كيم جونغ أون مع ابنته (أرشيف)
كيم جونغ أون مع ابنته (أرشيف)

يسعى الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، إلى تعزيز قبضته على البلاد من خلال عمليات تطهير واسعة في الحكومة والحزب الحاكم، وفقا لما ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية.

وجاءت تلك التقارير عن التغييرات الواسعة التي طالت أعدادا كبيرة من المسؤولين والقيادات، بالتزامن مع تزايد المؤشرات بشأن ارتفاع مستوى ظاهرة الجوع التي تعبر عن أسوأ أزمة نقص غذاء تشهدها كوريا الشمالية في هذا القرن.

وقالت وزارة الوحدة في كوريا الجنوبية، أمس الخميس، إن السلطات في الجارة الشمالية قد شنت حملات على تجارة الحبوب في الأسواق، حيث تبنت سياسة جديدة في أكتوبر من العام الماضي لتشديد سيطرة الدولة على توزيع الحبوب.

وأدت الحملات إلى تعطيل عمليات التوزيع، وفقا لوزارة الوحدة.

وقال مسؤول في الوزارة للصحفيين بشرط عدم الكشف عن هويته: "تشير المؤشرات إلى أن السلطات الكورية الشمالية تسعى إلى تشديد سيطرة الدولة على توزيع الغذاء منذ أواخر العام الماضي".

وقد رفعت كوريا الشمالية سعر شراء الحبوب من المخزون الاحتياطي، وباعتها بأسعار أرخص من أسعار السوق، من خلال تأسيس مركز تديره الدولة لبيع الحبوب في السنوات الأخيرة.

من جانبها، ذكرت صحيفة "Dong-A Ilbo" الكورية الجنوبية هذا الأسبوع أن كوريا الشمالية خفضت الحصص الغذائية اليومية لأفراد الجيش الشعبي الكوري من 620 غرامًا لكل جندي إلى 580 غرامًا، وهو أول خفض من نوعه منذ مطلع القرن.

واتخذت اللجنة المركزية للحزب الحاكم خطوة غير عادية بالدعوة إلى اجتماع خاص هذا الشهر لمعالجة "المهمة البالغة الأهمية والعاجلة لوضع الإستراتيجية الصحيحة لتنمية الزراعة".

رفع مكانة "الدعاية والتحريض"

كما كشفت وزارة الوحدة أن حزب العمال الشيوعي الحاكم في كوريا الشمالية قد استبدل 40 بالمئة من أعضاء المكتب السياسي الذين شغلوا مناصب في العام السابق، و60 بالمئة من المسؤولين في أمانة الحزب.

وكشفت مراجعة الضباط الذين كانوا يسيرون في عرض عسكري أقيم في بيونغ يانغ الأسبوع الماضي أن القيادة العليا للقوات البرية للجيش الشعبي الكوري قد تغيرت أيضًا.

كما رفعت بيونغ يانغ من مكانة وأهمية قسم الدعاية والتحريض في حزب العمال وقسم التنظيم والتوجيه، المسؤولان عن الرقابة الاجتماعية والدعاية في البلاد.

وفي هذا الصدد قالت وزارة الوحدة في تقرير: "يبدو أن كوريا الشمالية تسعى جديا للسيطرة الأيديولوجية لتأمين استقرار حكم كيم جونغ أون طويل الأمد من خلال رفع مكانة كبار المسؤولين في هذه الإدارات".

وقال وزير الوحدة في كوريا الجنوبية، كوون يونغ سي، في جلسة استماع أمام نواب برلمان البلاد: "إن وضع الغذاء في كوريا الشمالية لا يبدو جيدًا للغاية". 

وتابع: "نشهد عددًا من المؤشرات. . . على الرغم من أنه لا يبدو حتى الآن أن هناك حدوث حالات من الموت جوعا".

وأثار كوون الشكوك حول فرص إعداد ابنة كيم لتولي القيادة، فقد ظهرت "كيم جو آي"، التي يُعتقد أنها تبلغ من العمر حوالي عشر سنوات، خمس مرات بشكل علني مع والدها منذ نوفمبر الماضي، كما ستتم طباعة صورتها على طوابع بريدية.

