مأساة بعد الزلزال
الخوف يجعل الأخبار الكاذبة تنتشر في أوقات المآسي.

لنحو دقيقة واحدة، اهتزت الأرض بسكانها من تركيا إلى سوريا والعراق وصولا إلى لبنان والأردن وعدد من الدول المجاورة، متسببة بحالة رعب وخوف انتهت مع توقفها، لتتفرغ الناس للدمار والخسائر الهائلة التي لحقت بهم، في حين أن الأخبار الزائفة والشائعات التي انتشرت بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات الأخبار استمرت في إرعاب الناس وبث الهلع في صفوفهم طيلة النهار الكارثي، فكانت آثارها أقسى عليهم من الزلزال نفسه في بعض الأحيان.  

 

ففيما بلغت الهزة الأرضية التي ضربت لبنان 4,8 درجات على مقياس ريختر، دون أن تتسبب في انهيار أي مبانٍ أو وقوع إصابات، أمضى مئات اللبنانيين ليلهم ونهارهم في الشوارع والساحات المفتوحة، وسط عاصفة ثلجية تضرب البلاد، خوفا من وابل التنبؤات الذي اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي منذرا بوقوع زلازل وموجات "تسونامي" وهزات ارتدادية وانهيارات وصلت إلى حد تحديدها بالساعة ودرجات القوة.  

وغادر عدد كبير من سكان المناطق الساحلية نحو الجبال والمناطق المرتفعة عن سطح البحر، بعد سريان شائعات تحذر من وقوع تسونامي في لبنان نتيجة الزلزال الذي ضرب المنطقة، فيما جرى إخلاء المنازل والمباني في العديد من المناطق كالعاصمة بيروت ومدينة طرابلس وعدد من الأحياء السكنية الشعبية، استجابة لتحذيرات زائفة تتنبأ بوقوع زلازل أخرى أقوى، فيما انتشرت صور ومقاطع مصورة تزعم انهيار مبان في لبنان، تبين زيفها بعد أن تسببت بتوتر وتضارب معلومات كبير.  

تركيا التي نالت النصيب الأكبر من الأضرار إلى جانب مناطق الشمال السوري، كان لها نصيبها البالغ أيضاً من الأخبار الزائفة، التي وصلت إلى إمكانية تعطيل وتشتيت أعمال الإنقاذ في بعض الأحيان، فضلاً عن الهلع الكبير في صفوف السكان.  

وفي هذا السياق ناشد رئيس قسم الاتصالات في الإدارة الرئاسية التركية، فخر الدين ألتون، موقع "تويتر" أن يتعامل بمسؤولية مع البيانات المتعلقة بالزلزال الذي ضرب تركيا، وكتب تغريدة عبر "تويتر"، قال فيها: "في مثل هذه الحالة الطارئة، من الضروري أن تولي إدارة تويتر اهتمامًا خاصًا، بتدقيق المنشورات المتعلقة بالزلزال الذي ضرب تركيا فجر اليوم، لمنع نشر المعلومات المضللة عبر المنصة، كونها يمكن أن تؤثر على سير عمليات الإنقاذ، وتكلف الناس أرواحهم". 

أبرز الأخبار الزائفة 

وتركزت الأخبار الزائفة في تركيا على المقاطع المصورة التي انتشرت بشكل واسع على أنها وقعت اليوم، فيما أظهرت عمليات التدقيق أن عدداً كبيراً منها يعود تاريخه إلى سنوات ماضية وزلازل سابقة ضربت البلاد أو أماكن أخرى حول العالم.  

كذلك ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا بالأنباء الزائفة التي واكبت آثار الزلزال، وكان أكثرها إثارة للخوف، تغريدة مزيفة منسوبة للخبير الهولندي فرانك هوغيربيتس تحذر من وقوع زلزال بقوة 9.6 درجات في سوريا وتركيا ولبنان، وهو ما نفاه الخبير نفسه على صفحته على موقع تويتر.  

