رئيس أساقفة كانتربري والبابا فرانسيس ورئيس جنوب السودان ومنسق كنيسة اسكتلندا في القصر الرئاسي في جوبا
رئيس أساقفة كانتربري والبابا فرانسيس ورئيس جنوب السودان ومنسق كنيسة اسكتلندا في القصر الرئاسي في جوبا

سيلتقي البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، ورئيس أساقفة كانتربري جاستن بورتال ويلبي، ومنسق كنيسة اسكتلندا وإيان جرينشيلدز، النازحين بسبب الحرب في جنوب السودان وسيستمعون إلى رواياتهم، السبت، في واحدة من أهم محاور زيارتهم للدولة الأفريقية التي تعاني من الصراع، وفق رويترز.

وسيشارك القادة المسيحيون الثلاثة، الذين يقومون "برحلة السلام" غير المسبوقة، في صلاة عند ضريح بطل تحرير جنوب السودان جون قرنق في وقت لاحق اليوم والتي من المتوقع أن يشارك فيها 50 ألف شخص.

وتعد هذه الزيارة المشتركة، التي يقوم بها زعماء الكاثوليكية والبروتستانتية والإنجليكية، هي الأولى من نوعها في التاريخ المسيحي.

واستقل جنوب السودان عن السودان في عام 2011 بعد صراع استمر لعقود لكن حربا أهلية اندلعت في عام 2013. ورغم اتفاق السلام المبرم عام 2018 بين طرفي الصراع الرئيسيين استمرت نوبات القتال العرقي في قتل وتشريد أعداد كبيرة من المدنيين.

ووفقا للأمم المتحدة، هناك 2,2 مليون نازح داخليا في جنوب السودان من إجمالي عدد السكان البالغ حوالي 11,6 مليون. وفر 2,3 مليون آخرون من البلاد كلاجئين.

وينتشر الفقر المدقع والجوع في جنوب السودان حيث يحتاج ثلثا السكان إلى المساعدة الإنسانية نتيجة للصراع وفيضانات كارثية استمرت ثلاث سنوات.

وغالبية سكان جنوب السودان من المسيحيين. واصطف عشرات الآلاف في شوارع العاصمة جوبا للترحيب بالبابا بالغناء وقرع الطبول والزغاريد، الجمعة، عندما وصل إلى البلاد قادما من جمهورية الكونجو الديمقراطية، حسب رويترز.

واستهل البابا فرنسيس زيارته لجنوب السودان الجمعة بنداء ومناشدة مشحونة بالعواطف لقادة البلاد المنقسمين لنبذ العنف والكراهية العرقية والفساد الذي أعاق أحدث الدول ظهورا على خريطة العالم عن تحقيق السلام والازدهار.

واستقل جنوب السودان عن السودان في عام 2011 بعد صراع استمر لعقود لكن حربا أهلية اندلعت في عام 2013. ورغم اتفاق السلام المبرم عام 2018 بين طرفي الصراع الرئيسيين لا يزال العنف والجوع يعصفان بالبلاد.

واستقبل عشرات الآلاف بالرقص والزغاريد وقرع الطبول بابا الفاتيكان عند وصوله إلى جوبا الجمعة في زيارة غير مسبوقة أُطلق عليها "رحلة السلام" برفقة رئيس أساقفة كانتربري ومنسق كنيسة اسكتلندا.

وقال البابا في خطابه الأول أمام جمهور ضم الرئيس سلفا كير وشخصيات حكومية أخرى "أتوسل إليكم، من كل قلبي، أن تقبلوا أربع كلمات بسيطة" مشيرا إلى عبارة وردت في الكتاب المقدس.

وأضاف "لا مزيد من إراقة الدماء، ولا مزيد من النزاعات، ولا مزيد من العنف والاتهامات المتبادلة حول المسؤول عن ذلك".

وعشية وصول بابا الفاتيكان، قُتل 27 شخصا في ولاية وسط الاستوائية حيث تقع عاصمة البلاد جوبا في أعمال عنف متبادلة بين رعاة ماشية وجماعة مسلحة محلية.

وفي سابقة من نوعها، يرافق البابا فرنسيس خلال فترة وجوده في جنوب السودان رئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي رأس الطائفة الإنجيلية على مستوى العالم وإيان جرينشيلدز منسق كنيسة اسكتلندا.

