Destroyed buildings are pictured in Borodianka, northwest of Kyiv on July 16, 2022. - Music teacher Oksana Shevchenko sits near…
بنايات مدمرة في منطقة بوروديانكا شمال غرب كييف.

وسّعت روسيا، الأربعاء، أهدافها لتشمل مناطق غير تلك الموجودة في شرق أوكرانيا وحوض دونباس، الذي ما زال يتعرض للقصف في سياق حرب تحرم جزءا من العالم من الحبوب وتهدد أوروبا بنقص في إمدادات الغاز.

وبعد خمسة أشهر تقريبا من اندلاع الحرب، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مقابلة، الأربعاء، أن الأهداف العسكرية الروسية في أوكرانيا لم تعد تقتصر فقط على الشرق بل تشمل أيضا "أراضي أخرى"، ويمكن أن تمتد.

وبرر لافروف هذا التغيير بوضع "جغرافي مختلف" مقارنة بالوضع على الأرض في نهاية مارس، عندما قالت موسكو إنها تريد التركيز على الشرق، بعدما فشلت في السيطرة على العاصمة الأوكرانية كييف.

وأعلن لافروف لوكالة "ريا نوفوستي" ومحطة "آر تي" أن أهداف روسيا العسكرية "لم تعد (تشمل) فقط جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين (الانفصاليتين في شرق أوكرانيا) بل أيضا منطقتي خيرسون وزابوريجيا (في الجنوب) وسلسلة من الأراضي الأخرى، والعملية متواصلة بثبات".

وقال لافروف أيضا إن إجراء محادثات مع كييف "لن يكون له معنى في الوضع الحالي"، معتبرا أن الاتصالات السابقة "كشفت فقط عدم وجود الإرادة لدى الجانب الأوكراني لمناقشة أي شيء بجدية".

من جانبها، وجّهت السيدة الأولى الأوكرانية أولينا زيلينسكا التي تقوم بزيارة للولايات المتحدة، نداء إلى الكونغرس الأميركي قائلة "أطلب منكم مزيدا من الأسلحة (...) لحماية منازل الجميع وحماية حقهم في الاستيقاظ أحياء في هذه المنازل".

وفي هذا الإطار، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الأربعاء، إن الولايات المتحدة ستزود أوكرانيا أربعة أنظمة مدفعية دقيقة جديدة من طراز هيمارس لمساعدتها في محاربة الغزو الروسي.

"تقدم في دونباس"

وحقّقت موسكو مكاسب ميدانية في الأسابيع الأخيرة في حوض دونباس بما في ذلك في مناطق لوغانسك وسيفيرودونيتسك وليسيتشانسك ما مهد الطريق أمامها لمحاولة التقدم نحو مدينتي كراماتورسك وسلوفيانسك، غربي منطقة دونيتسك.

في غضون ذلك، يستمر قتال عنيف في هذا الجزء من أوكرانيا فيما يمكن لكييف الاعتماد على منظومات المدفعية الغربية الأكثر كفاءة التي تسلّمتها أخيرا.

وفي هذا الإطار، حضّت أوكرانيا، الأربعاء، حلفاءها على فرض مزيد من العقوبات على روسيا وتسريع تسليمها أسلحة.

وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في بيان إنّه "من خلال الاعتراف بأحلامه بالاستيلاء على مزيد من الأراضي الأوكرانية، يثبت وزير الخارجية الروسي (سيرغي لافروف) أنّ روسيا ترفض الدبلوماسية وتركّز على الحرب والإرهاب".

وحذّر لافروف من أنّه إذا استمر الغرب في إمداد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى، مثل راجمات الصواريخ الأميركية هيمارس، فإن الأهداف الجغرافية لروسيا ستتطوّر أكثر، "لأنّه لا يمكننا السماح في الجزء الذي يسيطر عليه (فولوديمير) زيلينسكي أو خليفته بأن تكون هناك أسلحة يمكن أن تهدد بشكل مباشر أراضينا أو أراضي الجمهوريتين (الانفصاليتين) اللتين أعلنتا استقلالهما أو تريدان تقرير مصيرهما".

وفي إشارة إلى التغيير الاستراتيجي الجاري، زار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو مجموعة "الغرب" من الجنود الروس المشاركين في العمليات في أوكرانيا، بعد جولة تفقدية لمجموعات "الجنوب" و"الوسط" و"الشرق"، بحسب بيان للجيش.

وفي جنوب أوكرانيا، أدى قصف جديد إلى مقتل شخصين على الأقل وإصابة تسعة بجروح في نيكوبول، كما أعلن رئيس بلدية المدينة أولكسندر سايوك على فيسبوك.

