بالون يطير في السماء فوق مونتانا بالولايات المتحدة في 1 فبراير 2023
بالون يطير في السماء فوق مونتانا بالولايات المتحدة في 1 فبراير 2023

مع إسقاط الولايات المتحدة البالون الصيني الذي كان يحلق في الأجواء الأميركية، تغير موقف الصين من التعبير عن الأسف إلى "التحدي"، كما تقول وكالة بلومبرغ.

حلق المنطاد من دون أن يلاحظه أحد فوق ولاية ألاسكا شرقا، حيث تم اكتشفته أول مرة قيادة الدفاع الجوي في أميركا الشمالية في 28 يناير، وهو يتجه نحو كندا.

ولأنه ليس الأول، تقول شبكة CNN إن المنطاد "لم يشكل في ذلك الوقت خطرا استخباراتيا أو تهديد جسديا" وفق مسؤولين تحدثوا للشبكة. لكن ما أن أسقطت الولايات المتحدة البالون، قالت بلومبرغ، إن خطاب بكين تحول من الأسف إلى التهديد بالانتقام بعد حملة الاتهامات بالتجسس التي وجهتها واشنطن لبكين "لأن الرئيس الصيني أراد إظهار أنه يقف بقوة ضد الضغوط الخارجية".

ويهدد التطور الأمل بتخفيف التوتر بين البلدين، الذي كان معقودا على زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المقررة نهاية هذا الأسبوع لبكين، لكن الزيارة أُجلت بعد الكشف عن وجود البالون.

وقامت طائرة F-22 Raptor بتفجير البالون الصيني عالي التقنية من السماء قبالة ساحل ساوث كارولينا بصاروخ Aim-9X Sidewinder واحد، وفقا لبلومبرغ.

ونددت الصين، التي تقول إن الجهاز كان وسيلة مدنية لأبحاث المناخ انجرفت بشكل غير متوقع فوق الأراضي الأميركية، بـ"رد الفعل المبالغ فيه بشكل واضح" للولايات المتحدة في اتخاذ قرار استخدام القوة ضد البالون.

وقالت وزارة الخارجية في بيان يوم الأحد "ستحمي الصين بحزم الحقوق والمصالح المشروعة للشركة المعنية [بتشغيل البالون]، وتحتفظ بالحق في تقديم مزيد من الردود إذا لزم الأمر".

وتقول بلومبرغ إن الرئيس الصيني شي، يواجه ضغوطا داخلية أثناء محاولته إظهار قيادة قوية بعد التخلي بشكل كبير عن استراتيجيته الخاصة بفيروس كوفيد التي أثارت احتجاجات حاشدة في نوفمبر.

وسمح بانتشار مقاطع فيديو للبالون الذي تم إسقاطه على نطاق واسع على الإنترنت الصيني الذي يخضع لرقابة شديدة، كما تقول الوكالة.

وتساءلت بعض التعليقات على فيديو إسقاط البالون عما إذا كان "يجب على الصين الرد بالمثل بإسقاط جميع الطائرات أو السفن الأميركية غير المعتمدة التي تدخل المجال الجوي والمياه الإقليمية للصين من الآن فصاعدا؟".

وقال مسؤولون أميركيون لبلومبرغ إن إدارة بايدن لم تقدم للصين إشعارا مسبقا بخطة إسقاط البالون.

وقبل يوم واحد فقط، أظهرت الصين أسفا نادرا على البالون، قائلة إنها "تأسف للدخول غير المقصود للمنطاد إلى المجال الجوي الأميركي بسبب القوة القاهرة".

وفي مكالمة مع بلينكن، حذر كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي من "التخمين أو الضجيج الذي لا أساس له"، وحث الجانبين على التعامل مع خلافاتهما "بطريقة هادئة ومهنية".

