تشييع ضحايا هجمة لطالبان باكستان على قوى الأمن في المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان
تشييع ضحايا هجمة لطالبان باكستان على قوى الأمن في المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان

عندما فجر انتحاري نفسه في مسجد داخل مجمع للشرطة في مدينة بيشاور الشمالية الغربية الاثنين، ما أسفر عن مقتل عشرات المصلين، حامت الشكوك فورا حول حركة طالبان الباكستانية، المعروفة أيضا باسم تحريك طالبان باكستان، أو (TTP)، وما أكد ضلوع الجماعة في التفجير، هو إعلان القيادي فيها "سريكف مهمند" المسؤولية عن الهجمة التي اعتبرت واحدة من أكثر الهجمات دموية على قوات الأمن في الأشهر الأخيرة.

ولكن بعد أكثر من عشر ساعات، نأى المتحدث باسم الحركة محمد خراساني بالجماعة عن تبني الهجوم، وزعم أنه ليس من سياستها استهداف المساجد أو المواقع الدينية الأخرى، مضيفا أن أولئك الذين يشاركون في مثل هذه الأعمال قد يواجهون إجراءات عقابية بموجب سياسة حركة طالبان باكستان. ولم يتطرق بيانه إلى سبب إعلان قائد حركة طالبان باكستان المسؤولية عن التفجير.

وجاء نفي حركة طالبان باكستان أيضا بعد أن أدانت وزارة الخارجية الأفغانية، التابعة لطالبان أفغانستان، الهجمات على المصلين باعتبارها مخالفة لتعاليم الإسلام.

وتقول أسوشيتد برس إن العلاقات متوترة بالفعل بين باكستان وطالبان أفغانستان  الذين يؤوون قيادة حركة طالبان الباكستانية ومقاتليها.

ما هي العلاقة بين حركة طالبان باكستان وطالبان الأفغانية؟

حركة طالبان الباكستانية منفصلة عن حركة طالبان الأفغانية، ولكنها حليف وثيق لها، وقد شجع استيلاء تلك الجماعة على أفغانستان في أغسطس 2021 حركة طالبان باكستان، التي تشارك أيديولوجية الجماعة.

واعتاد مقاتلو حركة طالبان باكستان على الاختباء في شمال غرب باكستان وكان لديهم أيضا ملاذ في أفغانستان، لكنهم عاشوا في الغالب حياة هروب.

مقاتل في حركة طالبان الأفغانستانية

ومع ذلك، بدأت حركة طالبان الأفغانية في إيواء حركة طالبان الباكستانية علنا عندما وصلت إلى السلطة، بعد أن أفرجت قادة الحركة الباكستانية ومقاتليها الذين اعتقلتهم الإدارات السابقة في كابول.

وقالت طالبان مرارا إنها لن تسمح لأي شخص، بما في ذلك حركة طالبان باكستان، باستخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات ضد أي دولة، بما في ذلك باكستان.

لكن مسؤولين باكستانيين يقولون إن هناك انفصالا بين أقوال وأفعال حركة طالبان الأفغانية التي بإمكانها أن تمنع حركة طالبان الباكستانية من شن هجمات داخل البلاد لكنها تفشل في القيام بذلك.

باكستان تدفع الثمن

لكن الحركتين، على الرغم من التقارب في الأصل والمعتقدات وحتى مناطق النفوذ، تتصرفان بشكل مختلف أحيانا، ولهما قيادتان مختلفتان.

وحتى ديسمبر الماضي، أدى إطلاق نار على الحدود بين باكستان وأفغانستان إلى زيادة التوتر بين البلدين.

ومنذ أن استولت طالبان على أفغانستان في أغسطس 2021، زادت وتيرة مثل هذه الاشتباكات، كما يقول موقع Middle East Eye.

