زيارة وزير الخارجية التركي لمصر هي الأولى منذ عشر سنوات
زيارة وزير الخارجية التركي لمصر هي الأولى منذ عشر سنوات

تثير لحظة تصافح وزيري خارجية مصر وتركيا بحرارة في القاهرة، السبت، بعد انقطاع دام عشر سنوات، تساؤلات بشأن "الثمن" الذي دفعه الجانبان من أجل الوصول إلى هذا المشهد، وما يتبعه من خطوات تهدف للوصول إلى تطبيع العلاقات. 

وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، خلال مؤتمر صحفي مشترك: "نعمل من أجل تطبيع العلاقات مع تركيا، وبدء مرحلة جديدة من التعاون المشترك، وأجريت مع نظيري التركي مباحثات مهمة وشفافة".

من جانبه أكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن "الزيارات بين الطرفين ستكون متواصلة، وأدعو وزير الخارجية المصري لزيارة أنقرة"، مضيفا: "سنبذل قصارى جهدنا من أجل التطبيع الكامل للعلاقات وعدم العودة للوراء، وتباحثت مع نظيري المصري في تطوير العلاقات بمجالات الاقتصاد والطاقة والمجال العسكري".

ولأعوام، مثلت ملفات جماعة الإخوان المسلمين، وشرق المتوسط، وليبيا، القضايا الخلافية الأبرز بين القاهرة وأنقرة. 

ورأى المحلل التركي، طه عودة أوغلو، في حديثه مع موقع الحرة، أن اللقاء بين شكري وأوغلو، بمثابة "صفحة جديدة في العلاقات، لكنها لم تصل إلى مرحلة التطبيع، خاصة أنه لم يتم الحديث عن موعد عودة السفراء، إذ يبدو أن هناك بعض الشروط المصرية فيما يتعلق بالملف الليبي، وكذلك الإخوان، والخلافات التركية مع قبرص واليونان". 

وأضاف: "في المجمل اللقاءات كانت إيجابية للغاية، وهذا بدا واضحا من الوزيرين، حتى أن أوغلو تحدث عن ترتيبات لعقد لقاء بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي ورجب طيب إردوغان، وهذا يعني أن الجانبين قطعا شوطا كبيرا فيما يتعلق بالتفاهمات بشأن القضايا الخلافية، ولم يبق إلا القليل".  

واعتبر مدير تحرير جريدة "الأهرام" المصرية، أشرف العشري، في حديثه مع "الحرة" أن اللقاء بين الوزيرين "بداية لتدشين حقيقي لإمكانية حدوث نقلة نوعية في العلاقات المصرية التركية في المرحلة المقبلة". 

وقال: "تم التوافق في الكثير من قضايا العلاقات الثنائية"، مشيرا إلى أنه "خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة المقبلة، سيتم فتح السفارتين من جديد وسيعود السفراء في البلدين، وأيضا تنشيط ما يعرف بهيلكية المؤسسات أو الوزارات في البلدين، على المستويات الأمنية والاقتصادية والسياسية لمعالجة القضايا الخلافية المتبقية". 

وتوترت العلاقات بشدة في 2013 بعدما عزل الجيش المصري، الرئيس السابق، محمد مرسي، الذي كان حليفا لإردوغان، ولحزب العدالة والتنمية، ذي الجذور الإسلامية الذي يرأسه، ووصف الرئيس التركي السيسي يوما بأنه "طاغية".

وكشف العشري أن اللقاء بين أوغلو وشكري "حصل بعد اجتماعات معلنة وغير معلنة بين أجهزة الأمن ووزارات وهيئات مسؤولة في البلدين، تم على إثرها تجاوز الكثير من العقبات، الأمر الذي كلل بزيارة وزير الخارجية التركي والاتفاق على أن تكون هناك خطوات أخرى متلاحقة في المرحلة المقبلة، والتعاطي بإيجابية فيما يتعلق بمسار العلاقات". 

ما الثمن الذي ستدفعه تركيا؟

يقول العشري: "بحسب الكثير من المعطيات المتوفرة لدي، فإن القاهرة حصلت على قرارات شبه نهائية فيما يتعلق بالملف الأول فقط، وهو الخاص بشأن جماعة الإخوان أو الجماعات الإسلامية، مضيفا أن "الجانب التركي أعلن حالة طلاق بائن فيما يتعلق بارتباطه بهذه الجماعة، وأن هذه الصفحة طويت، وأن القاهرة تلقت ضمانات بأنه لن يكون هناك تعاون لأنقرة مع الإخوان". 

