صورة أرشيفية لمجموعة مسلحة "عرين الأسود" في الضفة الغربية
صورة أرشيفية لمجموعة مسلحة "عرين الأسود" في الضفة الغربية

قتلت القوات الإسرائيلية، الثلاثاء، أحد قياديي ما يسمى "عرين الأسود"، وهي جماعة فلسطينية ناشئة في مدينة نابلس، ما أدى إلى اشتعال واحدة من أكبر المعارك التي شهدتها الضفة الغربية منذ أسابيع، وأثار أسئلة عن هذا الفصيل وطرق تمويله وتسليحه. 

وفي بيان، الثلاثاء، قال الجيش الإسرائيلي إن "قواته داهمت منزلا في منطقة السوق بالبلدة القديمة كان يُستخدم موقعا لتصنيع المتفجرات"، مما أدى لمقتل، وديع الحوح، الذي كان مسؤولا عن صنع القنابل الأنبوبية وتوفير أسلحة للجماعة، وفقا لـ"رويترز".

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، اعتقال ثلاثة فلسطينيين يتهمهم بالانتماء إلى جماعة "عرين الأسود"، بينهم شقيق زعيم "عرين الأسود"، إبراهيم النابلسي، الذي قتلته إسرائيل في أغسطس الماضي، وفقا لـ"فرانس برس".

ما هي "عرين الأسود"؟

مقتل عناصر من "عرين الأسود" في عمليات إسرائيلية أثار ضجة واسعة

"عرين الأسود" هي جماعة فلسطينية مسلحة ناشئة، ظهرت منذ حوالي عام في مدينة نابلس، ويتم وضع ملصقات لمقاتليها ممن لقوا حتفهم في جميع الشوارع الضيقة للبلدة القديمة وسوقها، وجميعهم تقريبا شبان يحملون أسلحتهم الآلية ومعداتهم القتالية، حسب "رويترز".

وكان الدافع الأساسي للجماعة التي تألفت في البداية من أربعة مقاتلين شبان هو "الغضب من تعديات المستوطنين الإسرائيليين والمواجهات مع الجيش الإسرائيلي"، وفقا لما ذكره مسؤولون فلسطينيون محليون لـ"رويترز".

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس المفتوحة، أيمن الرقب، أن "الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على نابلس وعدم وجود مدافع عن الشعب، كان السبب الرئيسي وراء تشكيل الجماعة".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يؤكد أن الجماعة تضم "مجموعة من الشباب المنتمي لعدة تنظيمات وفصائل فلسطينية ومنها فتح وحماس والجهاد الإسلامي".

وتصنف الولايات المتحدة ودول غربية حركتي حماس، والجهاد الإسلامي بأنهما من المنظمات الإرهابية.

من جانبه، يتحدث المحلل السياسي الإسرائيلي، شلومو غانور، لموقع "الحرة" عن معلومات استخباراتية تشير لكون عرين الأسود جماعة من الشباب تكونت بـ"صورة تلقائية دون تنظيم أو انتماء فصائلي فلسطيني"، وجاء ظهورها لعدة أسباب.

وعن تلك الأسباب، يقول غانور إن الجماعة ترفض "علاقات السلطة الفلسطينية مع إسرائيل، وطريقة إدارتها للشؤون الداخلية".

ويرى غانور أن الصدام بين الفلسطينيين من جانب، والقوات الإسرائيلية والمستوطنين اليهود من جانب آخر، قد يكون أحد أسباب ظهور "عرين الأسود"، لكنه ليس "السبب الوحيد" على حد قوله.

ويشير المحلل الإسرائيلي إلى "أهداف سياسية واجتماعية وسيكولوجية وأمنية أدت لظهور المجموعة، وانتشار فكرها ونشاطها، واكتسابها لتعاطف شعبي واسع في الضفة الغربية".