وانتشرت عشرات الحسابات المزيفة باسم الخبير الهولندي ونشرت العديد من الأخبار والتنبؤات الزائفة، وذلك بعد الضجة الكبيرة التي أثارها توقع هوغيربيتس لوقوع زلزال قوي في تركيا وسوريا ولبنان، "عاجلاً أم آجلا"، قبل 3 أيام على الكارثة، ما جعل من اسمه مصدراً مستخدماً في نشر الأخبار الزائفة.  

خدمة تقصي صحة الأخبار باللغة العربية، في وكالة فرانس برس، رصدت بدورها عدداً كبيراً من الأخبار الزائفة اليوم، وعملت على التحقق من بعضها، وفق المسؤول عن الخدمة في مكتب بيروت خالد صبيح، الذي لفت إلى أن معظمها كان عبارة عن استخدام صور أو فيديوهات مصورة قديمة والقول أنها ملتقطة من كارثة الزلزال الواقعة حالياً.  

ويضيف في حديثه لموقع "الحرة" أن فريق العمل "فكك من بين هذه الفيديوهات، اثنين حظيا بانتشار واسع اليوم، واحد منهما من فلوريدا في الولايات المتحدة، انتشر على أنه في تركيا، والآخر قديم مصور في تركيا عام 2020، ولكنه لا يعود للزلزال اليوم، كما رصدنا نحو 5 مقاطع زائفة، انتشارها كان أضيق فلم نعمل عليهم بشكل مباشر".  

 

وانتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيديو آخر يظهر عدداً من الأشخاص يركضون بسبب الزلزال، ومقطع آخر يرصد سقوط شخص من أعلى مبنى أثناء حدوث الزلزال. كذلك لاقى مقطع مصور لمذيعة تركية تقدم نشرة الأخبار أثناء وقوع الزلزال، انتشاراً واسعاً بعدما جرى عرضه على أنه من كارثة اليوم، فيما أظهر التدقيق أن جميعها يعود إلى شهر فبراير عام 2022، حيث ضرب زلزال ولاية دوزجة شمال غربي تركيا بقوة 5.9 درجات. 

ويلفت صبيح إلى نوع آخر من الأخبار الزائفة التي صادفها فريق فرانس برس، حيث تناقلت معلومات وتنبؤات عن لسان "خبراء دوليين" مزعومين، "ولكن في هذه الحالة لا نعلم من هم هؤلاء الخبراء الدوليون، حتى نقول أنهم لم يقولوا ذلك وبالتالي ليس لدينا المعلومة في المقابل لنرد على تلك الشائعات، ولكن نقول للناس أن الغرق في الأخبار التي تصل على مواقع التواصل الاجتماعي لا يمكن الخروج منه، لذلك على الناس ان تساعد نفسها وتتابع حصرا وسائل الإعلام المسؤولة التي لا تنقل معلومات زائفة في أوقات الكوارث".  

ولعبت مبادرات إعلامية عدة دوراً لافتاً في تصحيح وتدقيق المعلومات المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي اليوم، من بينها "صواب"، وهي مبادرة صحفية مستقلة لرصد الأخبار الزائفة المتناقلة في لبنان، تضم مجموعة صحفيين متخصصين في تدقيق المعلومات والأخبار الزائفة، وبتصحيحها للجمهور.  

ويشرح الصحفي اللبناني المشارك في المبادرة، ميغال حدشيتي، أنه تم رصد أكثر من 10 أخبار زائفة راجعت على نحو واسع في لبنان، منذ الساعة الثالثة والنصف فجراً (وقت وقوع الزلزال) وحتى إعداد هذا التقرير.  

ويضيف "نشرنا تصحيحاً لعدد من الأخبار، أبرزها كان صور مبنى منهار قيل أنه في منطقة النبعة في بيروت على أثر الزلزال، ولكن الصور لم تكن في لبنان بالأصل، كذلك انتشرت أخبار عن إدارة الكوارث والطوارئ اللبنانية تحذر من وقوع زلزال بقوة 7.6 وهو ما لم يصدر رسمياً. 