وحتى وقت قريب، قللت باكستان من أهمية الاشتباكات الحدودية، داعية إلى حل دبلوماسي للمشكلة، لكن قضية الاضطرابات في حزام البشتون الباكستاني أصبحت أكبر من أن يتم تجاهلها، وفقا للموقع.

وقد يؤدي تفجير الجمعة إلى تصاعد الخلاف، خاصة وأن إسلام آباد تتهم كابل بإيواء طالبان باكستان.

بعد استيلاء طالبان على الحكم في أفغانستان توترت العلاقة مع باكستان

ويقول الموقع إن "الانتصار العسكري" الذي حققته حركة طالبان الأفغانية في أفغانستان كان له تأثير ملهم على أولئك الذين يسعون إلى فرض الشريعة الإسلامية في باكستان.

والآن تتذرع القوى المتطرفة بالإسلام ليس في معارضة الهند، كما فعلت تقليديا، بل أكثر للضغط على الحكومة الباكستانية لحملها على تأكيد الطابع الإسلامي للبلاد.

وبعد ساعات من تفجير المسجدين يوم الاثنين، قال وزير الداخلية رنا صنع الله خان لقناة جيو الإخبارية المستقلة إن حكام طالبان الأفغان يجب أن يلتزموا بالتزامهم تجاه المجتمع الدولي بعدم السماح لأي شخص باستخدام أراضيهم لشن هجمات ضد دولة أخرى.

وقال: "يجب أن يحترموا وعودهم".

لماذا تقاتل حركة طالبان باكستان؟

أعلنت الحركة غضبها بشكل متكرر من تعاون باكستان مع واشنطن خلال الحرب على الإرهاب.

وأسس متشددون باكستانيون حركة طالبان الباكستانية رسميا في عام 2007 عندما اتفقت جماعات مختلفة خارجة عن القانون على العمل معا ضد باكستان ودعم حركة طالبان الأفغانية التي كانت تقاتل القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي.

وتسعى حركة طالبان باكستان إلى تطبيق أكثر صرامة للقوانين الإسلامية، والإفراج عن أعضائها المحتجزين لدى الحكومة، والحد من الوجود العسكري الباكستاني في أجزاء من خيبر بختونخوا، الإقليم المتاخم لأفغانستان الذي استخدمته لفترة طويلة كقاعدة.

وصعدت حركة طالبان باكستان هجماتها على الجنود والشرطة الباكستانية منذ نوفمبر عندما أنهت من جانب واحد وقفا لإطلاق النار مع الحكومة بعد فشل أشهر من المحادثات التي استضافتها حركة طالبان في كابول.

وحذرت حركة طالبان باكستان الشرطة مرارا من المشاركة في عمليات ضد مقاتليها في بيشاور عاصمة إقليم خيبر بختونخوا.

عمليات باكستان ضد طالبان

ويقول موقع مركز Council on foreign affairs إن مقاتلي طالبان الباكستانية ركزوا على شن حملة عنيفة ضد الدولة الباكستانية وكل من يعتبرونهم منافسين.

وبفضل علاقاتها بتنظيم القاعدة، فإن حركة طالبان باكستان متورطة في تصاعد العنف ضد الشيعة الباكستانيين، الذين تعتبرهم معتقداتهم هرطقة، كما يقول الموقع.

وتحت ضغط الولايات المتحدة لتخليص المناطق القبلية من تنظيم القاعدة، نفذ الجيش الباكستاني عمليات في الإقليم لأول مرة في يوليو 2002.

ويقول الموقع إن هذه التوغلات أسهمت بزيادة التمرد والعداء، وتتهم جماعات حقوق الإنسان الدولية والصحفيون قوات الأمن الباكستانية بالتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري.

في المقابل، يقوم المقاتلون الطالبانيون بتفجير المدنيين وتنفيذ عمليات إعدام وابتزاز وفرض حماية في تلك المناطق.

