فرنسا تعمل على إخماد الحرائق
فرنسا تعمل على إخماد الحرائق

لا تزال حرائق الغابات مستعرة في دول أوروبية عدة، مع استمرار موجة الحر "غير المسبوقة"، بينما أحرزت أجهزة الإطفاء المغربية تقدما على طريق احتواء حرائق غابات تجتاح، منذ الأربعاء، مناطق حرجية في خمسة أقاليم بشمال المملكة.

وفي إقليم العرائش في المغرب، تمت السيطرة بنسبة "70 في المئة" على حريق كبير أتى على حوالي 5300 هكتار بينما يعمل عناصر إطفاء على إخماد 5 بؤر حرائق أقل حجما، وفق مصادر محلية تحدثت لوكالة فرانس برس، في حين جرى إجلاء 1331 أسرة موزعة على 20 قرية، ودمر نحو 170 منزلا، فيما لقي شخص حتفه.

وفي إقليم وزان المغربي، باتت فرق الإنقاذ في طريقها لتطويق بؤرة حريق نشطة أتت على 400 هكتار من الصنوبر والأشجار المثمرة. وقد نجح عناصر إطفاء وجنود في السيطرة على حرائق في مناطق يصعب عادة الوصول إليها في شفشاون وتطوان وتازة.

أشخاص يطفئون حريق غابة في مدينة العرائش بالمغرب

وبحسب السلطات المغربية، لاتزال أسباب هذه الحرائق مجهولة.

"موجة حر غير مسبوقة"

وفي بريطانيا، حذرت شبكة السكك الحديدية في بعض مناطق إنكلترا ومترو الأنفاق في لندن من اضطرابات وتأخر رحلات قطارات بسبب موجة الحر غير المسبوقة التي تشهدها البلاد، وطلبت من المسافرين إلغاء حجوزاتهم.

وكانت وكالة الأمن الصحي أعلنت حالة طوارئ محذرة من موجة حر من المتوقع أن تبلغ ذورتها، الثلاثاء، بوصولها إلى أكثر من 40 درجة مئوية، في حين أعلنت هيئة الصحة الوطنية إلغاء بعض المواعيد والحجوزات في المستشفيات، لمنع تفشي أمراض، ولحماية للطاقم الصحي من تلك الموجة الحارة.

"خارج نطاق السيطرة"

وفي إسبانيا، لايزال 20 حريقا مستعرا في الغابات، وخارج نطاق السيطرة في أجزاء مختلفة من البلاد، من الجنوب إلى أقصى الشمال الغربي في غاليسيا، حيث دمرت الحرائق حوالي 4400 هكتار من الأراضي، هذا الأسبوع، بحسب السلطات الإسبانية.

وفي مدينة كوستا ديل سول الإسبانية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، أجلت السلطات عدة آلاف من الأشخاص مع انتشار الحرائق باتجاه مناطق مأهولة بالسكان، وفقا لما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

وسمح لـ300 شخص من أصل ثلاثة آلاف بالعودة إلى منازلهم، الاثنين، بعدما تم إجلاؤهم بشكل وقائي بالقرب من ملقة، في أقصى الجنوب الإسباني.

وتوقعت وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية درجات حرارة مرتفعة بشكل ملحوظ في معظم أنحاء البر الرئيسي للبلاد وجزر البليار في البحر المتوسط، على أن تصل درجة الحرارة إلى 42 درجة في مدينة لوغرونو الشمالية، و40 درجة في مدريد وإشبيلية، في الجنوب.

وفي جنوب غرب فرنسا، يواصل عناصر الإطفاء التصدي للحرائق، خصوصا في جيروند، حيث غطى الدخان حوالي 11 ألف هكتار من الغابات مع توقعات ببلوغ درجة الحرارة 40 درجة مئوية، وفقا للأرصاد الجوية الفرنسية التي وضعت، الإثنين، 15 منطقة في غرب فرنسا في أعلى درجة تأهب.

وحذرت المؤسسة العامة للأرصاد الجوية من أن الحرارة تتزايد بينما تنتشر موجة الحر في مختلف أنحاء البلاد، وتوقعت أن يكون، الإثنين، الأكثر حرارة في غرب فرنسا، مشيرة إلى أن درجات الحرارة قد تصل إلى 40 درجة في مناطق عدة، بينها بريتاني ونورماندي باس وأكيتان وغرب أوكسيتاني.