 

لا يمكن التنبؤ بالزلازل 

وفي حديثه لموقع "الحرة" يشرح حدشيتي كيف عمل مع زملائه على التواصل مع المعنيين المنسوب لهم تصريحات زائفة، كمديرة المركز الوطني للجيوفيزياء في لبنان، مارلين البراكس، التي انتشر تسجيل صوتي منسوب لها يتحدث عن معلومات مغلوطة حول الزلزال، ويتنبأ بوقوع آخر، حيث عادت وأكدت أن التسجيل لا يعود لها، وطلبت عدم الانجرار خلف الشائعات.  

وكانت البراكس قد شددت في حديث لموقع "الحرة" على أنه "لا أحد يمكنه أن يتوقع توقيت حدوث هزة، وعلميا لم يتم إثبات أن هناك أي رابط بين ظواهر محددة ووقوع هزة أرضية في البر، لكن يمكن معرفة فيما إذا ضربت هزة البحر من خلال تراجع مياهه ما ينذر باحتمال حصول تسونامي". 

كذلك أشارت مؤسسة الأبحاث العلمية الزراعية Lari في بيان إلى أنه "لا يمكن بتاتاً التنبؤ بحدوث زلزال وقوته وفي حال حدوثه لا يمكن التنبؤ بعدد الهزات الارتدادية وقوتها كما أنه لا يمكن التنبؤ بمكان حدوث الزلزال، حتى في اليابان البلد المتطور جداً في دراسة الهزات لا يستطيعون فعل ذلك، وألا علاقة للزلازل والهزات بالأحوال الجوية فما يحدث تحت القشرة الأرضية أي هزات وزلازل غير مرتبط بما يحدث فوقها من أحوال الطقس، فلا يتوجب الهلع أنه سيحدث زلازل بسبب امطار غزيرة وثلوج أو رياح". 

خوف أكبر من الكارثة 

الأخبار الزائفة في لبنان، أثارت خوفاً أكبر من الخوف الذي تركته الهزات الأرضية، وهو ما يؤكده كل من صبيح وحدشيتي، فالشائعات دفعت بالناس إلى الشوارع وأبعدتهم عن المناطق الساحلية خوفاً من تسونامي، وأدت إلى إثارة الذعر طيلة النهار بسبب التنبؤات لمواعيد حصول هزات ارتدادية أو زلازل أخرى. هناك أشخاص لم يشعروا بالزلزال والهزات الأرضية، أو كانوا نائمين عند وقوعها، بحسب حدشيتي، ولكنهم أمضوا طيلة نهارهم في الشوارع بحالة هلع، وأخلوا منازلهم بسبب ما وصلهم من أخبار زائفة.  

ويشدد صبيح، في هذا السياق على أن أي معلومة خطيرة جداً أو تنبؤ علمي أو تحذير مهم لدى خبير أو جهة متخصصة، يجب على الناس أن تعرفه، "سوف تتهافت عليه وسائل الإعلام ووكالات الأنباء الموثوقة، وبالتالي سوف تصل إلى الناس من القنوات التلفزيونية المحترمة والمؤسسات الإعلامية المعروفة، وليس عبر مجموعات الواتساب وصفحات الأخبار العشوائية على وسائل التواصل الاجتماعي، هذا ما يجب على الناس أن تعرفه دائما وبشكل أساسي". 

ويضيف "وعليه إن كان هناك فعلاً نبوءة عن تسونامي، أو عن زلزال قوي آخر، إن كان هناك خطر معلوم فعلاً، سوف تصل المعلومات إلى الناس بشكل واضح لا لبس فيه عبر الإعلام الموثوق، وغير ذلك فإن الناس تضيع وقتها وتشتت نفسها بالمعلومات المضللة وبالتحقق منها".  

المسؤول عن خدمة تقصي صحة الأخبار في فرانس برس يلفت إلى أن هذا الأمر "سبق أن حصل أيضاً في زمن جائحة كورونا، حيث انتشرت اخبار زائفة عن علاجات وشائعات نشرت الذعر في صفوف الناس، وكانت أكثر ضرراً من الحالة نفسها، وهنا يجب أن نذكر بسبب انتشار الأخبار الكاذبة، فحين تعرف الناس أسبابها وأهدافها يصبح انتشارها أصعب." 

