أعادت الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى الشرق الأوسط، الشهر المقبل، الحياة، لفكرة إنشاء تحالف عسكري في المنطقة، حيث ركز مختصون، ووسائل إعلام، خلال الأيام الأخيرة، على ضرورة التسريع في بلورتها على أرض الواقع.
وخلال حديث لقناة "سي إن بي سي" الأميركية، قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، إنه سيدعم تشكيل تحالف عسكري في الشرق الأوسط على غرار حلف شمال الأطلسي، وكشف أن ذلك يمكن أن يتم مع الدول التي تشاطره الرأي.
تعمل المملكة بنشاط مع الناتو وتعتبر نفسها شريكًا في الحلف، بعد أن قاتلت "جنبًا إلى جنب" مع قوات الناتو لعقود، حسبما صرح الملك للقناة الأميركية، الأربعاء.
وقال: "أود أن أرى المزيد من البلدان في المنطقة تدخل في هذا المزيج" ثم تابع "سأكون من أوائل الأشخاص الذين يؤيدون إنشاء حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط".
لكنه أضاف أن رؤية مثل هذا التحالف العسكري يجب أن تكون واضحة جدا ودوره يجب أن يكون محددا بشكل جيد "يجب أن يكون بيان المهمة واضحًا جدًا جدًا، وإلا فإنه سيربك الجميع".
معوقات
وضوح الفكرة والخلافات بين دول الشرق الأوسط، من بين أهم المعوقات لنجاح فكرة التحالف، وفق الخبير العسكري والاستراتيجي، الأردني، فايز الدويري.
الدويري، أكد لموقع الحرة أن مثل هذا المشروع يحتاج توافقا بين الدول الأعضاء على أكثر من صعيد، ناهيك عن ضرورة وضوح دور كل دولة، وشكل التحالف ومهامه، وهوية الدول الأعضاء.
وكشف أن حديث العاهل الأردني "ربما جاء بعد تأكيدات عن نية واشنطن في دعم الفكرة" لكنه أشار إلى أن وجود خلافات بين الكثير من الدول التي من المزمع أن تكون عضوا في هذا التحالف قد يعيق تبلور الفكرة على أرض الواقع.
يُشار إلى أن فكرة إنشاء تحالف عسكري في الشرق الأوسط كثيرا ما راودت دول المنطقة بسبب تزايد التهديد الإيراني.
إلا أن الدويري لاحظ بأن وجود خلافات عميقة بين بعض دوله المفترضة، مثل قطر والإمارات والسعودية، والعراق، القريب في نظره، من إيران "يمكن أن يعطل الفكرة".
واعتبر الدويري أن إعطاء دور ريادي لإسرائيل في هذا المشروع قد يكبح الفكرة في مهدها.
حياة جديدة
المحلل الإسرائيلي المختص في شؤون الشرق الأوسط في صحيفة هآرتس
الإسرائيلية، زفي بارئيل، قال في مقال رأي نشره الأسبوع الماضي، إن التقارير عن إنشاء تحالف دفاعي إقليمي، والذي سيضم إسرائيل وعدد من دول الشرق الأوسط الأخرى، بعث حياة جديدة في الفكرة المألوفة لتأسيس "حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط".
وقال: "سيكون هذا نوعًا من تحالف الدول العربية، الذي سيقيم مع إسرائيل درعًا دفاعيًا ضد التهديد المشترك المتمثل في إيران".
لكنه عاد وقال إن الإحاطات الإعلامية الأخيرة التي قدمها مساعدون ومستشارون للرئيس بايدن، توحي بأنهم قلقون من مناقشة التحالف العسكري، وبدلاً من ذلك يؤكدون على نقطة الحديث المتمثلة في "رفع مستوى اندماج إسرائيل في المنطقة كاستمرار لاتفاقات إبراهيم".
وهذا ما يؤكد ما ذهب إليه الدويرري الذي شكك في إمكانية نجاح أي تحالف عسكري في الشرق الأوسط يضم إسرائيل، رغم إقراره بالخطر الذي يشكله النظام الإيراني على المنطقة.
وبدأت دول الشرق الأوسط العمل معًا لمواجهة التحديات التي نشأت عن الحرب في أوكرانيا، وفق العاهل الأردني، الذي قال ضمن حديثه لقناة "سي إن بي سي": "كلنا نجتمع للقول كيف يمكننا أن نساعد بعضنا البعض".
وبحسب ذات القناة، فإن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يمكن أن يعرقل خطط التعاون في الشرق الأوسط.
وقال الملك عبد الله في الصدد: "إذا لم يتحدثوا مع بعضهم البعض، فإن ذلك سيخلق حالة من عدم الأمان وعدم الاستقرار في المنطقة مما سيؤثر على المشاريع الإقليمية".
اندماج إسرائيل
تأمل واشنطن أن يساعد المزيد من التعاون، وخاصة في مجال الأمن، على زيادة اندماج إسرائيل في المنطقة وعزل إيران، على حد تعبير وكالة رويترز.
كما أنها قد تمهد لمزيد من صفقات التطبيع مع إسرائيل، بما في ذلك مع المملكة العربية السعودية ذات الوزن الثقيل، بعد إقامة العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين في عام 2020، وفق ذات الوكالة.
واشنطن ودول الخليج؟
كشف الغزو الروسي لأوكرانيا شرخا في العلاقة، كان مستبعدا حتى الأمس القريب، بين الولايات المتحدة من جهة والسعودية والإمارات، حليفيها الرئيسيين في الشرق الأوسط وعملاقي النفط الساعيين لإبراز استقلالية دبلوماسية على الساحة الدولية، من جهة أخرى، وفق وكالة فرانس برس.
وامتنعت الإمارات التي تتولى حاليا رئاسة مجلس الأمن الدولي، الشهر الماضي عن التصويت على مشروع قرار أميركي ألباني يدين الغزو الروسي لأوكرانيا.
وبينما تسبّبت الحرب على أوكرانيا في ارتفاع تكاليف الطاقة، قاومت دول الخليج حتى الآن الضغوط الغربية لزيادة إنتاج النفط بهدف كبح جماح الأسعار.
هذه الخلافات وأخرى، قد تعيق الوصول على المدى القريب إلى أي شكل من أشكال التحالف بين الدول شرق أوسطية بحد ذاتها وفق الخبير الاستراتيجي، الدويري، الذي ذكّر في سياق تعليقه على ما تم تداوله عن فكرة إنشاء التحالف، بأن مشاريع مماثلة فشلت عدة مرات.
وقال لموقع الحرة: "كانت هناك فكرة فيلق عربي أطلقها الأردن سابقا وفشلت، وكانت هناك عدة مشاريع لفيالق عسكرية عربية مشتركة في آسيا وأفريقيا، لكنها باءت بالفشل، لعدم توافق تلك الدول". ثم تابع "لكن يمكن أن ينجح المشروع على المدى المتوسط وليس القريب إذا ما تم اعتبار بعض المتغيرات وعلى رأسها إسرائيل".