وقال المسؤول الإقليمي أولكسندر فيلكول أنّ الجيش الروسي أطلق وابلا من صواريخ غراد من أراض يسيطر عليها في جنوب أوكرانيا سقط 30 منها على المدينة.

ومن بين الجرحى أربعة أطفال أصغرهم يبلغ ثلاث سنوات. وكتب فيلكول على تلغرام "دمّرت ثلاثة مبانٍ تماماً ولحقت أضرار بعشرة أخرى".

وفي خاركيف، في شمال شرق أوكرانيا، أسفرت عمليات قصف عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، وفق السلطات المحلية. ومن بين الضحايا فتى يبلغ 13 عاما قتل قرب محطة للحافلات.

"مخاوف بشأن الغاز"

وفي بروكسل، اقترحت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، خطة تهدف إلى خفض الطلب الأوروبي على الغاز بنسبة 15 في المئة للتغلّب على انخفاض الإمدادات الروسية.

وفي سبيل الاستعداد لفصل الشتاء، أعدّت المفوضية مجموعة من الإجراءات التي ستُمكّن دول الاتحاد الأوروبي الـ27 من مواجهة انقطاع محتمل للإمدادات الروسية التي شكّلت حتى العام الماضي 40 في المئة من وارداتها.

وخفّضت "غازبروم" الروسية إمدادات الغاز إلى ألمانيا بواسطة نورد ستريم 1 بنسبة حوالي 60 في المئة في الأسابيع الأخيرة، مرجعة الأمر إلى غياب توربين للغاز من شركة سيمنز يخضع لأعمال صيانة في كندا.

ويُعتقد أن التوربين الذي يتم إصلاحه في طريقه حاليا إلى روسيا فيما يتوقع استكمال عمليات الصيانة الروتينية التي أوقفت الشحنات تماما عبر نورد ستريم 1، الخميس.

وشدّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، على أنّ "غازبروم" ستفي بكل التزاماتها المرتبطة بإيصال الشحنات.

لكنّه تحدّث عن توربين غاز آخر من المفترض أن يتم إرساله من أجل أعمال صيانة نهاية الشهر الجاري، ما يعني أنّ شحنات الغاز ستتراجع إلى 20 في المئة من الإمكانات اعتبارا من الأسبوع المقبل.

من جانبها، أعلنت شركة غازكاديه Gascade الألمانية التي تدير خطوط الأنابيب بأنها تتوقع استئناف إيصال شحنات الغاز الروسي عبر نورد ستريم 1 في موعدها بعد انتهاء أعمال الصيانة، الخميس.

وقالت الشركة في بيان الأربعاء "نفترض أنه بناء على البيانات الحالية (حتى الساعة 15,00 في 20 يوليو)، سيستأنف نقل الغاز عبر نورد ستريم بالمستوى الذي كان عليه قبل أعمال الصيانة (أي 40% من إمكانات النقل)".

واتّهمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين روسيا، الأربعاء، باستخدام الغاز "سلاحا" ضد الاتحاد الأوروبي بخفضها الإمدادات بشكل جذري، داعية الدول السبع والعشرين الأعضاء إلى الاستعداد لتوقف كامل.

وتخضع خطة المفوضية التي سيدرسها في 26 يوليو وزراء الطاقة الأوروبيون، لتحفظات شديدة من دول عدّة بما فيها بولندا وإسبانيا. وقالت وزيرة الانتقال البيئي الإسبانية تيريزا ريبيرا "سنعارض فرض التزامات، من حيث الجهد، تفوق ما يناسبنا" وهو إجراء "غير منصف" و"غير فعّال".

واستكمالا لمجموعات العقوبات الست التي تم تبنّيها منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، وافق الاتحاد الأوروبي الأربعاء على فرض حظر على صادرات الذهب الروسية إضافة إلى سلسلة من الإجراءات، حسبما أعلنت الرئاسة التشيكية لمجلس الاتحاد الأوروبي.

الملابس الصينية السريعة

توفر شركات الموضة الصينية منتجات شبيهة بأحدث منتجات دور الأزياء العالمية، بأسعار زهيدة مغرية. لكن السؤال: هل يمكن تحمل تكاليفها؟

يقول إينار تنجين، الخبير في الشأن الصيني، إن شركات الأزياء الصينية تلاحق آخر صيحات الموضة، وتقدم منتجا يشبه ما يراه الناس في عروض الأزياء في نيويورك أو ميلان، على سبيل المثال، وبسعر متاح على نطاق واسع، رغم أن المنتج ليس بنفس الجودة.

