أثارت إيران أزمة جديدة من دول الخليج العربي بعد مطالبتها بـ "حقها" الاستثماري في حقل الدرة للغاز الطبيعي الواقع في مياه الاقليمية بين السعودية والكويت.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، إن "حق إيران محفوظ للاستثمار من حقل الدرة المشترك بينها وبين الكويت والسعودية"، على ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).
وتأتي المطالبات الإيرانية عقب أيام من توقيع السعودية والكويت وثيقة لتطوير حقل الدرة البحري في خطوة تأتي تنفيذا لمذكرة التفاهم التي وقعها البلدان في ديسمبر 2019 "التي تضمنت العمل المشترك على تطوير واستغلال حقل الدرة"، على ما نقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
وقال الخبير النفطي الحجاج بو خضور، إن إيران "ليس لها أي حق قانوني" في هذا الحقل، مشيرا إلى أنها أثارت هذه القضية في الفترة الحالية لاستخدامها "سياسيا".
وأوضح بو خضور في حديثه مع موقع الحرة" أن إيران تريد استخدام هذه القضية كورقة ضغط سياسي على السعودية والكويت في ملفات أخرى مثل الاتفاق النووي، بالإضافة إلى محاولة الاستفادة من ارتفاع أسعار الطاقة بعد الحرب على أوكرانيا وزيادة مصادرها من خلال هذا الحقل.
ويختلف المحلل الإيراني حسين روريان مع هذا الرأي، مؤكدا أن طهران أثارت هذه القضية الآن بعد إعلان الكويت والرياض تطوير الحقل دون التشاور مع إيران.
وقال رويان في تصريحات لموقع "الحرة" إن الحقل يقع في المنطقة الحدودية بين الدول الثلاث، التي لم يتم ترسيم الحدود فيها حتى الآن، مشيرا إلى أن أي نشاط أو عملية استخراج للنفط فيها يكون "مخالف للقوانين الدولية".
وتابع: "إيران لا تدعي أن هذه المنطقة لها، ولكنها تريد أن يتم الحوار والتفاهم حول هذه المنطقة وترسيم حدودها قبل بدء أي نشاط".
أصل الخلاف
يعود النزاع بين إيران والكويت حول هذا الحقل إلى ستينيات القرن الماضي، عندما تم اكتشافه عام 1967، ومنح كل طرف حق التنقيب في حقول بحرية لشركتين مختلفتين، وهي الحقوق التي تتقاطع في الجزء الشمالي من حقل الدرة.
وبحسب رويترز، يقع جزء من الحقل في المنطقة الحدودية بين إيران والكويت، والجزء الثاني منه في المنطقة الحدودية بين الكويت والسعودية.
وكان بدء إيران التنقيب في الدرة في 2001 قد دفع الكويت والسعودية الى اتفاق لترسيم حدودهما البحرية والتخطيط لتطوير المكامن النفطية المشتركة، وفقا لفرانس برس.
وفي عام 2012، بدأت شركة الخفجي بتطوير الحقل، لكن في 2015 اتخذت طهران قرارا بتطوير الحقل واستخراج الغاز لصالحها.
وعلى مدار السنوات الماضية، أجرت إيران والكويت مباحثات لتسوية النزاع حول منطقة الجرف القاري على الحدود البحرية بين البلدين، الا أنها لم تؤد إلى نتيجة.
من جانبه، قال بو خضور إنه بعد اكتشاف الحقل في الستينيات حصلت إيران على الجزء الشرقي، وحصلت الكويت على الجزء الغربي، مشيرا إلى أن مخزونات الغاز تقع في الجزء الغربي الموازي للحدود السعودية الكويتية.
وتقدر كميات الغاز التي يمكن استخراجها من الحقل بنحو 220 مليار متر مكعب (سبعة تريليونات قدم مكعب)، بحسب فرانس برس.
"لا أصل لها"
وقال الخبير النفطي، عماد الرمال، إن السعودية لا تمتلك حقوق مشتركة إلا مع الكويت فقط في حقلي الدرة والخفجي.
وأضاف الرمال في حديثه مع "الحرة" أن "الادعاءات الإيرانية بوجود حقوق لها في حقل الدرة وحقول أخرى في دول الخليج ليس بالجديد ولا أصل لها".
وكانت مؤسسة البترول الكويتية أعلنت في بيان الأسبوع الماضي أن مشروع تطوير حقل الدرة من شأنه أن يؤدي إلى إنتاج مليار قدم مكعب قياسية من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى إنتاج 84 ألف برميل من المكثفات يوميا.
وأوضح البيان الكويتي أنه "سيجري تقسيم الإنتاج بالتساوي بين البلدين (الكويت والسعودية) لتلبية الطلب المحلي المتزايد على الغاز الطبيعي وسوائله".
من جهته، جدد خطيب زاده، السبت، استعداد بلاده "للدخول في مفاوضات مع (...) الكويت والسعودية حول كيفية الاستثمار من هذا الحقل المشترك وبالتزامن مع ذلك مواصلة المفاوضات الثنائية مع الكويت في إطار نتائج المفاوضات السابقة معها حول تحديد حدود الجرف القاري".
وقال إنه "وفقا للضوابط والأعراف الدولية فإن أي خطوة للاستثمار والتطوير في هذا الحقل يجب أن تتم بالتنسيق والتعاون بين الدول الثلاث لذا فإن الخطوة الأخيرة للكويت والسعودية التي جاءت في إطار وثيقة للتعاون هي خطوة غير قانونية ومناقضة للأعراف الجارية والمحادثات المنجزة سابقا ولا تأثير لها على الوضع القانوني للحقل ولا تحظى بموافقة الجمهورية الاسلامية الإيرانية".
وأكد روريان أن "عدم الحوار مع إيران يمكن أن يخلق أزمة بين الأطراف الثلاث، وهو ما تريد أن تتجنبه طهران بطلبه التفاوض حول الحقل".
لكن بو خضور يرى أن أزمة الحقل ليست "بالكبيرة" مقارنة بحجم الخلافات بين السعودية وإيران في ملفات مثل اليمن والاتفاق النووي.
ويرى الرمال أن "الادعاءات الإيرانية بحقوقها في حقل الدرة لن يكون لها أي تأثير على عمليات التطوير التي اتفقت عليها كل من الرياض والكويت".