لحظة تفجير المنطاد الصيني في سماء الولايات المتحدة
لحظة تفجير المنطاد الصيني في سماء الولايات المتحدة

للمرة الثالثة في أسبوعين، تسقط مقاتلة أميركية جسما في سماء أميركا الشمالية، وكشفت "سي أن أن" تفاصيل إضافية عن آخر تلك الحوادث، الجسم المجهول الذي حلق فوق شمال كندا، السبت، قبل أن يتم إسقاطه.

وكان رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، قد قال السبت: "أمرت بإسقاط جسم غير محدد كان يحلق في المجال الجوي الكندي"، وأضاف "تم إرسال طائرتين كندية وأميركية، ونجحت مقاتلة أف-22 أميركية في إصابة الهدف".

والحادثة الأخيرة ثالث انتهاك معروف للمجال الجوي لأميركا الشمالية خلال الأسبوعين الماضيين.

وكان منطاد صيني حلق لما يقرب من أسبوع فوق كندا والولايت المتحدة، قبل أن تسقطه مقاتلة من طراز أف-22 قبالة سواحل ولاية ساوث كارولاينا الأميركية في الرابع من فبراير.

وأسقط الجيش الأميركي جسما ثانيا في المجال الجوي لألاسكا، الجمعة، بعد أن رصدته الولايات المتحدة منذ مساء الخميس، وفق "سي أن أن".

وقالت الشبكة، الأحد، إنه ليس هناك ما يشير على أن الحادثين الأخيرين مرتبطان بالمنطاد الصيني، لكن هناك شعورا بالقلق لدى مسؤولي الأمن القومي في أميركا الشمالية.

وأفاد بيان للمتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، باتريك رايدر، بأنه تم تعقب الجسم المجهول الذي تم إسقاطه في المجال الجوي الكندي منذ مساء الجمعة.

ورصدت الجسم الغريب قيادة الدفاع الجوي في أميركا الشمالية (NORAD)، التي أرسلت مقاتلتين من طراز أف-22 من قاعدة جوينت بيس إليمندورف-ريتشاردسون في ألاسكا لمراقبة الجسم بمساعدة الحرس الوطني الجوي في ألاسكا. 

ووافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، ورئيس الوزراء الكندي على إسقاط الجسم، السبت، وفقا لبيان صادر عن البيت الأبيض.

وقال البيان: "سمح الرئيس بايدن للطائرات المقاتلة الأميركية بإجراء العملية، وأسقطت المقاتلة الأميركية من طراز أف-22 الجسم في الأراضي الكندية بالتنسيق الوثيق مع السلطات الكندية".

وقالت وزيرة الدفاع الكندية، أنيتا أناند، في مؤتمر صحفي، السبت، إن الجسم كان "أسطوانيا" وأصغر من منطاد المراقبة الصيني الذي تم إسقاطه من قبل.

وتم إسقاط الجسم بصاروخ AIM-9X من المقاتلة الأميركية F-22، وهما نفس الصاروخ والطائرة التي أسقطت الجسم الآخر، الجمعة، في ألاسكا، ومنطاد المراقبة الصيني في 4 فبراير، وفق "سي أن أن".

وقالت الوزيرة الكندية إن الجسم كان "يحلق على ارتفاع حوالي 40 ألف قدم، ودخل بشكل غير قانوني المجال الجوي الكندي، وشكل تهديدا لسلامة الرحلات المدنية. تم إسقاط الجسم على بعد حوالي 100 ميل من الحدود بين كندا والولايات المتحدة فوق الأراضي الكندية في وسط يوكون".

وهذا الارتفاع (40 ألف قدم) يجعله مختلفا عن منطاد المراقبة الصيني، الذي كان يحلق "فوق الحركة الجوية التجارية بكثير"، وفق بيان رايدر.

وأوضح المتحدث العسكري الأميركي أن السلطات الكندية تجري عمليات استعادة بقايا الجسم، وسيعمل مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) مع شرطة الخيالة الكندية الملكية في التحقيقات.

وقال مصدر مطلع على المعلومات الاستخبارية لشبكة "سي أن أن" إن الطيارين الذين شاركوا في العملية الأخيرة قدموا روايات مختلفة عما لاحظوه بعد اقترابهم من الجسم، إذ قال بعضهم إنه "تداخل مع أجهزة الاستشعار الخاصة بهم"، لكن طيارين آخرين قالوا إنهم لم يختبروا ذلك.

العراق وسوريا

لا تزال العلاقة الرسمية بين العراق وسوريا موضع حذر منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي. ويبدو الملف السوري محاطا بالإرباك، خصوصا على الجانب العراقي، ويدل على هذا الإرباك التعاطي الإعلامي مع أي تواصل رسمي بين البلدين، وكأن الطرفين في علاقة "محرّمة"، يحاول الإعلام الرسمي العراقي دائما مداراتها وإخفائها عن العيون ووسائل الإعلام.

حدث ذلك حينما زار حميد الشطري، رئيس جهاز الاستخبارات العراقية، سوريا في نهاية العام الماضي والتقى الشرع، ولم يُعلن عن الخبر في وسائل الإعلام العراقية الرسمية، ولم يكشف عن اللقاء إلا بعد ان تناولته وسائل الإعلام السورية. 

