يواصل سكان الساحل السوري، الذين لجأوا إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية هربًا من أعمال العنف الطائفي التي اجتاحت المنطقة الأسبوع الماضي، العودة تدريجيًا إلى قراهم المدمرة، بينما يفضل آخرون البقاء داخل القاعدة خوفًا على حياتهم، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز.
وأفادت الوكالة أن آلاف العلويين فروا إلى حميميم بعد هجمات دامية استهدفت بلداتهم وقراهم، وأسفرت عن مقتل المئات، لافتة إلى أن بعضهم بدأ بالعودة بعد استقرار الوضع جزئيًا، بينما ما زال آخرون يخشون المخاطرة بالعودة.
من جانبها، ذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن حوالي 9000 شخص احتموا بقاعدة حميميم الجوية، والتي أنشأتها موسكو في العام 2015 لدعم نظام الأسد.
وأوضحت أن موسكو تسعى الآن إلى بناء علاقات مع القيادة السورية الجديدة، إلا أن مصير القاعدة الروسية في حميميم والقاعدة البحرية في طرطوس لا يزال غير واضح.
"الإعلان الدستوري" في سوريا .. هل يحقق العدالة للأقليات؟
وقَّع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، الخميس، مُسوَّدة الإعلان الدستوري الذي حدَّد المرحلةَ الانتقاليةَ في البلاد بـ5 سنوات، مشيداً بما وصفه بـ"تاريخ جديد" في البلاد.
وفي تصريحات لأحمد عبد الرحمن، المسؤول الأمني في الحكومة السورية المؤقتة، أكد أن 1500 شخص ما زالوا في القاعدة الجوية، مشيرًا إلى أن قوات الأمن تعمل على تأمين المنطقة من "فلول النظام البائد والعصابات التخريبية".
وأضاف: "نحن نعمل على تأمين المنطقة من فلول النظام والعصابات المسلحة، حتى يتمكن السكان من العودة إلى منازلهم وقراهم المحيطة بالمطار".
مطالبات بالمحاسبة
وقد شهد الأسبوع الماضي تصاعدًا في العنف، بعد أن أعلنت السلطات السورية المؤقتة أن قواتها الأمنية تعرضت لهجوم من مسلحين موالين للرئيس السابق بشار الأسد، الذي ينتمي للطائفة العلوية، ما أدى إلى سلسلة من الهجمات الانتقامية، وصفتها رويترز بأنها "أسوأ أعمال عنف طائفي منذ سقوط الأسد في ديسمبر الماضي".
وأسفرت هذه المواجهات عن عمليات قتل واسعة النطاق ضد العلويين، وسط مطالبات بمحاسبة المسؤولين عن المجازر.
بين الدين والسياسة.. ما دلالات زيارة دروز سوريا لإسرائيل؟
توجّه قرابة 100 رجل دين درزي صباح الجمعة من محافظة القنيطرة في جنوب سوريا، نحو اسرائيل، في زيارة وصفت بالتاريخية لأنها جاءت بعد نحو خمسة عقود.
وفي هذا السياق، تعهد الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، بملاحقة المتورطين في الجرائم الأخيرة.
ووفقًا لتقارير إعلامية سابقة، فقد لجأ بعض العلويين إلى لبنان خوفًا من استمرار عمليات القتل والاضطهاد، بينما فضل آخرون الاحتماء داخل حميميم إلى حين ضمان سلامتهم.
ووسط هذه التطورات، تتعالى الأصوات داخل الطائفة العلوية للمطالبة بتدخل دولي لحمايتهم.
وفي هذا الصدد، ناشدت فلك عيسى (60 عامًا)، التي كانت ضمن مجموعة غادرت القاعدة الجوية للعودة إلى قريتها، المجتمع الدولي قائلة: "صار كل أنواع القصف بالقنابل والرشاشات اللي بدك إياها، كل أنواع الأسلحة... رعب حقيقي بكل معاني الكلمة".
وتحدثت رنا (34 عامًا)، وهي من قرية الصنوبر، عن فرارها إلى حميميم مع عائلتها بعد سماع دوي إطلاق النار في قريتهم. وبعد أيام من اللجوء، قررت العودة أمس الخميس بناءً على تأكيد شقيقها بأن الأوضاع أصبحت أكثر أمانًا مع انتشار قوات الأمن الحكومية. ورغم عودتها، لا تزال المخاوف تسيطر عليها، قائلة: "الصراحة في خوف.. في خوف أكيد.. بس إن شاء الله بتكون الأمور للأمام أحسن... أملنا كبير إنه تكون أحسن".
وفي مشاهدات ميدانية لصحفيي رويترز، بدت المنطقة الساحلية السورية وكأنها شهدت اجتياحًا واسع النطاق؛ حيث انتشرت مشاهد المنازل والمتاجر المحترقة، والقرى المهجورة، مما يعكس حجم الدمار الذي خلفته أعمال العنف الأخيرة.