كان برويز مشرف شخصية مثيرة للجدل في السياسة الباكستانية، فقد شهدت فترة حكمه استقرارا اقتصاديا ترافق مع انتهاكات واسعة وتراجعا في الممارسة الديموقراطية.
مشرف آخر قائد عسكري حكم باكستان، واستمر عهده نحو عقد بعد توليه السلطة في انقلاب أبيض عام 1999.
وشابت حقبته اتهامات متكررة بارتكاب انتهاكات، من أبرزها اعتقال خصومه واتهامه بالتورط في اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو.
لا يزال يتردد صدى قراره بدعم الولايات المتحدة في غزوها لأفغانستان - وإن كان ذلك في مواجهة تهديدات بالقصف وفي مقابل ضخّ مساعدات ضخمة.
يقول الطالب محمد وقاص (24 عاما) لوكالة فرانس برس في إسلام أباد إن "مشرف عزز معايير التعليم والبنية التحتية في باكستان. جلب التنمية للبلاد".
ويضيف مستدركا "لكن من ناحية أخرى، عانت البلاد من خسائر في مواجهة الإرهاب. وأدت المشاركة في الحرب الأميركية إلى إضعاف بلدنا".
تمر باكستان حاليا بأزمة اقتصادية أخرى، وتشهد حالة من الضبابية السياسية قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في وقت لاحق من هذا العام.
في ظل هذه الاضطرابات، يتذكر البعض مشرف بشغف.
يقول محمد خان (70 عاما) وهو صاحب متجر في إسلام أباد "كان حاكما جيدا. لم يكن هناك زعيم مثله قبله ولن يكون هناك زعيم مثله مرة أخرى".
أما برويز إلهي، السياسي الباكستاني المخضرم وحليف مشرف، فيرى في تصريح لفرانس برس أنه "كان قائدا حكيما يحب العمل الجاد ويقدر المبادرات الجديدة".
في عام 2006، وصف الرئيس الأميركي جورج بوش الابن مشرف في ذروة تحالفهما بأنه "زعيم قوي ونافذ أصبح هدفا لمن لا يستطيعون تحمل فكرة سيادة الاعتدال".
تعليق العمل بالدستور
غير أن تحركه للإطاحة بحكومة منتخبة وتعليق العمل بالدستور لفترات طويلة يشكلان أيضا قسما كبيرا من إرثه.
في هذا الصدد، يقول الموظف المتقاعد نعيم الحق ساتي لوكالة فرانس برس "تصرفه الوحيد الذي سيبقى في الذاكرة عبر التاريخ هو انتهاكه للدستور".
ويضيف الرجل البالغ 69 عاما "أهم شيء في أي بلد هو دستورها".
تفاقم قمع برويز مشرف لمعارضيه عندما واجه ضغوطا متزايدة لإجراء انتخابات ديموقراطية.
وعلّق الدستور للمرة الثانية في عام 2007، واعتقل آلافا من المعارضين، وأقال رئيس المحكمة العليا، ما أدى إلى احتجاجات واسعة النطاق.
ويرى رجل الأعمال عبد الباسط في تصريح لوكالة فرانس برس في كويتا عاصمة إقليم بلوشستان أن "الجنرال مشرف كان أحد الدكتاتوريين العسكريين الذين أساؤوا حكم البلاد من خلال... جذب مجموعة من المتملقين".
في عهد مشرف، صعّدت باكستان حربها ضد الانفصاليين البلوش، مع إطلاق عملية عسكرية أسفرت عن مقتل الزعيم الانفصالي أكبر بوغتي في عام 2006، وهو اغتيال زاد من تأجيج الحركة الانفصالية.
ويضيف عبد الباسط "ينسب الناس الفضل للجنرال مشرف في تطوير البلاد، لكنه من ناحية أخرى تسبّب مثل أسلافه في دمار".
تنحّى مشرف عام 2008 وواجه سنوات من النزاع القانوني، قبل إدانته غيابيا والحكم عليه بالإعدام بتهمة الخيانة، ثم إبطال الحكم في وقت لاحق.
أمضى الحاكم السابق آخر أيامه في دبي بالإمارات العربية المتحدة، بعد أن فشل في العودة للسياسة ووجد نفسه وحزبه "رابطة مسلمي عموم باكستان" على هامش المشهد السياسي.