وبحسب صبيح فإن الهدف من هذا التزييف تحصيل عدد متابعات وقراء إضافيين وتفاعل على الصفحات التي تنشرها، وليس بهدف التعبير عن وجهة نظر أو أي أمر آخر. 

ويضيف شارحاً أن "من ينشر الأخبار الكاذبة يعلم أنه وفي هذه اللحظة كل الناس تتابع حدثاً معيناً، وبالتالي إن نشر خبراً يثير الذعر أو يطمئن، بأي اتجاه كان، سيجد هذا الخبر اهتماماً ومتابعة من الناس، هذا كل ما في الأمر، وبالتالي فإنه يسعى فقط لتحقيق أرباح على صفحاته على مواقع التواصل وزيادة متابعاته، فمثلاً إن حصل على 100 ألف مشاركة قد يحقق نحو 10 آلاف دولار في هذا اليوم، حتى مجموعات الواتساب، غالباً ما تكون أخبارها مرفقة بروابط موصولة بمواقع للجهة التي تنشرها حيث تحقق ارباحاً من الإعلانات على الزيارات". 

إحذروا إعادة النشر 

وتعتمد الأخبار الكاذبة والمزيفة في سرعة واتساع انتشارها، على تناقلها بين الناس ومشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي، لذا يركز الخبراء على عدم تناقل الأخبار دون التأكد من صحتها.  

وينصح حدشيتي القراء بالتأكد بداية من مصدر معلوماتهم بشكل مباشر عن موقع المصدر أو المواقع الإخبارية الموثوقة، كما يدعو القارئ إلى عدم تناقل ومشاركة أي خبر دون التأكد من صحته لأنه بذلك قد يساهم في نشر شائعة والترويج لأخبار زائفة تثير الرعب وتلحق أضراراً بالغير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.  

من ناحيته يستعين صبيح بالمثل الشعبي القائل أن "الكذبة تنكشف من كبرها" ليكون الإجراء الأول الذي يجب اعتماده خلال قراءة أي خبر، فعادة ما تعمد الأخبار الزائفة إلى التضخيم والتهويل، وينصح بالدرجة الثانية الالتفات إلى اللغة المعتمدة في صياغة الخبر، "فإذا ما كانت ركيكة وغير صحفية لا يمكن الوثوق بمصدرها".  

ويضيف صبيح مشيراً إلى سهولة التحقق من أي خبر ببساطة عبر محرك غوغل، الذي من شأنه أن يظهر ما إذا كان الخبر منتشراً فعلاً على وسائل إعلامية مسؤولة وموثوقة أم لا؟  

كما يمكن العودة أيضا إلى المصدر المنسوب له في الخبر، "هل فعلاً ناسا قالت كذا؟ هل فعلاً هيئة الأرصاد اللبنانية نشرت ذلك على موقعها؟ وإن كان الخبر صحيحاً، لا يمكن أن لا يكون واردا على وسائل إعلامية معروفة، وإلا يجب التشكيك في صحة الخبر".  

وكانت دراسة أجراها باحثون من معهد ماساتشوستس، توصلت عام 2018 إلى أن الأخبار الزائفة تنتشر بشكل أسرع، ويبحث عنها الناس أكثر من الأخبار الحقيقية. 

وركزت الدراسة على نحو 126 ألف إشاعة وخبر كاذب، على موقع تويتر خلال مدة 11 عاما، لتجد أن الأخبار الزائفة جرى إعادة تغريدها من جانب البشر أكثر من روبوتات الإنترنت، وأرجع الباحثون ذلك إلى أن الأخبار الزائفة غالبا ما تكون غير مألوفة وتحمل إثارة أكبر.  

ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها مؤسسات إعلامية ومبادرات صحفية للتحقق من الأخبار الزائفة، تبقى نسبة انتشار هذه الأخبار أكبر من القدرة على مواكبتها، وفقاً لحدشيتي الذي يؤكد أن مصدر معظمها هو حسابات وصفحات مزيفة ووهمية ومجموعات أخبار عشوائية، يصعب معرفة من يقف خلفها وأهدافه.  