عدد أعضاء الجماعة

محللون ذكروا أن عدد عناصر الجماعة لا يتعدى 30 شخصا

لا توجد معلومات موثوقة عن عدد أفراد هذه الجماعة، لكن مسؤولا فلسطينيا له صلات جيدة في البلدة القديمة في نابلس، قال إنها ربما تضم 25 ناشطا مسلحا، مع وجود عدد أكبر من المؤيدين من خارج الجماعة، وفقا لـ"رويترز".

ووفقا لحديث غانور، فلا يتجاوز عدد أفراد "عرين الأسود" ٣٠ شخصا، ومعظم من سكان مدينة نابلس.

من جهته، يقول الرقب إن عناصر الجماعة "محدودة" وتقدر بـ"العشرات"، مرجعا ذلك لـ"صعوبة الحصول على السلاح في الضفة الغربية".

من أين تتلقى التمويل؟

لا توجد معلومات موثوقة عن عدد أفراد هذه الجماعة

ويقول مسؤولون فلسطينيون إن "عرين الأسود" ربما تتلقى دعما ماليا أو لوجستيا من جماعات أخرى، حسب "رويترز".

ويتحدث الرقب عن عدم وضوح "الجهة الممولة" للجماعة، مرجحا في الوقت ذاته أن تكون "حركة حماس" أو "الجهاد الإسلامي".

ويتطرق الرقب في حديثه إلى "صعوبة دخول الأموال والتمويل إلى الضفة الغربية"، نظرا لفرض السلطات الإسرائيلية والفلسطينية "رقابة شديدة على التحويلات المالية".

من جانبه، يؤكد غانور أن "عرين الأسود" تتلقى دعما من "حماس التي تمدهم بالسلاح والمال".

وعند سؤاله عن كيفية دخول تلك الأموال للضفة، يرجح غانور أن تكون هناك "ثغرات في الترتيب الأمني"، ولا يستبعد وجود "خروقات في أجهزة المراقبة الإسرائيلية الفلسطينية".

ويشير غانور إلى أن تصفية المسؤول المالي للجماعة، إبراهيم النابلسي، كان بداية "معالجة تلك المشكلة" بهدف قطع شريان الإمدادات المالية لـ"عرين الأسود".

لماذا اتسع نشاط الجماعة؟

إسرائيل "تحركت سريعا" لتصفية أفراد الجماعة، وفقا لمحللين

يشير غانور، إلى "تقصير إسرائيلي" يتعلق بالتعامل مع الجماعة ومواجهتها بسبب "عدم إيلائهم أهمية"، ما تسبب في تنامي نشاطها وانضمام البعض لصفوفها بواسطة "الدعاية وشبكات التواصل الاجتماعي".

وبفضل الدعم المالي قامت الجماعة خلال فترة قصيرة بعدد من العمليات "الإرهابية" التي تصل لـ٢٠ عملية وكان بعضها "نوعيا"، وفقا لحديثه.

وفي 11 أكتوبر، تبنت الجماعة هجوما أسفر عن مقتل جندي إسرائيلي وسبقه هجوم منفصل قتلت خلاله شرطية في القدس الشرقية، وفقا لـ"فرانس برس".

وتشير العمليات الإسرائيلية الأخيرة الرامية للتصدي للجماعة، إلى "تحرك أمني عاجل لمعالجة الموضوع وتصفية زعماء وأعضاء المجموعة"، وفقا لحديث غانور.

ويرى أن السلطات الأمنية الإسرائيلية استطاعت معالجة مشكلة "التسليح" بعد تصفية الحوح، الذي كان يمد الجماعة بالأسلحة والمعدات القتالية، واصفا ذلك بـ"عامل إضافي في معالجة الظاهرة والقضاء عليها".

هل تصعد نشاطها؟

صعوبات تواجه السلطة الفلسطينية في نزع أسلحة "عرين الأسود"

يري الرقب أن جماعة "عرين الأسود" ظاهرة وقتية محدودة "لن تتمدد"، مستشهدا في حديثه بتشكيل جماعات سابقة مثل "الفهود السود" و"صقور فتح"، والتي لا تمارس أي نشاط الآن.