لكن الموقع يقول إن حادثتين حفزتا طالبان الباكستانية على توحيد قواها ضد حكومة بلادها، الأولى في في عام 2006، حيث أفادت التقارير أن غارة في منطقة قبلية أسفرت عن مقتل ثلاثة وثمانين طالبا.

وبعد ذلك بعام، استولت القوات الخاصة الباكستانية على المسجد الأحمر في إسلام أباد، مما أسفر عن مقتل عشرات من مسلحي طالبان الذين احتلوه.

وبحلول أواخر عام 2007، أعلنت حوالي ثلاثين جماعة مسلحة تشكيل حركة طالبان باكستان. وعلى الرغم من ولائهم اسميا للملا عمر قائد طالبان أفغانستان آنذاك، إلا أنهم تجاهلوا طلباته بتهدئة قتالهم مع باكستان.

ولسنوات عديدة، سعت باكستان إلى احتواء التمرد من خلال التفاوض على هدنة مع بعض الجماعات المسلحة بينما تقاتل جماعات أخرى.

وانتقدت الولايات المتحدة، من بين دول أخرى، هذه الصفقات، قائلة إنها سمحت لفصائل طالبان بتعزيز سيطرتها. كما أنها رفعت من مكانة المسلحين كمحاورين بينما قوضت الوكلاء السياسيين والوسطاء القبليين الذين كانوا لفترة طويلة محوريين في حوكمة المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية، وفقا لبعض المحللين الإقليميين. وأدت حملات الاغتيال التي شنتها طالبان والتي استهدفت شيوخ القبائل إلى زيادة تقويض الحكم هناك، كما يشير الموقع.

هل ازداد العنف في الآونة الأخيرة؟

وشهدت باكستان عددا لا يحصى من هجمات المتشددين في العقدين الماضيين لكن هناك زيادة منذ نوفمبر عندما أنهت حركة طالبان باكستان لإطلاق النار مع الحكومة استمر لشهور.

وتقوم حركة طالبان الباكستانية بانتظام بعمليات إطلاق نار أو تفجيرات، خاصة في شمال غرب باكستان الوعرة والنائية، وهي معقل سابق لحركة طالبان باكستان.

وأثار العنف مخاوف بين السكان من عملية عسكرية محتملة في المناطق القبلية السابقة في شمال وجنوب وزيرستان، وهما منطقتان في خيبر بختونخوا.

ضربة نسبت لإسرائيل على القنصلية الإيرانية في دمشق أسفرت عن مقتل سبعة عناصر في الحرس الثوري الإيراني في الأول أبريل 2023.

منذ اندلاع الحرب في غزة عقب هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023، سار نظام الأسد في سوريا "على خيط رفيع" خيّم على محطاته الكثير من الصمت والحذر والتحذيرات، وحتى أنه بدا "كمن يسير في حقل ألغام"، كما يقول خبراء وباحثون لموقع "الحرة".

فمن جهة، وجد نفسه أمام اختبار استثنائي فرضته حالة وجوده فيما يعرف بـ"محور الممانعة" الذي تتزعمه إيران، ومن جهة أخرى كان يعي بأن "ارتكاب أي خطأ" قد يكلّفه الكثير، من منطلق المعادلة التي كشفت عنها إسرائيل بأن ما قبل 7 أكتوبر لن يكون كما بعده.

وعلى مدى الأشهر الـ12 الماضية، اقتصر موقف النظام السوري على التنديد وإصدار البيانات "التضامنية". ولم ينسحب ذلك على ما جرى في غزة ومن ثم لبنان فحسب، بل شمل أيضا سلسلة الأحداث التي شهدتها الجغرافيا السورية، مما رسم حدودا واضحة لـ"الانكفاء".

لماذا بقي نظام الأسد خارج الصراع بين إسرائيل وحزب الله؟
في وقت يتصاعد فيه الصراع بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبناني، يرى محللون أن النظام السوري يحرص على عدم الانجرار إلى تلك الحرب، وذلك رغم تأثيرها السلبي الكبير على أحد أكبر حلفائه في المنطقة، وفقا لتقرير نشره موقع "صوت أميركا" الإخباري.

