قال خبراء إن الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، أعطى إشارة عن مصير نظامه بتقديم ابنته، جو آي، في سلسلة من الأحداث العسكرية الكبرى.
وشاركت صاحبة العشرة أعوام كبار الجنرالات خلال تقديم أحدث المعدات العسكرية. وشوهدت آي، في ليلتين متتاليتين خلال الاحتفالات بالذكرى 75 لتأسيس الجيش الشعبي الكوري.
وأظهرت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية آي، جنبا إلى جنب مع كيم ووالدتها، ري سول جو، في منصة استعراض مضاءة بألوان زاهية في ساحة كيم إيل سونغ، ليلة 8 فبراير الماضي، أثناء حضورهم عرضا عسكريا تضمن 11 صاروخا باليستيا عابرا للقارات من طراز هواسونغ -17.
وفي الليلة التي سبقت ذلك، جلست آي، بين والديها، خلال مأدبة عشاء فخمة حضرها كبار الجنرالات.
ويعتقد محللون أن كيم أحضر ابنته إلى هذه المناسبات لإعلام العالم بأن "إنجازاته العسكرية" ستنتقل إلى الأجيال المتعاقبة لضمان بقاء نظامه لسنوات قادمة.
سلالة بايكتو
قال دو هيوغن تشا، الزميل الرئيسي في معهد آسان لدراسات السياسة في سيول: "يُريد كيم إظهار استمرار سلالة جبل بايكتو".
وتابع "إنه يؤكد على القيادة المكونة من ثلاثة أجيال والتي انتقلت من كيم إيل سونغ، إلى كيم جونغ إيل، ثم إليه، وستستمر الآن إلى الجيل الرابع وتستمر إلى الأبد في نظره".
وتربط سلالة كيم بجبل بايكتو، المكان الأصلي الغامض بالنسبة للكوريين، حيث، تقول الأساطير، إن المؤسس الروحي لدانغون، أو "الإبن البشري للإله والدب" وفق الاعتقاد السائد وُلد في عام 2333 قبل الميلاد.
ويمتد الجبل المبجل على الحدود بين كوريا الشمالية والصين.
ويدّعي النظام الكوري الشمالي أن جد كيم ومؤسس البلاد، كيم إيل سونغ، ووالده كيم جونغ إيل، ولدا على ذات الجبل، وهذا جزء من السرد الدعائي الذي تم إنشاؤه لإضفاء الطابع الأسطوري على عائلة كيم، على الرغم من ولادة كيم إيل سونغ، في بيونغ يانغ، بينما ولد ابنه جونغ إيل، في خاباروفسك بروسيا.
وقال مايكل مادن، الخبير في شؤون كوريا الشمالية في مركز ستيمسون، "إنها رسالة مفادها أن قيادة عائلة كيم ستبقى في مكانها وأنها ستنتقل إلى الجيل الرابع".
وأكد أن ظهور آي يشير إلى أنها "ستكون جزءا من الجيل الرابع للقيادة".
وقال مادن إن كيم يحاول ربط الأسلحة التي طورها بالجيل الرابع من القيادة، ونقل إرثه في تحسين الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي أطلقها العام الماضي.
من جانبه، قال جونغ داي شين، الأستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول، إن كوريا الشمالية تحاول جذب انتباه العالم من خلال تقديم صور الفتاة والصواريخ.
وأضاف قائلا إن "التأثير الأكبر" الذي حققته كوريا الشمالية من خلال إظهار آي في الأحداث العسكرية تلك، كان "جذب الانتباه الأجنبي والمحلي".
وتعمد السلطات إلى ذلك لأنه "على الصعيد الدولي، أصبحت كوريا الشمالية منسية وسط الحرب في أوكرانيا"، حسب قول شين لإذاعة "فويس أوف أميركا".
الخليفة
وقدم كيم ابنته للجمهور في 18 نوفمبر 2022، وهي تقف أمام صاروخ Hwasong-17 ICBM العملاق في موقع الإطلاق.
وقالت كوريا الشمالية إن قواتها الاستراتيجية اختبرت بنجاح نوعا جديدا من الصواريخ البالستية العابرة للقارات تحت إشراف كيم.
وظهرت مرة أخرى في يوم رأس السنة الجديدة وهي تقوم بجولة في مصنع صواريخ باليستية ممسكة بيد والدها.
وظهرت الطفلة علنا، خمس مرات لحد الآن، مما أثار التكهنات بأن كيم يضعها لتكون وريثته على رأس النظام.
لذلك، قال سيونغ تشيونغ مدير قسم دراسات إستراتيجية إعادة التوحيد في معهد Sejong، إن الإشارة إلى آي على أنها ابنة كيم "المحبوبة" و"المحترمة" من قبل وسائل الإعلام الحكومية تشير إلى أن كيم قرر جعل الشابة خليفته.
وذكّر تشيونغ بأن والد كيم، قدمه على أنه خليفته لمساعديه المقربين خلال حفل عيد ميلاد كيم الثامن، بينما غنى الناس Footsteps، وهي أغنية عن كيم تصفه كيف يتبع طريق والده بينما هم "يسيرون" إلى "مستقبل باهر".
قال تشيونغ إنه سمع عن الحدث من عم كيم جونغ أون، في واشنطن في مارس 2021.
وانشق عم كيم ري كانغ، الذي كان متزوجا من جوه يونغ سوك، أخت والدة كيم، من كوريا الشمالية مع زوجته وهرب إلى الولايات المتحدة في عام 1998.
في المقابل، قال كين غوز، خبير القيادة الكوري الشمالي ومدير المشاريع الخاصة بقسم الإستراتيجية والسياسة والخطط والبرامج في وكالة الأنباء المركزية، إنه لا يزال من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت جو آي تستعد لوراثة نظام كيم.
وأشار إلى أن الظهور العام المتكرر للطفلة في الأحداث العسكرية "قد يكون مرتبطا في بعض النواحي بعملية الخلافة، لكننا لا نمتلك أي دليل على ذلك".