منطاد صيني في أجواء كارولينا الشمالية - أرشيفية
المنطاد الصيني.. تفاصيل اجتماعات بايدن ومساعديه والرد الصيني المحتمل
ليست المرة الأولى التي تكتشف فيها الولايات المتحدة مناطيد صينية فوق الأراضي الأميركية، إلا أنها المرة الأولى التي تأخذ القضية هذه المسارات التي تخللتها أحداث واجتماعات لكبار المسؤولين الأميركيين، كما حملت الحادثة دلالات سياسية ودبلوماسية كبيرة في واشنطن وبكين

وكانت الإدارة الأميركية تميل إلى إسقاط المنطاد فوق الأرض عندما علمت به لأول مرة، الثلاثاء الماضي، لكن مسؤولي وزارة الدفاع (البنتاغون) نصحوا بعدم القيام بذلك، محذرين من أن هناك خطرا محتملا على البشر على الأرض، يفوق تقييم المكاسب الاستخباراتية الصينية المحتملة.

ولكن مع استمرار المنطاد في التحرك فوق ألاسكا متجها إلى كندا، ثم عودته نحو الولايات المتحدة، ساور القلق كبار المسؤولين، لأنه كان يسير بوضوح نحو الداخل، وأبلغ الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، الرئيس جو بايدن، الثلاثاء 31 يناير، بتحليق البالبون فوق ولاية مونتانا.

وكان الموقع مثيرا للقلق لأنه كان يحلق فوق قاعدة جوية تحتفظ بواحدة من أكبر مخازن الصواريخ الباليستية الأميركية العابرة للقارات.

ويوم السبت، وبعد سبعة أيام من دخول المنطاد المجال الجوي الأميركي لأول مرة، أسقطت المقاتلات الأميركية المنطاد بأمان على ارتفاع عال فوق المياه الإقليمية للولايات المتحدة، قبالة سواحل ولاية نورث كارولاينا.

وفي الوقت الحالي، يعمل غواصو البحرية ومحققو مكتب التحقيقات الفيدرالي على استرداد حطام المنطاد، وقال مسؤول عسكري كبير إن الحطام وقع في المياه الضحلة مما "سيجعل الأمر سهلا للغاية".

ويكيبيديا
النسخة الروسية من ويكيبيديا أصبحت محل بجدل بسبب نشرها لدعاية الكرملين

منذ نشأتها في عام 2001، عايشت موسوعة "ويكيبيديا" سلسلة من القضايا الجدلية حول تفاصيل ثقافية وتاريخية متنوعة، قبل أن تتجه نحو مواضيع أكثر حساسية وخطورة، مثل الانتخابات، الاحتجاجات، والحروب.      

ومن أبرز الأمثلة الحديثة، الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تحولت ويكيبيديا إلى ساحة معركة للروايات المتنافسة والمتغيرة باستمرار، وفق تقرير جديد لمجلة "فورين بوليسي" بعنوان "كيف غزت روسيا ويكيبيديا". 

تُعتبر النسخة الروسية من ويكيبيديا واحدة من أكبر ستة مواقع ويكيبيديا في العالم، وكانت حتى وقت قريب مصدرا رئيسيا للمعلومات في روسيا.

ولكن، خلال العقدين الماضيين، أصبحت تلك النسخة محاطة بالجدل بسبب تورطها في نشر الدعاية الموجهة من قبل الكرملين الذي استغل المنصة للترويج لرواياته السياسية.

تعتمد العديد من المقالات في النسخة الروسية من ويكيبيديا على المصادر الحكومية ويتم تحريرها بواسطة محررين روس يتبنون الروايات الرسمية للكرملين، وفق المجلة. 

وتشير "فورين بوليسي" إلى أن هذا التحيز برز بشكل واضح في تغطية النسخة الروسية للحرب على أوكرانيا.

على سبيل المثال، بينما تؤكد النسخة الإنكليزية من ويكيبيديا على الطبيعة غير القانونية لضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، تشير المقالات الروسية إلى هذا الحدث بشكلٍ يبرّر التدخل الروسي.

كما تقلل النسخة الروسية من دور الجيش الروسي في الصراع وتصور منطقة دونيتسك كجمهورية منفصلة عن أوكرانيا.