ورغم أن تلك الأحداث لم تخرج عن نطاق استهداف إسرائيل للمواقع في سوريا، اكتسبت الهجمات زخما تصعيديا أكبر بعد حرب غزة، إذ وصلت إلى نقطة اغتيال شخصيات بارزة في "الحرس الثوري" الإيراني وحزب الله، وتوسعت أكثر إلى محطة استهداف قنصلية طهران في دمشق.

ووفقا لإحصائيات "المرصد السوري لحقوق الإنسان" بلغ عدد الاستهدافات الإسرائيلية في سوريا منذ 7 أكتوبر 147 استهدافا، منها 122 جوية و35 برية، وأسفرت عن مقتل 170 شخصا من المدنيين ومن قوات النظام والمقاتلين السوريين المجندين في صفوف الميليشيات الإيرانية.

أما بالنسبة للخسائر البشرية من غير السوريين نتيجة الغارات الإسرائيلية في سوريا، فقد قتل 198 عنصرا من الميليشيات التابعة لإيران من جنسية غير سورية و"الحرس الثوري" وحزب الله ومن العاملين مع الجماعة اللبنانية المدعومة من إيران.

ولم يرد الأسد بالمثل على ما تعرضت له سوريا بعد حرب غزة أو حتى على ضربة السفارة الإيرانية في دمشق، التي اعتبرت محطة أساسية على صعيد الحرب الدائرة، وذلك في استمرار للسلوك الذي اتبعه منذ أن بدأت إسرائيل حملتها التي تعرف بـ"الحرب بين الحروب".

وفي حين أن عدة قذائف صاروخية خرجت من أراضيه في جنوبي البلاد باتجاه الجولان، تم تسجيل عملية إطلاقها خلال الأشهر الماضية "ضد مجهول" تارة وبيد ميليشيات تابعة لحزب الله تارة أخرى.

"صدمة اليوم الأول وما بعدها"

في الأيام الأولى بعد هجمات السابع من أكتوبر، كان النظام السوري لا يزال في حالة صدمة، حيث خرجت مظاهرات كثيرة لدعم غزة وحماس، لكن بعد أقل من أسبوعين، أصبح المشهد في إسرائيل واضحا حيث اتخذت الحكومة الإسرائيلية قرار الحرب في غزة، مع وجود مؤشرات على أن هجمات 7 أكتوبر ستغير العديد من المعادلات في الشرق الأوسط.

وعلى أساس ذلك، كان أحد قرارات رئيس النظام، بشار الأسد الأولى هي منع أي حراك شعبي يتعلق بغزة، كما تشير تقارير محلية سابقة والخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، إيفا كولوريوتي.

يكرر النظام السوري شعارات بأن فلسطين هي القضية المركزية بالنسبة له
لماذا يمنع الأسد مظاهرات "التضامن مع غزة"؟
فرض النظام السوري خلال الأيام الماضية على الجهات والفصائل الفلسطينية "موافقة أمنية" من أجل تنظيم فعاليات ووقفات تضامنية مع السكان في قطاع غزة، وذكرت تقارير إعلامية أن مبررات الخطوة جاء تحت بند "الحماية من الإرهاب والعصابات المسلحة والحفاظ على الأمن والأمان".

واتبع خطوة ثانية بسحب العديد من الحواجز التابعة للفرقة الرابعة في جيشه والمقربة من إيران في جنوب سوريا، وذلك على حساب اتجاه موسكو لزيادة وجودها في محافظة القنيطرة المطلة على الجولان.

في تلك الفترة تقول كولوريوتي، لموقع "الحرة"، إن رئيس النظام وبينما كان غائبا في الأيام الأولى عن الحراك الذي تمكنت إيران من تحقيقه في المنطقة لدعم حماس كان اسمه حاضرا خلف الكواليس.