وعلى مدى ست سنوات، بثت العديد من القنوات الفضائية المصرية المعارضة بحرية من تركيا، لكن الأمور تغيرت خلال الفترة الماضية، إذ طلبت أنقرة منها تخفيف حدة الانتقادات للنظام في القاهرة، ورحل بعضها فعلا عن الأراضي التركية.

في المقابل يؤكد أوغلو أن "الإخوان ملف أمني بالدرجة الأولى، وقد بدأ حوار مطول حوله منذ عامين بين الاستخبارات التركية ونظيرتها المصرية". 

وقال "تم حل جزء كبير من هذا الملف، حيث أغلقت قنوات إخوانية الموجودة على الأراضي التركية، وغادر بعض المطلوبين البلاد، والتضييق على الآخرين، كما تم طلب من عدد كبير منهم عدم الدخول في المعترك السياسي أو الظهور على الشاشة أو توجيه اتهامات أو انتقادات للحكومة المصرية، واقترح على بعضهم العمل بالتجارة بدلا من ذلك"، معتبرا أن هناك تفهما من الجانب المصري للتجاوب التركي. 

وبدأت المشاورات بين مسؤولين بارزين في وزارتي الخارجية التركية والمصرية عام 2021 وسط مساع تركية لتخفيف التوترات مع مصر والإمارات وإسرائيل والسعودية.

لكن الصحفي والمحلل التركي، حمزة تكين، قال في مقابلة مع قناة "الحرة" إن بلاده "لم تُدر ظهرها لأي طرف في مصر، وقال "أنقرة وقفت مع جزء من المصريين تعرضوا لبعض الظلم في فترة من الفترات، وكثير من المصريين المتواجدين على الأراضي التركية، ليسوا من الإخوان". 

وأضاف: "تركيا لم تطلب مغادرة أحد، بعض الإعلاميين المصريين هم من قرروا المغادرة طوعا خلال الأشهر الماضية، وفضلوا ألا يحرجوا السلطات التركية في ظل الحوار القائم بين القاهرة وأنقرة". 

لكن تكين أكد في الوقت ذاته أن الحوارات السياسية بين المسؤولين الأتراك والمصريين على مختلف المستويات شملت ملف الإخوان. 

وأضاف: "هناك محاولة تركية للدفع نحو مصالحة مع المصريين في نهاية المطاف، خاصة أن القاهرة لن تبقى على هذه الحالة الداخلية، حتى الرئيس المصري أطلق حوارا داخليا بين الفرقاء"، قاصدا "الحوار الوطني". 

لكن العشري أكد أن "الحوار الوطني الذي أطلق العام الماضي لا يشمل جماعة الإخوان، ولن يحدث معها حوارا ولا تقاربا ولا تلاقيا". 

وشدد على أن الاتفاق بين المسؤولين الأمنيين في البلدين أن المصريين سيسلموا الأتراك كشوفا بأسماء من صدرت ضدهم أحكام في مصر ليتم تسليمهم للقاهرى، أما من اتخذ خطا مناوئا للدولة المصرية ولم تصدر ضدهم أحكام، سيسمح الأتراك لهم بمغادرة البلاد لأي مكان آخر". 

وأضاف أن "التطبيق سيبدأ مع عودة العلاقات بين البلدين خلال أسابيع"، مشيرا إلى أن اللجان الأمنية والاقتصادية والسياسية ستجتمع بشكل دوري في القاهرة وأنقرة لتصفير كل الخلافات، بعد أن أعلن الأتراك مبدئيا أنهم مستعدون لطلاق بائن مع جماعة الإخوان. 

ما الثمن الذي ستدفعه مصر؟

يؤكد تكين أن ما يهم تركيا هو شرق المتوسط، مشيرا إلى أن القضايا الخلافية الأخرى تعتبر ثانوية بالنسبة إلى أنقرة. 
 
وتباينت مواقف تركيا ومصر في السنوات القليلة الماضية بشأن ليبيا، إذ دعمت القاهرة وأنقرة فصائل متناحرة في صراع لا يزال قائما، وكذلك فيما يتعلق بالحدود البحرية في منطقة شرق البحر المتوسط الغنية بالغاز.

وقال: "هناك حاجة تركية للاتفاق مع الجانب المصري فيما يتعلق بموضوع الغاز والتنقيب في شرق المتوسط. هذه النقطة الأساسية بالنسبة لأنقرة"، مضيفا أن "هناك اتفاقا يكاد يتبلور في وقت قريب بشأن هذا الملف". 

