استقالة جونسون تفتح النقاش بشأن الملفات التي ستواجه الخليفة المحتمل
استقالة جونسون تفتح النقاش بشأن الملفات التي ستواجه الخليفة المحتمل

منذ إعلان رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، استقالته الخميس الماضي، بدأت الأنظار في المملكة المتحدة تتجه نحو البحث عن بديل، ستعرف هويته بعد انتخابات رئاسة حزب المحافظين الحاكم منذ سنوات في البلاد.

وسيكون لزاما على رئيس الحكومة المقبل أن يتعامل مع التحديات في حكم البلاد التي يمكن القول إنها لا مثيل لها منذ عام 1979 على الأقل، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، حينما تولت مارغريت تاتشر منصبها في مواجهة تضخم متسارع ومعركة مع النقابات العمالية القوية.

والأحد، أعلنت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، والعضو في البرلمان رحمان كريستي، ترشحهما لخلافة جونسون، لكن أيا كان من سيخلف جونسون، فإنه سيواجه أكبر انخفاض في الدخل الحقيقي في المملكة المتحدة منذ الخمسينيات، وفقا للصحيفة، مع توقع أن يصل التضخم إلى 11 في المئة قبل نهاية العام.

وأعلن ثلاثة من كبار المشرعين في حزب المحافظين، السبت، أنهم سيترشحون لخلافة جونسون.

وهؤلاء الثلاثة هم وزير الصحة والمال السابق، ساجد جاويد، ووزير المال الحالي، ناظم الزهاوي، ووزير الصحة السابق، جيريمي هانت، الذي تنافس مع جونسون، عام 2019، على رئاسة حزب المحافظين.

جونسون اعلن استقالته بعد عدة فضائح واستقالات ضربت الحكومة

ووجد استطلاع للرأي أجري في أواخر العام الماضي لصالح كارنيغي في المملكة المتحدة أن 73 في المئة من الناس لا يثقون في الحكومة لاتخاذ قرارات من شأنها تحسين حياتهم.

ووفقا لاستطلاع للرأي أجرته شركة "يوندر للاستشارات" ونشره الشهر الماضي معهد "توني بلير للتغيير العالمي"، يعتقد 69 في المئة من الناس في إنكلترا وويلز أن البلاد تتجه نحو فترة من التراجع، وهناك 62 في المئة لم يعودوا يعتبرونها رائدة على الساحة العالمية، ويعتقد 76 في المئة أن النظام السياسي معطل.

علاوة على ذلك، فقد تضاءلت الثقة في المؤسسات السياسية في البلاد بشكل كبير.

وبموجب العرف البريطاني، يستمد رئيس الوزراء سلطته من قدرته على الحصول على الدعم في مجلس العموم. وعندما أحبط البرلمان أو مؤسسات أخرى طموحات جونسون، كان رد فعله في كثير من الأحيان محاولة تشويه سمعتها، وفقا للصحيفة.

ونقلت عن فيرنون بوغدانور، وهو عالم سياسي ومؤرخ من "كينغز كوليدج" في لندن، قوله إن "العديد من المؤسسات تم إضعافها وتجاهلها، مثل البرلمان ومؤسسات الخدمة المدنية والمحاكم".

وتورط جونسون في سلسلة من الخلافات خلال فترة رئاسته للوزراء، منها محاولة تغيير قواعد الأخلاقيات البرلمانية لصالح وزير سابق، وقبول تبرع كبير لتجديد شقته في داونينغ ستريت.

كما أقام حفلات في داونينغ ستريت خلال عمليات الإغلاق التي فرضتها جائحة كوفيد-19 والتي تلقى بسببها غرامة من الشرطة، وأخيرا، عين في دور حكومي رفيع المستوى رجلا كان يعرف أنه تلقى شكوى بتهمة التحرش الجنسي.

استمرار المملكة المتحدة موضع "شك"

وتقول الصحيفة إنه علاوة على ذلك، فإن استمرار المملكة المتحدة ذاته أصبح موضع شك.

وصوت غالبية الاسكتلنديين ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، وأدى الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى تسريع احتمال إجراء استفتاء آخر على استقلال اسكتلندا ذاتها.

