اغتيال العقيد بالحرس الثوري الإيراني خدائي نسب إلى إسرائيل
اغتيال العقيد بالحرس الثوري الإيراني خدائي نسب إلى إسرائيل

خلال المرحلة الماضية، اشتدت "حرب الظل" بين إيران وإسرائيل التي صرح رئيس وزرائها السابق، نفتالي بينيت، أن بلاده باتت تنتهج خطة "رأس الأخطبوط" لمواجهة طهران.

وارتفعت وتيرة العمليات التي تنسب لإسرائيل داخل الأراضي الإيرانية مؤخرا وشملت قيادات رفيعة بالحرس الثوري بعد أن كانت تلك الهجمات تقتصر على استهداف البرنامج النووي، في وقت لوحت طهران بالانتقام.

في الأسبوع الماضي، أسقطت إسرائيل طائرات مسيرة تابعة لحزب الله اللبناني المدعوم من إيران استهدفت منصة غاز إسرائيلية بمنطقة متنازع عليها في البحر الأبيض المتوسط. 

وجاءت محاولة الهجوم التي وصفها وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، بأنها تأتي "نيابة عن إيران" في الوقت الذي يتفاوض فيه لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية على ترسيم الحدود البحرية.

وقالت مجلة "ناشيونال ريفيو" الأميركية إن تدمير مسيرات حزب الله "ليس سوى فشل عسكري إيراني جديد" بعد "محاولة إيران الفاشلة لاغتيال مواطنين إسرائيليين في تركيا".

والخميس، أعلنت الولايات المتحدة مشاركة الجيش الأميركي في عملية أسفرت عن مصادرة شحنة أسلحة إيرانية المنشأ في خليج عمان جرت خلال فبراير الماضي.

وقال المتحدث باسم القيادة الاميركية الوسطى، جو بوتشينو، في بيان، إن "مدمرة تابعة للبحرية الأميركية تؤازر القوات البحرية البريطانية اعترضت في الخامس و العشرين من فبراير شحنة أسلحة في خليج عمان، وأسفرت العملية عن مصادرة صواريخ أرض جو ومحركات صواريخ كروز منشؤها إيران".

"تطهير" الحرس الثوري

ويرى الباحث غير المقيم بمعهد بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية، فرانك مسمار، أن وتيرة حرب الظل تصاعدت بعد "الاختراق الإسرائيلي لإيران" الذي بات أكثر وضوحا من عمليات طهران ضد إسرائيل.

وقال مسمار لموقع قناة "الحرة" إنها "فعليا حرب يحاول الغرب احتوائها بما في ذلك الولايات المتحدة لتجنب مواجهة مباشرة في منطقة استراتيجية مهمة كالشرق الوسط". 

وبحسب الباحث البريطاني الإسرائيلي، جوناثان سباير، وهو زميل بمعهد القدس للدراسات الاستراتيجية، فإن مقتل العقيد، حسن صياد خدائي، خارج منزله في طهران في مايو الماضي يعد "مؤشرا على تحول كبير في استراتيجية إسرائيل تجاه إيران" بعد أن كانت جهود إسرائيل "على الأراضي الإيرانية موجهة في السابق للبرنامج النووي"، على ما كتب لصحيفة "وول ستريت جورنال".

في الماضي، ركزت الهجمات الإسرائيلية على برنامج إيران النووي والعلماء المرتبطين به، وعندما استهدفت الحرس الثوري الإسلامي وفيلق القدس كان يتم ذلك في دولة ثالثة مثل سوريا، طبقا لمجلة "الإيكونيميست".

كانت إسرائيل ترفض دائما الاعتراف بمثل هذه العمليات في إيران، لكن الآن أصبحت أكثر علانية، وغالبًا ما يقدم كبار المسؤولين الإسرائيليين تصريحات غير رسمية عن هذه العمليات. 

في أبريل، بثت جهاز الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد" تسجيلا لعملية استجواب عنصر من الحرس الثوري من قبل عملاء إسرائيليين داخل إيران.

في يونيو، قال أشخاص مطلعون لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن إسرائيل تكثف حملتها لإحباط برامج إيران النووية والصاروخية والطائرات بدون طيار (درونز) من خلال سلسلة من العمليات السرية التي تستهدف مجموعة أوسع من الأهداف الرئيسية.

