رغم أن استقالة رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، من منصبه، تعني أولا مواطني المملكة المتحدة، إلا أن وقعها كان له صدى في موسكو أكثر من لندن.
واستقبلت السلطات الروسية خبر استقالة جونسون، بارتياح عميق، بل أصدر مسؤولون حكوميون تصريحات تهكموا بها على أوروبا بأكملها.
وقال رئيس البرلمان الروسي، فياتشيسلاف فولودين، إن جونسون يعد أحد الأيديولوجيين الرئيسيين للحرب ضد روسيا، و"يجب أن يفكر القادة الأوروبيون في الاتجاه الذي ستؤدي إليه مثل سياسته".
وعلقت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية في الكرملين على الخبر بالقول إن "مغزى القصة هو: لا تسعى إلى تدمير روسيا، لا يمكن تدميرها، يمكن أن تنكسر أسنانك".
صحيفة "إندبندت" البريطانية أعدت تقريرا قالت فيه، تعليقا على ذلك، إن على جونسون أن يعتبر تلك الإهانات بمثابة وسام شرف على صدره.
وعلى الرغم من أن حجم الدعم العسكري والمالي الذي تقدمه الولايات المتحدة لكييف يفوق ما تقدمه الدول الغربية الأخرى، إلا أن "أحدا لا يمكن أن يعترض على أن يطلق عليه لقب زعيم دعم أوكرانيا ضد العدوان الروسي" كما لُقّب جونسون، يقول التقرير.
وبينما يسعى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى تركيز غزوه لأوكرانيا والضغط أكثر على الغرب، سيكون من الصعب على المملكة المتحدة مواصلة عملها إلى جانب الحلفاء الغربيين وهي تسير من دون حكومة.
خطر
في أوكرانيا، يضع الوضع الحالي الرعايا البريطانيين الذين تم أسرهم في الصراع، والمحتجزين فيما يسمى "جمهورية دونيتسك الشعبية" الانفصالية، في خطر أكبر.
والسجناء الأربعة من المملكة المتحدة، كانوا يقاتلون لدعم كييف ضد الغزو الروسي.
وبينما حكمت محكمة في دونيتسك على اثنين منهما، وهما، أيدن أسلين، وشون بينر، بالإعدام، في نهاية الشهر الماضي، اتُهم الاثنان الآخران، وهما أندرو هيل، وهو متطوع عسكري، وديلان هيلي، عامل إغاثة، بنفس التهم والتي تزعم أن الرباعي كان يسعى لـ "الاستيلاء بالقوة على السلطة" و"الإرهاب".
"هناك مخاوف من أنهما قد يواجهان نفس العقوبات الوحشية" تقول "الإندبندنت"
وفي لندن، قال مكتب الخارجية والكومنولث والتنمية (FCDO) في بيان: "ندين استغلال أسرى الحرب والمدنيين لأغراض سياسية وقد أثرنا هذا الأمر مع روسيا، نحن على اتصال دائم مع حكومة أوكرانيا بشأنهم وندعم كييف بشكل كامل في جهودها للإفراج عنهم".
هناك حديث عن إمكانية إطلاق سراح الأربعة في إطار تبادل الأسرى، وأن أحد الخيارات المطروحة هو إطلاق سراحهما مقابل، فيكتور ميدفيتشوك، الذي تحتجزه السلطات الأوكرانية.
وانخفض العدد الإجمالي للجنود الروس الذين تحتجزهم أوكرانيا إلى 550 من أصل 900 في أبريل بعد سلسلة من التبادلات.
يُذكر أن روسيا لديها أكثر من 5600 جندي أوكراني في الأسر، وهو الرقم الذي زاد بعد استسلام 2500 جندي في ماريوبول.
ويليام باتي، أحد كبار الدبلوماسيين البريطانيين السابقين، والذي عمل سفيراً في العراق، وأفغانستان، والسودان، قال إنهم (الروس) سيسعون إلى استغلال الفراغ في المملكة المتحدة قدر استطاعتهم.
وأضاف: "يمكننا أن نتوقع أن ينشط الروس في زرع الفتنة، خاصة إذا كانت الانتخابات في المملكة المتحدة قريبة".
ثم أعقب ذلك بالقول "ستكون دول أخرى مثل إيران والصين سعيدة لأن المملكة المتحدة ستكون خارج اللعبة في الوقت الحالي".
اختبار
من جانبه، قال المحلل الأمني، روبرت إيمرسون: "عندما يكون خصمك ضعيفًا، تستطيع أن تختبره، وهذا نهج قد تتبعه بعض الدول المعادية للمملكة المتحدة".
ثم تابع "حتى الحلفاء سيحتارون مع من عليهم التعامل في ظل هذا الفراغ".
وبحسبه، قد يكون الحادث الذي وقع في إيران علامة على ذلك "الاختبار"، في إشارة إلى إعلان الحرس الثوري إلقاء القبض على نائب السفير البريطاني، جيلز ويتاكر، بتهمة التجسس وهو الأمر الذي سخرت منه لندن.
وفي اليوم الموالي لقصة "الاعتقال" ، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن سفينة تابعة للبحرية الملكية صادرت أسلحة إيرانية من قوارب تغادر الموانئ الإيرانية.