يتحدث التقرير عن العنف الجسدي والجنسي من جانب أفراد الأسرة، وقوات الأمن، وغيرهم". صورة تعبيرية"
يتحدث التقرير عن العنف الجسدي والجنسي من جانب أفراد الأسرة، وقوات الأمن، وغيرهم". صورة تعبيرية"

أشارت هيومن رايتس ووتش في بيان أصدرته الثلاثاء، إلى أن النساء المثليات، ومزدوجات التوجه الجنسي، والكويريات أو أحرار الجنس، والأشخاص غير المقيدين بالثنائية الجندرية حول العالم يواجهن العنف من قوات الأمن وأفراد أسرهن وغيرهن، إلى جانب التمييز الواسع الذي يمنعهن من تأسيس العلاقات والأُسر.

وأوردت أن التحقيق المؤلف من 211 صفحة، بعنوان ("لهذا أصبحنا ناشطات": العنف ضد النساء المثليات، ومزدوجات التوجه الجنسي، والكوير، والأشخاص غير المقيدين بالثنائية الجندرية)، يسلط الضوء على العنف والتمييز في 26 بلدا.

وقالت المنظمة إنها نظرت إلى ما بعد تجريم السلوك المثلي لتحليل كيف تُنتهك حقوق النساء الكويريات من خلال الأنظمة القانونية القائمة على التحيز الجنسي، والأبوية مثل ولاية الرجل، وقوانين الميراث غير المتكافئة، والتمييز بحق النساء غير المتزوجات، وكيف تجعلهن هذه الانتهاكات في وضع سيئ جدا في جميع جوانب حياتهن تقريبا.

ويتحدث التقرير عن العنف الجسدي والجنسي من جانب أفراد الأسرة، وقوات الأمن، وغيرهم، وتواجه النساء الكوير ذوات الإعاقة التمييز في العمل، وحقوق الملكية، وخدمات الإخصاب، والهجرة وإعادة التوطين، وعدم المساواة في الوصول إلى العدالة.

وجاء في بيان "هيومن رايتس ووتش" أن الباحثة في حقوق المثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، وعابري/ات النوع الاجتماعي في المنظمة ومؤلفة التقرير، إيرين كيلبرايد، قالت: "تشتهر النساء المثليات ومزدوجات التوجه الجنسي والكوير بقيادتهن نضالات حقوق الإنسان حول العالم. لكن حجم العنف الوحشي، والتمييز القانوني، والتحرش الجنسي الذي تواجهه هذه المجتمعات نادرا ما يوثق".

وقابلت هيومن رايتس ووتش 66 امرأة كوير لإعداد التقرير، معظمهن من المدافعات عن حقوق الإنسان العاملات على المستوى المحلي أو الوطني.

وحددت هيومن رايتس ووتش 10 مجالات رئيسية لانتهاكات الحقوق حيث توجد حاجة ماسة إلى البحث، والتمويل، وإصلاح السياسات.

وتشمل هذه المجالات:

  • الزواج بالقوة أو الإكراه من الرجال
  • حقوق العمل والعنف الجنسي في العمل
  • عنف قوات الأمن بحق النساء ذوات المظهر الذكوري
  • عدم المساواة في حقوق الملكية والميراث
  • القيود القانونية على تنقل المرأة والهجمات العنيفة على الأزواج من النساء الكوير في الأماكن العامة
  • حقوق الأمومة/الأبوة والحصول على علاج الإخصاب
  • الحصول على خدمات الصحة الجنسية، والإنجابية، والنفسية
  • الاعتداء الجنسي ومتابعة الرعاية
  • حواجز اللجوء 
  • الوصول إلى العدالة 
  • الهجمات بحق النساء الكوير المدافعات عن حقوق الإنسان.

ونقل البيان عن البنك الدولي، أن النساء في 40 في المئة من الدول حول العالم يفتقرن إلى المساواة في إمكانية امتلاك العقارات، أو تأجيرها، أو إدارتها، أو وراثتها. 

