مع اقتراب الذكرى الثانية للانقلاب العسكري في ميانمار (بورما)، تعتزم منظمة غير حكومية نشر تقرير جديد يوثق عمل المجلس العسكري الانقلابي في ذلك البلد الآسيوي الفقير على السيطرة على بعض مناطق المعارضة من خلال ارتباك جرائم حرب وانتهاكات إنسانية ذهب ضحيتها العديد من الأطفال، وفقا لصحيفة "التايمز".
وأوضحت منظمة "ميانمار ويتنيس"، وهي منظمة غير ربحية مقرها الرئيسي في المملكة المتحدة، أنها وثقت نحو 140 غارة جوية بواسطة مروحيات روسية الصنع استهدفت منطقة التي تشهد معارك طاحنة بين الجيش والمعارضة.
ومن أبرز المجازر التي وثقتها المنظمة الحادثة التي وقعت، في سبتمبر الماضي، والتي استهدفت أطفالا في إحدى المدارس في بلدة تابين منطقة ساغاينغ.
وكان الأطفال قد عادوا لتوهم إلى الفصول الدراسية من استراحة اللعب في وقت الغداء عندما هاجمتهم القوات المسلحة لبلدهم برا وجوا.
وبدأ الهجوم بإطلاق طائرتين مروحيتين، روسيتي الصنع، صواريخ على المدرسة الواقعة في أراضي دير بوذي في شمال غرب البلاد، وعقب ذلك قامت طائرتا هليكوبتر شحن بإنزال حوالي 80 جنديًا من قوات النظام العسكري والذين سارعوا إلى اقتحام المجمع وإطلاق النار بشكل عشوائي.
وأسفر ذلك الاعتداء عن مقتل 11 طفلا، بالإضافة إلى العشرات من البالغين في حين أصيب العديد من الناجين بجروح خطيرة، وفقا لشهود عيان.
وبحسب الشهود فإن كل ذنب الضحايا أنهم كانوا يدرسون أو يعملون في تلك المدرسة في منطقة ساغاينج، التي يقطنها نحو 5.3 ملايين شخص، والتي كانت شهدت بعض أسوأ المعارك بين الجيش والمعارضة منذ استيلاء المجلس العسكري على السلطة في الأول من فبراير، عام 2021.
وأوضحت منظمة "ميانمار ويتنيس" أن جنرالات المجلس الانقلابي باتوا يحبذون شن الغارات الجوية لتكثيف الضغوط على المدنيين قبل الانتخابات الصورية التي من المقرر إجراؤها في أغسطس القادم.
ويفضل الجنرالات بشكل متزايد الهجمات الجوية، بأسلحة اشتروها من روسيا التي تعد الداعم الأكبر للنظام للانقلابي، وفقا للصحيفة.
ورصدت المنظمة ما يقرب من 140 من هذه الهجمات، لافتة إلى ارتفاع عدد الضربات بشكل مطرد منذ سبتمبر.
وفي مناطق مثل ساغاينج، حيث لا يفرض المجلس العسكري سيطرته على الأرض، تقوم المروحيات والطائرات روسية الصنع بدوريات منتظمة في السماء، في حين اعتبرت "ميانمار ويتنيس" الهجوم على مدرسة تابين الاعتداء الأكثر دموية بحق الأطفال منذ الانقلاب.
تضمنت الضربات الجوية الأخيرة هجوما أسفر عن مقتل ما يقدر بنحو 80 شخصا، بمن فيهم موسيقيون مشهورون، وذلك خلال حفل أقامه فصيل عرقي متمرد في ولاية كاشين.
كما قصفت طائرات المجلس العسكري العام الماضي "قرية سلام" رمزية في أرض مجموعة عرقية أخرى في ولاية كاين (تعرف أيضا باسم كارين).
وكان قد جرى إنشاء تلك القرية من قبل السكان المحليين في عام 2018 للإشارة إلى ما كانوا يأملون أن يكون حقبة جديدة من السلام والوئام بعد 70 عاما من الحرب الأهلية التي أعقبت نهاية الاستعمار البريطاني للبلاد.
واستُهدفت مجموعة عرقية أخرى، هي تشين، في غارة جوية في وقت سابق من هذا الشهر عقب قصف قاعدة للمعارضة ومنشآت طبية تحمل علامة الصليب الأحمر، مما أسفر عن مقتل مدنيين بالقرب من الحدود مع الهند.
وبحسب ما أوردت المنظمة، سقطت بعض القنابل داخل الهند، وهي المرة الثالثة التي يضرب فيها سلاح الجو الميانماري أراض أجنبية، بعد حوادث سابقة في تايلاند وبنغلادش.
وعلى الأرض، استخدمت القوات النظامية تكتيكات "الأرض المحروقة" في العديد من مناطق المعارضة بعد أن جرى استعمالها ضد أقلية مسلمي الروهينغا في حملة التطهير العرقي في عام 2017، والتي أضعفت الدعم الدولي للحكومة المدنية قبل الانقلاب.
وأشارت "ميانمار ويتنيس" إلى أن سياسة الأرض المحروقة تضاعف حجمها ثلاث مرات بين نوفمبر وديسمبر فقط مقارنة بما سبقها من شهور.
وأوضح كبير المحققين في المنظمة، دان أنليزارك، في التقرير الجديد: "يقع اعتداء جوي واحد كل يوم تقريبا.. ويبدو أن هذا بات جزءا واضحا من استراتيجية المجلس العسكري الانقلابي".
وشدد على أن تلك الهجمات تستهدف مواقع مدنية في معظمها مثل المدارس والمرافق الطبية.