قالت مؤسسة "مشروع التهديدات الخطيرة" التابع للمعهد الأميركي للدراسات "أميركان إنتربرايز" في تقييم هذا الأسبوع، إن مقتل القيادي في تنظيم داعش، بلال السوداني قد يعطل مؤقتا شبكة الدعم للتنظيم، لكن من غير المرجح أن يضعف هذا الدعم بشكل دائم".
وقُتل السوداني مع"نحو عشرة أفراد مرتبطين بالتنظيم الإرهابي قبل أسبوعين، في عملية إنزال أميركية في الصومال.
وقبل انضمامه إلى فرع تنظيم الدولة الإسلامية، في الصومال، كان السوداني تحت عقوبات وزارة الخزانة الأميركية منذ عام 2012 لتورطه مع "حركة الشباب"، وهو فرع تابع لتنظيم "القاعدة" في هذه الدولة الواقعة في شرق إفريقيا.
وقال تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" إن السوداني كان يشرف على عدة فروع لتنظيم داعش، وهو الخيط الذي أوصل إليه.
من بين أبرز فروع التنظيم الإرهابي، ذلك الذي تسبب في تفجير مطار كابول الدولي في أغسطس 2021.
وقال تقرير الصحيفة الأميركية إنه وبعد ذلك التفجير، تبين للمسؤولين الأميركيين أن السوداني يشرف على شبكة مالية ولوجستية مترامية الأطراف لداعش عبر إفريقيا وأوروبا وأفغانستان.
وذكر مسؤولون أميركيون كبار أن دور السوداني الذي تم الكشف عنه حديثا كممول لفرع داعش المسؤول عن مقتل 13 جنديا أميركيا في كابول دفعه إلى أعلى مراتب قوائم الإرهابيين المطلوبين في الولايات المتحدة.
الصحيفة، نقلت عن مسؤول أميركي كبير، قوله، في إشارة إلى ما أضحى يعرف بـ "داعش خراسان" ومسؤوليته في تفجير مطار كابول إن "السوداني ساعد في وضع الأموال في جيوب عناصر من داعش".
روابط عالمية
يقول محللون إن مقتل السوداني، الذي قام فرعه في الصومال بتنسيق تمويل فروع تنظيم الدولة الإسلامية الأخرى في كل من أفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وموزمبيق وجنوب إفريقيا، يسلط الضوء على الروابط العالمية للجماعة وهيكل الدعم.
على الرغم من مقتله، يشير المحللون إلى مرونة داعش منذ ما يقرب من أربع سنوات منذ نهاية ما يسمى بالخلافة، في العراق وسوريا حيث إنها تستفيد من الشبكات الإرهابية للحفاظ على فروعها الجديدة.
وتحت ضغط عسكري مكثف من قبل الولايات المتحدة وحلفائها المحليين، واجه تنظيم داعش في العراق وسوريا قيودا كبيرة على موارده في السنوات الأخيرة، وهو انخفاض حاد، بالنسبة للتنظيم الذي يعتبر من "أفضل" المجموعات الإرهابية تمويلا في العالم.
هذا التضييق، دفع بالتنظيم إلى توجيه فروعه لتحقيق استمرارية التمويل المالي، حيث تقوم العديد من "المكاتب" بتنسيق الإيرادات من مختلف المصادر، عبر شبكات داخل المناطق التي ينتشر فيها.
وبدلا من تدفق الأموال من العراق وسوريا إلى الفروع في جميع أنحاء العالم، وفقا لـ تحليل حديث في Long War Journal، وهو موقع إلكتروني تديره مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات التي تتبع الضربات العسكرية ضد الجماعات المسلحة، حاول تنظيم الدولة الإسلامية توسيع نفوذه في إفريقيا من خلال عمليات واسعة النطاق في المناطق التي تكون فيها سيطرة الحكومات محدودة.
أموال الابتزاز والسرقة
في إعلانها عن عقوبات ضد أربعة ممولين من جنوب إفريقيا للتنظيم، قالت وزارة الخزانة الأميركية في مارس إن فروع داعش في إفريقيا تعتمد على مخططات جمع الأموال المحلية مثل السرقة والابتزاز والاختطاف من أجل الفدية، فضلاً عن الدعم المالي من التنظيم، عبر التسلسل الهرمي لداعش.