وفي الوقت ذاته، نما الدعم لإعادة توحيد إيرلندا في إيرلندا الشمالية منذ أن أنشأ اتفاق الانسحاب الذي دفعه جونسون عبر البرلمان حدودا جمركية بين البر الرئيسي البريطاني وإيرلندا الشمالية.

وخلال السنوات الثلاث التي قضاها جونسون في منصبه، كان الإنجاز الرئيسي الذي حققه جونسون هو تأمين خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة دافع عنها بشكل حاسم في استفتاء عام 2016.

لكن اتفاقية الخروج من التكتل تسببت في اضطرابات حدودية وأدت إلى اضطرابات في سوق العمل والحد من الهجرة من الاتحاد الأوروبي وأثارت مشاكل تجارية بين إيرلندا الشمالية ودول المملكة المتحدة الأخرى.

وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس ترشحت لخلافة جونسون

كما جعل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المملكة المتحدة اقتصادا أكثر انغلاقا بشكل كبير حيث انخفضت التجارة مع الاتحاد الأوروبي بشكل حاد.

وتقول الصحيفة إن قرار جونسون بتقديم تشريع لإلغاء أجزاء من اتفاقية الانسحاب مع الاتحاد الأوروبي المتعلقة بإيرلندا الشمالية، بعد أقل من عامين على توقيعها، أثار احتمال نشوب حرب تجارية مع الكتلة.

تدهور اقتصادي

وتواجه المملكة المتحدة مشكلة مع انخفاض الاستثمار التجاري، مما أدى إلى انخفاض نمو الإنتاجية الإجمالية وبالتالي التوسع الاقتصادي البطيء.

ومنذ الاستفتاء، ركدت استثمارات الشركات، بل انخفضت خلال الوباء،  ولم تتعاف منذ ذلك الحين، على عكس الاقتصادات العالمية الأخرى.

ونقلت عن جوناثان بورتس، أستاذ الاقتصاد والسياسة العامة في "كينغز كوليدج" قوله إنه "على مدى ما يقرب من ثلاثة عقود حتى الانهيار المالي في عام 2008، حققت بريطانيا، باستراتيجيتها المتمثلة في أسواق العمل المرنة وسياسة الهجرة الليبرالية نسبيا والانفتاح على التجارة بفضل عضوية الاتحاد الأوروبي، فرص عمل عالية نسبيا ونموا معقولا وإيرادات ضريبية قوية نسبيا".

لكن ذلك انهار بعد 2010، والسبب، بحسب بورتس، يعود جزئيا إلى سياسات التقشف التي انتهجها المحافظون.

وانخفض دخل الأسر البريطانية بنسبة 2 في المئة من عام 2007 إلى عام 2018 بعد تعديلات على القوة الشرائية للعملة المحلية، وهي الفترة التي ارتفع فيها الدخل بنسبة 34 في المئة بفرنسا و27 في المئة بألمانيا، وفقا لتقرير صدر هذا الشهر عن "Resolution Foundation"، وهي مؤسسة فكرية تركز على تحسين مستويات المعيشة للأشخاص ذوي الدخل المتوسط والمنخفض.

وأحد أسباب التفاوت هو الانخفاض الحاد في قيمة الجنيه.

والأسر الإيرلندية لديها الآن في المتوسط دخل فائض بنسبة تزيد عن 6 في المئة من نظيراتها في المملكة المتحدة، في حين تزيد أكثر لدى الأسر الفرنسية بنسبة 10 في المئة والألمانية 19 في المئة.

وقال التقرير إن المملكة المتحدة لديها أيضا توزيع الدخل هو الأكثر تفاوتا في أي دولة أوروبية باستثناء بلغاريا.

ويقدر مكتب مسؤولية الميزانية التابع للحكومة البريطانية أن الاقتصاد سيكون في نهاية المطاف أصغر بنسبة 4 في المئة من حجمه فيما لو بقيت البلاد في الاتحاد الأوروبي، مما يعني أن الإيرادات الضريبية ستكون أقل أيضا.