وأضاف: "حينما يتم الاتفاق "ستتقاسم تركيا ومصر الكميات المستحقة لكلا البلدين من الغاز والنفط في البحر، مما يعود بفائدة على الشعبين ومن ثم يخرج كلا الطرفين من الأزمة الاقتصادية".  

وأطلق منتدى "غاز شرق المتوسط" ومقره في القاهرة في 2019. وهو يضم مصر والأردن واليونان وإيطاليا وإسرائيل وقبرص، إلى جانب السلطة الفلسطينية. ويهدف إلى تأمين احتياجات الدول الأعضاء من الطاقة وإنشاء سوق غاز إقليمي.

ويتفق معه أوغلو في أن "النقطة الأهم بالنسبة لتركيا حاليا هو التوجه نحو سياسة تصالحية مع الجميع، ومن أهم هذه الدول مصر، لتعزيز علاقاتها مع دول الخليج وخاصة السعودية والإمارات، وكذلك لارتباطها القاهرة بشرق المتوسط، وهو ما سيخدم مشروعاتها الاقتصادية في المرحلة المقبلة". 

من جانبه يشير العشري إلى أن الاتفاقات المبدئية بين مصر وتركيا تشمل فتح الباب أمام أنقرة للانضمام إلى منتدى شرق المتوسط، بعد تسوية خلافاتها مع اليونان وقبرص".  

وأضاف: "الوزير التركي، تحدث عن تعاون تركي مصري فيما يتعلق بمجال الطاقة في المرحلة المقبلة، لكن هذا لن يحدث إلا بعد أن تتفق تركيا مع قبرص واليونان، اللتين دخلتا في شراكة حقيقية وأطلقتا مشروعات عملاقة مع مصر بالفعل، مثل الربط الكهربائي والغاز والطاقة والسياحة". 

الحدود البحرية اليونانية التركية المتنازع عليها

وقال العشري: "الأتراك راغبون أن تكون هناك علاقة تعاون وتعامل عبر الحدود سلميا فيما يتعلق بتوزيع رقعة التعاون في مجال شرق المتوسط وأعماله في المرحلة المقبلة، وأعتقد أن القاهرة ستنسق مع الجانبين اليوناني والقبرصي من أجل السماح لأنقرة بإنشاء استثمارات مشتركة في شرق المتوسط". 

إردوغان والسيسي خلال المصافحة.. ويظهر أمير قطر
"المصلحة والمبادئ".. مفاوضات صعبة متوقعة بعد مصافحة السيسي وإردوغان
يبدأ المصريون والأتراك، شوطا صعبا من المفاوضات بعد تعقد العلاقات بين البلدين وتدهورها وتوقف "المباحثات الاستكافية" منذ أكثر من عام، حيث يبدو أن أنقرة تحاول إنهاء هذا الملف المح سريعا في ظل وضع عالمي مرتبك، بحسب ما أكد محللون لموقع "الحرة".

لكن العشري أشار إلى أن هناك مسألة قد تأخذ وقتا أطول، "وربما تصل إلى نهاية العام، وهي التوصل إلى اتفاقية بشأن الحدود البحرية بين البلدين". 

وقال: "هذا سيحدث عندما يتم حل الأزمة الليبية، وعندما يتم تشكيل حكومة تركية جديدة بعد إجراء انتخابات". 

ويتوقع تكين أن يلتقي السيسي وإردوغان بعد الانتخابات التركية المقرر إجراؤها في مايو المقبل، في حال فوز الأخير واستمراره رئيسا.

أمير قطر مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس القيادي في حماس خالد مشعل ـ صورة أرشيفية.
قطر تستضيف مكتب حماس الذي يشكل قناة اتصال للمفاوضات على إنهاء الحرب

منذ بداية الحرب في غزة، وأصبحت استضافة قطر لمكتب حماس السياسي أمرا يطفو على السطح، ما بين الانتقاد للدوحة، أو التأكيد على أهمية دورها في إيجاد قناة تواصل مع الحركة التي تصنفها العديد من الدول إرهابية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.

ومنذ أكتوبر 2023، كانت ترشح تسريبات من مصادر بأن قطر ستغلق مكتب حماس، ليعقبها نفي رسمي من الدوحة التي أكدت أهمية وجوده "الإيجابي" للوساطة.

ونفت وزارة الخارجية القطرية، السبت، التقارير المتعلقة بانسحاب الدوحة الكامل من الوساطة بشأن وقف إطلاق النار في غزة، كما نفت عزمها إغلاق مكتب حماس.

