أطلق الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، الجمعة حملة لمناهضة المثلية في العراق، ودعا في تغريدة على تويتر إلى الاتحاد في مواجهة مجتمع الميم "سلميا"، لكن مراقبين أبدوا مخاوف من تفاقم أعمال العنف ضد أصحاب التوجهات الجنسية الأخرى.
ودعا الصدر إلى مواجهة المثلية "بالتثقيف والتوعية والمنطق والطرق الأخلاقية" و"ليس بالعنف أو القتل أو التهديد"، وفقا لما جاء في تغريدته.
وتتضمن الحملة جمع تواقيع وتعهدات بمناهضة المثلية الجنسية والمطالبة بعدم تشريعها على الإطلاق.
وتعيد هذه الحملة التذكير بتصريحات أطلقها الصدر في بداية تفشي جائحة كورونا، وخلال انتشار جدري القردة، إذ ألقى باللوم، عن انتشار الأمراض حينها، على "المثلية الجنسية".
ووضع محللون تحدثوا لموقع "الحرة"، حملة الصدر ضد المثلية في سياق"ديني واجتماعي"، في حين أشار آخرون إلى تزامنها مع حملات مجتمع الميم على هامش بطولة كأس العالم في قطر.
عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان السابق، علي البياتي قال لموقع "الحرة" إنه لا "يتفق مع تسمية هذه الفئة بمجتمع، أو عزلهم بعنوان تمييزي فهم بشر، سواء اتفقنا معهم أو اختلفنا".
وأضاف في تعليقه على الحملة التي يقودها التيار الصدري "من الجانب القانوني لا يمكن معاقبتهم (المثليين) إلا إن ثبت مخالفتهم للقوانين، وإذا كانت هنالك ثمة اختلافات وخلافات داخل المجتمع فلا بد من أن تنظم من خلال قوانين تصدر من ممثلي الشعب فلا يمكن فرض أحكام أو عقوبات بلا قوانين".
المحلل السياسي المقرب من التيار الصدري، مناف الموسوي قال إن تحرك "الزعيم مقتدى الصدر لرفض ما يسمى بالمجتمع الميمي، يأتي في سياق ديني واجتماعي، خاصة وأن جميع الأديان السماوية ترفض الممارسات من هذا النوع".
وأشار في حديث لموقع "الحرة" إلى أن هذا الموقف "هو ديني وإصلاحي اجتماعي، ولا يعبر عن موقف سياسي"، مضيفا قوله: "لا يوجد أي مشكلة حتى إذا فسر البعض هذا التحرك على أنه تحرك سياسي".
وانتشر على شبكات التواصل الاجتماعي منشورات تدعم حملة التيار الصدري، مرفقة بصورة لورقة قيل إنها تتضمن التعهد بمناهضة "الشذوذ الجنسي والمجتمع الميمي".
اني المناهضه شذࢪات الصدࢪ♕ من دوله العراق
— شــذࢪآتـہ الصدࢪ♕الخاص ممنوع لطفآ (@alsd_at) December 1, 2022
انشر نفسي من اجل مناهضه (الشذوذ الجنسي) والمجتمع الميمي باطريقه الاخلاقيه والسلميه والدينيه
واطالب بإلغاء سن قانون المثليه لكي لايكون بابآ لتعميم البلاء
وانا تحت طاعتك سيدي مقتدى #كلا_للمجتمع_الميمي pic.twitter.com/gDJuCeuMyU
رئيس مركز "ألوان" للدراسات الاستراتيجية، حيدر البرزنجي، المقرب من الإطار التنسيقي، يرى أن "دعوة زعيم التيار الصدري لهذه الحملة تأتي في إطار ديني، وهي ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها بهذا الشأن".
ويرجح البرزنجي في رد على استفسارات موقع "الحرة" أن "الدعوات التي أطلقتها الدول الأوروبية خلال كأس العالم في ما يتعلق بمجتمع الميم قد تكون دفعت الصدر للإعلان عن مثل هذه الحملة، في إطار الرد عليهم".
وواجهت قطر انتقادات دولية ترتبط بحقوق مجتمع الميم، حيث منع اللاعبون والمشجعون من حمل أو ارتداء أية شعارات ترمز لحقوق هذه الفئة.
"العنف" أو "اللاعنف"
ووفق تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس تثير دعوة الصدر تجاه مجتمع الـ"LGTBQ" المخاوف من تصاعد العنف ضدهم، خاصة وأن أتباع الصدر لهم سوابق عنيفة، بحسب الوكالة، كان آخرها اقتحامهم في أغسطس الماضي مباني حكومية في أزمة انتهت باشتباكات خلفت 30 قتيلا على الأقل.