وفي مقاطعة "تيتست دو بوش"، أعلنت السلطات المحلية أن المساحات التي أتت عليها النيران بلغت حوالي 3200 و3400 هكتار، وفي منطقة "لانديراس" تراوحت المساحات التي أتت عليها النيران بين 7000 و7200 هكتار.

وفي البرتغال، أشار آخر تقرير صادر عن الحماية المدنية البرتغالية إلى أن حرائق، الأسبوع الماضي، خلفت قتيلين ونحو 60 جريحا، وعدت جميع الأراضي البرتغالية تقريبا معرضة للحرائق بناء على مخاطر قصوى أو عالية جدا أو عالية، لاسيما المناطق الداخلية الوسطى والشمالية.

ووفقا لآخر التقديرات، أتت الحرائق على ما بين 12000 و15000 هكتار من الغابات.

وفي اليونان، سيطر عناصر الإطفاء على حريق اندلع، الجمعة الماضية، وتسبب في إخلاء وقائي لسبع قرى في منطقة ريفية في محافظة ريثيمنو في جزيرة كريت.

وتواجه إيطاليا أيضا موجة حر شديدة في جميع أنحاء شبه الجزيرة، مما أدى إلى انتشار جفاف استمر لشهور ويعد أسوأ ما واجهه النصف الشمالي من البلاد منذ 70 عاما على الأقل. 

ومن المتوقع أن تبلغ الموجة الحارة الحالية ذروتها في وقت لاحق من الأسبوع، حيث تتجاوز درجات الحرارة في بعض المناطق 110 درجات.

ومن المتوقع أن تصل درجة حرارة ميلانو إلى 37 درجة، لتقترب من الرقم القياسي المسجل في عام 2003 وهو 39 درجة.

"انتحار جماعي"

من جانب آخر، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن حرائق الغابات وموجات الحر التي تجتاح مساحات شاسعة من الكرة الأرضية تظهر أن البشرية تواجه "انتحارا جماعيا"، وفقا لما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.

وقال غوتيريش، مخاطبا وزراء من 40 دولة خلال اجتماعهم لمناقشة أزمة المناخ: "نصف البشرية في منطقة الخطر، من الفيضانات والجفاف والعواصف الشديدة وحرائق الغابات. لا توجد أمة محصنة".

وأضاف: "ومع ذلك، فإننا نواصل تغذية إدماننا على الوقود الأحفوري". 

وسيناقش الوزراء، الذين سيجتمعون في برلين لمؤتمر المناخ، الذي يستمر يومين، والمعروف باسم "حوار بيترسبيرغ للمناخ"، التغييرات المتطرفة للمناخ، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري والغذاء.

ويمثل الاجتماع، الذي تعقده الحكومة الألمانية سنويا على مدار الأعوام الـ13 الماضية، إحدى الفرص الأخيرة للتوصل إلى اتفاق بين الدول الرئيسية قبل قمة المناخ COP27 في مصر، المقررة في نوفمبر.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، في الرياض،  13 مايو 2025. رويترز
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، في الرياض، 13 مايو 2025. رويترز

تجلت حالة العزلة التي يعيشها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوضوح الأسبوع الماضي مع نشر صورة للرئيس الأميركي دونالد ترامب وهو يصافح الرئيس السوري أحمد الشرع الذي وصفته إسرائيل بأنه "إرهابي من تنظيم القاعدة يرتدي بدلة".

وقال ترامب للصحفيين بعد محادثات مع الشرع، الأربعاء، في الرياض "إنه يملك الإمكانات. إنه زعيم حقيقي". وجاءت تلك التصريحات خلال اجتماع توسطت فيه السعودية، التي اتفقت مع ترامب خلال الزيارة على عدد من الصفقات في الأسلحة والأعمال والتكنولوجيا.

جولة ترامب السريعة التي استمرت أربعة أيام وشملت السعودية وقطر والإمارات الأسبوع الماضي لم تكن مجرد مشهد دبلوماسي مصحوب باستثمارات ضخمة.

