رغم أن باكستان باتت تعتبر من الدول الرائدة في سن قوانين لحماية حقوق العابرين جنسيا، غير أن البلاد لا تزال تشهد ارتفاعا في جرائم القتل والكراهية بحق تلك الأقلية المنبوذة اجتماعيا في مجتمع محافظ، وفقا لما ذكر تقرير صحيفة "نيويورك تايمز".
وكان البرلمان الباكستاني قد اعترف بـ"الجنس الثالث" في العام 2018، ومنح أفراده حقوقا أساسية مثل حق التصويت واختيار الجنس في الوثائق الرسمية، بيد العابرين جنسيا لا يزالون على الهامش في باكستان، ويضطرون في كثير من الأحيان إلى اللجوء للتسول والرقص والدعارة لكسب معاشهم.
وسجل الإحصاء السكاني لباكستان في العام 2017، حوالي عشرة آلاف عابر وعابرة، رغم أن جماعات حقوقية تقول إن العدد قد يتجاوز 300 ألف بين سكان البلاد البالغ عددهم 220 مليون نسمة بحسبما ذكرت وكالة "رويترز".
وكانت البلاد قد شهدت مؤخرا 10 جرائم قتل ضحاياها من العابرين جنسيا، وفي غضون عدة أيام في مارس، قُتل أربعة أشخاص من العابرين وأصيب آخرون في سلسلة من الهجمات في شمال غرب باكستان.
وفي إحدى الحالات، أطلق مسلحون على دراجات نارية النار على العابرين جنسياً في ماردان، مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة آخر، وفقًا لتقارير محلية، وفي هذا الصدد تقول قائدة في مجتمع العابرين جنسيًا في كراتشي، بينديا رانا، "نرحب بإقرار القوانين لحماية حقوق مجتمع العابرين جنسيًا، لكن تغيير عقلية المجتمع يمثل تحديًا كبيرًا".
وأردفت: "قسم معين من الناس يعتبرون العابرين جنسياً إما ممتلكات لهم أو أنهم أقل من البشر".
وفي نفس السياق، توضح سارة جيل، طبيبة العبور الجنسي والتي بدأت مؤخرًا العمل في مستشفى عام كبير في كراتشي أن مجتمع العبارين جنسيًا بات يميل في الأعوام الأخيرة نحو الحصول على التعليم والوظائف المحترمة"، ولكن لا تزال هناك عقبات هائلة تحول دون تحقيق أحلامهم".
وأما أرزو خان، وهو شخص عابر جنسياً يرأس منظمة حقوقية في بيشاور، فيقول: "أصبح من الصعب على العابرين جنسياً العيش بسلام"، مضيفا: "العائلات قد تخلت عنا بالفعل، والمجتمع لا يتسامح معنا، والآن، بعض الجماعات تقتلنا وتعتدي علينا جنسياً وتهيننا".
ويتفق مع أرزو خان، كبير المحامين في قسم آسيا في هيومن رايتس ووتش، ساروب إعجاز، الذي قال: ""الهجمات الوحشية المستمرة على العابرين والعابرات جنسيا في باكستان لن تنتهي إلا عندما تؤكد السلطات أنها سوف تحاسب المعتدين".
من جانب آخر، وفي حين أن قوانين حماية العابرين جنسيا تتضمن بندًا يدعو إلى إنشاء مراكز حماية، حيث يمكن لهم الوصول إلى خدمات الصحة العقلية والخدمات القانونية والإسكان المؤقت، بيد أنه قد جرى افتتاح مركز واحد فقط حتى الآن في العاصمة إسلام أباد.
وتوضح الأمينة العامة للمنظمة الدولية للمثليين والمثليات ومزدوجي الميول الجنسية، تونيزيا يامني بروان، أن العنف ضد العابرين والمثليين يزداد كلما ألحوا أكثر على المطالبة بحقوقهم، وهذا ما تفعله الكثير من الشخصيات والمؤسسات الدينية المحافظة في البلاد.
وفي هذا الصدد، يقول قاري بشير قادري، رجل دين إسلامي محافظ يقيم في كراتشي: "الغرب يضغط على باكستان للترويج للابتذال"، مضيفًا "لكن السكان المسلمين في البلاد لن يسمحوا بجعل البلاد دولة ليبرالية من خلال مثل هذه الإجراءات".
وعلى نفس الخطى صرح، النائب عن الحزب الإسلامي مشتاق أحمد خان، في مايو أمام مجلس الشيوخ إن قانون حقوق العابرين جنسياً ينتهك التعاليم الإسلامية، وأنه "سيكون مدمراً لنظام الأسرة".
وبعد أن نشرت سفارة الولايات المتحدة في إسلام أباد على تويتر في مايو دعمًا لـ "حقوق الإنسان لمجتمع الميم عين"، ردت مجموعة طلابية تنتمي إلى الحزب الإسلامي في تغريدة أن باكستان "تعرف جيدًا حماية قيمها.. ويجب ألا يجرؤ جميع أصحاب التفكير المماثل أبدًا على تجاوز الحدود ".
ومع ذلك، كان جيل الشباب من الباكستانيين العابرين جنسياً المرتبطين بحركة الحقوق العالمية أضحوا أكثر صخباً وطموحاً من أسلافهم، إذ تقول قالت نيشا راو، 29 عامًا، وهي واحدة من أوائل المحامين الباكستانيين العابرين جنسيًا، إنها بمتابعة تحصيلها العلمي العالي تحارب التصور التمييزي لهم في المجتمع.
من جانبها التحقت العابرة جنسياً، ريم شريف، بإحدى أجهزة شرطة البلاد كمستشارة، ولكن ماريا سجودين، المدير التنفيذي بالإنابة لمنظمة OutRight Action International، المدافعة عن حقوق مجتمع الميم تقول أن تلك الإنجازات الفردية غير كافية وأن الطريق لا يزال طويلا.