ويستبعد الموسوي أن تؤدي حملة الصدر إلى استهداف هذه الفئة بالعنف، وقال "إن دعوة السيد الصدر واضحة، بمعالجة هذه الإشكالية بالطرق السلمية بالحوار وتبادل الأفكار"، مؤكدا أن "جمهور التيار الصدري منضبط دائما ويلتزم بما يوجههم به السيد الصدر".
بدوره يرى البرزنجي أن "الدعوة من الصدر طالبت بالتعامل باللاعنف، ولكن احتمالية حدوث عنف تبقى موجودة، إذ قد لا يلتزم الجميع بالتعليمات".
أمير عاشور مؤسس "عراق كوير"، وهي أول منظمة للدفاع عن مجتمع الميم في العراق، انتقد حملة الصدر على المثليين. وقال: "لسبب ما، يفكر مقتدى الصدر بحياتي الجنسية أكثر مما أفكر فيها!!! لا يوجد شيء اسمه الوسائل السلمية عند انتهاك حقوق مجتمع المثليين والمغايرين جنسيا".
For some reason, @Mu_AlSadr thinks about my sex life more than I think about it!!! There is no such thing as "peaceful means" when violating the rights of #LGBT+ people. https://t.co/pVzU22Hcqi pic.twitter.com/wNG8KyNTEz
— Amir Ashour أمير عاشور (@amirashour_) December 2, 2022
وكان تقرير لهيومان رايتس ووتش صدر خلال العام الحالي اتهم مجموعات مسلحة في العراق "باختطاف واغتصاب وتعذيب وقتل مثليين ومثليات ومزدوجي الميول الجنسية، من دون ملاحقة المعتدين أو عقابهم".
واتهم التقرير الذي أصدرته المنظمة بالتعاون مع عراق كوير قوات الأمن العراقية بالتواطؤ في كثير من الأحيان في تفاقم العنف ضد مجتمع الميم واعتقال أفراد منهم بسبب مظهرهم".
ويرى المحلل الموسوي أن هذه الحملة لا تعني "انتشار المثليين داخل المجتمع العراقي لتصبح ظاهرة، ولكن يجب توجيه المجتمع ليرفض هذه الممارسات الشاذة التي تمارس من قبل البعض، حتى لا تصبح واقعا فعليا قائما".
وأوضح أن "المثلية كمشكلة قد تكون موجودة، ولكن الواجب الديني يحتم التصدي لها والرفض بشكل قاطع حتى لا تعطى لها صبغة شرعية".
ويؤكد البرزنجي أن هناك "أولويات اقتصادية وأمنية وخدمية يحتاجها العراق، ولكن أيضا هناك أولوية مجتمعية للحد من هذه المشكلة" حتى لا تصبح ظاهرة، مشيرا إلى أنها "لا تحتاج إلى تشريع قانون منفصل لها إذ أنها مجرمة بقانون العقوبات العراقي".
ولا يوجد في العراق قانون يجرم صراحة المثلية الجنسية، إلا أن القوانين تجرم "الأفعال غير المحتشمة"، وهو ما وصفته هيومان رايتس ووتش بأنها "مادة قانونية غامضة تستخدم لاستهداف الأقليات الجنسية والجندرية".
وفي يوليو الماضي، أعلنت اللجنة القانونية النيابية، عن وجود "تحرك نيابي لتشريع قانون يحظر المثلية في العراق".
وشرح الخبير الدستوري، علي التميمي، لموقع "الحرة" حينها عدم الحاجة لتشريع خاص يجرم المثلية خاصة وأن "هناك عدة مواد قانونية في التشريعات العراقية النافذة تعاقب على ما تعتبره جرائم الدعارة، والزنا واللواط، والسمسرة، والتي تتراوح عقوباتها بين السجن والغرامة وتصل إلى الإعدام".

رشا يونس، الباحثة في مجال حقوق مجتمع الميم قالت لوكالة أسوشيتد برس "إن الهجمات ضد أفراد هذا المجتمع كانت منذ فترة طويلة تكتيكا سياسيا".
وأضافت أن الخطابات العامة مثل خطاب الصدر يعمل على "تقويض حقوق مجتمع الميم، ويغذي العنف ضد المثليين العراقيين الذين يواجهون بالفعل أعمال القتل والاختطاف والتعذيب من قبل جماعات مسلحة".
وفي مطلع 2022، قتل شاب عابر جنسيا في محافظة دهوك على يد شقيقه بدوافع "غسل العار"، ما أثار ردود فعل منددة على المستوى المحلي والدولي، بحسب تقرير سابق لموقع "إرفع صوتك".
وتصدرت حادثة اعتقال "جوجو" في مايو الماضي بعد استدراجها من الخارج عبر إقليم كردستان، الرأي العام في العراق. و"جوجو" بحسب أخبار وأنباء متداولة، بالأصل رجل طغى عليه هرمون الأنوثة فتحول إلى امرأة عبر سلسلة من العمليات الجراحية.