ويرجح الرقب إمكانية استخدام اسم "عرين الأسود"، إعلاميا خلال عمليات محدودة ضد القوات الإسرائيلية في المستقبل، لكنه يقول إن "الضفة الغربية لن تشهد مواجهات موسعة ضد إسرائيل نظرا لفقدان الثقة بين الفصائل الفلسطينية".

من جانبه، يتحدث غانور عن أهمية القضاء التام على الجماعة من خلال "حصر نشاطها داخل البلدة القديمة من مدينة نابلس وتحديد أعضائها وقادتها والناشطين فيها".

ووفقا لرأي غانور، فسيكون من الصعب منع نشاط "عرين الأسود" المسلح في الفترة القادمة بعد انتشار أفكارهم داخل المجتمع الفلسطيني.

التحدي المشترك

ويتمتع أفراد الجماعة بـ"مكانة كبيرة" بالبلدة القديمة، ويحظون بـ"دعم شعبي واسع" في نابلس، واكتسبوا "أهمية أكبر" في جميع أنحاء الضفة الغربية، وفقا لـ"رويترز".

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي لفرانس برس إن إسرائيل شرعت في عملية استخباراتية لوقف هجمات "عرين الأسود" بعدما "فشلت" السلطة الفلسطينية في احتوائها.

وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أنه "تم تعزيز المنطقة بالكامل ونحن مستعدون للتصعيد".

وتحاول السلطة الفلسطينية، شراء أسلحة "عرين الأسود"، أو دمجها في قواتها الأمنية، لكن دون أن تحقق نجاحا يذكر، وفقا لما ذكره محافظ نابلس، إبراهيم رمضان، لـ"رويترز".

ولذلك، يؤكد غانور أن الجماعة "تشكل تحديا"، ليس لإسرائيل وحدها بل أيضا للسلطة الفلسطينية.

وبحسب غانور، فإن "أنشطة عرين الأسود، تنعكس سلبا على مكانة السلطة الفلسطينية، وسيطرتها الأمنية على نابلس وسائر مناطق الضفة الغربية".

وفي الأشهر الأخيرة، تصاعد التوتر في شمال الضفة الغربية، لاسيما في منطقتي نابلس وجنين، وهما معقلان للفصائل الفلسطينية المسلحة، حيث كثفت القوات الإسرائيلية مداهماتها في أعقاب اعتداءات دامية ضد إسرائيليين في مارس وأبريل، وفقا لـ"فرانس برس".

فندق ريتز كارلتون بالرياض حيث يلتقي الوفدان الأميركي والروسي - رويترز
فندق ريتز كارلتون بالرياض حيث يلتقي الوفدان الأميركي والروسي - رويترز

عقد مسؤولون من الولايات المتحدة وروسيا محادثات في السعودية، الاثنين، بهدف إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في البحر الأسود، قبل التوصل إلى اتفاق مماثل في أوكرانيا، في الوقت الذي تبادلت فيه موسكو وكييف القصف بطائرات مسيرة.

وتأتي المحادثات بعد مباحثات أميركية مع أوكرانيا في السعودية، الأحد، بعد أن شنت روسيا هجوما جويا لليلة الثالثة على التوالي على كييف، مما تسبب في إصابة شخص واحد وإلحاق أضرار بمنازل في المنطقة المحيطة بالعاصمة الأوكرانية.

وقالت روسيا إنها أسقطت 227 طائرة مسيرة أوكرانية في الأربع والعشرين ساعة الماضية، في الوقت الذي ما زال يكافح فيه رجال الإطفاء في منطقة كراسنودار في الجنوب لليوم الخامس على التوالي لإخماد حريق في مستودع نفط تعرض لهجوم بطائرة مسيرة أوكرانية الأسبوع الماضي.

وكثف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جهوده لإنهاء الصراع المستمر منذ 3 سنوات بعد أن تحدث الأسبوع الماضي مع كل من نظيريه الأوكراني فولوديمير زيلنسكي والروسي فلاديمير بوتين.

