المنظمة ركزت على الحقوق الإنجابية والجنسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
المنظمة ركزت على الحقوق الإنجابية والجنسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

غلوريا شيباسولا، البالغة من العمر 11 عاما، مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية والسل، في شيرادزولو بجمهورية ملاوي، وهي دولة في جنوب شرق أفريقيا. 

شيباسولا كانت من بين أبرز الصور التي تم التقاطها عام 2017، وعرضتها منظمة أطباء بلا حدود خلال مشاركتها في المهرجان الدولي للتصوير "اكسبوجر" المقام في الإمارات.

وعلقت المنظمة على الصورة بأن الوصول التدريجي للأدوية المضادة لفيروسات القهقرية لعلاج فيروس نقص المناعة عند الأطفال إلى أفريقيا رفع من متوسط العمر المتوقع للإصابة، فضلا عن أن تلقي العلاج المناسب لفيروس نقص المناعة يحد من إمكانية انتقال العدوى. 

غلوريا شيباسولا من مشاركة المنظمة في مهرجان اكسبوجر الدولي

وكذلك عرضت المنظمة صورة لمجموعة من النساء في الشارع بعد سلسلة من التفجيرات على بلدة فيديتو  في أوسلو عام 1999. وذلك بهدف تبيان أن مشاكل الرعاية الصحية وصعوبة الوصول إلى الخدمات الطبية والأدوية هي مشكلة عالمية تواجه النساء والفتيات منذ سنين إلى الوراء.

صورة لمجموعة من النساء في في أوسلو من مشاركة المنظمة في مهرجان اكسبوجر

وبالنسبة لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يقول ماريو ستيفان، المدير التنفيذي لمنظمة أطباء بلا حدود،  في تصريحات لموقع "الحرة"، "لا أعتقد أن التحديات التي تواجه المرأة في المنطقة تختلف عن ما تعانيه باقي النساء والفتيات في مختلف دول العالم، ولكن هناك بعض الخصوصية المرتبطة بثقافة المجتمع".

و"أطباء بلا حدود" هي منظمة طبية إنسانية دولية مستقلة غير حكومية، تقدم المساعدات الطبية إلى الأشخاص المتضررين من النزاعات والأوبئة والكوارث أو المحرومين من الرعاية الصحية.

وأوضح ستيفان أن "بعض التحديات الاجتماعية والثقافية قد تعيق مسألة تأمين الرعاية الصحية اللازمة، لاسيما أن بعض المجتمعات في المنطقة تنظر للمرأة كمواطن من الدرجة الثانية، ما يؤدي إلى حالة من عدم المساواة في تأمين الخدمات الطبية".

وأشار إلى أن "المسائل الصحية المرتبط بالجنس والإنجاب والتكاثر قد تكون واحدة من المشاكل التي تصطدم بعض الثقافات والظروف الميدانية مثل الأزمات المالية، الحروب والنزاعات، الأمر الذي يعرقل وصول الأدوية والرعاية الصحية اللازمة".

وبحسب تقرير للبنك الدولي نشر في أكتوبر 2021،  يأخذ العنف ضد المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "مجموعة متنوعة من الأشكال الصادمة، منها العنف الجنسي من غير الشريك، والاستغلال والاعتداء الجنسيين، والاتجار في الجنس، وقتل النساء، وزواج الأطفال والزواج المبكر، وختان الإناث، والتحرش الجنسي، والعنف ضد المرأة عبر الإنترنت".

ويتم تزويج نحو 18 في المائة من الفتيات دون الثامنة عشرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لاسيما في المناطق الريفية. وفي الجزائر والبحرين والعراق والكويت وليبيا وسوريا يتم العفو عن الجاني إذا تزوج من المرأة أو الفتاة التي اغتصبها أو اعتدى عليها، بحسب التقرير.

ويشتد التعرض للعنف من غير الشريك الحميم في فئات مهمشة محددة مثل النازحات والوافدات اللاتي يعملن في الخدمة المنزلية. 

وفي الأردن، على سبيل المثال، تتعرض 28 في المائة من السوريات اللاجئات للإيذاء النفسي و29 في المائة للاعتداء البدني. 

وفي البحرين كانت 30 في المائة إلى 40 في المائة من محاولات الانتحار لعاملات منازل أجنبيات تعرضن للإيذاء الشفهي أو البدني والجنسي أو لكليهما معا، وفقا لتقرير البنك الدولي.

وينتشر ما يعرف بـ"جرائم الشرف" في بعض دول المنطقة، مثل مصر حيث يتقبل 62 في المائة من الرجال و49 في المائة من النساء هذه الممارسة، وكذلك الحال في المغرب 32 في المائة من الرجال و12 في المائة من النساء، وفي لبنان 26 في المائة و8 في المائة، وغالبا ما تكون أحكام العقوبات على الجناة مخففة. 

وأشاد ستيفان بالتنسيق الذي تقوم به المنظمة مع جمعيات ومؤسسات محلية في دول مثل لبنان وسوريا، حيث هناك أزمة مالية كبرى، وذلك لتأمين الاهتمام الصحي والطبي"، مشيرا إلى "وجود مشاريع عدة لتلبية الحاجة الموجودة هناك، باعتبار أن لكل إنسان بحاجة للرعاية الصحية الحق بالوصول إليها". 

