالة والمساءلة، الذي يديره، سبق وقد كشف مجموعة وثائق حكومية تتعلق بتعميم صادر لأجهزة أمن الدولة بألا يسمح لأي هيئة، غير الهلال الأحمر السوري، بالحصول على المساعدات.
وأضاف "توجد تعليمات أيضا للهلال الأحمر بكيفية التعامل مع المساعدات؛ فتُحرم بعض المناطق عمدا من الأغذية والأدوية".
وكان الكاتب بمؤسسة كارنيغي، آرون لوند، قال إن الأمم المتحدة واجهت عقبات مثل محاولتها إرسال المساعدات عبر الخطوط الأمامية (ما يسمى المساعدات عبر خطوط النزاع)، وإلى المدن المحاصرة.
وأضاف "تجد وكالات الأمم المتحدة في دمشق نفسها مضطرة، بصورة يومية، إلى التفاوض والمساومة مع النظام حول التوقيت والمكان والآلية المتعلقة بشروط السماح لها بالعمل: إذا لم نجلب الطعام إلى هذه البلدة، هل يمكننا رجاء إرسال الأدوية إلى تلك البلدة؟".
ويقول العبد لله: "مثل هذا النوع من العلاقات والصفقات يشكك أصلا بتوزيع المساعدات؛ الأمم المتحدة لا تمتلك رقابة فعالة على متلقي هذه المساعدات لأنها سمحت لأجهزة الأمن بالتحكم فيها. لا توجد شفافية فيما يخص التوزيع".
وتبدو "المشاكل الكبيرة"، كما وصفتها هيومن رايتس ووتش، غير جديدة على عمل الأمم المتحدة في سوريا، ففي 2016، نشرت صحيفة غارديان البريطانية تحقيقا مشابها، كشفت فيه صفقات بالملايين أبرمتها بعثة المساعدات التابعة للمنظمة الدولية مع مقربين من الأسد.
وقالت الصحيفة إن الأمم المتحدة منحت صفقات بعشرات الملايين من الدولارات لمقربين من الأسد، في إطار برنامج مساعدات إنسانية.
ووفقا لغارديان، فقد استفادت من هذه الصفقات شركات تخضع لعقوبات الأمم المتحدة والولايات المتحدة، بما فيها منظمة أنشأتها أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام، وأخرى أنشأها مخلوف.
وحينذاك نقلت الصحيفة عن مسؤول في الأمم المتحدة قوله إن المنظمة الدولية مجبرة على العمل مع عدد قليل من الشركاء يوافق عليهم رئيس النظام السوري، وإنها تعمل ما بوسعها لضمان إنفاق الأموال في محلها.
وأضافت الصحيفة، نقلا عن المسؤول الذي عمل في دمشق، أن بعض الوكالات التابعة للأمم المتحدة عبرت عن قلقها من سيطرة حكومة الأسد على توزيع المساعدات الإنسانية.
وأكد المسؤول أن فرق الأمم المتحدة العاملة في سوريا كانت تعرف منذ البداية أنه لا النظام السوري ولا المنظمات المعتمدة للعمل مع الأمم المتحدة، تلتزم بمبادئ العمل الإنساني أو الاستقلالية والحياد.
وذكر أن الأمم المتحدة تركت هذه المبادئ جانبا، لتلبي مطالب الحكومة السورية بشأن المساعدات الإنسانية، على حد قوله.
يعلق العبد الله، قائلا: "أخطأت الأمم المتحدة منذ البداية عندما قبلت هذا الابتزاز من الحكومة السورية. ولم يضغط المجتمع الدولي والدول الكبرى على الحكومة السورية لتحييد المساعدات الإنسانية".
ويعتقد العبد الله أن الأمم المتحدة "غارقة في عقود تشمل أشخاصا معاقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي"، قائلا إن المنظمة الدولية تتذرع بالعقوبات الأحادية التي لا يفرضها مجلس الأمن، وبالتالي لا تصبح ملزمة بها. "هذا التوجه ينال من مبدأ الشفافية والمحاسبة".
وتضم قوائم عقوبات الأمم المتحدة تنظيم القاعدة والجماعات التابعة له وتنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية (داعش) لكنها لا تشمل منتهكي الحقوق الآخرين، بمن فيهم المنتمون إلى النظام السوري والميليشيات التابعة له.
ولذلك، تعاقدت الأمم المتحدة مع كيانات وأشخاص على لائحة عقوبات الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي لتورطها في انتهاكات حقوقية وقمع السكان المدنيين.
ويتحدث العبد الله عن "سبب أخلاقي يمنع المنظمة الدولية من عدم التعاقد مع أشخاص على لائحة عقوبات من 50 دولة على الأقل (...)".
وفي المقابل، تشير هوغينين إلى المساءلة وسياسات الشفافية والقواعد واللوائح والمعايير، قائلة إن فريق الأمم المتحدة القطري وفريق العمل القطري في سوريا اعتمدا تدابير مخصصة لتعزيز الضمانات والعناية الواجبة في عملياتهم، بما في ذلك العناية الواجبة لحقوق الإنسان.
فعلى سبيل المثال، تقول هوغينين إن جميع عمليات الشراء تخضع لمستويين على الأقل من الموافقة، أحدهما خارج الدولة التي تأتي منها العقود (في المواقع الإقليمية للمنظمة أو المقر الرئيس).
وأضافت "تعاقدت بعض وكالات الأمم المتحدة مع خدمات منظمة غير حكومية خارجية للتحقق من حقوق الإنسان وتقييم مخاطر سمعة الموردين المحتملين".
ومضت تقول: "منذ عام 2019، عززت الأمم المتحدة في سوريا ممارساتها وعملياتها في إدارة المخاطر، مما شمل تقديم سجل مخاطر مشترك للفريق القطري للعمل الإنسان (HCT)، واعتماد سلسلة من التدابير التي يمكن أن تقلل المخاطر، وتعزيز التنسيق من خلال مجموعة عمل إدارة مخاطر (برئاسة مشتركة على مستوى رؤساء الوكالات)، وإنشاء وحدة إدارة المخاطر التي أصبحت تعمل بكامل طاقتها عام 2021".
وفي أكتوبر الماضي، استشهد تقرير لنفس الصحيفة بدراسة كشفت استحواذ النظام السوري على نصف المساعدات عام 2020 عن طريق إجبار منظمات الأمم المتحدة على التعامل بسعر صرف منخفض.
وبحسب باحثين من مراكز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وأبحاث مركز العمليات والسياسات، وتحليل العمليات والبحوث، فإن عقود الأمم المتحدة أصبحت أحد أكبر الموارد بالنسبة لنظام الرئيس بشار الأسد بعدما استحوذ البنك المركزي السوري على نحو 60 مليون دولار عام 2020، عن طريق جمع 0.51 دولار من كل دولار مساعدات أُرسل إلى سوريا.
وحلل باحثون مئات العقود الخاصة بالأمم المتحدة لشراء السلع والخدمات لأشخاص في المناطق التي يسيطر عليها النظام في سوريا حيث يعيش أكثر من 90 في المئة من السكان في فقر منذ انهيار عملة الليرة السورية عام 2020.
وحينذاك قالت الأمم المتحدة إنها تراجع التقرير "بعناية، وأيضا نحن بصدد مناقشته علنا في الأسابيع المقبلة مع مانحينا الذين يشعرون بالقلق مثلنا من مدى تأثير المساعدات على الشعب في سوريا".
التحقيق عمل عليه موقع "الحرة" والصحفيان هيفي بوظو وبينجامين وايثنال من "جيروزاليم بوست".