غالي يتزعم جبهة البوليساريو منذ يوليو 2016 خلفا لزعيمها التاريخي محمد عبد العزيز
نزاع يدور منذ عقود بين المغرب وجبهة البوليساريو حول الصحراء الغربية

أيام بعد اختتام مؤتمرها لتجديد قيادتها، تجد جبهة البوليساريو نفسها أمام حملة حقوقية تدعو لمحاكمة قياديها بسبب تهم "قتل تحت التعذيب" ارتكبت منذ تأسيس الجبهة.

وأطلق منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي في الصحراء، "فورساتين"، حملة من أجل تسليم ومتابعة مسؤولي الجبهة "المتورطين في قتل وتعذيب الصحراويين أمام المؤسسات القضائية الدولية".

وبدأ المنتدى نشر أسماءصحراويين يقول إنهم ضحايا للبوليساريو في مخيمات تندوف فوق الأراضي الجزائرية.

جرائم لا تسقط

واتهم المنتدى قيادة البوليساريو برمي الضحايا "في الخلاء، وسجنهم في حفر ومغارات بدون تهم محددة، وتعريضهم لشتى أنواع التعذيب والتعنيف غير المبرر".

والمنتدى هو تجمع لصحراويين في مخيمات تندوف معارضون للجبهة.

تخوض جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر نزاعا مع المغرب منذ عام 1975 حول مصير الصحراء الغربية. 

ويقول الناشط الصحراوي في جبهة البوليساريو، محمد ميارة، إن الحملة محاولة من الدولة المغربية للهروب إلى الأمام جراء الأزمة مع البرلمان الأوروبي.

ووصف ميارة حملة المنتدى بأنها "دعائية مغرضة"، مشيرا في حديث لموقع "الحرة" إلى أن المسؤولين الصحراويين، وبمن فيهم زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، سبق وأن برأهم القضاء الإسباني.

ويضيف ميارة أن حملة المنتدى "مجرد دعاية بدلا عن الحديث عن الحل السياسي الذي يضمن للشعب الصحراوي الحق في تقرير مصيره".

ويواجه، إبراهيم غالي، دعاوي قضائية في إسبانيا رفعتها ضده الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان "لارتكابه جرائم إبادة جماعية"، كما يواجه دعوى أخرى رفعها، فاضل بريكة، وهو منشق عن جبهة بوليساريو يحمل الجنسية الإسبانية.

ونشر المنتدى أن من بين ضحايا الجبهة الصحراوي، حمدي أعلي سالم محمد يحظيه بوصولة، الذي حارب ضد الاستعمار الإسباني في الصحراء، وتعرض للاعتقال منذ سنة 1975 بسبب معارضته تأطير جبهة البوليساريو للصحراويين.

ويقول المنتدى إنه تعرض للتعذيب إلى أن توفي سنة 1988.

ويعتزم المنتدى مراسلة الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، ورفع دعاوى قضائية ضد مسؤولي "البوليساريو".

وكان القضاء الإسباني أغلق دعوى "إبادة جماعية" بحق زعيم جبهة بوليساريو في 2021، 

وبعدما استمع القضاء إليه في الأول من يونيو عبر الفيديو من المستشفى الإسباني حيث كان يتلقى العلاج، تمكن في اليوم التالي من العودة إلى الجزائر، الداعم الرئيسي لجبهة بوليساريو، إذ لم يتخذ القاضي أي إجراء بحقه مثل مصادرة أوراقه أو حبسه احتياطيا.

ويؤكد، محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن مبادرة المنتدى تأتي في سياق الجهود التي يبذلها ضحايا الانتهاكات الجسيمة المرتكبة على يد البوليساريو.

ويشير عبد الفتاح إلى أن جهود الحراك المتضامن مع الضحايا فضح تورط العناصر القيادية في البوليساريو في "الانتهاكات وجرائم القتل والتعذيب وحتى الاغتصاب".

