في خطوة ساندتها السعودية، فوض الرئيس اليمني سلطاته إلى مجلس قيادة، الأمر الذي قد يزيل بعض العراقيل أمام محاولات إعادة محادثات إنهاء الحرب المتواصلة منذ سبع سنوات.
ومن الرياض، قال الرئيس عبد ربه منصور هادي للتلفزيون الرسمي: "أُفوّض مجلس القيادة الرئاسي، بموجب هذا الإعلان، تفويضا لا رجعة فيه بكامل صلاحياتي، وفق الدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية".
وبعد إعلان هادي، دعت الرياض إلى إجراء محادثات مع الحوثيين المدعومين من إيران، والذين يقاتلون تحالفا تقوده السعودية.
ولم يعلق الحوثيون على الفور على إعلان هادي. ويقول الكاتب والصحفي حامد البخيتي لموقع "الحرة" إن قراءة الحوثيين لما حدث ستكون متأنية نظرا لـ"تغير الواجهة السياسية للتحالف"، على حد قوله.
وتوقع البخيتي سيناريو من اثنين نتيجة لهذا التغير، قائلا: "ربما نشهد تغيرا على الصعيدين الإنساني والاقتصادي من قبل التحالف، أو يواصل المجلس الرئاسي النهج السعودي الذي لا يكترث بالوضع الإنساني والاقتصادي المتفاقم في اليمن".
وأضاف "هذا المشهد السياسي الذي رسمته السعودية ربما يمثل خلاصة تجربتها السياسية خلال سبع سنوات، وما يجب أن يكون في مواجهة المشروع السياسي في صنعاء الذي يمثل الواجهة السياسية للعمل العسكري في مواجهة المملكة ومشروعها".
وتقود المملكة تحالفا عسكريا في اليمن دعما للحكومة التي تخوض نزاعا داميا ضد الحوثيين منذ منتصف 2014، في حرب قتل وأصيب فيها مئات الآلاف وسببت أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة.
"جيش مناهض للحوثيين"
وفي إعلانه، صباح الخميس، أقال الرئيس اليمني نائبه علي محسن الأحمر، القائد العسكري ذو الميول الإسلامية، الذي أثار استياء الحوثيين بسبب الحملات العسكرية السابقة في معقلهم الشمالي، وكذلك الجنوبيين لدوره القيادي في الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب عام 1994.
وفي تسجيل مصور بثته وسائل إعلام رسمية ظهر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهو يجتمع مع المجلس الجديد المكون من ثمانية أعضاء.
ويرأس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، وزير الداخلية السابق في حكومة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح ومستشار هادي.
ويتمتع العليمي بعلاقات وثيقة مع السعودية وجماعات سياسية أخرى داخل اليمن، بما في ذلك حزب الإصلاح (فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن) الذي لا تثق به الإمارات الشريكة في التحالف.
ومن بين نواب الرئيس، عيدروس الزبيدي، زعيم المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو جماعة انفصالية. والزبيدي مدعوم من الإمارات.
كما يضم المجلس في عضويته الشيخ سلطان العرادة، محافظ مأرب الغنية بالطاقة. وكذلك طارق صالح، زعيم احدى الجماعات المسلحة وابن شقيق الرئيس الراحل الذي تربطه علاقات وثيقة بالإمارات.
ويصف المحلل السياسي أحمد الشهري، رئيس منتدى الخبرة السعودي، إعلان هادي بـ"الإنجاز واللحظة التاريخية"، قائلا إن مجلس القيادة الرئاسي يمثل اليمن ديموغرافيا وجغرافيا وعسكريا وسياسيا ومذهبيا وطائفيا.
وقد جاء الإعلان في ختام مشاورات للقوى اليمنية في الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي، في غياب الحوثيين الذين رفضوا إجراء حوار في السعودية.
وعلى العكس من ذلك يقول الأكاديمي اليمني، عبد الباقي شمسان، لموقع "الحرة": "هي لحظة مرسومة مسبقا لأن جميع القوى الموجودة في الجغرافيا اليمنية صنعتها دول التحالف".
وأوضح قائلا: "تدعم الإمارات قوات الساحل الغربي بقيادة طارق صالح والمجلس الانتقالي وقوات العمالقة، بينما تتبع مكونات أخرى السعودية، مما يضعنا أمام مجموعة من المكونات التي لا يمكن لها أن تلتف حول رأس هيكل السلطة، وستكون قرارتها مرتبطة بدول الخليج".
هل ستنتهي الحرب؟
قال هادي إن مجلس القيادة الرئاسي الجديد مكلف بـ"التفاوض مع الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية، والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام".
ويقول الشهري لموقع "الحرة" إن الهدف الأول للمجلس سيكون التفاوض والسلام، مضيفا "في حال لم يقبل الحوثيون بهذا النهج السلمي فسيكون الحل التالي كسرهم عسكريا، وهذه المرة لن تكون كالمرات السابقة التي كان ينتصر فيها الحوثيون بناء على انقسامات المكونات اليمنية".
وتابع قائلا: "اليمن كله توحد الآن، وبالتالي الجيش الذي سيحارب الحوثيين، إن لم يقبلوا السلم، سيكون جيشا موحدا سيعمل على إسقاط وكسر هذه الميليشيا في أقرب وقت، ولذلك أعتقد أنها فرصة ذهبية لميليشيا الحوثي".
غير أن العضو السابق في فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن غريغوري جونسون، قال على تويتر: "هذه محاولة.. ربما محاولة أخيرة لإعادة تشكيل ما يشبه الوحدة داخل التحالف المناهض للحوثيين. المشكلة هي أنه من غير الواضح كيف يمكن لهؤلاء الأفراد المتنوعين، وكثير منهم لديهم آراء متعارضة تماما، العمل معا".
3. Quite clearly this is an attempt, perhaps a last ditch effort, to reconstitute something resembling unity within the anti-Houthi alliance. The problem is that it is unclear how these various individuals, many of whom have diametrically opposing views, can work together.
— Gregory D. Johnsen (@gregorydjohnsen) April 7, 2022
وقد اكتسبت الجهود الدولية والإقليمية لإنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ فترة طويلة في البلاد زخما بهدنة لمدة شهرين.
ويقول شمسان إن الحوثيين لديهم فرصتين إما للانضمام للمجلس وتكوين قوة فاعلة على شاكلة حزب الله في لبنان أو تحقيق بعض الانتصارات على الأرض.
ويسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى في شمال وغرب البلاد، بينما يسيطر التحالف بقيادة السعودية على الأجواء اليمنية.
وعما إذا كان التحول في السلطة سيعجل بإنهاء الحرب الطاحنة، يقول البخيتي: "ربما ستعجل هذه الواجهة السياسية في إنهاء الحرب إذا قرأ التحالف المشهد بطريقة ذكية أما إذا حدث عكس ذلك فهذا يعني أن المشروع السعودي الجديد لم يخضع لدراسة حصيفة".
وتسبب النزاع على السلطة بين الحكومة والحوثيين منذ بدأ في منتصف 2014، بمقتل أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو بسبب تداعيات الحرب، وفق الأمم المتحدة.