ومثل هذا الأمر حدث قبل أيام في لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني برعاية قطرية في الدوحة، واُخفي الخبر عن الإعلام ليومين قبل ان تظهر صور الرجلين في حضور أمير قطر.

ردّة الفعل في الشارع العراقي على اللقاء تفسّر إخفاء الخبر قبل الإفصاح عنه. فقد انقسم العراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي حول المسألة، وهاجم كثيرون السوداني على قبوله الجلوس مع من يعتبرونه "متورطاً في الدم العراقي"، و"مطلوبا للقضاء العراقي".

الباحث القانوني العراقي علي التميمي يشرح الإطار القانوني الدولي المتعلق برؤساء الجمهوريات، في حال صحّت الأخبار عن أحكام قضائية ضد الشرع في العراق.

ويرى التميمي أن رؤساء الدول يتمتعون بـ"حصانة مطلقة تجاه القوانين الجنائية للدول الأخرى". ويشرح لموقع "الحرة" أن هذه الحصانة "ليست شخصية للرؤساء، بل هي امتياز للدول التي يمثلونها"، وهي تمنع إلقاء القبض عليهم عند دخولهم أراضي الدول الأخرى". 

ويشير التميمي إلى أن هناك استثناء واحداً لهذه القواعد، يكون في حال "كان الرئيس مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية وكانت الدولة المضيفة موقعة على اتفاقية روما ١٩٩٨ الخاصة بهذه المحكمة"، هنا، يتابع التميمي، تكون الدولة "ملزمة بتسليم هذا الرئيس الى المحكمة وفقاً لنظام روما الأساسي".

لكن هل حقا أحمد الشرع مطلوب للقضاء العراقي؟

ويشير الباحث العراقي عقيل عباس إلى "عدم وجود أي ملف قضائي ضد الشرع في المحاكم العراقية". 

ويستغرب كيف أن العراق الرسمي "لم يصدر بعد أي بيان رسمي يشرح ملابسات قضية الشرع وما يحكى عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، والجهات الرسمية لديها السجلات والحقائق، لكنها تركت الأمر للفصائل المسلحة وجمهورها وللتهويل والتجييش وصناعة بعبع (وحش مخيف) طائفي جديد، وكأن العراق لم يعان ما عاناه من الطائفية والتحريض الطائفي".

وكانت انتشرت وثيقة على وسائل التواصل الاجتماعي، تداولها عراقيون، عبارة عن مذكرة قبض بحق أحمد الشرع. وقد سارع مجلس القضاء الأعلى في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية في 26 من فبراير الماضي، إلى نفي صحة الوثيقة ووصفها بأنها "مزورة وغير صحيحة".

عباس مقتنع أن الغضب الشعبي من لقاء السوداني والشرع "وراءه أسباب سياسية مبرمجة، وليس تلقائياً، وجرى تحشيد الجمهور الشيعي لأسباب كثيرة، تصب كلها في مصالح إيران، غير السعيدة بسقوط بشار الأسد وحلول الشرع مكانه".

وبحسب عباس، منذ سقوط الأسد، "بدأت حملة في العراق لصناعة "بعبع" من الجولاني (أحمد الشرع)". يشرح: "يريد هؤلاء أن يقولوا ان تنظيم القاعدة يحكم سوريا، وهذا غير صحيح".

ويقول عباس لموقع "الحرة"، إن لدى الناس اسباباً موضوعية كثيرة للقلق من الشرع، خصوصاً خلفيته الجهادية المتطرفة ووضعه على لوائح الإرهاب، والشرع يقول إنه تجاوز هذا الأمر، "لكننا نحتاج ان ننتظر ونرى"، بحسب تعبيره.

ما قام به السوداني "خطوة ذكية وحكيمة سياسياً وتشير إلى اختلاف جدي بينه وبين بقية الفرقاء الشيعة في الإطار التنسيقي"، يقول عباس.

ويضيف: "هناك اعتبارات براغماتية واقعية تحكم سلوك السوداني، فهو كرئيس وزراء عليه أن يتعاطى مع سوريا كجار لا يجب استعداءه".

ويضيء الباحث القانوني علي التميمي على صلاحيات رئيس الحكومة في الدستور العراقي، فهو "ممثل الشعب داخلياً وخارجياً في السياسة العامة وإدارة شؤون البلاد بالطول والعرض"، وفق تعبيره، ورئيس الوزراء في العراق هو "بمثابة رئيس الجمهورية في الدول التي تأخذ بالنظام الرئاسي".

أما من الجانب السياسي، فإن السوداني، برأي عباس، "يخشى -وعن حق- ان تختطف حكومته المقبلة أو رئاسته للوزراء باسم حرب وهمية تديرها إيران والفصائل المسلحة وتشنّ في داخل سوريا تحت عنوان التحرير الذي نادى به المرشد الإيراني علي خامنئي قائلا إن شباب سوريا سيحررون بلدهم". وهذا يعني، بحسب عباس، ابتعاد السوداني عن التأثير الإيراني، و"أنا أتصور أن إيران غير سعيدة بهذا"، كما يقول.