ووجدت هيومن رايتس ووتش أن هذا يمثل في كثير من الأحيان حاجزا اقتصاديا وقانونيا للأزواج من النساء الكوير لا يمكنهن التغلب عليه. الأنظمة القانونية التي تلزم المرأة بالحصول على إذن ولي الأمر الذكر لاستئجار شقة، أو التي تعطي الأولوية للأبناء في وراثة الأرض غالبا ما تعني أنه لا يمكن لأي شريكة في علاقة النساء الكوير استئجار منزل، أو امتلاكه، أو وراثته.

وغالبا ما تُلزِم انتهاكات حقوق ملكية المرأة من النساء الكوير الزواج من الرجال من أجل الوصول إلى الأراضي والممتلكات، ما يساهم في ممارسات الزواج بالإكراه. وقالت امرأة كوير ناشطة في قرغيزستان أُجبرت على الزواج من رجل في سن 19 لهيومن رايتس ووتش: "لا توجد طريق إلى الحرية إذا لم تتزوجي من رجل".

وحسب بيان المنظمة، "قال العديد من الأشخاص الذين قابلناهم إن النساء الكوير الذكوريات المظهر واجهن حياة من التهميش الاقتصادي والتمييز والمضايقات في العمل، والاعتداءات النفسية، وكذلك الاستهداف من قبل قوات الأمن، والعنف الجسدي والجنسي".

وقالت ناشطات كوير في الأرجنتين، والسلفادور، وقرغيزستان إن النساء الكوير ذكوريات المظهر في مجتمعاتهن غالبا ما يُجبرن على العمل غير المستقر مع ممارسات حقوق العمل السيئة (العمل في المزارع والعمل بالجنس وورشات تصليح السيارات) أو المجالات التي يسيطر عليها الذكور، حيث يواجهن الإيذاء الجسدي والجنسي.

وقالت مدافعة عن حقوق المثليات والعاملات في الجنس في السلفادور: "تعمل الكثير منا بالجنس بسبب التمييز في التوظيف في المجالات الأخرى. ولكن عندما تداهم الشرطة بيوت البغاء والمنازل، تُعامَل المثليات ذوات المظهر الذكوري " كالرجال". وهذا يعني تكبيل أيديهن بقوة أكبر، وتركيعهن، ونزع قمصانهن".

وأوصت المنظمة أنه "ينبغي للسلطات الحكومية إجراء تحقيقات شاملة وشفافة في تقارير العنف بحق النساء الكوير الأفراد والأزواج، وسن القوانين والسياسات والبروتوكولات التي تحمي صراحة حقوق النساء الكوير والأشخاص غير المقيدين بالثنائية الجندرية. ويتعين على السلطات إصلاح أنظمة السيطرة الأبوية، بما فيها قوانين وسياسات وممارسات ولاية الرجل، وقوانين الملكية والميراث التمييزية؛ وغيرها من القيود المفروضة على استقلالية المرأة وحركتها وحريتها التي تحد من تمتع النساء الكوير بحقوق مجتمع الميم ذات المفاهيم التقليدية، مثل المساواة في الزواج أو عدم تجريم السلوك المثلي".

الملابس الصينية السريعة

توفر شركات الموضة الصينية منتجات شبيهة بأحدث منتجات دور الأزياء العالمية، بأسعار زهيدة مغرية. لكن السؤال: هل يمكن تحمل تكاليفها؟

يقول إينار تنجين، الخبير في الشأن الصيني، إن شركات الأزياء الصينية تلاحق آخر صيحات الموضة، وتقدم منتجا يشبه ما يراه الناس في عروض الأزياء في نيويورك أو ميلان، على سبيل المثال، وبسعر متاح على نطاق واسع، رغم أن المنتج ليس بنفس الجودة.

لكن الجودة، هنا، لا تتعلق بمتانة المنتج أو تميزه حِرفيا، فحسب.

السموم

تعتمد كبريات علامات الأزياء الصينية، بشكل كبير، على الألياف الصناعية ـ البوليستر والنايلون والاكليريك ـ وموادة مستخلصة من البتروكيمياويات.

تشكل المواد الداخلة في صناعة تلك الأقمشة ـ وفق دراسة لمؤسسة "Plastic Soup" ـ خطرا كبيرة على صحة المستهلك.