ويواجه لبنان وسوريا أزمة اقتصادية خانقة وارتفاعا في تكلفة المعيشة، رافقها انهيار للعملة المحلية مقابل الدولار، وفقدان بعض الأدوية والخدمات الصحية في غالبية المستشفيات. 

بدورها، تشدد الصحفية والناشطة في مجال العدالة الجندرية، علياء عواضة، في تصريحات لموقع "الحرة"، على أن الوصول إلى الرعاية الصحية يشكل تحد مستمر للنساء والفتيات،  لاسيما بسبب عدم وجود معرفة طبية بكل ما يتعلق بأجسادهن، وعدم القدرة إلى الوصول إلى هذه الثقافة بشكل متساو مع الرجال وهذا ما يخالف بنود اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة". 

وتنص المادة 16 من الاتفاقية الأممية على "أن تكون للمرأة على قدم المساواة مع الرجل نفس الحقوق في أن تقرر بحرية وعلى نحو مسؤول عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذي يليه، وفي الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق".

كما تحدد المادة 10 من الاتفاقية أن حق المرأة في التعليم يتضمن "إمكانية الحصول على معلومات تربوية محددة تساعد على كفالة صحة الأسر ورفاهها، بما في ذلك المعلومات والإرشادات المتعلقة بتنظيم الأسرة."

وأضافت عواضة:  "كل الممارسات التي تتم ضد النساء والفتيات بحكم جنسها، ينتج عنها مضاعفات صحية خطيرة، مثل الزواج المبكر، تشويه الأعضاء التناسلية، الأمراض التناسلية المتنقلة جنسيا وغيرها".

ووفقا لتقرير مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، تواجه المرأة انتهاكات مرتبطة بالصحة الجنسية والإنجابية عميقة التجذر في القيم المجتمعية الخاصة بالحياة الجنسية للمرأة

وأضاف التقرير أن "للزواج المبكر والحمل المبكر، أو حالات الحمل المتكررة التي تتم على فترات شديدة التقارب، تأثير مدمر على صحة المرأة مع حدوث عواقب مهلكة في بعض الأحيان".

واعتبرت عواضة أن "التحدي الأساسي الذي يواجه النساء والفتيات هو الوصول إلى المعرفة المرتبطة بالأمور الجسدية والجنسية، لتوصيفها بأنها مواضيع شائكة من الصعب الحديث عنها بالعلن". 

وأشارت إلى أن "جائحة فيروس كورونا أدت إلى زيادة صعوبة وصول النساء والفتيات إلى الرعاية الصحية".

وتسببت الجائحة العالمية في أسوأ أزمة اقتصادية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، مما جعل من الصعب على الناس بشكل متزايد دفع تكاليف الرعاية الصحية المنقذة للحياة، بحسب موقع أخبار الأمم المتحدة

حتى قبل الجائحة، كان نصف مليار شخص يدفعون نحو الفقر المدقع بسبب المدفوعات التي قدموها للرعاية الصحية. تتوقع المنظمات أن هذا الرقم الآن أعلى بكثير.

بدوره، قال مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس: "ليس هناك وقت لنضيعه"، داعيا جميع الحكومات إلى أن تستأنف على الفور وتسرع الجهود لضمان حصول كل فرد من مواطنيها على الخدمات الصحية دون خوف من العواقب المالية.

كما كشفت الخبيرة الحقوقية، تلالنغ موفوكينغ، أمام جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال عرض تقرير بشأن تأثير جائحة كوفيد-19 على الحقوق الجنسية والإنجابية، أكتوبر 2021، أن "فرص ملايين من النساء على مستوى العالم بالحصول على الرعاية الصحية للأمهات والرعاية بعد الولادة محدودة أو معدومة".

وأضافت: "فقدت حوالي 14 مليون امرأة إمكانية الوصول إلى وسائل منع الحمل، وأصبح الوصول إلى الخدمات المتخصصة لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي غير متاح، في وقت الحاجة الشديدة إليها".

العراق وسوريا

لا تزال العلاقة الرسمية بين العراق وسوريا موضع حذر منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي. ويبدو الملف السوري محاطا بالإرباك، خصوصا على الجانب العراقي، ويدل على هذا الإرباك التعاطي الإعلامي مع أي تواصل رسمي بين البلدين، وكأن الطرفين في علاقة "محرّمة"، يحاول الإعلام الرسمي العراقي دائما مداراتها وإخفائها عن العيون ووسائل الإعلام.

حدث ذلك حينما زار حميد الشطري، رئيس جهاز الاستخبارات العراقية، سوريا في نهاية العام الماضي والتقى الشرع، ولم يُعلن عن الخبر في وسائل الإعلام العراقية الرسمية، ولم يكشف عن اللقاء إلا بعد ان تناولته وسائل الإعلام السورية. 