وتسربت بعد نحو شهرين من الحرب على غزة رسالة نقلها وسطاء فرنسيون وأميركيون إلى حزب الله مفادها أن إسرائيل ستستهدف رأس نظام الأسد إذا وسعت الجماعة عملياتها العسكرية في شمال إسرائيل.

كما نقلت وكالة "بلومبيرغ"، حينها، أن الإمارات حذّرت الأسد من التورط في الحرب بين حماس وإسرائيل، وأن المسؤولين الإماراتيين أطلعوا إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن على اتصالاتهم مع السوريين، بحسب مصدرين.

ولا يمكن القول إن سياسة الحياد التي تبناها نظام الأسد خلال العام الماضي هي قرار جديد وتغيير لواقع مختلف.

وعلى العكس تستند حالة الهدوء على الحدود السورية الإسرائيلية خلال الـ50 عاما الماضية إلى تفاهمات تعهد بها الأسد الأب للجانب الإسرائيلي وحافظ عليها الأسد الابن منذ توليه السلطة قبل 24 عاما.

لكن بحسب كولوريوتي، وفي ظل التغيرات التي شهدتها سوريا بعد اندلاع الثورة مع انتشار الميليشيات المدعومة من إيران والوجود الروسي الكبير على الأراضي السورية، وجد الأسد نفسه في موقف حرج وأمام قرارات مصيرية للغاية.

"عقبتان وعواقب"

ويجادل باحثون أن قرار الحياد والنأي بالنفس الذي اتبعه النظام السوري ورئيسه إزاء ما جرى في المنطقة خلال العام الماضي كان مدفوعا باعتبارات تتعلق به وبحلفائه.

ويشير آخرون إلى "عقبات" وخشية ارتبطت على نحو كبير بالعواقب التي قد تسفر عنها أي عملية انخراط، ولو على مستوى اتخاذ مواقف متشددة.

ولا يعتقد الخبير في الشؤون السورية بمؤسسة "القرن"، آرون لوند، أنه "من الصحيح أن نقول إن الأسد ونظامه كانا صامتين"، وعلى العكس يقول إنهم "أدانوا بصوت عال الهجوم الإسرائيلي على غزة وكذلك في لبنان".

وأشادت وسائل الإعلام السورية الرسمية بحماس وحزب الله، خلال الأشهر الـ12 الماضية.

كما قدم النظام الدعم لحزب الله بطرق مختلفة، بما في ذلك التعاون مع إيران لإرسال الأسلحة إلى لبنان واستقبال أعضاء الجماعة اللبنانية الجرحى في المستشفيات السورية، وفق لوند.

وبينما يضيف لوند، لموقع "الحرة"، أنه من الصحيح أن دمشق لم تنضم إلى الحرب ولم تهاجم إسرائيل، لا يعتقد أن "أحدا كان يتوقع حدوث ذلك قبل عام".

ويقول الباحث السوري في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، محسن المصطفى، في المقابل، إن النظام كان "قادرا خلال العام الماضي وحتى الآن أن ينأى بنفسه عن المعركة".

ويقول لموقع "الحرة": "هو لم ولا يريد التدخل لأنه يعلم عواقب هذا التدخل في ظل العدوانية الشديدة من قبل إسرائيل".

وربما عكس التيار السائد عن وجود شقاق إيراني-سوري قد تكون إيران ذات نفسها هي من أخبرت النظام بألا يتدخل، بحسب المصطفى.

ويشرح أن ذلك قد يكون مرتبطا بـ"كي لا يخسر المكتسبات التي حصلها خلال السنوات الماضية.. وبالتالي استمرار الوجود الإيراني في سوريا لوقت أطول".

الخبيرة كولوريوتي، ومن جانبها، تحدثت عن عقبتين أمام تحول سوريا إلى جبهة دعم إما لغزة أو لبنان.