ما بين "التسريبات" و"النفي"

الباحث المتخصص في الشؤون الدولية والحركات الإسلامية المسلحة، أحمد سلطان، قال إنه رغم النفي القطري بخصوص حماس والوساطة فإن "دائما لا يكون هناك دخان بلا نار"، مشيرا إلى أن "بيانات النفي المتكررة قد تكون مؤشرا على وجود توتر في العلاقة بين الدوحة وحماس".

ويرى في حديثه لموقع "الحرة" أن "التسريبات والنفي" ما هي إلا رسائل لعدة أطراف سواء مكتب حماس في الداخل، أو حتى لجهات دولية تضغط على الدوحة.

ويلفت سلطان أن الرسالة لحماس قد تكون "بالضغط عليها من أجل التعاون بشكل أكبر ولبعض التيارات داخل الحركة نفسها، أما الرسالة والتي قد تكون موجهة للولايات المتحدة وإسرائيل، أنها قد تنسحب من جهود الوساطة إذا لم نر تعاونا أكبر أيضا".

ويبين سلطان أن حماس فيها تيارين يسيطران عليها "الأول، في مكتب الدوحة يسيطر على الأمور السياسية، والثاني، وهو المقرب من طهران، والذي يسيطر على الأمور العسكرية".

ولم يستبعد وجود ضغوط من واشنطن لإتمام "صفقة بين حماس وإسرائيل، ولو جزئية" في عهد إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، وهو ما لا تريده حماس "إذ تريد صفقة كاملة".

ولم تثمر الجولة الأخيرة من المحادثات التي جرت منتصف أكتوبر عن أي اتفاق إذ رفضت حماس مقترحا بالتهدئة لأجل قصير. كما رفضت إسرائيل في السابق بعض المقترحات بإعلان هدن أطول مدة. وتركزت الخلافات حول مستقبل حماس ووجود إسرائيل في غزة على المدى الطويل.

ونقلت رويترز، الجمعة، عن مسؤول أميركي قوله إن واشنطن طلبت من قطر إغلاق مكتب الحركة وإن الدوحة نقلت هذه الرسالة إلى حماس.

"الوساطة" ومكتب حماس في الدوحة

الكاتب المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية المسلحة، حسن أبو هنية، شكك في حديث لموقع "الحرة" بأن يتم إغلاق مكتب حماس في الدوحة إذ أن "هذه الاستضافة كانت من واشنطن، ليكون على غرار مكتب طالبان في الدوحة، بهدف إيجاد خط للتواصل حول القضايا المختلفة"، حسب قوله.

ونقلت وكالة فرانس برس في تقرير سابق عن مسؤول قطري لم تكشف اسمه المكتب أن السياسي لحماس "افتتح في قطر عام 2012 بالتنسيق مع حكومة الولايات المتحدة، بناء على طلب أميركي لفتح قناة تواصل" مع الحركة.

وأضاف أنه "تم استخدام المكتب السياسي لحماس بشكل متكرر في جهود الوساطة الرئيسية المنسقة مع إدارات أميركية متعددة لإرساء الاستقرار" في غزة وإسرائيل.

واتبعت قطر النهج نفسه مع حركة طالبان الأفغانية، عندما دعتها لفتح مكتب سياسي لها في الدوحة عام 2013، بمباركة الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما. وهذا ما سمح بترتيب محادثات بين واشنطن وطالبان قبيل الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021.

ونقلت وكالة الأنباء القطرية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، السبت قوله إن التقارير المتعلقة بمكتب حماس في الدوحة "غير دقيقة" أيضا، مؤكدا أن "الهدف الأساسي من وجود المكتب في قطر هو أن يكون قناة اتصال بين الأطراف المعنية، وقد حققت هذه القناة وقفا لإطلاق النار في عدة مراحل سابقة".

ما بين "الانسحاب" أو "التعليق" للوساطة

التسريبات السبت، تحدثت أن قطر تريد الانسحاب من الوساطة، وهو ما نفته الدوحة مؤكدة أنها "ستعلق" جهودها إذا لم تتعاون حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق.

وقال الباحث سلطان إن مسألة تعليق المفاوضات، تعود إلى "حالة من الإحباط تصيب قطر الوسطاء الآخرين، بسبب عدم إحراز أي تقدم في المناقشات".

وأضاف أنه في الوقت ذاته "هناك ضغوط من الإدارة الأميركية لإحراز أي إنجاز، وهو يتركز بالضغط حتى تقبل حماس في الصفقة، بينما لا تمارس الضغوط ذاتها على إسرائيل".

