نددت الصين، بشدة، الجمعة، بما اعتبرته "افتراءات" رئيس ميكرونيزيا المنتهية ولايته دافيد بانويلو، والذي اتهم بكين بممارسة الفساد والمضايقات والتهديد و"العدوانية السياسية" في رسالة حادة النبرة، حسب فرانس برس.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ في مؤتمر صحافي دوري إن "هذه الافتراءات وهذه الاتهامات بحق الصين مخالفة بشكل كامل للوقائع. تعتبرها الصين غير مقبولة إطلاقا".
وكان بانويلو اتهم الصين، باعتماد الرشاوى والمضايقات والتهديد و"العدوانية السياسية"، في رسالة موجهة إلى البرلمان وحصلت وكالة فرانس برس على نسخة عنها الجمعة.
وكتب بانويلو محذرا أعضاء البرلمان "ببساطة، إننا نشهد عدوانية سياسية في بلادنا" متهما الصين بالتجسس وبممارسة الضغط على مسؤولين في الحكومة وبتوجيه "تهديدات مباشرة" إلى سلامته الشخصية.
وسبق أن أعرب بانويلو عن مخاوف حيال تنامي نفوذ بكين في جنوب المحيط الهادئ وهو يعارض اتفاقا أمنيا يمكن أن يسمح بنشر قوات صينية في المنطقة.
غير أنه مضى أبعد في رسالته، محذرا الحكومة المقبلة من موجة تهديدات قد تحول الأرخبيل على حد قوله إلى دولة لها تبعية للصين.
وكتب أن بكين "أثبتت قدرة كبيرة على تقويض سيادتنا ونبذ قيمنا واستغلال مسؤولينا المنتخبين والمحنكين لأغراضها الخاصة".
واتهم بانويلو أعضاء في حكومته بأنهم نقلوا إلى بكين تسجيلات للقاءات ثنائية.
وتابع: "نتلقى رشاوى لنكون متواطئين، ورشاوى للزوم الصمت. إنها كلمات قوية، لكنها تصف الوضع بدقة".
وكتب: "ماذا يمكن أن يقال غير ذلك عن مسؤول منتخب يتلقى ظرفا يحتوي على مال بعد عشاء في سفارة جمهورية الصين الشعبية، أو بعد مراسم تدشين؟".
600 جزيرة
وتقع جزر ميكرونيزيا في المحيط الهادئ وتتألف من أكثر من 600 جزيرة، وتمثل هذه الجزر موقعا استراتيجيا مهما في المحيط الهادئ. ولدى ميكرونيزيا مصادر غنية من الموارد البحرية. وتعد موقعا مهما للأنشطة العسكرية.
وحسب الأمم المتحدة، تقع ولايات ميكرونيزيا الموحدة في غرب المحيط الهادئ وتضم أكثر من 600 جزيرة ويبلغ عدد سكانها 113815 نسمة (بحسب إحصاءات البنك الدولي لعام 2019).
وتتألف ولايات ميكرونيزيا الموحدة من أربع ولايات جزرية، هي: بوهنباي وكوسراي وتشوك وياب ولكل منها أنظمة ووظائف حوكمة خاصة بها.
وتُعد الدولة من أقل المناطق تحضرا في المحيط الهادئ ويعيش معظم سكانها على السواحل أو بالقرب من المناطق الساحلية.
ويعيش ثلث سكان ميكرونيزيا تحت خط الفقر المدقع، وازداد معدل الفقر في ثلاث من ولايات ميكرونيزيا الأربع، في خلال العقد الماضي، وتختلف أوجه اللّامساواة بشكل كبير من ولاية إلى أخرى، وفق الأمم المتحدة. ويعتمد اقتصاد ولايات ميكرونيزيا الموحدة على المساعدات الخارجية ويعاني من عجز تجاري متزايد بسبب الطلب المتزايد على السلع المستوردة.
وتعاني ماكرونيزيا من بعض التحديات والمشاكل مثل نقص الموارد والتلوث البيئي والتغير المناخي.
اهتمام أميركي – صيني بالجزر
سبق أن أعلنت الولايات المتحدة، نهاية سبتمبر الماضي، عن صندوق مساعدات بقيمة 810 ملايين دولار لجزر المحيط الهادئ، وذلك في ظل تنافس متزايد مع الصين في هذه المنطقة الاستراتيجية.
وأوضح البيت الأبيض حينها أن 600 مليون دولار ستكون في شكل حزمة مساعدات مدتها عشر سنوات تهدف إلى تنظيف المياه الملوثة لدعم صيد سمك التونة، كما ستزيد واشنطن دعمها في مجال البيئة ومساعداتها التنموية وحضورها الدبلوماسي.
واستضاف البيت الأبيض حينها، قمة غير المسبوقة بشأن دول جزر المحيط الهادئ وحضرها 12 رئيس دولة وحكومة.
وكانت القمة تهدف تعزيز العلاقات مع المنطقة المقربة من الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية والتي باتت تحظى بأهمية متزايدة لدى الصين في السنوات الأخيرة من خلال الاستثمارات وتدريب قوات الأمن خصوصا، فضلا عن إبرام بكين اتفاقية أمنية مع جزر سليمان، حسب فرانس برس.
ووقع رئيس وزراء جزر سليمان، ماناسيه سوغافاريه، الاتفاقية الأمنية الواسعة التي يكتنفها كثير من الغموض في إبريل الماضي. وتخشى العديد من الدول الغربية وخصوصا الولايات المتحدة وأستراليا أن تتيح الاتفاقية للصين إنشاء قاعدة عسكرية في البلاد، وهو أمر نفته جزر سليمان، حسب الوكالة الفرنسي.
وقبل توقيع جزر سليمان للاتفاق، وجه رئيس اتحاد ميكرونيزيا نداء إلى سوغافاره ناشده فيه إعادة النظر في التوقيع على المعاهدة.
وعبر الرئيس (حينها) ديفيد بانويلو "عن هواجس أمنية خطيرة إزاء الاتفاقية المقترحة" وذلك في رسالة بتاريخ 30 مارس 2022 موجهة لرئيس الوزراء، أشارت إلى تصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة.
وكتب بانويلو "أخشى أن نكون نحن، جزر المحيط الهادئ، في قلب مواجهة مستقبلية بين هاتين القوتين العظميين".
كلمة بانويلو
وفي تصريحه الجديد كشف أن "رجلين صينيين" قاما بتعقبه خلال اجتماع في جزر فيجي في يوليو، مؤكدا أنهما يعملان في السفارة وأنه تم التعرف على أحدهما لاحقا على أنه "ضابط استخبارات" في الجيش الصيني.
وأضاف: "أقولها بوضوح: تلقيت تهديدات مباشرة لسلامتي الجسدية من موظفين في جمهورية الصين الشعبية كانوا يتصرفون في سياق رسمي"، مؤكدا أنه اضطر إلى تبديل رقم هاتفه بعد تلقيه اتصالات "متواصلة" من سفير الصين لإقناعه بقبول تسلم لقاحات صينية ضد كورونا.
وكشف بانويلو أيضا أنه أجرى محادثات مع وزير خارجية تايوان حول اتفاق يسمح لبلاده بالتخلي عن تمويل الصين ودعمها، واقترحت تايببه خلالها تولي مشاريع كبرى تمولها بكين حاليا.