وقالت ثلاثة مصادر إقليمية ومصدران غربيان إن الجولة الخليجية همشت إسرائيل وأبرزت ظهور نظام جديد للشرق الأوسط تقوده الدول السنية متجاوزا "محور المقاومة" المنهار التابع لإيران.

وفي ظل الغضب المتزايد في واشنطن إزاء عدم توصل إسرائيل لاتفاق بشأن وقف لإطلاق النار في غزة، ذكرت المصادر أن جولة ترامب تمثل رسالة تجاهل لنتنياهو، الحليف المقرب للولايات المتحدة والذي كان أول زعيم أجنبي يزور واشنطن بعد عودة ترامب إلى السلطة في يناير.

وأضافت المصادر أن الرسالة كانت واضحة: ففي رؤية ترامب للدبلوماسية في الشرق الأوسط، وهي رؤية أقل أيديولوجية وتعتمد أكثر على النتائج، لم يعد بإمكان نتنياهو الاعتماد على دعم أميركي غير مشروط لأجندته اليمينية.

وقال ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأدنى في إدارة جورج بوش الابن "تشعر هذه الإدارة بالإحباط الشديد من نتنياهو، وهذا الإحباط واضح... إنهم يتعاملون بشكل تجاري للغاية، ونتنياهو لا يقدم لهم أي شيء في الوقت الراهن".

وقالت المصادر إن الولايات المتحدة لن تدير ظهرها لإسرائيل، التي لا تزال حليفا قويا للولايات المتحدة وتحظى بدعم قوي من الإدارة الأميركية والحزبين الجمهوري والديمقراطي.

لكن المصادر أضافت أن إدارة ترامب أرادت إيصال رسالة إلى نتنياهو مفادها أن الولايات المتحدة لها مصالحها الخاصة في الشرق الأوسط ولا تريد منه أن يقف في طريقها.

وذكرت مصادر مطلعة أن صبر الولايات المتحدة بدأ ينفد ليس فقط بسبب رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي قبول وقف إطلاق النار في غزة، بل أيضا بسبب اعتراضه على المحادثات الأميركية مع إيران بشأن برنامجها النووي.

ولم يرد مكتب نتنياهو على طلبات للتعليق. ولم يُصدر المكتب أي تصريحات بشأن زيارة ترامب الخليجية.

وأكد متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أن ترامب لا يزال صديقا لإسرائيل.

وقال المتحدث باسم المجلس جيمس هيويت "نواصل العمل عن كثب مع حليفتنا إسرائيل لضمان إطلاق سراح باقي الرهائن في غزة وعدم حصول إيران على سلاح نووي أبدا وتعزيز الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط".

وذكرت المصادر المطلعة أنه على الرغم من تأكيد مسؤولين في إدارة ترامب علانية على متانة العلاقات الأميركية الإسرائيلية، فإنهم يعبرون في الجلسات المغلقة عن انزعاجهم من رفض نتنياهو مسايرة المواقف الأميركية بشأن غزة وإيران.

وقالت ستة مصادر إقليمية وغربية إن التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل أخذ في التزايد قبل جولة ترامب الخليجية.

وبدأ التوتر عندما سافر نتنياهو إلى واشنطن في زيارة ثانية في أبريل سعيا للحصول على دعم ترامب لشن ضربات عسكرية على المواقع النووية الإيرانية، لكنه فوجئ بتحول الرئيس نحو الخيار الدبلوماسي إذ علم قبل ساعات فقط من اللقاء أن المفاوضات على وشك أن تبدأ.

وفي الأسابيع التالية، أعلن ترامب وقف إطلاق النار مع الحوثيين في اليمن والتقارب مع القيادة الإسلامية الجديدة في سوريا كما تجاوز إسرائيل في زيارته الخليجية، وهو ما يظهر التوتر في العلاقات التقليدية بين الحليفتين، وفقا للمصادر.

وقال ديفيد ماكوفسكي، الباحث في معهد واشنطن ومدير مشروع عن العلاقات العربية الإسرائيلية، إن واشنطن وتل أبيب "لا تبدوان على توافق في القضايا الكبرى كما كانتا في المئة يوم الأولى" من رئاسة ترامب.

غزة تثبت الانقسام

خلال حملته الانتخابية، أوضح ترامب أنه يريد وقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن هناك قبل عودته إلى البيت الأبيض.

