في ظل المشكلات السياسية والاجتماعية الداخلية، تجد تونس نفسها وسط دوامة أزمة بين فرنسا والجزائر بعد سماحها بمغادرة صحفية جزائرية معارضة أراضيها نحو فرنسا، ما يثير مخاوف من أزمة ثنائية مع الجزائر.
وكانت الشرطة التونسية أوقفت، أميرة بوراوي، عندما كانت تحاول ركوب طائرة متوجهة إلى فرنسا مستعملة جواز سفرها الفرنسي، وأفرجت عنها محكمة تونسية قبل أن أوقفتها الشرطة التونسية مجددا، إلى أن حصلت على حماية من القنصلية الفرنسية في تونس.
واستدعت الجزائر سفيرها في باريس، الأربعاء بعد أن ذكرت وسائل إعلام جزائرية وفرنسية أن، أميرة بوراوي، وهي ناشطة حقوقية احتجزت خلال الاحتجاجات الحاشدة عام 2019 في الجزائر، وأطلق سراحها في 2020، عبرت الحدود إلى تونس بشكل غير قانوني بعد أن تمكنت من التهرب من المراقبة القضائية الجزائرية.
ورغم أن بيان وزارة الخارجية الجزائرية لم يشر إلى تونس، إلا أن تقارير تونسية قالت إن القضية أثارت توترا بين تونس والجزائر، منا قالت إن هناك "مضايقات" لتونسيين على الحدود مع الجزائر، بسبب السماح للناشطة بمغادرة تونس.
أزمة محتملة بين تونس والجزائر
تقول الإعلامية، نهلة الجبشي، إن العلاقات الجزائرية التونسية عادت إلى وضعها بعد مرحلة فتور عرفتها في السابق استمرت لسنتين تقريبا، غاب فيها التنسيق بين البلدين على أعلى مستوى، على الرغم من عدم التصريح المباشر بذلك.
وتشير الحبشي في حديث لموقع "الحرة" إن بعض التوتر سرعان ما عاد "على الأقل من حيث التعامل على المعابر الحدودية وخاصة إثر الحملة التي قام بها أعوان من الدرك ضد مواطنيين توانسة".
وأشارت الإعلامية إلى أن مازاد تأزيم العلاقات هو السماح للجهات الفرنسية بترحيل الناشطة أميرة من التراب التونسي نحو فرنسا وهو ما أثار الغضب الشعبي في الجزائر.
وقللت الحبشي من تأثير ذلك، وقالت إن القضية "تم تهويلها"، وإنها "ليست المرة الأولى التي يتم فيها تهريب ناشطين من الجانبين"، متهمة "بعض الأطراف المحسوبة على المعارضة باستغلال هذه الواقعة ضد الرئيس، قيس سعيدن رغم أنها حدثت سابقا في الإتجاهين، ومثل هذه الوقائع كثيرا ما تستغلها المعارضة لتسجل نقاطا ضد الرئيس".
ونقلت وسائل إعلام تونسية أن مواطنين تونسيين قالوا إنهم تعرضوا لـ"مضايقات وإهانات" من الجهات الرسمية (الجمارك) الجزائرية على مستوى المعابر الحدودية التونسية الجزائرية.
ولأن هذه الحوداث غير مألوفة، ربطتها بعض وسائل الإعلام التونسية بسماح السلطات التونسية بسفر الناشطة الجزائرية المعارضة، أميرة بوراوي، نحو فرنسا وهي التي كانت مطلوبة من السلطات الجزائرية.
كما استنكر تونسيون على تويتر ذلك.
كتب سمير الوافي في تحليل لما وقع بين تونس و الجزائر:
— عمر 🎾🔭⛏️🇹🇳🇹🇳 (@RhoumaAmor) February 10, 2023
تسقط شعارات الأخوة على الحدود في أول إمتحان...بمجرد توتر سياسي...ويدفع المواطنون الزواولة ثمن ذلك من كرامتهم ورزقهم...ويتعرضون إلى إهانات في طوابير مذلة...عقابا لتونس على قرار سيادي يظل من حقها حتى ولو تحت الضغط الفرنسي.. pic.twitter.com/dgMufVLp0K
التوانسة غاضبون من سوء المعاملة على الحدود pic.twitter.com/vZDdMPu7ou
— lbig Elmouden (@lbig_elmouden) February 10, 2023
ولم يصدر أي تعليق رسمي تونسي على ذلك، فيما دعا الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، إلى "عدم إزعاج وعرقلة المواطنين التونسيين في مراكز العبور الراغبين في الدخول إلى الجزائر"، وفق ما نقله التلفزيون الجزائري.
ويستبعد المحلل الجزائري، علي ربيج، في حديث لموقع "الحرة" أن يؤثر حادث سماح للناشطة، أمينة بوراوي، بمغادرة تونس في توتر العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن الرئيس الجزائري نفسه غرد على تويتر مطالبا بتسهيل عبور التونسيين من المعابر الحدود الجزائرية.
ولا يتوقع المحلل أن تتأثر العلاقات بين تونس والجزائر، مستدركا أنه مع ذلك قد تكون هناك مراجعات للإجراءات الأمنية وإجراءات عبور الحدود.
رجال الشرطة والجمارك هم من قالوا للتونسيين انهم تلقوا تعليمات بسبب اميرة بوراوي
— وليد كبير Oualid KEBIR 🇩🇿 (@oualido) February 10, 2023
نظام ضعيف ومرتبك لكنه حگار الشعوب! #تونس #الجزائر https://t.co/nIVqQythga pic.twitter.com/DMgOYcIHYk
واعتقلت بوراوي في تونس هذا الأسبوع ومثلت أمام المحكمة في جلسة استماع لتسليمها إلى الجزائر، ولكن القاضي أمر بإطلاق سراحها وسُمح لها بمغادرة البلاد، الاثنين.
وأفادت وسائل الإعلام الفرنسية إن إطلاق سراحها وسفرها جوا إلى فرنسا كانا نتيجة للضغوط الدبلوماسية الفرنسية على تونس.
والخميس، أكدت باريس أنها ترغب في مواصلة تعميق علاقاتها مع الجزائر رغم الخلاف المرتبط بعودة مواطنة فرنسية جزائرية كانت مهددة بالترحيل من تونس إلى الجزائر، وهي حادثة قادت الأخيرة إلى استدعاء سفيرها في فرنسا.