سبق افتتاح دولة الإمارات لـ"بيت العائلة الإبراهيمية"، في أبوظبي، الجمعة، تصريح لمفتي سلطنة عمان، الخميس، اعتبره محللون أنه يهاجم الحدث الذي نتج عن توقيع ما يعرف بـ"وثيقة الأخوة الإنسانية" بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان في أبوظبي قبل نحو أربع سنوات.
وتم افتتاح "بيت العائلة الإبراهيمية"، الجمعة، في أبوظبي، ويضم مسجدا للمسلمين، وكنيسة للمسيحيين، وكنيسا لليهود، وملتقى للتبادل المعرفي، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الإمارات الرسمية "وام".
وقبيل الافتتاح بساعات قليلة، نشر المفتي العام لسلطنة عمان، الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، بيانا على تويتر جاء فيه "كم روج المنهزمون أن الإسلام الحنيف هو قرين اليهودية والنصرانية، وحرصوا على أن يلزوا به معهما في قَرَن".
كم روج المنهزمون أن الإسلام الحنيف هو قرين اليهودية والنصرانية، وحرصوا على أن يلزوا به معهما في قَرَن، متجاهلين قول الله تعالى:(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ )، وما جاء في نصوص القرآن من التحذير البالغ لهذه الأمة أن تتخذ اليهود والنصارى أولياء. pic.twitter.com/zhAp78uAuK
— أحمد بن حمد الخليلي (@AhmedHAlKhalili) February 16, 2023
واستشهد المفتي بآيات قرآنية في بيانه معتبرا أن هناك "تجاهل" لها، ولـ"ما جاء في نصوص القرآن من التحذير البالغ لهذه الأمة أن تتخذ اليهود والنصارى أولياء"، فيما لم يذكر مباشرة بالاسم البيت الإبراهيمي.
المفتي لا يمثل سياسة عمان
وتعليقا على بيان الخليلي، قال المحلل السياسي الإماراتي، محمد تقي، إن المفتي لا يمثل سياسة سلطنة عمان، وإن السياسة العمانية مختلفة عن الموقف الديني.
وقال تقي في حديثه لموقع "الحرة" إن "السياسة العمانية ومنذ أيام السلطان قابوس، (...) حيث كانت هناك زيارة خاصة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في 2018، وكانت الزيارة الأولى لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إلى دولة خليجية آنذاك، وعمان كانت منفتحة على الاندماج الإسرائيلي العربي في ذلك الوقت".
وأوضح أن "تأييد عمان للاتفاقيات (اتفاقيات إبراهيم) التي أبرمت ما بين دول خليجية والمغرب والسودان مع إسرائيل كان واضحا، والسلطنة رحبت بذلك".
وأضاف أن "الموقف السياسي العماني من العلاقات مع إسرائيل واضح، ومن المنظور الديني بيت العائلة الإبراهيمية، هدفه الأول والأخير هو تشكيل جسر للتواصل بين الأديان، وميدان للحوار ومعلم حضاري، يبرز جهود دولة الإمارات في تعزيز التلاقي الإنساني والمحافظة على الخصوصية الدينية".
وعن توقيت إصدار مفتي عمان لبيانه بالتزامن مع افتتاح البيت الإبراهيمي في أبوظبي، يرى المحلل السياسي الإماراتي أنه "في دولة الإمارات هناك اهتمام بالتوجه السياسي، ولا ينظر عادة إلى الأمور المرتبطة بالدين، والسياسة لها اختصاصها ولها واقعها (...) والسياسة العمانية الحالية تسير على نفس النهج الذي أسسه السلطان قابوس".
وقال تقي "نحن في الإمارات لا ننظر لها (التصريحات)، ولا ننظر لمن يربط الدين بالسياسة، ونحن ننظر إلى مد جسور التواصل وبناء العلاقات والتعامل بوسطية، وهذا ما ينص عليه الدين الإسلامي (...) والابتعاد عن التشدد والكراهية والتحريض بشتى أنواعه".
المفتي متوافق مع السياسة العمانية
وفي رأي مخالف تماما لتقي، يرى المحلل السياسي العماني، سالم الجهوري، أن آراء ومواقف مفتي عمان تتماشى تماما وتتوافق مع السياسة العمانية.
وقال الجهوري في حديثه لموقع "الحرة" إن "عمان ليست مرحبة بالتطبيع مع إسرائيل، وترى أن حل القضية الفلسطينية هو المدخل الأساسي لأي تطبيع عماني أو عربي مع إسرائيل".
وأضاف أن "ثلاثة رؤساء وزراء إسرائيليين زاروا عمان في الماضي، وهم إسحق رابين، وشمعون بيريز، وبنيامين نتانياهو، وكلها (الزيارات) جاءت بطلب من إسرائيل، في إطار المساعدة على حل القضية الفلسطينية".
وأشار إلى أن "عمان لو كانت مؤيدة لمسار التطبيع، لقامت بذلك منذ تسعينيات القرن الماضي، وخلال السنتين الماضيتين كان هناك حديث مفاده أن عمان قد تكون من ضمن الدول التي طبعت علاقاتها عبر اتفاق إبراهيم، لكن ذلك لم يتحقق".
وأوضح أن "هناك موقف لعمان من التطبيع يجب أن يحترم، وهي تساعد على إيجاد مسارات تساهم في حل القضية الفلسطينية".
وأكد أن مواقف الشيخ الخليلي تتوافق مع السياسة العمانية، وقال "لا يوجد خلاف، ولو كان هناك خلاف لطلبت الحكومة من المفتي عدم الحديث، ورأي الشيخ الخليلي يمثل رأي الأغلبية في المجتمع العماني، وذلك يشكل رسالة واضحة بأن هناك رفض شعبي عماني لأي تطبيع مع إسرائيل ما لم يكن هناك مقابل منها".
منارة جديدة
وذكرت وكالة وام أن "بيت العائلة الإبراهيمية سيكون منارة جديدة للحوار والمعرفة، وصرحا ثقافيا ضمن منطقة السعديات الثقافية (...) وسيبدأ باستقبال زواره في الأول من مارس 2023".
وقالت إنه "يعكس رؤية الإمارات وقيمها لتلاقي الإنسانية وحوار الثقافات، والتنوع الذي تتسم به الدولة"، كما أنه يساهم بـ"تعزيز التعايش السلمي للأجيال القادمة"، وأشارت إلى أنه مستلهم من "مبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية" التي وقعها البابا فرنسيس، وشيخ الأزهر، أحمد الطيب، في أبوظبي عام 2019.
ويضم بيت العائلة الإبراهيمية "دور عبادة ثلاثة، هي مسجد أحمد الطيب، وكنيسة البابا فرنسيس، وكنيس موسى بن ميمون، وتتيح هذه المرافق الثلاثة للزوار فرصة الاستفادة من الخدمات الدينية التي توفرها، وممارسة شعائرهم وعباداتهم"، وفقا لوام.