ويرى عبد الفتاح أن عدم معالجة الانتهاكات المرتكبة من قبل البوليساريو يكرس ظاهرة "الإفلات من العقاب التي تراعها السلطات الجزائرية في مخميات تندوف من خلال تفويضها سلطات للجبهة، حيث تتم رعاية الجلادين وتكريمهم  من خلال منحهم مناصب قيادية وتمتيعهم بجوازات سفر وحتى تهريبهم إلى الخارج للعلاج كما حدث مع إبراهيم غالي قبل  سنتين حيت تم نقله إلى إسبانيا للعلاج بجواز سفر جزائري"، بحسب تعبيره.

ويقول عبد الفتاح إن ضحايا الانتهاكات "دشنوا حراكا لنشر شهادتهم وتجميع لوائح الشهداء الذين تم اغتيالهم في سجون البوليساريو".

ويدور نزاع منذ عقود بين المغرب وجبهة البوليساريو حول الصحراء الغربية التي تسيطر المملكة المغربية على حوالى 80 بالمئة من أراضيها، وتقترح منحها حكما ذاتيا تحت سيادتها حلا وحيدا للنزاع.

غير أن البوليساريو، المدعومة من الجزائر، تطالب بإجراء استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة لتقرير مصيرها.

سعيد رفقة زوجته في مركز تصويت يوم الانتخابات الرئاسية
سعيد رفقة زوجته في مركز تصويت يوم الانتخابات الرئاسية

أعاد الظهور الإعلامي الأخير لأفراد من عائلة الرئيس قيس سعيد، ومشاركتهم في الحملة الانتخابية الرئاسية، النقاش بشأن الأدوار التي طالما لعبتها أُسر حُكّام تونس، على امتداد عقود طويلة من تاريخ البلاد.

وفي معظم فترات تاريخ تونس الحديث، لم يكن التونسيون يكنّون الكثير من الود لعائلات الحكام بسبب اتهامات لاحقتها، بدءا بأُسر "البايات"، وصولا إلى الباجي قايد السبسي، مرورا بعهدي الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.

ولم تكن أسرة الرئيس قيس سعيد بمعزل عن هذا الجدل، فمنذ وصوله إلى قصر قرطاج رئيسا للجمهورية في 2019، أثُيرت تساؤلات كبيرة عن الدور المحتمل لشقيقه نوفل سعيد في رسم ملامح السياسات العامة، خاصة أنه كان قد اضطلع بمهام رئيسية في الحملة الانتخابية.

ورغم نجاح سعيد في تبديد تلك المخاوف، بإبعاد شقيقه عن دوائر صنع القرار طيلة الولاية الأولى، فإن ذلك لم يمنع عودة النقاشات بشأن "دور محتمل للعائلة"، خصوصا بعد الظهور الإعلامي الأخير لنوفل سعيد وعاتكة شبيل، شقيقة زوجة الرئيس، إشراف شبيل، عقب مشاركتهما الفعلية في إدارة فريق الحملة الانتخابية الرئاسية.

ظهور مثير

ووصف المحامي نوفل سعيد، شقيق الرئيس، مدير حملته الانتخابية، الفوز الذي حققه مرشحه في الرئاسيات بـ"الكبير"، مضيفا "بهذه النسبة الكبيرة، أصبح سعيد الرئيس الرمز.. ولا سبيل لبناء مستقبل جديد دون منسوب ثقة كبير".

وبدورها، اعتبرت عضوة الحملة الانتخابية لسعيّد، عاتكة شبيل، وهي شقيقة زوجته، أن ''مرور الرئيس (قيس سعيّد) من الدور الأول دليل على تواصل شعبيته على عكس ما يروّج".

وأضافت، في تصريح لإذاعة "موازييك" المحلية، أنّ "عدد الناخبين الذين صوّتوا له غير بعيد عن عدد الناخبين الذين اختاروه في الانتخابات الرئاسية لسنة 2019".

ويُعد هذا الظهور الإعلامي لشبيل نادرا للغاية، خاصة أنها لم تعلق في السابق على الكثير من الانتقادات والاتهامات التي طالتها، وبينها التأثير على قرارات وزير الداخلية الأسبق توفيق شرف الدين.

وتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي جوانب من مشاركة عاتكة شبيل ونوفل سعيد في الحملة الانتخابية للرئيس، وسط تباين حاد في الآراء بشأن الدور الذي لعباه.

تجارب الماضي

ويزخر التاريخ التونسي بقصص عائلات الرؤساء التي لعبت أدوارا رئيسية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعي بهذا البلد المغاربي

ففي فترة الرئيس الحبيب بورقيبة، الذي يوصف بـ"أب الاستقلال"، دار جدل أكده مؤرخون عن "تدخل واسع النطاق" لزوجة الرئيس وسيلة بورقيبة، شمل تعيين وإزاحة المسؤولين الكبار بالدولة.

وخلال فترة زين العابدين بن علي، ازداد الأمر تعقيدا مع سيطرة أصهار الرئيس السابق، خصوصا أشقاء زوجته ليلى الطرابلسي، على قطاعات اقتصادية مهمة، ولا تزال اتهامات الفساد المالي تلاحقهم إلى الآن أمام المحاكم.

وانحسر الحديث عن "تأثير العائلة" خلال فترة الحكم المؤقت للمنصف المرزوقي، ليعود بقوة إلى الواجهة بعد صعود الرئيس الباجي قايد السبسي إلى سدة الحكم في 2014.

فطيلة عهدة السبسي، التي استمرت من 2014 حتى وفاته في 2019، دار جدل واسع بشأن "تأثير" نجله حافظ قايد السبسي، الذي اتهمه أصدقاؤه في "نداء تونس" بالاستيلاء على الحزب وتحويله إلى "منصة لمكافأة أو معاقبة المسؤولين".

هواجس النخبة

ويشير المحامي والناشط السياسي عبد الواحد اليحياوي إلى وجود "مخاوف حقيقية" لدى النخبة التونسية أن يتحول الظهور العلني لشخصيات من عائلة الرئيس إلى "نفوذ سياسي واقتصادي" في البلاد.

واعتبر أن "تدخل عائلات الحكام تعبير من تعبيرات الاستبداد، لأن هذه الشخصيات لا تحظى بشرعية انتخابية، على غرار ما فعلته عائلة بن علي التي حولت التأثير السياسي إلى نفوذ تجاري واقتصادي".

ويرى اليحياوي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن للتونسيين "تجربة مريرة" مع عائلات الحكام التي لعبت أدوارا مؤثرة، حتى قبل أن تتحول تونس إلى جمهورية، أي في عهد البايات ليستمر الأمر بعد عائلات قادة ما بعد الاستقلال.

وأشار اليحياوي إلى تقارير تحدثت عن "حضور خفي" لعبته شقيقة زوجة الرئيس في الشأن العام، من خلال إشرافها على ما يُسمى بـ"شق سوسة" في مشروع الرئيس، الذي يضم شخصيات عدة تم تكليف بعضها بحقائب وزارية خلال العهدة الأولى لسعيد.

"تشويه الرئيس"

وفي المقابل، يقول المحلل السياسي باسل الترجمان إن القانون لا يُجرم مشاركة عائلات المرشحين في الحملات الانتخابية، مستبعدا وجود أي دور رسمي لعائلة الرئيس سعيد في أجهزة الدولة.

وفند التقارير التي تتحدث عن تأثير مارسته شقيقة زوجة الرئيس على وزير الداخلية الأسبق توفيق شرف الدين، قائلا "لو كان لها تأثير لاستمر الرجل في منصبه".

ومن وجهة نظره، فإن "قيس سعيد شخص لا يسمح لأحد بمشاركته في اتخاذ القرارات بما في ذلك عائلته وأصهاره"، رافعا رهان التحدي بالقول "من يمتلك أدلة تثبت عكس هذا الأمر لنشرها وأطلع الرأي العام عليها".

وأدرج الترجمان "إقحام" المعارضة لعائلة الرئيس في النقاشات السياسية في إطار "رغبة هذه الأطراف السياسية في تشويه مسار الرئيس، في غياب أي ملفات فساد تُدينه".