ويمثل الثلاثة الطوائف الرئيسية في جنوب السودان وأغلب سكانه مسيحيون.

ونزل البابا (86 عاما) من الطائرة في مصعد قبل أن يسيسر على السجادة الحمراء بكرسي متحرك إلى صالة الوصول بالمطار.

واصطفت حشود ضخمة على جانبي الطريق ولوح كثيرون بأعلام جنوب السودان، وبريطانيا، واسكتلندا، والفاتيكان.

وسار البابا مستقلا سيارة صغيرة بيضاء من طراز فيات وكان يلوح من النافذة وحوله سيارات أكبر حجما ورجال أمن. ورددت الحشود الهتافات أثناء مرور موكبه.

وبعد ذلك، عقد البابا اجتماعا خاصا مع كير في القصر الرئاسي، قبل إلقاء كلمة أمام السلطات والدبلوماسيين وممثلي المجتمع المدني.

وقال بابا الفاتيكان إنهم قاموا بزيارة السلام "بعد سماع نداء شعب بأسره يبكي، بإباء عظيم، بسبب العنف الذي يعاني منه وانعدام الأمن والفقر والكوارث الطبيعية التي تعرض لها".

وقال فرنسيس إن جنوب السودان ينعم بموارد طبيعية وفيرة، لكن يجب تقاسمها وليس حصرها على قلة من خلال الفساد.

وأضاف "التوزيع غير العادل للأموال والمكائد السرية للإثراء، وصفقات المحسوبية، والافتقار إلى الشفافية، كل هذه تلوث قاع نهر المجتمع البشري".

وقالت الأمم المتحدة في عام 2021 إن جنوب السودان لديه بعض من أكبر احتياطيات النفط الخام في أفريقيا جنوب الصحراء، لكن مبالغ هائلة من الأموال يتم تحويلها بعيدا عن الخزائن العامة. ونفت حكومة جنوب السودان اتهامات بالفساد واسع النطاق، وفق رويترز.

ويرغب البابا في زيارة جنوب السودان منذ سنوات لكن ما إن يعتزم بدء الرحلة في كل مرة يُضطر للتأجيل بسبب عدم الاستقرار على الأرض.

وفي واحدة من أبرز لفتاته، ركع البابا فرنسيس لتقبيل أقدام قادة جنوب السودان خلال اجتماع في الفاتيكان في أبريل نيسان 2019 وحثهم على إنهاء الحرب الأهلية.

ويكيبيديا
النسخة الروسية من ويكيبيديا أصبحت محل بجدل بسبب نشرها لدعاية الكرملين

منذ نشأتها في عام 2001، عايشت موسوعة "ويكيبيديا" سلسلة من القضايا الجدلية حول تفاصيل ثقافية وتاريخية متنوعة، قبل أن تتجه نحو مواضيع أكثر حساسية وخطورة، مثل الانتخابات، الاحتجاجات، والحروب.    

ومن أبرز الأمثلة الحديثة، الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تحولت ويكيبيديا إلى ساحة معركة للروايات المتنافسة والمتغيرة باستمرار، وفق تقرير جديد لمجلة "فورين بوليسي" بعنوان "كيف غزت روسيا ويكيبيديا". 

تُعتبر النسخة الروسية من ويكيبيديا واحدة من أكبر ستة مواقع ويكيبيديا في العالم، وكانت حتى وقت قريب مصدرا رئيسيا للمعلومات في روسيا.

ولكن، خلال العقدين الماضيين، أصبحت تلك النسخة محاطة بالجدل بسبب تورطها في نشر الدعاية الموجهة من قبل الكرملين الذي استغل المنصة للترويج لرواياته السياسية.

تعتمد العديد من المقالات في النسخة الروسية من ويكيبيديا على المصادر الحكومية ويتم تحريرها بواسطة محررين روس يتبنون الروايات الرسمية للكرملين، وفق المجلة. 

وتشير "فورين بوليسي" إلى أن هذا التحيز برز بشكل واضح في تغطية النسخة الروسية للحرب على أوكرانيا.

على سبيل المثال، بينما تؤكد النسخة الإنكليزية من ويكيبيديا على الطبيعة غير القانونية لضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، تشير المقالات الروسية إلى هذا الحدث بشكلٍ يبرّر التدخل الروسي.