ويُعرف الصومال بأنه ملاذ لما يعرف بـ"حركة الشباب"، الجماعة الإرهابية المرتبطة بالقاعدة، أكثر من كونه ملاذا لتنظيم الدولة الإسلامية، لكن فرع داعش في البلاد لعب دورا كبيرا بالنسبة للتنظيم الإرهابي العالمي على الرغم من وجود 200 إلى 280 مقاتلا فقط في صفوفه هناك.
يضم جناح الدولة الإسلامية في الصومال مكتبا إقليميا يسمى "الكرار"، والذي يعمل كمركز تنسيق للعمليات في جمهورية الكونغو الديمقراطية وموزمبيق وجنوب إفريقيا وجميع الشبكات بينهما، كما كتب كالب فايس وريان أوفاريل في تقريرهما الذي نشراه على موقع "لونغ وور جورنال".
وخلص التحليل إلى أنه مع نظرائه في غرب إفريقيا وجنوب آسيا وسوريا وأماكن أخرى، يشرف مكتب "الكرار" على عمليات كبيرة لجمع الأموال من خلال الابتزاز والنشاط الإجرامي في الصومال وجنوب إفريقيا.
إلى ذلك، اكتشفت الولايات المتحدة وأجهزة المخابرات الغربية الأخرى في العام الماضي زيادة العلاقات بين مكتب "الكرار" وتنظيم "داعش خراسان" في أفغانستان.
وخلص تقرير للأمم المتحدة في يوليو الماضي إلى أن "الكرار" سهل تدفق الأموال إلى الفرع الأفغاني عبر خلايا في اليمن وكينيا وبريطانيا.
وذكر تقرير الأمم المتحدة أن "داعش خراسان" أضحى يستخدم هذه الأموال لشراء الأسلحة ودفع رواتب المقاتلين.
وقال مسؤولون إنه قبل مقتله، كان للسوداني دور رئيسي في مكتب "الكرار"، إذ تقول هيذر نيسيل، محللة شؤون إفريقيا في شركة «جينس» للاستخبارات الدفاعية ومقرها لندن إن هناك دليلا على أنه كان يمسك بالخيوط من شرق إفريقيا" في إشارة إلى تحكمه في فروع داعش.
"لا وجود لمنافس آخر للسوداني"
قال أحد كبار المسؤولين الأميركيين إنه لم يوجد أي منافس آخر في التنظيم للسوداني، خصوصا ما تعلق بقدرته على جمع الأموال غير المشروعة وتوزيعها.
ولفت تقرير نيويورك تايمز، إلى أن الرجل تمكن من جميع ما يصل إلى مئات الآلاف من الدولارات، ووزعها على المنتسبين لداعش في مناطق بعيدة في ثلاث قارات على الأقل من خلال شبكة اتصالات سرية أقامها على مدى أكثر من عقد.
قال مسؤولون إنه في الوقت الذي أصبح فيه دور السوداني في دعم مقاتلي داعش في أفغانستان - بما في ذلك مفجر مطار كابول - أكثر تركيزًا، عززت قيادة العمليات الخاصة المشتركة السرية للجيش الأميركي خططها لقتله أو القبض عليه.
ووقع هجوم فريق العمليات الخاصة التابع للجيش الأميركي في 25 يناير في مجمع كهوف جبلي بعيد في منطقة بونتلاند في شمال الصومال، بعد شهور من اكتشاف المقر الخفي للسوداني، ثم بدأ استخدام أقمار التجسس الصناعية وطائرات المراقبة الأخرى لدراسة موقعه وجميع تحركاته.
وفي علامة أخرى على أهمية السوداني، تدربت قوات الكوماندوز الأميركية على مهمتهم السرية في مكان لم يكشف عنه في المنطقة ذات التضاريس المماثلة.
وهبطت قوات الكوماندوز على مسافة من الكهف لتجنب الكشف عنها، وشقوا طريقهم سيرًا على الأقدام إلى المكان حيث كان يختبأ السوداني.
وقال مسؤولون إن معركة استمرت ساعة مع السوداني ورفاقه الذين تحصنوا في الكهوف حتى قُتلوا.
قال مسؤول عسكري أميركي كبير إن الكوماندوز استعادوا مجموعة من المواد، بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأقراص الثابتة والهواتف المحمولة وغيرها من المعلومات من مخبأ السوداني، والتي يمكن أن توفر نصائح لعمليات مكافحة الإرهاب في المستقبل.