أثارت المظاهرات التي يشارك فيها مئات الآلاف في فرنسا، احتجاجا على مشروع لرفع سن التقاعد، مع تهديد النقابات بـ"شل" البلاد في مواجهته، إذا استمرت الحكومة على موقفها، المقارنات بين الدول حيث يحلم الجميع بتقاعد طويل وصحي، لكن فرص تحقيق ذلك يختلف بشكل كبير من بلد إلى آخر.
فعندما يصل بعض الرجال إلى سن الستين عاما، في بعض البلدان مثل المكسيك وكولومبيا والولايات المتحدة، فمن المتوقع أن ينتظروا 10 سنوات فقط أول أقل يعيشونها بشكل صحي، بينما في دول أخرى مثل فرنسا ولوكسمبورغ، يمكن للرجال التطلع إلى تقاعد صحي لأكثر من 18 عاما بعد الستين، وفقا لحسابات بلومبيرغ.
ومتوسط العمر المتوقع الصحي بعد التقاعد يعني متوسط عدد السنوات التي يمكن أن يتوقع الفرد أن يعيش بصحة جيدة، دون مرض أو إصابة خطيرة.
ومع ارتفاع متوسط العمر المتوقع في كثير من البلدان لتقدم أنظمة الرعاية الصحية، أصبحت الحكومات أمام معضلة توفير الأموال اللازمة لتقاعد الكثيرين من العمل لفترة طويلة، مما يعني أموالا ضخمة من موازنة الدولة، فبدأت الحكومات في سن قوانين، أو حث الناس على البقاء ضمن قوتها العاملة لفترة أطول.
لكن هذه التحركات تأتي بالرغم من أن متوسط العمر المتوقع الصحي، لم يرتفع بنفس الوتيرة.
وشارك مئات آلاف الأشخاص في فرنسا، السبت، للمرة الرابعة في أقل من شهر، في تعبئة ضد تعديل نظام التقاعد، وهو مشروع أساسي للرئيس إيمانويل ماكرون، ينص على تأخير سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما.
والاثنين، دعت النقابات الفرنسية إلى التعبئة ضدّ إصلاح نظام التقاعد والإضراب عن العمل الخميس والى "إضراب قابل للتمديد" اعتبارًا من السابع من مارس، في ظلّ مفاوضات مشحونة مع البرلمان.
وفرنسا واحدة من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن قانوني للتقاعد من دون أن تكون أنظمتها متطابقة، حيث اختارت الحكومة تمديد مدة العمل لمعالجة التدهور المالي لصناديق التقاعد وشيخوخة السكان.
وفي عام 2019، وهي أحدث فترة تتوفر عنها بيانات قابلة للمقارنة بين أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي يبلغ عددها 38 دولة، كان متوسط العمر المتوقع للرجال فيها هو 82 عاما، بينما كان متوسط سن التقاعد الفعلي، الذي يخرج فيه الشخص من العمل على عكس سن التقاعد الرسمي للدولة، هو 64 عاما.
The countries with the longest — and shortest — retirements https://t.co/bVh7oXbRht pic.twitter.com/oC8jQP2qi8
— Zoe Schneeweiss (@ZSchneeweiss) February 14, 2023
لكن الاختلاف بين طول المدة التي يقضيها الأشخاص في التقاعد حسب البلد واضحا. فبينما تبلغ فترة التقاعد الفعلية للرجال في المكسيك 12.9 عاما، كانت 23.3 سنة في فرنسا.
المقارنة المهمة الأخرى هي متوسط العمر الصحي المتوقع بعد التقاعد، حيث تراوح ما بين 7.7 إلى 18.5 عاما.
كان الوضع أفضل قليلا بالنسبة للنساء لأنهن يعشن بشكل عام أطول. وتقضي المرأة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حوالي 22.8 سنة في التقاعد، لكن ثلث ذلك الوقت يمكن أن تقضيها في حالة صحية سيئة.
ويخشى الكثيرون من مسألة التقاعد في المستقبل، حيث بدأت مدة التقاعد في التقلص في بعض البلدان، حيث تزداد وتيرة متوسط العمر المتوقع، ببطء ويزيد سن التقاعد الفعلي تدريجيا.
وبالفعل، فقد تقلصت عدد سنوات التقاعد الصحية في المتوسط للنساء 1.4 عام، في 2019 مقارنة بسنة 2000.
ويبدو من البيانات التي عرضتها بلومبيرغ أن المتقاعدين في أوروبا يتمتعون بفترات تقاعد صحية أطول من نظرائهم في الأميركيتين.
وعلى سبيل المثال، يتقاعد الرجال في الولايات المتحدة في سن الـ65 عاما، ومن المتوقع أن يعيشون في صحة جيدة لـ11 عاما، بينما في فرنسا يتقاعدون في سن الـ62 عاما، ومن المتوقع أن يعيشون في صحة جيدة لـ17 عاما.
وتقول "بلومبيرغ": إنه "ما لم تتحسن النتائج الصحية، مع ارتفاع سن التقاعد في البلد، هناك خطر أن تظل فترة التقاعد الصحية أقصر ،حيث يضطر الناس إلى محاولة البقاء ضمن القوى العاملة لفترة أطول"، مشيرة إلى أن هذه البيانات تعود إلى عام 2019، أي قبل وباء كورونا الذي أدى إلى انخفاض متوسط العمر المتوقع في عدد من البلدان.