الأولى هو أن الأسد يعلم جيدا أن أي تحرك عسكري من قبل جيشه أو من قبل الميليشيات المتعددة الجنسيات التابعة لـ"الحرس الثوري" نحو الحدود الإسرائيلية سيؤدي إلى عملية عسكرية إسرائيلية تستهدف نظامه، وقد يكون الأسد نفسه على قائمة الأهداف.

 

أما الثانية فتذهب باتجاه "الموقف الروسي الرافض لوجود سوريا في حالة صراع مع إسرائيل، وهو ما قد يؤثر سلبا على نفوذ موسكو هناك، وعلى العلاقات الروسية الإسرائيلية وتداعياتها على ساحة الحرب الأوكرانية"، وفق الباحثة.

"السيناريو الأسوأ"

ولا تعرف حتى الآن النقطة التي ستصل إليها إسرائيل في نطاق الحرب الدائرة، وما إذا كانت ستضع سوريا نصب عينيها أم لا.

وتركز الآن عملياتها بشكل أساسي على جنوب لبنان، وتلوح بتنفيذ رد على ما فعلته إيران قبل أسبوع، عندما نفذت هجوما بالصواريخ البالستية.

وقد يستفيد الأسد من الصراع الدائر من الناحية السياسية ولكنه ضار في الغالب له ولحكومته بل ولسوريا بأكملها، فهو يتسبب في ضرر اقتصادي وعدم استقرار، بحسب الخبير في الشؤون السورية، آرون لوند.

كما أن الحرب تخلق مخاطر عسكرية خطيرة، حيث تهاجم إسرائيل أعداءها بشكل أكثر عدوانية.

وتتعاون دمشق وطهران بشكل وثيق للغاية في دعم حزب الله، وبحسب لوند: "ربما كانت طهران لترغب في أن تفعل دمشق المزيد، ولكن بشكل عام يبدو أنهما يعملان معا بشكل وثيق".

في المقابل، من المؤكد أن الأسد يشعر بالتوتر والخوف من أن قرار إسرائيل بمواجهة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط قد يؤثر على سيطرته على الأراضي السورية على عدة مستويات، وفقا للخبيرة كولوريوتي.

وتوضح أنه يخشى أن يدفع رفض إسرائيل لوجود الميليشيات الإيرانية على حدودها الشمالية في سوريا القيادة الإسرائيلية إلى اتخاذ قرار بتصفيته وتوجيه ضربات لجيشه".

كما يخشى الأسد أن تتبنى الحكومة الإسرائيلية توسيع عملياتها العسكرية في سوريا بعد القضاء على حزب الله في لبنان.

ويعني ما سبق خسارة الأسد لداعمين عسكريين مهمين، وبالتالي انكشاف العديد من الجبهات مع المعارضة و"قوات سوريا الديمقراطية"، وهو ما قد يشجع هذه الأطراف على التحرك عسكريا ضد الأسد مجددا، بحسب الخبيرة.

ومع ذلك، لا يدحض ما سبق فكرة أن النظام السوري "مستفيد" مما يجري ومن الموقف الذي يتخذه منذ العام الماضي ويلتزم به إلى الآن.

ويقول الباحث السوري المصطفى إن "النظام السوري مستفيد جدا من الوضع القائم"، مضيفا أن "وجود لاجئين لبنانيين وعودة لاجئين سوريين إلى البلاد تساهم في سرديته حول العودة وبأن مناطق سيطرته آمنة".

وفي ذات الوقت، تسهم حركات النزوح واللجوء باتجاه أراضيه في مساعي الدول الأوروبية التي تريد إعادة تقييم سياسية الاتحاد الأوروبي معه.

وقد تشكل الحركات أيضا عاملا مساعدا أيضا في مطالبة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بزيادة المساعدات الإنسانية ودعم مشاريع التعافي المبكر، بحسب المصطفى.