وتواجدت الطفلة في العرض العسكري الأسبوع الماضي، حيث هتف الجنود بتصميمهم على "الدفاع عن سلالة جبل بايكتو"، في إشارة إلى "الجبل المقدس" حيث من المفترض أن والد كيم وجده قد ولدا.

وقدم كيم ابنته للجمهور في 18 نوفمبر 2022، وهي تقف أمام صاروخ Hwasong-17 ICBM العملاق في موقع الإطلاق. 

وقالت كوريا الشمالية إن قواتها الاستراتيجية اختبرت بنجاح نوعا جديدا من الصواريخ البالستية العابرة للقارات تحت إشراف كيم.

وظهرت مرة أخرى في يوم رأس السنة الجديدة وهي تقوم بجولة في مصنع صواريخ باليستية ممسكة بيد والدها.

وأضاف كوون: "أرى أنه إجراء محتمل للتحضير لخلافة وراثية من الجيل الرابع، ولتعزيز وحدة النظام بالتركيز على كيم جونغ أون وما يسمى بسلالة جبل بايكتو".

القوات السورية استقدمت تعزيزات إلى الحدود مع لبنان - رويترز
القوات السورية استقدمت تعزيزات إلى الحدود مع لبنان - رويترز

المواجهات التي اندلعت في اليومين الماضيين على حدود سوريا ولبنان، ليست الأولى من نوعها بعد سقوط نظام الأسد بل هي الثانية والأشد أيضا من حيث الخسائر التي خلفتها، وعلى مستوى نوعية السلاح الذي استخدمها الطرفان.

والاشتباكات بين قوات الإدارة السورية الجديدة ومسلحين من حزب الله، ينشطون في عدة مواقع وقرى وبلدات حدودية، انتهت باتفاق بنص مقتضب بين وزارتي الدفاع السورية واللبنانية.

ورغم أن الاتفاق كان كفيلا بإيقاف الصواريخ والقذائف التي أطلقت من الجانب السوري باتجاه اللبناني وبالعكس، وتخفيف حدة التوتر التي عكستها تحركات وحشود القوات على الأرض، فإنه لا يمكن اعتباره "حلا شاملا ومستداما"، كما يقول خبراء ومراقبون.

لماذا قد لا يكون الاتفاق "حلا شاملا ومستداما"؟ لأن الأسباب التي تقف وراء اندلاع المواجهات للمرة الثانية على التوالي بعد سقوط الأسد لما هو أبعد من "حادثة اختطاف" أسفرت عن مقتل 3 جنود سوريين، واتهم "حزب الله" بالوقوف ورائها.

على العكس ترتبط الأسباب بالنوايا المرتبطة بفرض حالة من "الاستنزاف" على الأرض، كما يقول الباحث السوري، نوار شعبان، وبـ3 عوامل أشار إليها الخبير الاستراتيجي اللبناني، ناجي ملاعب، في حديثه لموقع "الحرة".

"عوامل واستنزاف"

ويعتقد شعبان، وهو باحث في مركز "حرمون للدراسات المعاصرة"، أن "حزب الله" يحاول استنزاف قوات الإدارة السورية على طول الحدود السورية-اللبنانية، وهو الأمر الذي ينطبق على المواجهات الجديدة والتي سبقتها، في شهر فبراير.

كما تحاول الجماعة اللبنانية "جر وزارة الدفاع السورية إلى معارك مفتوحة"، بحسب حديث شعبان، في مسعى لاستنزافها واستغلالا من "حزب الله" للجبهات الأخرى المفتوحة ضد قوات إدارة أحمد الشرع. كالساحل مثلا.

ومن جهته، يشير الخبير الاستراتيجي اللبناني ملاعب إلى أنه لا يمكن فصل جولة المواجهات الجديدة بين القوات السورية و"حزب الله" عن التوقيت الذي جاءت فيه والمكان والسياق العام.

وأوضح لموقع "الحرة" أن "الإدارة السورية لاتزال تنظر إلى وجود السلاح بيد حزب الله على الحدود كعبء كبير يقتضي معالجته".

مسعى الإدارة السورية لمعالجة قضية سلاح الحزب الموجود على الحدود يأتي من منطلق المخاوف والمؤشرات التي تدلل على ضلوع الجماعة اللبنانية بما تشهده سوريا الداخلية من أحداث.