ومثل هذا الأمر حدث قبل أيام في لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني برعاية قطرية في الدوحة، واُخفي الخبر عن الإعلام ليومين قبل ان تظهر صور الرجلين في حضور أمير قطر.

ردّة الفعل في الشارع العراقي على اللقاء تفسّر إخفاء الخبر قبل الإفصاح عنه. فقد انقسم العراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي حول المسألة، وهاجم كثيرون السوداني على قبوله الجلوس مع من يعتبرونه "متورطاً في الدم العراقي"، و"مطلوبا للقضاء العراقي".

الباحث القانوني العراقي علي التميمي يشرح الإطار القانوني الدولي المتعلق برؤساء الجمهوريات، في حال صحّت الأخبار عن أحكام قضائية ضد الشرع في العراق.

ويرى التميمي أن رؤساء الدول يتمتعون بـ"حصانة مطلقة تجاه القوانين الجنائية للدول الأخرى". ويشرح لموقع "الحرة" أن هذه الحصانة "ليست شخصية للرؤساء، بل هي امتياز للدول التي يمثلونها"، وهي تمنع إلقاء القبض عليهم عند دخولهم أراضي الدول الأخرى". 

ويشير التميمي إلى أن هناك استثناء واحداً لهذه القواعد، يكون في حال "كان الرئيس مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية وكانت الدولة المضيفة موقعة على اتفاقية روما ١٩٩٨ الخاصة بهذه المحكمة"، هنا، يتابع التميمي، تكون الدولة "ملزمة بتسليم هذا الرئيس الى المحكمة وفقاً لنظام روما الأساسي".

لكن هل حقا أحمد الشرع مطلوب للقضاء العراقي؟

ويشير الباحث العراقي عقيل عباس إلى "عدم وجود أي ملف قضائي ضد الشرع في المحاكم العراقية". 

ويستغرب كيف أن العراق الرسمي "لم يصدر بعد أي بيان رسمي يشرح ملابسات قضية الشرع وما يحكى عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، والجهات الرسمية لديها السجلات والحقائق، لكنها تركت الأمر للفصائل المسلحة وجمهورها وللتهويل والتجييش وصناعة بعبع (وحش مخيف) طائفي جديد، وكأن العراق لم يعان ما عاناه من الطائفية والتحريض الطائفي".

وكانت انتشرت وثيقة على وسائل التواصل الاجتماعي، تداولها عراقيون، عبارة عن مذكرة قبض بحق أحمد الشرع. وقد سارع مجلس القضاء الأعلى في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية في 26 من فبراير الماضي، إلى نفي صحة الوثيقة ووصفها بأنها "مزورة وغير صحيحة".

عباس مقتنع أن الغضب الشعبي من لقاء السوداني والشرع "وراءه أسباب سياسية مبرمجة، وليس تلقائياً، وجرى تحشيد الجمهور الشيعي لأسباب كثيرة، تصب كلها في مصالح إيران، غير السعيدة بسقوط بشار الأسد وحلول الشرع مكانه".

وبحسب عباس، منذ سقوط الأسد، "بدأت حملة في العراق لصناعة "بعبع" من الجولاني (أحمد الشرع)". يشرح: "يريد هؤلاء أن يقولوا ان تنظيم القاعدة يحكم سوريا، وهذا غير صحيح".

ويقول عباس لموقع "الحرة"، إن لدى الناس اسباباً موضوعية كثيرة للقلق من الشرع، خصوصاً خلفيته الجهادية المتطرفة ووضعه على لوائح الإرهاب، والشرع يقول إنه تجاوز هذا الأمر، "لكننا نحتاج ان ننتظر ونرى"، بحسب تعبيره.

ما قام به السوداني "خطوة ذكية وحكيمة سياسياً وتشير إلى اختلاف جدي بينه وبين بقية الفرقاء الشيعة في الإطار التنسيقي"، يقول عباس.

ويضيف: "هناك اعتبارات براغماتية واقعية تحكم سلوك السوداني، فهو كرئيس وزراء عليه أن يتعاطى مع سوريا كجار لا يجب استعداءه".

ويضيء الباحث القانوني علي التميمي على صلاحيات رئيس الحكومة في الدستور العراقي، فهو "ممثل الشعب داخلياً وخارجياً في السياسة العامة وإدارة شؤون البلاد بالطول والعرض"، وفق تعبيره، ورئيس الوزراء في العراق هو "بمثابة رئيس الجمهورية في الدول التي تأخذ بالنظام الرئاسي".

أما من الجانب السياسي، فإن السوداني، برأي عباس، "يخشى -وعن حق- ان تختطف حكومته المقبلة أو رئاسته للوزراء باسم حرب وهمية تديرها إيران والفصائل المسلحة وتشنّ في داخل سوريا تحت عنوان التحرير الذي نادى به المرشد الإيراني علي خامنئي قائلا إن شباب سوريا سيحررون بلدهم". وهذا يعني، بحسب عباس، ابتعاد السوداني عن التأثير الإيراني، و"أنا أتصور أن إيران غير سعيدة بهذا"، كما يقول.