لكن بعد مرور أشهر على رئاسة ترامب، واصل نتنياهو تحدي دعوات وقف إطلاق النار، ووسع نطاق الهجوم، ولم يقدم أي خطة لإنهاء الحرب أو خطة لما بعد الحرب في الصراع المستمر منذ 19 شهرا. ويقول مسؤولو الصحة في غزة إن عدد القتلى في القطاع تجاوز 52900.

واندلعت الحرب، التي أثارت تنديدات دولية بشأن الأزمة الإنسانية في غزة، بسبب الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، وتقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز نحو 250 رهينة.

وتبدد أي أمل في استغلال ترامب زيارته للمنطقة لتعزيز صورته كصانع سلام والإعلان عن اتفاق لإنهاء الحرب.

وبدلا من ذلك، ضاعف نتنياهو، الذي تتهمه المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب في غزة، هدفه المتمثل في سحق حماس. ويخضع نتنياهو للمحاكمة في إسرائيل بتهم الفساد التي ينفيها.

وخلال اختتام ترامب زيارته، شنت إسرائيل هجوما جديدا الجمعة على غزة. وأدت الغارات الإسرائيلية إلى مقتل مئات الفلسطينيين في الأيام القليلة الماضية.

أما الأولوية الأخرى لترامب، وهي توسيع اتفاقات إبراهيم التي تطبّع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والدول العربية لتشمل السعودية، فقد عرقلها أيضا تعنت نتنياهو.

وأوضحت الرياض أنها لن تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل أن تتوقف الحرب ويصبح هناك مسار لإقامة دولة فلسطينية، وهو ما يرفضه نتنياهو.

وقال شينكر "ليست لديه استراتيجية، ولا خطة لليوم التالي بشأن غزة". وأضاف "وهو يعترض الطريق".

أما علنا، فقد رفض ترامب نفسه أي حديث عن أي خلاف. وفي مقابلة مع شبكة فوكس نيوز بُثت بعد زيارة الخليج، نفى ترامب أن يكون محبطا من نتنياهو الذي قال عنه إنه يواجه "وضعا صعبا" بسبب الحرب في غزة.

لكن ترامب يمضي قدما من دون نتنياهو. وباهتمام بالمصالح الذاتية دون حرج، يقود الرئيس الأميركي عملية إعادة تنظيم للدبلوماسية الأميركية تجاه الدول السنية الثرية، التي ترتكز على الرياض الغنية بالنفط.

وقال مصدر إقليمي كبير إن زيارة ترامب توجت الدور المؤثر للسعودية بصفتها قائدا للعالم العربي السني. وعلى النقيض من ذلك، فقد أدت سنوات من التجاوزات الإيرانية، والضربات العسكرية الإسرائيلية القوية لحليفتيها حماس في غزة وجماعة حزب الله في لبنان، إلى تراجع دور طهران بصفتها قوة إقليمية شيعية.

وأضاف المصدر "كان لإيران الدور القيادي، والآن دخلت السعودية بأدوات أخرى: الاقتصاد والمال والاستثمار".

صعود السُنة

رغم أن نتنياهو هو من تصدر المعركة ضد إيران، يتشكل النظام الإقليمي الجديد في الرياض والدوحة وأبوظبي.

وتتطلع هذه الدول الخليجية إلى الحصول على أسلحة متطورة لحمايتها من هجمات إيران ووكلائها وكذلك إمكانية الوصول للرقائق الأميركية المتطورة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

ووجدوا شريكا راغبا يتمثل في رئيس أميركي يمكن أن تتداخل سياسته الخارجية أحيانا مع المصالح المالية لعائلته.

وفي قطر، المحطة الثانية من جولته، جرى تقديم طائرة فاخرة من طراز بوينغ 747 لترامب وجرى استقباله بحفاوة تليق بملك.

ووسط احتفال فخم ورقصات بالسيف واستعراض للفرسان ومأدبة ملكية، أعلن ترامب أن قطر، التي قدمت دعما ماليا كبيرا لحركة حماس، "تحاول المساعدة بكل تأكيد" في أزمة الرهائن الإسرائيليين.