مسؤول أميركي: واشنطن طلبت من قطر طرد حركة حماس
قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لرويترز، الجمعة، إن الولايات المتحدة أبلغت قطر بأن وجود حركة حماس الفلسطينية في الدوحة "لم يعد مقبولا"، بعد أن رفضت الحركة خلال الأسابيع القليلة الماضية أحدث مقترح للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن في غزة.

ولفت إلى أن التصريحات المتتالية من الإدارة الأميركية تضع اللوم على حماس، رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، لا يتعاون بالشكل الكافي مع إدارة بايدن، وحتى عند إحراز أي تقدم في المفاوضات يضع عراقيل إضافية تعقد المشهد في كل مرة.

وذكر سلطان أن نتانياهو لا يريد التعاون مع إدارة بايدن، بل يريد الانتظار حتى يتسلم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، منصبه، وأي إنجاز سيتحقق سيحسب له.

وأكد المتحدث، باسم الخارجية القطرية الأنصاري أن "الأنباء عن انسحاب قطر من جهود الوساطة في وقف إطلاق النار بغزة غير دقيقة".

وأضاف الأنصاري أن "قطر أخطرت الأطراف قبل 10 أيام أثناء المحاولات الأخيرة للوصول إلى اتفاق، بأنها ستعلق جهودها في الوساطة بين حماس وإسرائيل في حال عدم التوصل لاتفاق في تلك الجولة".

وتابع الأنصاري أن قطر أخطرت الأطراف "أنها ستستأنف تلك الجهود مع الشركاء عند توافر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب"، مشددا أن "دولة قطر لن تقبل أن تكون الوساطة سببا في ابتزازها".

إيران في مقدمة الخيارات المحدودة

وقال الكاتب أبو هنية إنه على افتراض إغلاق مكتب حماس في قطر "خياراتهم محدودة جدا، ورغم وجود أحاديث سابقة عن إمكانية استضافته من دول مثل الجزائر، إلا أن الخيار الوحيد والمنطقي لهم هو إيران".

ولفت أبو هنية أنه في حال "فتح طهران لمكتب سياسي لحماس، فكلاهما يعرف ماذا يريد من الآخر، ولديهما عمق مشترك في مناهضة إسرائيل".

ولم يستبعد أن هذا قد يعني بالضرورة أن يصبح "نفوذ طهران أقوى وأكبر على حماس، وهذا ما قد يعني دفع حماس إلى مزيد من الابتعاد عن أي توجه في الاعتدال بالتعامل مع القضايا المختلفة".

ماذا قد يعني فتح مكتب حماس في إيران؟

وأعاد الكاتب أبو هنية التذكير بأنه جهود الوساطة القطرية في 2017 أسفرت عن صدور "الوثيقة السياسية لحركة حماس والتي وافقت فيها على إيجاد دولة فلسطينية ضمن حدود 1967، وهو ما مثل تطورا كبيرا عن طموحاتها السابقة".

وحذر من دفع حماس إلى "المزيد من الراديكالية والتشدد" إذا ما أصبح مكتبها السياسي في طهران.

وقال أبو هنية السؤال الحقيقي الذي يطرح بشأن حماس، هو بخصوص "سيناريوهات اليوم التالي للحرب في غزة، وما دور حماس في إدارة غزة".

ويرى أن "حماس الآن تواجه ضغوطا وحربا وجودية على جميع الصعد" فهي بمواجهة ما يجري في غزة ناهيك عن مقتل قادة مهمين فيها.

وقال الكاتب أبو هنية، أنه "حتى لو تم إنهاء قدرات حماس العسكرية، لا يجب التغاضي عن وجود حماس السياسي في غزة، وأنها ستبقى جزءا أساسيا في المعادلة السياسية، ولهذا على الإدارة الأميركية والتي تصنف هذه الحركة إرهابية، التعامل مع هذا الملف بطريقة مختلفة"، في إشارة إلى إدارة الرئيس الأميركي المنتخب.

ويوضح الخبير في شؤون الخليج في "كينغز كولدج" أندرياس كريغ أن المكتب السياسي لحماس في قطر أُنشئ في أعقاب انتفاضات الربيع العربي عام 2011 وسط مخاوف أميركية من احتمال أن تقيم الحركة قواعد في إيران أو لبنان.