لكن الجودة، هنا، لا تتعلق بمتانة المنتج أو تميزه حِرفيا، فحسب.

السموم

تعتمد كبريات علامات الأزياء الصينية، بشكل كبير، على الألياف الصناعية ـ البوليستر والنايلون والاكليريك ـ وموادة مستخلصة من البتروكيمياويات.

تشكل المواد الداخلة في صناعة تلك الأقمشة ـ وفق دراسة لمؤسسة "Plastic Soup" ـ خطرا كبيرة على صحة المستهلك.

ما يقرب من 70 في المئة من ملابس علامات الأزياء التجارية الصينية، ومعظم المفروشات والستائر والسجاد مصنوعة البوليستر والنايلون والأكريليك، وبمجرد استنشاقها، وفق الدراسة، يمكن للألياف الاصطناعية أن تخترق أنسجة الرئة وتسبب التهابا مزمنا. 

وتربط تقارير علمية بين المواد الصناعية المستخدمة في صنع الأقمشة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والربو والسكري. 

ويمكن لجزيئات تلك المواد أن تصل، إذ نستنشقها، إلى الكبد والقلب والكلى والمخ، وحتى إلى الأجنة في الأرحام.

في خريف 2021، كشفت تحقيقات صحفية، في كندا، وجود مواد ضارة في الملابس التي يقتنيها الكنديون عبر مواقع التسوق الصينية. 

في سترة أطفال تم شراؤها من موقع Shein الصيني، اثبتت الاختبارات وجود ما يقارب 20 ضعفا من كمية الرصاص المسموح بها قانونية لأسباب صحية. 

وبحسب موقع وزارة الصحة الكندية، يتسبب الرصاص بأضرار في الدماغ والقلب والكلى والجهاز التناسلي. 

الرضّع والأطفال والحوامل هم الحلقة الأضعف والأكثر عرضة للخطر. 

رغم أن الرصاص عنصر طبيعي يمكن  العثور عليه في البيئة المحيطة، تتجاوز نسبته في الملابس الصينية، وفق نتائج الدراسة، مستويات التلوث البيئي، أو الكميات الصغيرة التي تتعرض لها الملابس عن غير قصد أثناء عمليات التصنيع. 

إثر التحقيقات الكندية، أعلنت شركة Shein سحب قطع ملابس، وأكد المتحدث باسم الشركة "الامتثال لمعايير السلامة"، الا أن الاتهامات تصاعدت لتطال كبريات منصات التسوق الصينية، مثل TEMU وAli Express. 

وأكدت نتائج فحوص مختبرية، أجريت في كوريا الجنوبية وفرنسا، ارتفاع نسب المواد السامة في منتجات الموضة السريعة الصينية. 

يقول نيكولاس لوريس، الخبير في شؤون الطاقة والسياسات البيئية إن مواد سامة تُستخدم في جميع أنواع الصناعات تقريبا، لكن ضمن معايير محددة تحمي العمال والمستهلكين، وتحافظ على البيئة. 

"مشكلة النموذج الصيني هي أنهم يتجاهلون كل هذه المعايير، وهنا يكمن الخطر الحقيقي". 

إغراء الأسعار

التقارير عهن سموم المواد البيتروكيمياوية لم تحُل دون تهافت الزبائن ـ حول العالم ـ على الصناعات الصينية. 

الأسعار مغرية.

لهذا، تسبق الصين دول العالم في إنتاج الأنسجة وتصديرها.

في عام 2022، شكلت صادرات الصين من المنسوجات 43 في المئة من الصادرات العالمية. وفي عام 2023، أنتجت الصين 19.36 مليار قطعة ملابس. وبلغ حجم صادرات الصين عام 2024 أكثر من 301 مليار دولار.

وساهمت شركات الموضة السريعة الصينية على نحو كبير في تحقيق هذا التفوق. وبحسب أرقام منظمة التجارة العالمية، تشحن شركتا TEMU وShein مجتمعتين، حوالي 9000 طن من البضائع إلى دول حول العالم يوميا، أي ما يساوي حمولة 88 طائرة بوينغ عملاقة. 

تقول هدى حلبي، وهي حرفية متخصصة في الخياطة، إن البضاعة الصينية اليوم تغزو العالم، لكن غالبيتها غير صالحة للخياطة. "لا تملك الناس المال لشراء النوعية الجيدة للأقمشة ولذلك تشتري الأرخص وسرعان ما يقومون برميه".