وتعد التحركات الجديدة هي أحدث تطور لاستراتيجية أطلق عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بينيت "عقيدة الأخطبوط"، والتي تهدف إلى نقل معركة إسرائيل ضد إيران إلى الأراضي الإيرانية بعد سنوات من استهداف عملاء إيرانيين ووكلاء طهران في دول أخرى مثل سوريا.

ويرى الأكاديمي والمحلل السياسي الإسرائيلي، إيدي كوهين، إن إسرائيل هي "الدولة الوحيدة التي تحارب إيران في عمقها وفي سوريا والعراق ولبنان".

وقال لموقع "الحرة" إن طهران باتت في عزلة بعد "تحالف الدول الخليجية مع إسرائيل في جبهة واحدة ضد إيران المرتعدة".

وفي هذا الصدد، قالت مجلة "ناشيونال ريفيو" إن محاولات إيران الفاشلة لاغتيال مواطنين إسرائيليين في تركيا أضرت بعلاقات طهران الدبلوماسية مع واحد من حلفائها بالمنطقة.

وبعد أن حذرت إسرائيل مواطنيها من عمليات استهداف محتملة بإسطنبول، أقالت إيران مسؤول رفيع بالحرس الثوري.

في الأسبوع الماضي، قالت صحيفة "التلغراف" إن إيران تعمل على حملة "تطهير" داخل الحرس الثوري بعد مخاوف من اختراقه من جانب إسرائيل. وأفادت الصحيفة باعتقال جنرال في الحرس الثوري للاشتباه بالتجسس لصالح إسرائيل عقب قرار بإقالة، حسين طائب، رئيس جهاز المخابرات داخل المنظومة العسكرية ذاتها.

ورجحت الباحثة المختصة في الشؤون الإيرانية، كايلي مور جيلبرت، في حديثها للصحيفة البريطانية أن تكون أسباب إقالة طائب - أحد الرجال المقربين من المرشد الأعلى - هي عدم قدرة استخبارات الحرس الثوري على منع إسرائيل من العمل داخل الأراضي الإيرانية.

In this image made from April 17, 2021, video released by the Islamic Republic Iran Broadcasting, IRIB, state-run TV, various…
بعد سنوات من التركيز على النووي.. إسرائيل توسع حملتها ضد إيران بـ"عمليات سرية"
قال أشخاص مطلعون لصحيفة وول ستريت جورنال إن إسرائيل تكثف حملتها لإحباط برامج إيران النووية والصاروخية والطائرات بدون طيار (درونز) من خلال سلسلة من العمليات السرية التي تستهدف مجموعة أوسع من الأهداف الرئيسية.

وقال كوهين إن "المخطط الإيراني فشل بفضل الرئيس (رجب طيب) إردوغان الذي منع استهداف سياح أبرياء ... نحن لم نستهدف (الإيرانيين) الأبرياء وهذا يدل على أن النظام الإيراني جبان". وتابع: "أعتقد أن الضربات ضد إيران مستمرة".

من جهته، قال مسمار، وهو أكاديمي بجامعة ميرلاند الأميركية، إن إيران تعمدت محاولة استهداف مواطنين في إسطنبول لضرب العلاقات التركية الإسرائيلية "الدافئة" مؤخرا.

وأضاف أن طهران "تشعر بأنه كلما اقتربت تركيا من إسرائيل أكثر، كلما ابتعدت إيران أكثر عن المنطقة".

"تجمعات اقتصادية وعسكرية"

وفي سياق متصل، قالت أربعة مصادر مطلعة لوكالة رويترز إن الولايات المتحدة وإسرائيل تسعيان إلى تهيئة الأجواء وتمهيد الطريق أمام تحالف أمني مع دول عربية يربط أنظمة الدفاع الجوي بينها في مواجهة الهجمات الإيرانية بالطائرات المسيرة والصواريخ في الشرق الأوسط.

وقال مصدران على دراية بالخطة إن الفكرة التي ستعتمد على استخدام التكنولوجيا الإسرائيلية قد تكتسب قوة دافعة جديدة خلال رحلة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لإسرائيل والأراضي الفلسطينية والسعودية من 13 إلى 16 يوليو.