فيما يختم صبيح من جهته بالإشارة إلى أن كل الوسائل الإعلامية ووكالات الأنباء في المنطقة والعالم متفرّغة، وصحافييها معبؤون اليوم، لرصد المعلومات الحقيقة والعاجلة ونقلها للناس، "فلتنظر الناس إلى هذه المصادر بكل بساطة ولتبتعد عن أخبار صفحات وسائل التواصل ومجموعات الأخبار على التطبيقات".

انتخابات في تونس
قيس سعيد بفاز بنسبة 78 بالمئة من أصوات الناخبين في الانتخابات الرئاسية السابقة (أرشيف)

فتحت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها عند الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (7 بتوقيت غرينتش) أمام الناخبين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، التي يتنافس فيها 4 مرشحين، هم الرئيس الحالي، قيس سعيّد، وأمين عام حركة الشعب القومية، زهير المغراوي، ورئيس حركة عازمون الليبيرالية، العياشي زمال.

ويخوض زمال الانتخابات من داخل السجن بعد اعتقاله بداية سبتمبر الماضي، بتهم تزوير التزكيات الشعبية الخاصة بالانتخابات.

ويقدر عدد الناخبين المسجلين في السجل الانتخابي بـ 9 ملايين و753 ألف ناخب، من بينهم 642 ألف ناخب بالخارج شرعوا في التصويت منذ الجمعة.

ومن المتوقع أن تغلق مراكز الاقتراع أبوابها عند السادسة مساء بالتوقيت المحلي (الخامسة بتوقيت غرينتش).

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل. وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

احتجاجات معارضة لسعيّد قبل يومين من انتخابات الرئاسة التونسية
تظاهر مئات التونسيين في العاصمة، الجمعة، مصعدين احتجاجاتهم ضد الرئيس، قيس سعيد، قبل يومين من الانتخابات الرئاسية التي يقولون إنها دون مصداقية وغير نزيهة استخدم فيها سعيد القضاء وهيئة الانتخابات لإقصاء منافسيه بهدف البقاء في السلطة.

وحسب وكالة فرانس، لا يزال سعيّد الذي انتُخب بما يقرب من 73 بالمئة من أصوات الناخبين عام 2019، يتمتّع بشعبية حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحل البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور 5 سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لـ"تصفية الحسابات مع خصومه"، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ، الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر التي أعقبت الإطاحة بالرئيس الراحل، زين بن علي، عام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون، ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، حسب فرانس برس.

ورأى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري، أن نسبة المقاطعة "ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية 2022 وبداية 2023، التي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7بالمئة فقط.

وأضاف في حديثه لوكالة فرانس برس، أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لسعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي، والانجراف الاستبدادي للنظام".

تونس.. أزمات داخلية وخارجية تعصف بالاتحاد العام للشغل
يعيش الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي لعب على امتداد سنوات ما بعد الثورة التونسية، بصفته أكبر منظمة نقابية في تونس، أدوارا بارزة في مراحل شهدت أزمات سياسية واجتماعية، على وقع صراعات داخلية بين نقابييه وخلافات خارجية مع الحكومة بشأن المطالب النقابية، وهو ما فتح النقاش بشأن مدى قدرته على التأثير في الشارع التونسي.

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا: "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

وفي الطرف المقابل، حذّر رمزي الجبابلي، مدير حملة زمال، "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات" بمؤتمر صحفي، الجمعة، بالقول: "إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال عام 2019.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد، حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس، الجمعة، للتنديد بـ"القمع المتزايد"، مطالبين بإنهاء حكم سعيّد.

وقال محمد، وهو خريج جامعي عاطل عن العمل وبالغ من العمر 22 عاما، لوكالة فرانس برس، إن "لا فائدة من الانتخابات" في ظل تواصل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وبالخصوص غلاء المعيشة.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.