ما يقرب من 70 في المئة من ملابس علامات الأزياء التجارية الصينية، ومعظم المفروشات والستائر والسجاد مصنوعة البوليستر والنايلون والأكريليك، وبمجرد استنشاقها، وفق الدراسة، يمكن للألياف الاصطناعية أن تخترق أنسجة الرئة وتسبب التهابا مزمنا. 

وتربط تقارير علمية بين المواد الصناعية المستخدمة في صنع الأقمشة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والربو والسكري. 

ويمكن لجزيئات تلك المواد أن تصل، إذ نستنشقها، إلى الكبد والقلب والكلى والمخ، وحتى إلى الأجنة في الأرحام.

في خريف 2021، كشفت تحقيقات صحفية، في كندا، وجود مواد ضارة في الملابس التي يقتنيها الكنديون عبر مواقع التسوق الصينية. 

في سترة أطفال تم شراؤها من موقع Shein الصيني، اثبتت الاختبارات وجود ما يقارب 20 ضعفا من كمية الرصاص المسموح بها قانونية لأسباب صحية. 

وبحسب موقع وزارة الصحة الكندية، يتسبب الرصاص بأضرار في الدماغ والقلب والكلى والجهاز التناسلي. 

الرضّع والأطفال والحوامل هم الحلقة الأضعف والأكثر عرضة للخطر. 

رغم أن الرصاص عنصر طبيعي يمكن  العثور عليه في البيئة المحيطة، تتجاوز نسبته في الملابس الصينية، وفق نتائج الدراسة، مستويات التلوث البيئي، أو الكميات الصغيرة التي تتعرض لها الملابس عن غير قصد أثناء عمليات التصنيع. 

إثر التحقيقات الكندية، أعلنت شركة Shein سحب قطع ملابس، وأكد المتحدث باسم الشركة "الامتثال لمعايير السلامة"، الا أن الاتهامات تصاعدت لتطال كبريات منصات التسوق الصينية، مثل TEMU وAli Express. 

وأكدت نتائج فحوص مختبرية، أجريت في كوريا الجنوبية وفرنسا، ارتفاع نسب المواد السامة في منتجات الموضة السريعة الصينية. 

يقول نيكولاس لوريس، الخبير في شؤون الطاقة والسياسات البيئية إن مواد سامة تُستخدم في جميع أنواع الصناعات تقريبا، لكن ضمن معايير محددة تحمي العمال والمستهلكين، وتحافظ على البيئة. 

"مشكلة النموذج الصيني هي أنهم يتجاهلون كل هذه المعايير، وهنا يكمن الخطر الحقيقي". 

إغراء الأسعار

التقارير عهن سموم المواد البيتروكيمياوية لم تحُل دون تهافت الزبائن ـ حول العالم ـ على الصناعات الصينية. 

الأسعار مغرية.

لهذا، تسبق الصين دول العالم في إنتاج الأنسجة وتصديرها.

في عام 2022، شكلت صادرات الصين من المنسوجات 43 في المئة من الصادرات العالمية. وفي عام 2023، أنتجت الصين 19.36 مليار قطعة ملابس. وبلغ حجم صادرات الصين عام 2024 أكثر من 301 مليار دولار.

وساهمت شركات الموضة السريعة الصينية على نحو كبير في تحقيق هذا التفوق. وبحسب أرقام منظمة التجارة العالمية، تشحن شركتا TEMU وShein مجتمعتين، حوالي 9000 طن من البضائع إلى دول حول العالم يوميا، أي ما يساوي حمولة 88 طائرة بوينغ عملاقة. 

تقول هدى حلبي، وهي حرفية متخصصة في الخياطة، إن البضاعة الصينية اليوم تغزو العالم، لكن غالبيتها غير صالحة للخياطة. "لا تملك الناس المال لشراء النوعية الجيدة للأقمشة ولذلك تشتري الأرخص وسرعان ما يقومون برميه".

وفرة نفايات

ما يظنه المستهلك توفيرا، يدفعه أضعافا، تقول حلبي، في سباق محموم للحاق بصيحات الموضة السريعة. وتضيف دارين شاهين، إعلامية، خبيرة موضة لبنانية، أن الدخول في لعبة الترند والموضة يجعلنا ندفع بضع دولارات على بعض الألبسة لنقوم بالنهاية برميها إلى النفايات. 

