إيران شهدت احتجاجات غاضبة منذ مقتل مهسا أميني في سبتمبر الماضي ـ صورة أرشيفية.
إيران شهدت احتجاجات غاضبة منذ مقتل مهسا أميني في سبتمبر الماضي ـ صورة أرشيفية.

حكم على إيرانية وخطيبها، وكلاهما من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، بالسجن 10 سنوات، بعد نشرهما فيديو لرقصهما في ساحة عامة بالعاصمة طهران.

وفي مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، شوهدت استيازه حقيغي، 21 عاما، وهي ترقص دون حجاب مع خطيبها أمير محمد أحمدي، 22 عاما، في ساحة آزادي بطهران.

ووجه القضاء الإيراني إلى الشريكين تهم "نشر الفساد والرذيلة" و "التجمع والتواطؤ بقصد الإخلال بالأمن القومي"، وحكم عليهما بالسجن عشر سنوات ونصف، بحسب وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (HRANA).

غير أن وكالة ميزان التابعة للسلطة القضائية الإيرانية، قالت إن الخطيبين، حكما بـ 5 سنوات بتهمتي "التجمع والتواطؤ بقصد الإخلال بالأمن القومي".

وقالت الوكالة الرسمية، إن الثنائي متهم بتشجيع الناس على التجمع ودعوتهم للقيام بأعمال شغب، في منشور على إنستغرام في 26 أكتوبر الماضي.

ويتابع الثنائي ما يقرب من مليون متابع على انستغرام، ولديهما أيضا قنوات منفصلة على يوتيوب ويبلغ مجموع متابعيها أكثر من نصف مليون شخص.

وأصدر الأحكام القاضي أبو القاسم سلافاتي الذي ترأس القضية، وحكم أيضا بحظر نشر الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لمدة عامين، ومنع مغادرتهما البلاد، بحسب الوكالة الحقوقية.

إيران-قضاة- إعدامات
"قضاة الموت" في خدمة النظام الإيراني لقمع الاحتجاجات
يستخدم النظام الإيراني، السلطة القضائية للقضاء على الانتفاضة المستمرة منذ شهور إثر مقتل الشابة مهسا أميني على أيدي الشرطة في سبتمبر الماضي، حيث يصدر قضاة مقربون من السلطة "أحكاما بالسجن المطول وأخرى بالإعدام على مؤيدي الاحتجاج".

وداهمت قوات الأمن منزل الخطيبين أولا في ساعات الصباح الباكر من يوم 30 أكتوبر، حسبما قال مصدر لشبكة CNN، واقتادتهما إلى الاستجواب ثم نقلتهما لاحقا إلى السجن.

وجاء اعتقالهما على خلفية الاحتجاجات الواسعة التي تعرفها البلاد، والتي لعبت فيها النساء والشباب دورا قياديا، بعد وفاة مهسا أميني، 22 عاما، في حجز الشرطة في منتصف سبتمبر الماضي، بزُعم أنها انتهكت قواعد اللباس المحافظة للمرأة في البلاد. 

وتحولت المظاهرات منذ ذلك الحين إلى انتفاضة واسعة مدفوعة بدعوات لإنهاء حكم رجال الدين. 

وقتلت قوات الأمن أكثر من 500 متظاهر، وأصدرت السلطات ما لا يقل عن 22 حكما بالإعدام واتهمت أكثر من 100 شخص بجرائم يمكن أن تستوجب عقوبة الإعدام، بحسب وكالة الأنباء "حقوقا''.

وقارن منتقدو الأحكام المطولة بحق الزوجين، بالحكم الصادر في قضية سجاد حيدري، الذي أدانه القضاء بقطع رأس زوجته البالغة من العمر 17 عاما، العام الماضي، وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات وشهرين فقط، وفقا لموقع خبر أونلاين شبه الرسمي في البلاد.

العراق وسوريا

لا تزال العلاقة الرسمية بين العراق وسوريا موضع حذر منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي. ويبدو الملف السوري محاطا بالإرباك، خصوصا على الجانب العراقي، ويدل على هذا الإرباك التعاطي الإعلامي مع أي تواصل رسمي بين البلدين، وكأن الطرفين في علاقة "محرّمة"، يحاول الإعلام الرسمي العراقي دائما مداراتها وإخفائها عن العيون ووسائل الإعلام.

حدث ذلك حينما زار حميد الشطري، رئيس جهاز الاستخبارات العراقية، سوريا في نهاية العام الماضي والتقى الشرع، ولم يُعلن عن الخبر في وسائل الإعلام العراقية الرسمية، ولم يكشف عن اللقاء إلا بعد ان تناولته وسائل الإعلام السورية. 

ومثل هذا الأمر حدث قبل أيام في لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني برعاية قطرية في الدوحة، واُخفي الخبر عن الإعلام ليومين قبل ان تظهر صور الرجلين في حضور أمير قطر.