في قضية أخرى مثيرة للجدل، تتباين النسختان الإنكليزية والروسية حول حادثة إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية MH17 عام 2014، فبينما تُقر النسخة الإنكليزية بأن الطائرة أُسقطت بواسطة صاروخ أطلقه الجيش الروسي، تُشير النسخة الروسية إلى الحادثة بأنها "كارثة" دون الإشارة إلى المسؤولية الروسية، مما يعكس التأثير الكبير للروايات الحكومية الروسية على المحتوى، وفق تعبير المجلة.

وكانت رحلة الخطوط الجوية الماليزية "إم إتش17" في طريقها من أمستردام إلى كوالالمبور عندما كانت تحلق يوم 17 يوليو 2014 فوق المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون شرق أوكرانيا، حيث تعرضت لصاروخ أرض جو روسي الصنع انطلق من قاعدة عسكرية روسية يديرها المتمردون المدعومون من موسكو، وفق فريق تحقيق دولي.

تحديات قانونية

واجهت مؤسسة "ويكيميديا"، التي تدير ويكيبيديا، تحديات قانونية في روسيا، حيث تم تغريمها عدة مرات بسبب المحتوى المتعلق بالحرب على أوكرانيا.

وتشير تقارير إلى أن مجموعات من الحسابات المنسقة، تُعرف بـ"حسابات دمى الجوارب" (Sock puppet) قامت بتنسيق جهود لتحرير الصفحات المتعلقة بالعلاقات الروسية الأوكرانية لصالح الرواية الرسمية الروسية.

هذه المجموعات تعمل على تقويض المصادر الأوكرانية والغربية، وتدعم بدلاً من ذلك الروايات المدعومة من وسائل الإعلام الحكومية الروسية.

وفي خطوة أخرى لتعزيز السيطرة على الفضاء الرقمي، أطلقت روسيا في وقت سابق هذا العام منصة بديلة لويكيبيديا تُسمى "روويكي" (Ruwiki)، بقيادة فلاديمير ميدييكو، المدير السابق لمؤسسة ويكيميديا الروسية.

بدأت هذه المنصة كنسخة طبق الأصل من النسخة الروسية من ويكيبيديا، مستفيدة من طبيعة اتفاقية المصادر المفتوحة لويكيبيديا.

تحتوي "روويكي" الآن على ما يصل إلى مليوني مقال باللغة الروسية، بالإضافة إلى 12 لغة إقليمية أخرى تُستخدم في روسيا، وهي تعمل خارج نطاق سيطرة مؤسسة ويكيميديا.

منصة بديلة

تختلف "روويكي" عن نموذج ويكيبيديا الأصلي الذي يسمح لأي مستخدم بإنشاء وتحرير المقالات، حيث يخضع  المحتوى المضاف لمراجعة مجموعة ضيقة من الخبراء المعتمدين من قبل الحكومة.

هذه الآلية تسمح للحكومة الروسية بفرض رقابة صارمة على المحتوى المقدم وضمان توافقه مع الروايات الرسمية، خصوصا في القضايا المعقدة مثل الغزو الروسي لأوكرانيا.

أدى إنشاء "روويكي" إلى خلق نسخة رقمية منعزلة تعكس رؤية الكرملين للأحداث. ففي هذه النسخة، يتم إنكار أحداث تاريخية كبرى مثل مجاعة "هولودومور" التي أودت بحياة ملايين الأوكرانيين في عهد الرئيس السوفييتي جوزيف ستالين، ويتم الترويج لفكرة أن حلف "الناتو" هو المسؤول عن استفزاز روسيا لشن غزوها لأوكرانيا.

وهذه المحاولات لعزل الفضاء الرقمي الروسي عن بقية العالم تندرج ضمن مفهوم "تجزئة الإنترنت" أو "السبلينترنت"، وفق "فورين بوليسي" وهي ظاهرة تتجسد في قيام الدول بتقييد وصول مواطنيها إلى الإنترنت العالمي وتوجيههم نحو منصات رقمية محلية تخضع لرقابة الدولة، مما يحد من حريتهم في الوصول إلى معلومات غير محكومة بالروايات الرسمية.