وكانت آخر هذه الأحداث عمليات التمرد التي جرت في مناطق عديدة بالساحل، فيما ردت عليها القوات السورية بحملة عسكرية تخللتها عمليات قتل ميداني استهدفت أفرد المكون العلوي.

ومن جانب آخر، لا يستبعد الخبير ملاعب أن تكون الجولة الجديدة من المواجهات مرتبطة بخصوصية المكان الذي جرت فيه وما قد يحتويه.

ويتابع حديثه: "لا يزال حزب الله يحتفظ بأسلحته في المكان الذي جرت فيه المواجهة".

وبالإضافة إلى ذلك لا يزال يعول ويتمسك بخطوط التهريب التي يعبر الحدود السورية-اللبنانية، منذ عقود، بحسب الخبير الاستراتيجي.

ماذا بعد؟

ويبلغ طول الحدود بين سوريا ولبنان نحو 300 كيلومتر. وكانت هذه الحدود في عهد نظام الأسد تحولت إلى أرض "مشاع" استخدمها "حزب الله" لتهريب الأسلحة والذخائر وحبوب "الكبتاغون".

ولم يكن أن يتم ذلك، خلال السنوات الماضية، إلا بموجب سياسة "هادئة" يعتبر خبراء ومراقبون أنها ما تزال مستمرة حتى الآن.

تستند هذه السياسة على المعابر غير الشرعية من جهة، بينما تقوم من جهة أخرى على عمل العصابات التي استخدمها "حزب الله" كواجهات لتمرير أعماله المتعلقة بالتهريب، ولتثبيت أسس "الاقتصاد الموازي" المرتبط به.

وقالت وزارة الدفاع اللبنانية، في بيان الاثنين، إن وزير الدفاع الوطني، ميشال منسى، أجرى اتصالا بنظيره السوري، مرهف أبو قصرة، وبحثا التطورات الحاصلة على الحدود اللبنانية- السورية.

وأضاف البيان أنه جرى الاتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين على أن يستمر التواصل بين مديرية في الجيش اللبناني، والمخابرات السورية.

ومن جهته، أكد المكتب الإعلامي في وزارة الدفاع السورية اتفاق الجانبين على وقف إطلاق النار على الحدود، وتعزيز التنسيق والتعاون بينهما، بحسب ما نقلت الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا).

وكانت القوات السورية خاضت مواجهات حدودية مع "حزب الله"، في فبراير الماضي.

وبعد اشتباكات استمرت لأيام، حينها، وتركزت جهة مدينة القصير بريف حمص وسط البلاد،أعلنت وزارة الدفاع في دمشق أنها تمكنت من تأمين الحدود.

وأكد مدير التوجيه في الجيش اللبناني، العميد حسين غدار، في تلك الفترة لموقع "الحرة"، أن التنسيق بين الجيش اللبناني وهيئة الأركان السورية قائم لضبط الحدود "من خلال مكتب التعاون والتنسيق بين البلدين".

وقال غدار، إن "الجيش اللبناني يضبط الحدود ضمن الإمكانات المتوفرة لديه، وقد اتخذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك".

ويعتقد الخبير ملاعب أنه يوجد توجه رسمي على كافة المستويات في لبنان "يشدد على حصرية السلاح بالدولة اللبنانية. وكذلك الأمر بالنسبة لخيار السلم والحرب".

ويضيف: "وبالتالي انتقلنا من حالة الجيش اللبناني الذي كان يتماهى مع أعمال حزب الله في سوريا إلى الجيش الذي عاد إلى دوره الصحيح".

وفي حال لم تشهد المرحلة المقبلة دورا حقيقيا للجيش اللبناني ستكون نتائج أي مواجهة فردية على الحدود مع سوريا "كارثية"، وفق الخبير.

ولا تمتلك وزارة الدفاع السورية أي رفاهية لفتح أكثر من جبهة الآن، كما يقول الباحث السوري، شعبان.

وبينما يؤكد على ضرورة أن يتم التعاطي السوري مع هكذا نوع من أحداث "بمنطق الدولة" لا يستبعد الباحث أن يواصل "حزب الله" القيام بهجمات مماثلة، في مسعى منه لاستنزاف قوات الإدارة السورية في دمشق وولكي يحدث "بلبلة إعلامية" تعود عليها بالسلب.