بينما تضج أغلب المدن الإيرانية باحتجاجات اندلعت عقب وفاة فتاة بعد أيام من اعتقالها على أيدي شرطة الأخلاق، قُتل عشرات الأشخاص في مدينة زاهدان برصاص قوات الأمن الإيرانية بعد أعمال عنف أعقبت حادثة اغتصاب شابة خلال احتجازها لدى الشرطة.
تقع مدينة زاهدان في محافظة سيستان بلوشستان جنوب شرقي إيران، حيث يتهم ناشطون قوات الأمن الإيرانية بقتل عشرات في ما أسموها بـ"الجمعة الدامية"، بينما أعلنت السلطات الإيرانية فتح تحقيق حول ما أسمته "أعمال العنف".
وبحسب منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها في النرويج، قتل 63 شخصا في أعمال عنف الجمعة الماضي، ثم أربعة أشخاص آخرين في حادثة منفصلة في زاهدان، بعدما أطلقت مروحية عسكرية النار على سيارة ذات سقف مفتوح.
وقالت "حملة نشطاء البلوش" في آخر تحديثاتها على تلغرام، إنها أكدت حتى الآن مقتل 88 شخصا، وفق تقرير تقرير لوكالة فرانس برس.
احتجاجات بلوشستان
واندلعت الاحتجاجات في سيستان بلوشستان بعد أسبوعين من التظاهرات التي عمت جميع أنحاء إيران احتجاجا على وفاة مهسا أميني بعد أيام من اعتقالها على أيدي شرطة الأخلاق بذريعة الرداء "غير اللائق".
لكن الاحتجاجات التي كان مركزها زهدان ترتبط باتهامات لقائد الشرطة الإقليمية في المنطقة باغتصاب فتاة تبلغ 15 عاما، خلال وجودها قيد الاحتجاز في مدينة شاباهار الساحلية في المحافظة.
ويعاني سكان هذه المنطقة من البلوش انتهاكات عديدة يرتكبها بحقهم النظام في طهران، وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران إن من بين 251 شخصا أعدموا في إيران في 2022 كان 67 من البلوش.
وكانت السلطات في طهران قد تحدثت عن اشتباكات بين قوات الأمن و"إرهابيين" في زاهدان، موضحة أن ثلاثة مراكز للشرطة تعرضت لهجمات. وبحسب وكالة تسنيم الإيرانية، أعلنت جماعة "جيش العدل" السنية المتمردة، الناشطة في المنطقة، مسؤوليتها عن هجوم على مركز شرطة.
لكن زعيما نافذا للأقلية السنية في سيستان بلوشستان، رجل الدين مولوي عبد الحميد، حذر الأسبوع الماضي من التوترات في زاهدان بعد "اغتصاب فتاة على يد شرطي".
ونفى عبد الحميد، الأربعاء، على موقعه الإلكتروني "أي تورط لجيش العدل أو أي جماعة أخرى" في أعمال العنف في زاهدان.
بلوشستان
ووفق موسوعة بريتانيكا فإن بلوشستان منطقة بجنوب شرقي إيران ضمن مقاطعة تعرف باسم "سيستان بلوشستان". ويمتاز طقسها بالتطرف، فإما أمطار تسبب فياضانات أو حرارة مرتفعة تستمر لأكثر من 8 أشهر خلال العام.
وتصف الموسوعة هذه المنطقة بأنها من "أقل المناطق تطورا" في إيران، وتعتبر المعيشة فيها قاسية من الناحية "المادية".
وتفرق إحدى الدراسات بين بلوشستان كمنطقة في إيران، وبين بلوشستان التاريخية التي تضم "مناطق حدودية جنوب شرقي إيران، وجنوب غربي باكستان، وجنوبي أفغانستان"، بحسب دراسة نشرت في 2014.
وكانت بلوشستان تمثل دولة البلوش التاريخية التي كانت تعرف باسم "خانية كلات"، التي ظلت بمثابة دولة للبلوش حتى عام 1839 عندما أخضعت للسيطرة البريطانية، ثم قُسمت بين باكستان وإيران وأفغانستان، بحسب ما قال المحلل المتخصص في الشأن الإيراني علي رجب في حديث سابق لموقع "الحرة".
البلوش
ويسكن بلوشستان إيران، البلوش وهم "مجموعة من القبائل التي يمتد تواجدها بين إيران وباكستان وأفغانستان"، بحسب الموسوعة.
والبلوش هم من المسلمين السنة، ويتحدثون اللغة "البلوشية"، التي تعتبر من أقدم اللغات للمجموعات الهندية الإيرانية.
وتشير دراسة إلى أن البلوش كانوا من البدو الرحل ينتقلون مع حيواناتهم لمسافات طويلة ولعدة قرون، واشتهر العديد منهم بالتجارة.
القضية البلوشية
ويوضح كتاب "القومية البلوشية: أصولها وتطورها" لتاج محمد بريسيك، أن البلوش في إيران واجهوا قمعا قاسيا منذ خمسينيات القرن الماضي، حظرت خلاله اللغة وحتى ترديد الأغاني البلوشية.
ويشرح أن البلوش الإيرانيين كانوا ينظرون إلى أنفسهم "كأمة مستقلة"، خلال عهد شاه إيران، وحتى بعد سقوطه في 1979، عندما بدأوا تحركا في مواجهة النظام السياسي في طهران، لتبدأ ضدهم سلسلة جديدة من "التمييز والاضطهاد" شملت جميع نواحي الحياة، الاقتصادية والاجتماعية.