وتتابع حلبي أن "الأزياء التي تعتمد على الكلاسيكية، الأزياء البطيئة، هي قطع ممكن شراؤها من ماركات عالمية، وهي غالبا تكون أسعارها مكلفة أكثر، ولكن بطبيعة الحال تكون أنواع القماش من مواد صديقة للبيئة، مثل القطن العضوي، ويكون عمر هذه القطعة أطول، ويمكن أن نرتديها أكثر من ثلاثين مرة من دون رميها".

"إنتاج ضخم + ملابس قصيرة العمر = ملايين الأطنان من نفايات الملابس سنويا على مستوى العالم؛" معادلة بسيطة، وفق ما يؤكده لـ"الحرة" سامي ديماسي، مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا.

 يتم التخلص من 92 مليون طن من نفايات المنسوجات سنويا، يقول ديماسي، "أي ما يعادل شاحنة قمامة مليئة بالملابس كل ثانية".

ويشير تقرير لموقع Firstpost الإخباري أن الصين هي المصنِّع والمستهلك الأكبر للملابس في العالم، وهي أيضا المساهم الأعلى في نفايات المنسوجات. ينتهي المطاف سنويا بحوالي 26 مليون طن من الملابس في مكبات النفايات ـ معظمها منسوج من مواد صناعية غير قابلة لإعادة التدوير.

عدم قابلية الألياف الصناعية على التحلل عضويا، وصعوبة إعادة تدويرها، جعلا من المكبات والمحارق، المستقر النهائي لنفايات الملابس.

تؤكد تقارير دولية أن كميات قليلة من هذه النفايات تم التخلص منها بطرق آمنة. ويقول ديماسي لـ"الحرة" إن 8 في المئة فقط من ألياف المنسوجات في عام 2023 صُنعت من مواد أعيد تدويرها، وأقل من واحد بالمئة من إجمالي سوق الألياف مصدره منسوجات أعيد تدويرها، "وهذا يبيّن أن هناك كثيرا من المنسوجات التي لا يعاد تدويرها، ترمى في النفايات، أو تحرق أو ترمى في المياه".

ألوان الأنهار

إلقاء نفايات الملابس في المسطحات المائية ليس سوى مصدر من مصادر  التلوث في الصين. فمصانع الأزياء تتخلص من ملايين الأطنان من المياه الملوثة في المجاري المائية. 

ومن المفارقات الشائعة ـ المقلقة ـ في الصين، أنه يمكن التنبؤ بألوان موضة الموسم من خلال متابعة مياه الأنهار. ويؤكد تقرير لمجلة "فوردهام" للقانون الدولي أن (70%) من البحيرات والأنهار (و90%) من المياه الجوفية في الصين ملوثة، ما يهدد الحياة البرية وإمكانية وصول المواطنين إلى مياه نظيفة. 

وتقدّر مجموعة البنك الدولي أن ما بين (17% و 20%) من التلوث الصناعي للمياه في الصين ناتج عن عمليات صباغة ومعالجة المنسوجات. 

علاوة على ذلك، تحتوي المياه في الصين على 72 مادة كيميائية سامة مصدرها صباغة المنسوجات؛ 30 مادة منها لا يمكن إزالتها من المياه.

ألوان الهواء

يقول مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا، سامي ديماسي، لـ"الحرة" إن سلسلة قيمة المنسوجات، كل عام، تشير إلى أنها مسؤولة عن نحو 8 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري. 

لا تقتصر المسألة على الأضرار البيئة اليوم، يقول ديماسي؛ الأضرار ستمتد لعقود قادمة. "والأجيال الشابة التي ترى في الموضة السريعة فرصة لشراء منتجات رخيصة جدا، يفرحون بها أمام أصدقائهم، لا يدركون التكلفة الاقتصادية والبيئية لتلك الصناعة". 

رغم كل هذه الآثار البيئية، تبقى العروض المغرية والأسعار التي تصعب مقاومتها، أحد الأسباب وراء لجوء المستهلكين إلى مواقع التسوق الصينية.

فهم يستطيعون تحمل تكاليفها، لكن ـ مرة أخرى ـ يبقى السؤال قائما: هل يستطيعون بالفعل؟