تواصلت الدعوات الدولية والعربية المطالبة بالهدوء وضبط النفس عقب الأحداث الدامية التي شهدتها الضفة الغربية والقدس وأسفرت عن سقوط العديد من القتلى والجرحى الفلسطينيين والإسرائيليين.
وتصاعد التوتر بعد هجوم دام شهد مقتل سبعة مصلّين بالرصاص بالقرب من كنيس يهودي في ضواحي القدس الشرقية، الجمعة.
ويوم السبت، أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية وقوع مصابين بإطلاق نار في القدس، في حين أصيب خمسة شبان فلسطينيين بالرصاص الحي، أحدهم حالته خطيرة، جراء إطلاق مستوطن إسرائيلي النار عليهم عند مدخل بلدة بيتا جنوبي مدينة نابلس فجر اليوم.
وقال متحدث باسم خدمة الإسعاف الإسرائيلية "نجمة داود الحمراء" إن "شابا عمره 23 عاما حالته خطيرة ورجل عمره 47 عاما حالته متوسطة إلى خطيرة، بعد إصابتهما بجروح في أعلى الجسم جراء طلقات نارية".
وقال جهاز الإسعاف إنه تلقى اتصالا طارئا بشأن الهجوم عند الساعة 10,42 صباحا (08,42 بتوقيت غرينتش).
وأضاف المتحدث، فادي ادكيدك، في بيان "سارعنا إلى المكان وشاهدنا مصابين من جراء إطلاق النار".
وأوضح أن الجريحين كانا "بوعيهما الكامل" ونقلا إلى المستشفى.
وأعلنت الشرطة "تحييد" المشتبه به، دون توضيح ما إذا كان قتل أو أصيب.
وذكر الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه سيعزز قواته في الضفة الغربية، مؤكدا في بيان أنه "بعد تقييم للجيش الإسرائيلي للوضع، تقرر تعزيز فرقة يهودا والسامرة (الضفة الغربية) بكتيبة إضافية"، بحسب وكالة رويترز.
كما أعلنت الشرطة الإسرائيلية، السبت، أنها اعتقلت 42 شخصا، من بينهم أفراد من عائلة مطلق النار الفلسطيني، وفقا لوكالة فرانس برس.
وأكدت الشرطة في بيان أنها "اعتقلت 42 مشتبها بهم للاستجواب، البعض منهم من أفراد عائلة الإرهابي" إضافة إلى سكان من الحي الذي يسكن فيه في القدس الشرقية التي احتلها اسرائيل وضمتها.
من جانبها، علقت جامعة بيرزيت الدوام في حرمها الجامعي وحولته للتعلم عن بعد بسبب الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية والقدس.
وشهدت عدة مناطق فلسطينية، فجر السبت، مواجهات مع الجيش الإسرائيلي ما أسفر عن إصابة العشرات بالاختناق.
وأكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، لمراسلة الحرة أنه سوف يجتمع برفقة مسؤولين فلسطينيين مع رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، في رام الله، مساء السبت.
دعوات للتهدئة
وكان ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة قد قال في بيان إن الأمين العام للمنظمة الدولية، أنطونيو غوتيريش، "قلق للغاية" بسبب التصعيد الحالي للعنف في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة داعيا إلى "أقصى درجات ضبط النفس".
وكان مسلح فلسطيني قتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص وأصاب آخرين في هجوم على كنيس يهودي على أطراف القدس، الجمعة، ما أدى إلى زيادة المخاوف من تصاعد العنف، وذلك في اليوم التالي لأعنف عملية إسرائيلية في الضفة الغربية منذ سنوات.
وقالت الشرطة إن المسلح وصل في حوالي الساعة 8:15 مساء بالتوقيت المحلي وفتح النار وأصاب عددا من الأشخاص قبل أن تقتله الشرطة.
ويؤكد الهجوم، الذي وصفته الشرطة الإسرائيلية بأنه "حادث إرهابي"، مخاوف من تصعيد العنف بعد أشهر من الاشتباكات في الضفة الغربية بلغت ذروتها في مداهمة، الخميس، أسفرت عن مقتل تسعة فلسطينيين على الأقل في جنين.
وفي هذا السياق، أكدت وزارة الخارجية الأردنية، السبت، ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة وفاعلة لوقف حالة التصعيد الخطيرة والمدانة التي راح ضحيتها مدنيين فلسطينيين وإسرائيليين، و"تنذر بتفجر دوامات من العنف سيدفع الجميع ثمنها"، بحسب وكالة الأنباء الرسمية "بترا".
وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة، سنان المجالي، إن الأردن يدين الهجوم الذي استهدف مدنيين في كنيس في القدس الشرقية، كما يدين كل أعمال العنف التي تستهدف المدنيين في الأراضي الفلسطينية.
وأضاف أن الأردن يدين العنف ضد المدنيين بكل أشكاله ويؤكد ضرورة احترام حرمة دور العبادة.
وأكد المجالي ضرورة "العمل الفوري للحيلولة دون تفاقم دوامة العنف المتصاعدة وتكثيف الجهود لاستعادة التهدئة ووقف كل الإجراءات الأحادية والاستفزازية التي تدفع باتجاه المزيد من التصعيد والتوتر".
وشدد المجالي على ضرورة وقف التدهور الخطير الذي "يكرس اليأس ويغذي التطرف" عبر تكاتف الجهود لإعادة الثقة بجدوى العملية السلمية من خلال استئناف مفاوضات جادة وفاعلة لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين لينعم الجميع بالأمن والسلام.
وفي وقت سابق، دانت الإمارات بشدة "الهجوم الإرهابي" في القدس.
وأكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية "وام" أن دولة الإمارات "تعرب عن استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية، ورفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وتتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية".
وأعربت الوزارة عن "خالص تعازيها للحكومة الإسرائيلية وشعبها الصديق ومواساتها لأهالي وذوي الضحايا جراء هذه الجريمة النكراء، وتمنياتها بالشفاء العاجل لجميع المصابين".
من جانب آخر، قالت وزارة الخارجية التركية، في بيان: "ندين الهجوم الإرهابي على كنيس يهودي في القدس، مساء يوم 27 يناير والذي أودى بحياة الكثير من الناس".
وأضافت "نشعر بالقلق من أن تتحول الهجمات التي تصاعدت في الآونة الأخيرة في المنطقة، إلى دوامة جديدة من العنف"، داعية "جميع الأطراف إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للتهدئة ووقف هذه الحوادث".
وتابعت : "نقدم تعازينا لأسر الذين فقدوا أرواحهم في الهجوم، ولحكومة إسرائيل وشعبها، ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين".
كما حذرت مصر من المخاطر الشديدة للتصعيد الجاري بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مطالبة بممارسة أقصى درجات ضبط النفس.
كما شددت الخارجية المصرية في بيان على "ضرورة وقف الاعتداءات والإجراءات الاستفزازية، لتجنب الانزلاق إلى حلقة مفرغة من العنف الذي يزيد الوضع السياسي والإنساني تأزماً، ويقوض جهود التهدئة وكافة فرص إعادة إحياء عملية السلام".
وكان الاتحاد الأوروبي قد أدان الهجوم الدامي في القدس الشرقية، وقال المفوض الأوروبي لشؤون الجوار والتوسع، أوليفر فارهيلي، في تغريدة له: "ندين بأشد العبارات الهجوم الإرهابي الشنيع الذي وقع اليوم (أمس الجمعة) ضد المصلين في القدس، خاصة في اليوم العالمي لإحياء ذكرى المحرقة".
وأضاف: "لا يمكن أن يكون هناك تفسير للإرهاب. أعمق تعازي للعائلات. نحن نقف إلى جانب إسرائيل".
وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد أكد آنفا على التزام الولايات المتحدة الراسخ بأمن إسرائيل، ووجّه فريقه للأمن القومي، بتقديم المساعدة لنظرائهم الإسرائيليين عقب عملية إطلاق نار استهدفت إسرائيليين في القدس.
كما أعلن البيت الأبيض أن بايدن طلب من فريقه للأمن القومي "تقديم كل الدعم المناسب لمساعدة الجرحى وتقديم مرتكبي هذه الجريمة المروعة إلى العدالة".
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير في بيان: "ندين بشدة الهجوم الشنيع المروع الذي وقع هذا المساء في كنيس يهودي بالقدس. نشعر بالصدمة والحزن بسبب فقدان الأرواح".
وجاء إطلاق النار، الجمعة، قبل أيام من زيارة لوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لإسرائيل والضفة الغربية.
وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيانا أدانت فيه الهجوم وقالت إنه لم يطرأ أي تغيير على خطط سفر بلينكن.
وفي بيان، الخميس، سبق الهجوم في القدس، عبرت الخارجية الأميركية عن "قلقها البالغ" حيال العنف في الضفة الغربية، وحثت الجانبين على تهدئة الصراع.