ردّة الفعل في الشارع العراقي على اللقاء تفسّر إخفاء الخبر قبل الإفصاح عنه. فقد انقسم العراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي حول المسألة، وهاجم كثيرون السوداني على قبوله الجلوس مع من يعتبرونه "متورطاً في الدم العراقي"، و"مطلوبا للقضاء العراقي".

الباحث القانوني العراقي علي التميمي يشرح الإطار القانوني الدولي المتعلق برؤساء الجمهوريات، في حال صحّت الأخبار عن أحكام قضائية ضد الشرع في العراق.

ويرى التميمي أن رؤساء الدول يتمتعون بـ"حصانة مطلقة تجاه القوانين الجنائية للدول الأخرى". ويشرح لموقع "الحرة" أن هذه الحصانة "ليست شخصية للرؤساء، بل هي امتياز للدول التي يمثلونها"، وهي تمنع إلقاء القبض عليهم عند دخولهم أراضي الدول الأخرى". 

ويشير التميمي إلى أن هناك استثناء واحداً لهذه القواعد، يكون في حال "كان الرئيس مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية وكانت الدولة المضيفة موقعة على اتفاقية روما ١٩٩٨ الخاصة بهذه المحكمة"، هنا، يتابع التميمي، تكون الدولة "ملزمة بتسليم هذا الرئيس الى المحكمة وفقاً لنظام روما الأساسي".

لكن هل حقا أحمد الشرع مطلوب للقضاء العراقي؟

ويشير الباحث العراقي عقيل عباس إلى "عدم وجود أي ملف قضائي ضد الشرع في المحاكم العراقية". 

ويستغرب كيف أن العراق الرسمي "لم يصدر بعد أي بيان رسمي يشرح ملابسات قضية الشرع وما يحكى عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، والجهات الرسمية لديها السجلات والحقائق، لكنها تركت الأمر للفصائل المسلحة وجمهورها وللتهويل والتجييش وصناعة بعبع (وحش مخيف) طائفي جديد، وكأن العراق لم يعان ما عاناه من الطائفية والتحريض الطائفي".

وكانت انتشرت وثيقة على وسائل التواصل الاجتماعي، تداولها عراقيون، عبارة عن مذكرة قبض بحق أحمد الشرع. وقد سارع مجلس القضاء الأعلى في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية في 26 من فبراير الماضي، إلى نفي صحة الوثيقة ووصفها بأنها "مزورة وغير صحيحة".

عباس مقتنع أن الغضب الشعبي من لقاء السوداني والشرع "وراءه أسباب سياسية مبرمجة، وليس تلقائياً، وجرى تحشيد الجمهور الشيعي لأسباب كثيرة، تصب كلها في مصالح إيران، غير السعيدة بسقوط بشار الأسد وحلول الشرع مكانه".

وبحسب عباس، منذ سقوط الأسد، "بدأت حملة في العراق لصناعة "بعبع" من الجولاني (أحمد الشرع)". يشرح: "يريد هؤلاء أن يقولوا ان تنظيم القاعدة يحكم سوريا، وهذا غير صحيح".

ويقول عباس لموقع "الحرة"، إن لدى الناس اسباباً موضوعية كثيرة للقلق من الشرع، خصوصاً خلفيته الجهادية المتطرفة ووضعه على لوائح الإرهاب، والشرع يقول إنه تجاوز هذا الأمر، "لكننا نحتاج ان ننتظر ونرى"، بحسب تعبيره.

ما قام به السوداني "خطوة ذكية وحكيمة سياسياً وتشير إلى اختلاف جدي بينه وبين بقية الفرقاء الشيعة في الإطار التنسيقي"، يقول عباس.

ويضيف: "هناك اعتبارات براغماتية واقعية تحكم سلوك السوداني، فهو كرئيس وزراء عليه أن يتعاطى مع سوريا كجار لا يجب استعداءه".

ويضيء الباحث القانوني علي التميمي على صلاحيات رئيس الحكومة في الدستور العراقي، فهو "ممثل الشعب داخلياً وخارجياً في السياسة العامة وإدارة شؤون البلاد بالطول والعرض"، وفق تعبيره، ورئيس الوزراء في العراق هو "بمثابة رئيس الجمهورية في الدول التي تأخذ بالنظام الرئاسي".

أما من الجانب السياسي، فإن السوداني، برأي عباس، "يخشى -وعن حق- ان تختطف حكومته المقبلة أو رئاسته للوزراء باسم حرب وهمية تديرها إيران والفصائل المسلحة وتشنّ في داخل سوريا تحت عنوان التحرير الذي نادى به المرشد الإيراني علي خامنئي قائلا إن شباب سوريا سيحررون بلدهم". وهذا يعني، بحسب عباس، ابتعاد السوداني عن التأثير الإيراني، و"أنا أتصور أن إيران غير سعيدة بهذا"، كما يقول.