أثار إعلان البنتاغون، الخميس، تعقبه لمنطاد صيني للتجسس الجدل حول دور هذه البالونات وقدرتها في ظل وجود أقمار اصطناعية متطورة تستعمل لهذا الغرض.
والخميس، أعلنت وزراة الدفاع الأميركية أن المنطاد صيني، فيما نفت بكين تهمة التجسس، وقالت إنه منطاد مدني يستعمل في الأبحاث.
وبناء على طلب الرئيس جو بايدن، بحث البنتاغون في إمكان إسقاط المنطاد، لكنه قرر في نهاية المطاف عدم فعل ذلك بسبب المخاطر التي يشكلها تساقط الحطام على الناس، بحسب مسؤول دفاعي كبير.
وأعربت وزارة الخارجية الصينية، الجمعة، عن أسفها لدخول منطاد تابع لها الأجواء الأميركية، وأكدت أنه مخصص للأبحاث المدنية.
وقالت في بيان إن المنطاد "ذو طبيعة مدنية"، مضيفة أنه "مخصص للأبحاث العلمية لكنه خرج عن مساره".
وأكدت أن "الصين ستستمر في التواصل مع الولايات المتحدة للتعاطي مع الأوضاع غير المتوقعة"، معربة عن أسفها لدخول المنطاد الأجواء الأميركية.
ما الذي يفعله المنطاد فوق الولايات المتحدة؟
وقال مسؤولون أميركيون إن مسار رحلة المنطاد الذي شوهد لأول مرة فوق مونتانا، الخميس، قد يأخذه فوق "عدد من المواقع الحساسة"، ويقولون إنهم يتخذون خطوات "للحماية من جمع معلومات استخباراتية أجنبية".
وتشير شبكة "سي إن إن" الأميركية إلى أنه لايزال غير واضح لماذا يفضل الصينيون استخدام منطاد بدلا من قمر صناعي لجمع المعلومات.
لكن وبحسب مسؤول دفاعي أميركي، فإن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها رصد منطاد صيني فوق الولايات المتحدة، لكن هذا المنطاد مختلف.
وتنقل الشبكة في تقرير لها إن المنطاد الحالي، وفق المسؤول الأميركي، يمكنه أن يحلق لفترة أطول، وهو ثابث عكس المناطيد السابقة.
ما هي مناطيد التجسس؟
منطاد التجسس المعاصر هو قطعة من معدات التجسس، مجهز بكاميرا ومعدات تكنولوجية أخرى تعمل بالطاقة الشمسية.
تعمل المناطيد عادة على ارتفاع 24000 متر - 37000 متر، وهو أعلى بكثير من غلاف حركة الرحالات الجوية التجارية، إذ لا تحلق الطائرات أبدا على ارتفاع يزيد عن 12000 متر، وفق تقرير من صحيفة "الغارديان".
لماذا المناطيد بدل الأقمار الصناعية؟
يقول، جون بلاكلاند، أستاذ دراسات الأمن والاستخبارات الدولية في الجامعة الوطنية الأسترالية، ومؤلف كتاب الكشف عن الأسرار، لصحيفة "الغارديان" إنه بعد أن تم اختراع الليزر أو الأسلحة الحركية لاستهداف الأقمار الصناعية، هناك عودة للاهتمام بالمناطيد.
ويشير الخبير إلى أن البالونات صحيح لا تقدم نفس المراقبة المستمرة للأقمار، ولكن يسهل استرجاعها، كما أنها رخيصة في إطلاقها، ولا تحتاج إلى قاذفة فضائية لإطلاقها، وذلك بعكس الأقمار الاصطناعية.
ويمكن للبالونات أيضا مسح المزيد من الأراضي من ارتفاع منخفض وقضاء المزيد من الوقت فوق منطقة معينة لأنها تتحرك ببطء أكثر من الأقمار الصناعية.
من استخدمها لأول مرة؟
تنقل صحيفة "الغارديان" إن الفرنسيين كانوا أول من استخدم مناطيد الاستطلاع في معركة فلوروس ضد القوات النمساوية والهولندية في عام 1794 ، وخلال الحروب الثورية الفرنسية. كما تم استخدامها في 1860، خلال الحرب الأهلية الأميركية.