وتصاعد التوتر الإقليمي بسبب برنامج طهران النووي، فيما تعرضت إسرائيل والسعودية والإمارات وأجزاء من العراق لضربات جوية باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ أعلنت ميليشيات مدعومة من إيران مسؤوليتها عنها.

وقال مسمار إن "الغرب يحاول احتواء الحرب من خلال إيجاد تجمعات اقتصادية وعسكرية في المنطقة باستغلال اتفاقيات إبراهيم والتوسع فيها على اعتبار أنها شرارة السلام الأولى".

ولفت إلى أن الرئيس بايدن يحاول إيجاد تفاهمات أمنية بإدخال السعودية مع دول إبراهيم دون أن تقيم المملكة الخليجية الثرية بالنفط علاقات دبلوماسية كاملة.

من ناحية ثانية، يقر المحلل السياسي الإيراني، حسين رويران بوجود "حرب الظل" بين طهران وإسرائيل، قائلا: "هي حقيقة قائمة حتى وإن لم تعلن الدول عن أبعاد هذه الحرب".

وقال لموقع "الحرة" إن "الاغتيالات والحرب السيبرانية والإعلامية مؤشر واضح بأن الحرب موجودة في مجالات مختلفة".

لكن رويران يقول إن إسرائيل تنتهج حربا إعلامية ضد إيران، بما في ذلك الإعلان عن محاولات استهداف مواطنيها في تركيا، وفق قوله.

وأضاف: "إسرائيل تقول إن إيران أرادت استهداف موطنين ونحن منعناها. هذا جزء من حرب إعلامية ولا حقيقة له. إيران ردت وتقول إن إسرائيل تعلم أنها ردت، ولكن كيفية الرد غير معلومة بسبب طبيعة الحرب".

من جانبه، أشار مسمسار إلى أن إسرائيل ستواصل ضغطها لردع إيران وأذرعتها في المنطقة التي "تشكل خطرا على محيط إسرائيل".

جانب من مفاعل نووي جنوب العاصمة الإيرانية طهران
جانب من مفاعل نووي جنوب العاصمة الإيرانية طهران

قال مراقبون إن الرسالة الأميركية التي وجهها الرئيس، دونالد ترامب، الأسبوع الماضي إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، تمثل خطوة حاسمة في الضغط على طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي.

وحددت الرسالة مهلة شهرين للتوصل إلى اتفاق جديد، مع تحذير من عواقب وخيمة إذا استمرت إيران في تطوير برنامجها النووي.

وفي مقابلة خاصة مع قناة "الحرة"، توقع نورمان رول، المسؤول السابق في الاستخبارات الأميركية، والمستشار الأول لمنظمة "متحدون ضد إيران النووية" أن تدرس إيران بعناية هذه الرسالة.

 وأشار إلى أن طهران ستواجه تحديات في الموازنة بين استجابتها للضغط الأميركي مع الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

وأوضح رول، أن الرسالة الأميركية والرد الإيراني تكشف الكثير من التفاصيل عن موقف طهران. فإيران ستواصل تحدّي التهديدات الأميركية، لكن من جهة أخرى قد تكون راغبة في التفاوض بهدف تقليل تبعات العقوبات أو لتفادي رد عسكري ضدها.

وأفاد موقع "أكسيوس" نقلا عن مسؤول أميركي ومصدرين مطلعين على الرسالة، بأن البرنامج النووي الإيراني شهد تقدما خلال السنوات الأربع الماضية، وأصبح أقرب من أي وقت مضى لإنتاج سلاح نووي.

وأضاف الموقع أن مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% يكفي لصنع ست قنابل نووية إذا تم تخصيبه إلى 90%، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الخميس، إن إيران ستدرس "الفرص" كما ستدرس التهديدات الواردة في رسالة الرئيس ترامب، في وقت رفض خامنئي الرسالة، وقال إن مطالب ترامب "ستضيق خناق العقوبات على إيران وتزيد الضغط عليها".

يقول رول، في حديث لقناة "الحرة" إن الرئيس ترامب كان قد عبّر بوضوح عن اعتراضه على اتفاقية إيران النووية لعام 2015، والتي وصفها بأنها تحتوي على العديد من الثغرات.