وأفاد لوكالة فرانس برس مطلع 2024، أن "من شأن طرد قادة حماس من الدوحة أن يخلق وضعا مماثلا ستفقد خلاله الدول الغربية الرقابة والسيطرة عليهم".

وقادت قطر مع الولايات المتحدة ومصر وساطة بين إسرائيل وحماس منذ التوصل الى هدنة وحيدة في الحرب في غزة في نوفمبر 2023، استمرت اسبوعا وأتاحت الإفراج عن رهائن كانوا محتجزين في القطاع مقابل معتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل.

ومذاك، جرت جولات تفاوض عديدة من دون أن تسفر عن نتيجة.

تاريخ مكتب حماس السياسي في عواصم عربية

يعود تاريخ مكتب حماس بالدوحة إلى 2012، بعدما توترت علاقات الحركة بالنظام السوري حيث قررت حماس بعد ذلك الوقوف إلى جانب المعارضة السورية وقطع العلاقات مع نظام بشار الأسد خلال الثورة السورية.

وكان مقر الحركة في العاصمة السورية، دمشق، قبل 2012، لكن النظام السوري أغلق مكاتب في دمشق عائدة لمسؤولين في حركة حماس التي كانت لفترة طويلة من أقرب حلفائه.

في خريف عام 2012 زار أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قطاع غزة ليكون أول زعيم عربي أو دولي يزوره منذ سيطرة حركة حماس عليه في 2007، وشهدت تلك الفترة تزايدا كبيرا في نفوذ قطر بالمنطقة.

وقبل دمشق، كان مكتب حماس السياسي في الأردن، خلال السنوات 1991 وحتى 1999.

وخلال السنوات تلك، كانت العلاقة جيدة أحيانا ومتوترة في آحيان أخرى، خاصة في ظل محاولات حماس للانخراط في شؤون الحركة الإسلامية في الأردن.

بعد اغتيال السنوار.. حماس بين تيّارين إخواني وإيراني
عندما أضرم محمد البوعزيزي النار بنفسه في يناير 2011، فيما اعتبره البعض شرارة انطلاق ثورات ما سميّ بـ"الربيع العربي"، لم يكن في حسبانه أبداً أن ما أقدم عليه سيؤثر تأثيراً عميقاً على تاريخ المنطقة العربية، وبطريقة غير مباشرة على مستقبل حركة "حماس" في الأراضي الفلسطينية والشتات حتى يومنا هذا.

علي رجب، وهو كاتب متخصص في الشؤون السياسية بالشرق الأوسط أكد أنه لا مصلحة لحماس لتخرج من قطر، إذ أنها ستفقد الدعم السياسي والشعبي والإعلامي، وحتى الحماية من الاغتيالات للقادة الموجودين هناك".

وأضاف في رد على استفسارات موقع "الحرة" أن مواقف الدول العربية التي استضافت المكتب السياسي لحماس خلال السنوات الماضية، أصبحت أكثر تشددا وتمنعا ولا ترغب بعودتها، خاصة في ظل خطابها الإعلامي والتحريض الداخلي والذي شهدته بعضها.

ويرى أن حماس ستتمسك بمكتبها في قطر لعدة اعتبارات، إذ أن اغتيال أبرز قادتها في طهران وبيروت، فهذا يعني أن أي عاصمة من عواصم الدول التي يوجد لإيران مناطق نفوذ فيها، هذا لا يعني أنها أنهم محميين من الاغتيالات، ولهذا يمثل تواجد مكتبهم في الدوحة "أمرا محوريا".

وتستضيف قطر أكبر قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط لكنها سمحت أيضا لحماس وحركة طالبان الأفغانية بفتح مكاتب في الدوحة. وساعدت في التفاوض على تبادل سجناء بين الولايات المتحدة وإيران العام الماضي.

ومن غير الواضح عدد قياديي حماس الذين يعيشون في الدوحة، لكن من بينهم عدد من الذين أدرجت أسماؤهم في قائمة المرشحين لخلافة يحيى السنوار في زعامة الحركة بعد أن قتلته قوات إسرائيلية في غزة الشهر الماضي، ومن بينهم نائبه خليل الحية، الذي مثل الحركة في مفاوضات وقف إطلاق النار، وخالد مشعل، الذي يعد على نطاق واسع الوجه الدبلوماسي لحماس.

كان زعيم الحركة السابق إسماعيل هنية، الذي اغتيل في إيران في يوليو في عملية ترجح التقارير أنها إسرائيلية، يقيم أيضا في الدوحة. وتم نقل جثمانه جوا إلى قطر للدفن في أوائل أغسطس.