"السيناريو الأسوأ"

وتنتشر في سوريا منذ عام 2012 الكثير من الميليشيات الإيرانية. والتاريخ المذكور ذاته أيضا كان محطة أساسية للانخراط الميداني التي أقدم عليها حزب الله لدعم نظام الأسد من السقوط.

ولاتزال إسرائيل حتى الآن تنفذ ضربات على هذه الأطراف، وترفق ذلك بعمليات اغتيال متواصلة.

ووصلت يوم الأحد، أي قبل يوم من الذكرى الأولى لهجوم السابع من أكتوبر، إلى نقطة ضرب مستودعات ذخيرة وسلاح للنظام السوري وسط البلاد.

ويوضح الباحث السوري في مركز "حرمون للدراسات المعاصرة"، نوار شعبان، أن "الجغرافيا التي استهدفت قبل 7 أكتوبر هي ذاتها بعد هذا التاريخ"، في إشارة منه إلى خريطة الضربات الإسرائيلية في سوريا.

ويقول لموقع "الحرة": "النظام السوري كان نجا من كافة الاستهدافات التي حصلت قبل 7 أكتوبر، ولايزال يحافظ على ذات الحالة في الوقت الحالي"، من منطلق أن الضربات لا تطاله بشكل مباشر، بل بالميليشيات المرتبطة بإيران في سوريا.

الباحث يشير إلى أن "الاستراتيجية الإسرائيلية في سوريا يبدو أن تسير في الوقت الحالي وفق مسارات متزامنة".

وتبدأ عند نقطة ضرب مستودعات الأسلحة والذخائر والدفاعات المتقدمة للنظام السوري، وتصل شرارتها بالتدريج إلى محطة استهدف شبكات التمرير والتهريب التي تتولاها شخصيات من "الحرس الثوري" وحزب الله.

وتعتقد كولوريوتي أن "السيناريو الأسوأ بالنسبة للأسد" هو أن تمتد كرة النار من لبنان إلى الأراضي السورية، مع إعطاء إيران الأوامر لميليشياتها المتعددة الجنسيات في سوريا بفتح جبهة الجولان، دون تنسيق أو الحصول على موافقة الأسد.

ويعني ذلك "جر نظام الأسد إلى حرب خاسرة مع إسرائيل قبل أن تبدأ"، وبعدها من المؤكد أن تعيد الأخيرة تقييم الأسد ونظامه، وسيصبح تغييره ضروريا، وفق الباحثة.

وفيما يتعلق بإيران توضح كولوريوتي أنها "على علم مسبق بالتفاهمات بين نظام الأسد وإسرائيل، سواء قبل أو بعد 7 أكتوبر".

وتقول إنه حتى وقت قريب "كانت متقبلة لهذه التفاهمات التي ساهمت بشكل كبير في بقاء نظامه طيلة الأعوام الثلاثة عشر الماضية في وجه الثورة، حيث لعب الرأي الإسرائيلي الذي لا يريد تغيير النظام في سوريا دورا محوريا في خطط وسياسات واشنطن للتعامل مع الثورة السورية".

لكن التساؤلات في المقابل تتزايد وأبرزها: هل ستستمر طهران في الموافقة على تحييد الأسد لنفسه وحدوده مع إسرائيل عن الصراع المتصاعد في المنطقة إذا تعرضت طهران نفسها للنيران؟

وبوجهة نظر الباحثة ربما حملت زيارة وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي الأخيرة إلى دمشق رسائل إيرانية جديدة مرتبطة بشكل مباشر بالرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الإيراني في 2 أكتوبر، بالإضافة إلى دور سوريا في تسهيل تدفق إمدادات الأسلحة إلى حزب الله في لبنان.

وترى أن "الأسد يسير اليوم في حقل ألغام، وأي خطأ في الحسابات، سواء مع حلفائه في إيران أو مع جيرانه في إسرائيل، قد يكلفه غاليا".