وضرب تصريح ترامب على وتر حساس في القدس، حيث ينظر المسؤولون إلى الدوحة كتهديد استراتيجي يمول أحد ألد أعدائهم.

وقال يوئيل جوزانسكي وهو زميل بارز في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب إن العديد من الإسرائيليين "لا يفهمون مدى مركزية قطر بالنسبة للولايات المتحدة"، مشيرا إلى أنها تضم أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط.

وأضاف جوزانكسي أنه في الوقت الذي تجعل علاقة قطر مع حماس من الدولة الخليجية تهديدا لإسرائيل، فإن ثروتها الهائلة من الغاز الطبيعي ونفوذها المالي ونفوذها الدبلوماسي حولها إلى حليف لا غنى عنه لواشنطن.

وقدر البيت الأبيض أن الجولة إجمالا ضمنت أكثر من تريليوني دولار من الالتزامات الاستثمارية في الاقتصاد الأميركي، منها طلبيات كبيرة لطائرات بوينغ وصفقات لشراء معدات دفاعية أميركية واتفاقيات لشراء خدمات تكنولوجية. بينما وجد إحصاء أجرته رويترز للصفقات المعلنة أن القيمة الإجمالية تصل لما يقارب 700 مليار دولار.

وفي السعودية، وافق ترامب على صفقة أسلحة قياسية بقيمة 142 مليار دولار مع الرياض، مما أجج المخاوف الإسرائيلية من فقدان التفوق الجوي في المنطقة إذا حصلت الرياض على طائرة لوكهيد من طراز إف-35.

وفي الوقت نفسه، وفي إعادة تقويم للعلاقات الأميركية السعودية، عرض ترامب على الرياض مهلة لإقامة علاقات مع إسرائيل، قائلا لحكام السعودية إن بإمكانهم القيام بذلك في الوقت الذي يناسبهم.

والآن، يتفاوض ترامب على استثمار نووي مدني تقوده الولايات المتحدة للسعودية، وهي صفقة أخرى تثير قلق إسرائيل.

ودفعت الدول التي تتبع المذهب السني أجندتها الدبلوماسية الخاصة. وجاء إعلان ترامب المفاجئ خلال جولته عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، في تحول آخر كبير في السياسة الأميركية، بناء على طلب من السعودية ورغم اعتراضات إسرائيل.

وحتى ديسمبر، عندما أطاح أحمد الشرع بالرئيس السوري بشار الأسد، رصدت واشنطن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يقبض عليه.

ورحبت دول الخليج بالهدنة التي أعلنها ترامب مع الحوثيين في اليمن، وهم جزء من "محور المقاومة" الذي تقوده إيران في المنطقة، والتي وضعت حدا لعملية عسكرية أميركية مكلفة في البحر الأحمر. وجاء هذا الإعلان، الذي أعقب إجراء المحادثات النووية مع إيران، بعد يومين فقط من سقوط صاروخ حوثي على مطار بن غوريون الإسرائيلي.

وقال جوزانسكي وهو منسق سابق لشؤون إيران والخليج في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي "يزيد موقف إسرائيل أكثر فأكثر كمخربة تقف في طريق ليس فقط الولايات المتحدة بل المجتمع الدولي، إذ تحاول تشكيل المنطقة بشكل مختلف بعد سقوط الأسد وحزب الله وربما إنهاء حرب غزة".

وفي حين التزمت حكومة نتنياهو اليمينية الصمت إزاء زيارة ترامب، عبرت وسائل إعلام إسرائيلية عن قلقها من أن مكانة البلاد مع أهم حلفائها آخذة في التراجع.

وانتقد سياسيون معارضون رئيس الوزراء لسماحه بتهميش إسرائيل بينما يعاد تشكيل تحالفات قديمة.

ووجه رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، الذي يستعد للعودة إلى الحياة السياسية، اتهاما لاذعا لحكومة نتنياهو، مجسدا بذلك الشعور بالقلق الذي يسيطر على كثيرين في المؤسسات السياسية والأمنية الإسرائيلية.

وقال رئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق على أكس "الشرق الأوسط يشهد تغييرات في بنائه أمام أعيننا وأعداؤنا يزدادون قوة، ونتنياهو... وجماعته مشلولون، سلبيون وكأنهم غير موجودين".