وأشار بعض المتنافسين على خلافة جونسون إلى أنهم يريدون تعزيز الاقتصاد من خلال التخفيضات الضريبية.

لكن العديد من الاقتصاديين، وحتى بعض المحافظين، بما في ذلك مرشح القيادة ريشي سوناك، يشككون في أن التخفيضات الضريبية هي الإجابة الصحيحة الآن في مواجهة العراقيل الكبرى في الإمدادات وارتفاع أسعار الفائدة.

طبيبة تفحص طفلا في مستشفى بأفغانستان (أرشيف)
طبيبة تفحص طفلا في مستشفى بأفغانستان (أرشيف)

تواجه النساء في أفغانستان خطرًا متزايدًا أثناء الولادة، حيث تُسجل وفاة امرأة كل ساعتين بسبب مضاعفات الحمل والولادة، وفقًا لتقارير صادرة عن الأمم المتحدة.

ويُعد معدل وفيات الأمهات في البلاد من بين الأعلى عالميًا، وهو في ارتفاع مستمر منذ عودة حركة طالبان إلى الحكم في منتصف أغسطس من العام 2021.

ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، بلغ معدل وفيات الأمهات في أفغانستان 638 وفاة لكل 100,000 ولادة في عام 2024. ولكن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى بكثير، خاصة في المناطق النائية التي لا يتم فيها الإبلاغ عن جميع الحالات.

وفي عام 2000، خلال فترة حكم طالبان الأولى، كان المعدل 1,346 وفاة لكل 100,000 ولادة، لكنه انخفض إلى 629 وفاة في 2020 بفضل الدعم الدولي والمساعدات التنموية. 

غير أن هذا التقدم بدأ في التراجع منذ أن استعادت طالبان السيطرة على البلاد، ما أدى إلى انهيار القطاع الصحي، الذي كان يعتمد بشكل كبير على التمويل الخارجي.

ولأكثر من عقدين، اعتمد النظام الصحي العام في أفغانستان على المساعدات الخارجية، لكن بعد سيطرة طالبان على الحكم، أوقفت الجهات المانحة الرئيسية، بما في ذلك الولايات المتحدة، تمويلها على الفور، مما أدى إلى انهيار الخدمات الصحية.

وفي يناير 2024، وجهت الولايات المتحدة ضربة قوية للقطاع الصحي في أفغانستان بقرارها تعليق المساعدات الإنسانية للبلاد، وهو ما قد يؤدي إلى 1,200 وفاة إضافية بين الأمهات بين عامي 2025 و2028، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، حسب تقرير نشره موقع "راديو أوروبا الحرة".

وإلى جانب تدهور النظام الصحي، فرضت طالبان قيودًا صارمة على تعليم وعمل النساء، بما في ذلك القطاعات الحيوية مثل الرعاية الصحية. 

ففي ديسمبر 2024، منعت الجماعة المتشددة النساء من الالتحاق بالمعاهد الطبية التي تقدم تدريبًا في مجالات التوليد، والتمريض، وصحة الأسنان، والعلوم المخبرية، مما يهدد بإعاقة دخول أكثر من 36,000 قابلة و2,800 ممرضة إلى القطاع الصحي في السنوات المقبلة، وفقًا لما صرح به توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة.

وقالت قابلة تعمل في كابول منذ أكثر من عقدين، في حديثها لـ"راديو أوروبا الحرة" بشرط عدم الكشف عن هويتها خوفًا من العقاب، إن طالبان "لا تكترث بصحة النساء، وكأن هذه القضية غير موجودة أصلاً".

وأضافت أن نقص التوعية الصحية بين النساء يزيد من خطورة المشكلة، مشيرة إلى أن العديد من النساء لا يحصلن على أي رعاية صحية خلال فترة الحمل، مما يؤدي إلى تفاقم المضاعفات أثناء الولادة.

 وتابعت: "المشكلة ليست فقط في غياب القابلات أو المراكز الصحية، بل في غياب الرعاية المنتظمة أثناء الحمل. في كثير من الحالات، لا تذهب النساء إلى المستشفى إلا عند ظهور مشكلة صحية خطيرة أو عندما يحين موعد الولادة".