وقد أحيت الولايات المتحدة الفكرة في السنوات الأخيرة، لكنها تميل إلى استخدام المناطيد فقط على الأراضي الأميركية، وفق تقرير الصحيفة.
وقال البنتاغون نفسه في بيانه القصير ، الجمعة، إن "حالات هذا النوع من نشاط المناطيد لوحظت سابقا على مدى السنوات العديدة الماضية".
وقال كريج سينجلتون، الخبير في شؤون الصين بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات لرويترز إن مثل هذه المناطيد استخدمت على نطاق واسع من جانب الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة، وإنها وسيلة منخفضة التكلفة لجمع معلومات المخابرات.
مميزاتها
ولكن مع ظهور تكنولوجيا الأقمار الصناعية الحديثة التي تمكن من جمع بيانات استخبارات التحليق من الفضاء، قد يكون استخدام مناطيد المراقبة متجاوزا.
لكن التغير في الوقت الحالي، هو أن هذه المناطيد يمكنها أن تحمل إلكترونيات صغيرة، وتكون أرخص وأسهل في الإطلاق من الأقمار الاصطناعية.
وميزة أخرى للمناطيد، بحسب بليك هيرزينغر، الخبير في سياسة الدفاع في المحيطين الهندي والهادئ في معهد أميركان إنتربرايز، إنه على الرغم من سرعاتها البطيئة، فإن المناطيد ليس من السهل دائما اكتشافها، وفق "الغارديان".
ومن الصعب جدا اكتشافها من قبل أجهزة المراقبة، وفق ما يقول هيرزينغر بدروه لشبكة "سي إن إن"، مضيفا أن المناطيد يمكنها القيام بأمور لا تستطيع الأقمار الصناعية القيام بها.
ويقول العقيد المتقاعد في سلاح الجو الأميركي، سيدريك لايتون، لـ"سي إن إن": "من مزايا المناطيد أنه يمكن توجيهها باستخدام أجهزة الكمبيوتر الموجودة على متنها للاستفادة من الرياح، ويمكن أن ترتفع وتنخفض بدرجة محدودة".
وعلى عكس الأقمار، يمكن للمنطاد التحرك بسهولة في مناطق مختلفة.
هدف الصين من إطلاق المنطاد
وفقا لايتون لشبكة "سي إن إن"، من المحتمل أن يقوم المنطاد الصيني المشتبه به بجمع معلومات عن أنظمة الاتصالات والرادارات الأميركية.
Chinese spy balloon over St. Charles, MO. I got a good look with a telescope but couldn’t get my camera to take a picture. So here’s a video. #spyballoon pic.twitter.com/UHZQ5p2Zkv
— Andrew Brewer (@A_BrewerUSSF) February 3, 2023
ويقول لايتون إن الصينيين يمكن أن يجمعوا عبر المنطاد معلومات عن الهواتف المحمولة وحركة مرور الاتصالات اللاسلكية.
وقال لايتون إن البيانات الاستخباراتية التي يجمعها المنطاد يمكن نقلها في الوقت الفعلي عبر قمر صناعي إلى الصين.
وأشار المحللون أيضا إلى أن مونتانا والولايات المجاورة هي موطن لمنصات الصواريخ الباليستية الأميركية العابرة للقارات وقواعد القاذفات الاستراتيجية.
يعتقد، جون بلاكلاند، أستاذ دراسات الأمن والاستخبارات الدولية في الجامعة الوطنية الأسترالية، في حديثه لصحيفة "الغارديان" أنه من غير المحتمل أن الصينيين لم يتوقعوا أن يكتشف الأميركيون المنطاد، ربما كان الكشف عنه هو الهدف لإحراج واشنطن، أو ربما كان الهدف ببساطة جمع المعلومات الاستخباراتية.
ومع غزو الفضاء وتقدم الطيران، بات بإمكان الأقمار الصناعية وطائرات التجسس مراقبة أراضي العدو بصورة موثوقة أكثر، غير أن المناطيد تعتبر وسيلة متدنية الكلفة لجمع معلومات.
وقال نائب قائد القوات الجوية الفرنسية الجنرال، فريديريك باريزو، "ستكون هناك في المستقبل مناطيد فوق رؤوسنا لعدة أشهر على التوالي، ما قد يشكل خطرا على أنشطتنا بكلفة أقل من الوسائل الفضائية".