وفرة نفايات

ما يظنه المستهلك توفيرا، يدفعه أضعافا، تقول حلبي، في سباق محموم للحاق بصيحات الموضة السريعة. وتضيف دارين شاهين، إعلامية، خبيرة موضة لبنانية، أن الدخول في لعبة الترند والموضة يجعلنا ندفع بضع دولارات على بعض الألبسة لنقوم بالنهاية برميها إلى النفايات. 

وتتابع حلبي أن "الأزياء التي تعتمد على الكلاسيكية، الأزياء البطيئة، هي قطع ممكن شراؤها من ماركات عالمية، وهي غالبا تكون أسعارها مكلفة أكثر، ولكن بطبيعة الحال تكون أنواع القماش من مواد صديقة للبيئة، مثل القطن العضوي، ويكون عمر هذه القطعة أطول، ويمكن أن نرتديها أكثر من ثلاثين مرة من دون رميها".

"إنتاج ضخم + ملابس قصيرة العمر = ملايين الأطنان من نفايات الملابس سنويا على مستوى العالم؛" معادلة بسيطة، وفق ما يؤكده لـ"الحرة" سامي ديماسي، مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا.

 يتم التخلص من 92 مليون طن من نفايات المنسوجات سنويا، يقول ديماسي، "أي ما يعادل شاحنة قمامة مليئة بالملابس كل ثانية".

ويشير تقرير لموقع Firstpost الإخباري أن الصين هي المصنِّع والمستهلك الأكبر للملابس في العالم، وهي أيضا المساهم الأعلى في نفايات المنسوجات. ينتهي المطاف سنويا بحوالي 26 مليون طن من الملابس في مكبات النفايات ـ معظمها منسوج من مواد صناعية غير قابلة لإعادة التدوير.

عدم قابلية الألياف الصناعية على التحلل عضويا، وصعوبة إعادة تدويرها، جعلا من المكبات والمحارق، المستقر النهائي لنفايات الملابس.

تؤكد تقارير دولية أن كميات قليلة من هذه النفايات تم التخلص منها بطرق آمنة. ويقول ديماسي لـ"الحرة" إن 8 في المئة فقط من ألياف المنسوجات في عام 2023 صُنعت من مواد أعيد تدويرها، وأقل من واحد بالمئة من إجمالي سوق الألياف مصدره منسوجات أعيد تدويرها، "وهذا يبيّن أن هناك كثيرا من المنسوجات التي لا يعاد تدويرها، ترمى في النفايات، أو تحرق أو ترمى في المياه".

ألوان الأنهار

إلقاء نفايات الملابس في المسطحات المائية ليس سوى مصدر من مصادر  التلوث في الصين. فمصانع الأزياء تتخلص من ملايين الأطنان من المياه الملوثة في المجاري المائية. 

ومن المفارقات الشائعة ـ المقلقة ـ في الصين، أنه يمكن التنبؤ بألوان موضة الموسم من خلال متابعة مياه الأنهار. ويؤكد تقرير لمجلة "فوردهام" للقانون الدولي أن (70%) من البحيرات والأنهار (و90%) من المياه الجوفية في الصين ملوثة، ما يهدد الحياة البرية وإمكانية وصول المواطنين إلى مياه نظيفة. 

وتقدّر مجموعة البنك الدولي أن ما بين (17% و 20%) من التلوث الصناعي للمياه في الصين ناتج عن عمليات صباغة ومعالجة المنسوجات. 

علاوة على ذلك، تحتوي المياه في الصين على 72 مادة كيميائية سامة مصدرها صباغة المنسوجات؛ 30 مادة منها لا يمكن إزالتها من المياه.

ألوان الهواء

يقول مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا، سامي ديماسي، لـ"الحرة" إن سلسلة قيمة المنسوجات، كل عام، تشير إلى أنها مسؤولة عن نحو 8 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري. 

لا تقتصر المسألة على الأضرار البيئة اليوم، يقول ديماسي؛ الأضرار ستمتد لعقود قادمة. "والأجيال الشابة التي ترى في الموضة السريعة فرصة لشراء منتجات رخيصة جدا، يفرحون بها أمام أصدقائهم، لا يدركون التكلفة الاقتصادية والبيئية لتلك الصناعة". 

رغم كل هذه الآثار البيئية، تبقى العروض المغرية والأسعار التي تصعب مقاومتها، أحد الأسباب وراء لجوء المستهلكين إلى مواقع التسوق الصينية.

فهم يستطيعون تحمل تكاليفها، لكن ـ مرة أخرى ـ يبقى السؤال قائما: هل يستطيعون بالفعل؟