وأضاف أن الموقف الأميركي لم يتغير، حيث كان الهدف منذ البداية هو الضغط على إيران، وهو ما أثمر في النهاية من خلال إجبار طهران على التفاوض. في ذلك العام.

أما بالنسبة لإدارة ترامب الحالية، يذكر رول، فهي تواصل سياسة "الضغوط القصوى"، وقد تجسّد هذا الموقف مؤخرًا في فرض مزيد من العقوبات على الشركات الصينية المتورطة في استيراد النفط الإيراني. رول أشار إلى أن هذه العقوبات سيكون لها تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني وعملتها الوطنية.

قبل تسليمها إلى الإيرانيين، أطلع البيت الأبيض حلفاء للولايات المتحدة في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل والسعودية والإمارات، على محتوى الرسالة.

وقال ترامب الاثنين إن الولايات المتحدة ستعتبر أي هجمات أخرى من الحوثيين في اليمن صادرة عن إيران وهدد الحكومة الإيرانية بـ"عواقب وخيمة".

وفي منشور على "تروث سوشال" الأربعاء، قال ترامب إنه توجد تقارير تفيد بأن إيران تخفض دعمها العسكري للحوثيين، لكن "هم لا يزالون يرسلون كميات كبيرة من الإمدادات". وأعاد تأكيد دعوته لإيران لوقف تزويد الحوثيين.

ويقول رول، في حديثه لقناة الحرة" أن إيران قد تكون مستعدة لتقليص بعض مطالبها المتعلقة بالبرنامج النووي أو الدعم العسكري الذي تقدمه للميليشيات المنتشرة في المنطقة.

وأشار إلى أن رسالة الرئيس ترامب تسعى لتحقيق هدفين رئيسيين: الأول هو تقليص البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، والثاني هو منع إيران من استمرار دعمها للميليشيات الإقليمية.

على الجانب الآخر، أكد رول أن إيران ستتحدى هذه العقوبات علنًا، لكنها في الوقت ذاته سترسل إشارات إلى الدول الأوروبية بشأن رغبتها في التفاوض مع الولايات المتحدة.

قال مستشار الأمن القومي لترامب، مايك والتز، الأحد إن إيران بحاجة إلى "تسليم والتخلي عن" جميع عناصر برنامجها النووي، بما في ذلك الصواريخ، وتعبئة الأسلحة، وتخصيب اليورانيوم، "أو يمكنهم مواجهة سلسلة من العواقب الأخرى"، وأضاف، "لقد تم عرض طريقة للخروج من هذا المأزق على إيران".

يتوقع رول أن يتسم هذا "التحدي" الإيراني بالتصريحات العلنية والبيانات الرسمية، لكن في القنوات السرية، ستسعى طهران للتفاوض بشرط أن تضمن لنفسها نفوذًا إقليميًا، بما في ذلك الحفاظ على قوة "فيلق القدس".

في المقابل، أضاف رول أن إدارة الرئيس ترامب سترفض أي محاولة من إيران لاستخدام التخفيف المحتمل للعقوبات في دعم الميليشيات الإقليمية مثل جماعتي الحوثي وحزب الله، المصنفتين على قائمة الإرهاب.

وقال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إنه لا يدعم المفاوضات مع الولايات المتحدة، لكن بعد عدة ساعات، أصدرت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة بيانًا على منصة "إكس" ولم تستبعد إمكانية المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة حول البرنامج النووي.

"إذا كان الهدف من المفاوضات هو معالجة المخاوف بشأن أي عسكرة محتملة للبرنامج النووي الإيراني، فقد تخضع هذه المناقشات للاعتبار"، قال البيان.

وأضافت البعثة الإيرانية أنه إذا كان الهدف من المحادثات هو "تفكيك البرنامج النووي السلمي الإيراني للادعاء بأن ما فشل أوباما في تحقيقه قد تحقق الآن، فإن هذه المفاوضات لن تتم أبدًا".

ونقلت رويترز عن مصدر "مطلع"، الخميس، أن الولايات المتحدة وإسرائيل تجريان محادثات عالية المستوى بشأن البرنامج النووي الإيراني في البيت الأبيض مطلع الأسبوع.