كما تقلل النسخة الروسية من دور الجيش الروسي في الصراع وتصور منطقة دونيتسك كجمهورية منفصلة عن أوكرانيا.

في قضية أخرى مثيرة للجدل، تتباين النسختان الإنكليزية والروسية حول حادثة إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية MH17 عام 2014، فبينما تُقر النسخة الإنكليزية بأن الطائرة أُسقطت بواسطة صاروخ أطلقه الجيش الروسي، تُشير النسخة الروسية إلى الحادثة بأنها "كارثة" دون الإشارة إلى المسؤولية الروسية، مما يعكس التأثير الكبير للروايات الحكومية الروسية على المحتوى، وفق تعبير المجلة.

وكانت رحلة الخطوط الجوية الماليزية "إم إتش17" في طريقها من أمستردام إلى كوالالمبور عندما كانت تحلق يوم 17 يوليو 2014 فوق المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون شرق أوكرانيا، حيث تعرضت لصاروخ أرض جو روسي الصنع انطلق من قاعدة عسكرية روسية يديرها المتمردون المدعومون من موسكو، وفق فريق تحقيق دولي.

تحديات قانونية

واجهت مؤسسة "ويكيميديا"، التي تدير ويكيبيديا، تحديات قانونية في روسيا، حيث تم تغريمها عدة مرات بسبب المحتوى المتعلق بالحرب على أوكرانيا.

وتشير تقارير إلى أن مجموعات من الحسابات المنسقة، تُعرف بـ"حسابات دمى الجوارب" (Sock puppet) قامت بتنسيق جهود لتحرير الصفحات المتعلقة بالعلاقات الروسية الأوكرانية لصالح الرواية الرسمية الروسية.

هذه المجموعات تعمل على تقويض المصادر الأوكرانية والغربية، وتدعم بدلاً من ذلك الروايات المدعومة من وسائل الإعلام الحكومية الروسية.

وفي خطوة أخرى لتعزيز السيطرة على الفضاء الرقمي، أطلقت روسيا في وقت سابق هذا العام منصة بديلة لويكيبيديا تُسمى "روويكي" (Ruwiki)، بقيادة فلاديمير ميدييكو، المدير السابق لمؤسسة ويكيميديا الروسية.

بدأت هذه المنصة كنسخة طبق الأصل من النسخة الروسية من ويكيبيديا، مستفيدة من طبيعة اتفاقية المصادر المفتوحة لويكيبيديا.

تحتوي "روويكي" الآن على ما يصل إلى مليوني مقال باللغة الروسية، بالإضافة إلى 12 لغة إقليمية أخرى تُستخدم في روسيا، وهي تعمل خارج نطاق سيطرة مؤسسة ويكيميديا.

منصة بديلة

تختلف "روويكي" عن نموذج ويكيبيديا الأصلي الذي يسمح لأي مستخدم بإنشاء وتحرير المقالات، حيث يخضع  المحتوى المضاف لمراجعة مجموعة ضيقة من الخبراء المعتمدين من قبل الحكومة.

هذه الآلية تسمح للحكومة الروسية بفرض رقابة صارمة على المحتوى المقدم وضمان توافقه مع الروايات الرسمية، خصوصا في القضايا المعقدة مثل الغزو الروسي لأوكرانيا.

أدى إنشاء "روويكي" إلى خلق نسخة رقمية منعزلة تعكس رؤية الكرملين للأحداث. ففي هذه النسخة، يتم إنكار أحداث تاريخية كبرى مثل مجاعة "هولودومور" التي أودت بحياة ملايين الأوكرانيين في عهد الرئيس السوفييتي جوزيف ستالين، ويتم الترويج لفكرة أن حلف "الناتو" هو المسؤول عن استفزاز روسيا لشن غزوها لأوكرانيا.

وهذه المحاولات لعزل الفضاء الرقمي الروسي عن بقية العالم تندرج ضمن مفهوم "تجزئة الإنترنت" أو "السبلينترنت"، وفق "فورين بوليسي" وهي ظاهرة تتجسد في قيام الدول بتقييد وصول مواطنيها إلى الإنترنت العالمي وتوجيههم نحو منصات رقمية محلية تخضع لرقابة الدولة، مما يحد من حريتهم في الوصول إلى معلومات غير محكومة بالروايات الرسمية.