ويقول البيت الأبيض إن الهدف من المحادثات هو التوصل إلى وقف إطلاق نار في البحر الأسود لضمان حرية حركة الملاحة.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت المحادثات ستفضي سريعا إلى اتفاق جديد أم كان الغرض منها منح الجانبين فرصة لمناقشة قائمة أولويات أوسع.

وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين "الأمر يتعلق في المقام الأول بسلامة الملاحة"، مشيرا إلى أن اتفاقا سابقا بشأن الملاحة في البحر الأسود عام 2022 لم يحقق ما تضمنه من تعهدات لموسكو.

وألحقت أوكرانيا أضرارا جسيمة بأسطول البحر الأسود الروسي منذ عام 2022، مما أجبر موسكو على نقل بعض السفن من قاعدتها في شبه جزيرة القرم.

وعلى الرغم من الهجمات الروسية على موانئها، تمكنت أوكرانيا من تصدير الحبوب وخام الحديد وسلع أخرى عبر البحر الأسود من موانئها البحرية الرئيسية الثلاثة في منطقة أوديسا بمستويات مماثلة لما كانت عليه قبل الحرب.

لكنها لم تتمكن من استخدام ميناء ميكولايف الذي كان مركزا رئيسيا آخر للتصدير، ودعا زيلنسكي قادة الاتحاد الأوروبي هذا الشهر إلى دعم فكرة الهدنة البحرية والجوية.

شكوك أوروبية

وأفاد مصدر مطلع على الخطط الأميركية تجاه المحادثات بأن الوفد الأميركي يقوده آندرو بيك المسؤول الكبير بمجلس الأمن القومي الأميركي، ومايكل أنطون المسؤول بوزارة الخارجية الأميركية.

ويمثل روسيا غريغوري كاراسين وهو دبلوماسي سابق يشغل حاليا منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي، وسيرغي بيسيدا مستشار رئيس جهاز الأمن الاتحادي، بحسب "رويترز".

ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن كاراسين القول خلال استراحة بعد محادثات لنحو ثلاث ساعات إن المشاورات تتقدم "بشكل بناء"، وإن الجانبين ناقشا قضايا ينظر إليها على أنها "تؤرق" العلاقات الثنائية.

وعبر ترامب، الذي دعا مرارا إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، عن ارتياحه التام لسير المحادثات وأشاد بانخراط بوتين في العملية حتى الآن.

إلا أن هناك شكوكا لدى القوى الأوروبية الكبرى حيال ما إذا كان بوتين مستعدا لتقديم تنازلات معقولة أم أنه سيتمسك بما يرون أنها مطالب مبالغ فيها لم تتغير فيما يبدو منذ أن نشر عشرات الآلاف من القوات في أوكرانيا عام 2022.

ويقول بوتين إنه مستعد لبحث السلام، لكن يجب على أوكرانيا التخلي رسميا عن طموحاتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وسحب قواتها من كامل أراضي أربع مناطق أوكرانية أعلنت روسيا ضمها وتسيطر على معظمها.

وأعلن الكرملين، الاثنين، أن روسيا لا تزال ملتزمة بوقف مؤقت مدته 30 يوما للهجمات على أهداف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، الذي وعد به بوتين ترامب الأسبوع الماضي، رغم استمرار كييف في قصف منشآت الطاقة الروسية.

وأكدت أوكرانيا أنها لن توافق على وقف إطلاق النار إلا في حال توقيع وثيقة رسمية، واتهمت موسكو بانتهاك وقف إطلاق النار الذي أعلنته، وهو ما تنفيه روسيا.

وقال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، مايك والتز، في مقابلة مع قناة (سي.بي.إس)، الأحد، إن الوفود الأميركية والروسية والأوكرانية اجتمعت في منشأة واحدة بالرياض.

وأعلن التلفزيون السعودي، الاثنين، أن وزير الدفاع الأوكراني رستم أوميروف وصل إلى السعودية. وربما يشير وجوده إلى أن الوفد الأميركي سيجري مزيدا من المحادثات مع أوكرانيا بعد انتهاء مشاوراته مع روسيا.