دبابات تركية على الطريق إلى الحدود السورية.. لقطة أرشيفية
دبابات تركية على الطريق إلى الحدود السورية.. لقطة أرشيفية

رغم انتقال عملية "بناء الحوار" بين أنقرة ودمشق إلى المرحلة الثانية، بالاجتماع على مستوى نواب وزراء الخارجية بحضور الطرفين الروسي والإيراني، إلا أن تمسك النظام السوري، وإثاراته من جديد لمسألة "مستقبل الوجود التركي في سوريا" يقف "عائقا" أمام إحراز أي اندفاعة متسارعة، أو حتى بطيئة، وفق مراقبين.

والثلاثاء، هو أول يوم يجتمع فيه نواب وزراء خارجية سوريا وتركيا وروسيا وإيران في موسكو، ومن المقرر أن يتركز النقاش في هذا الاجتماع الرباعي ليومين، وعلى النقاط العالقة أمام الدفع بالعلاقات بين أنقرة ودمشق.

وفي حين لا توجد أي مواقف تركية جديدة إزاء ما تتعرض عملية الحوار من عوائق، عاد مسؤولو النظام السوري ليكرروا شروطهم من العاصمة الروسية، مؤكدين على "ضرورة انسحاب القوات التركية من البلاد وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله"، وذلك كخطوة أولى للانتقال إلى مراحل متطورة للمسار الذي بدأ باللقاء على مستوى وزراء الدفاع ومسؤولي الاستخبارات. 

ولتركيا قوات كثيرة داخل الأراضي السورية، في محافظة إدلب وريف حلب ومناطق أخرى في شمال وشرق سوريا، ضمن تل أبيض ورأس العين، كما أنها تدعم عسكريا تحالفا مناهضا للأسد، هو "الجيش الوطني السوري". 

وكذلك الأمر بالنسبة للشق السياسي، إذ تعتبر تركيا الملاذ الرئيسي لعمل ونشاطات الأجسام السياسية المعارضة للأسد، مثل "الائتلاف الوطني السوري" المعارض، بينما تنخرط أنقرة في المحادثات الخاصة بالملف السوري، وتؤكد باستمرار رؤيتها للحل في البلاد، بموجب قرار مجلس الأمن 2254. 

في غضون ذلك، وبينما ترى أنقرة "وحدات حماية الشعب" في شمال وشرق سوريا على أنها "إرهابية" وترتبط بـ"حزب العمال الكردستاني" المصنف على قوائم الإرهاب الدولية، يعتبر النظام السوري بأنها تسعى لـ"الانفصال عن سوريا"، وبالتالي يتقاطعان في هذا القاسم المشترك. 

في المقابل تدعم تركيا فصائل "الجيش الوطني السوري" في شمال سوريا، وتعتبرها جسما عسكريا "حليفا"، لكن النظام السوري يعتبرها "مجموعات إرهابية" ويجب وقف الدعم عنها. 

وفي تصريحات للصحفيين بعد الاجتماع في موسكو بصيغة رباعية قال رئيس وفد النظام السوري نائب وزير الخارجية، أيمن سوسان: "لم نرَ حتى الآن أي مؤشرات إيجابية بخصوص انسحاب القوات التركية من سوريا، أو بخصوص محاربة الإرهاب والقضاء عليه في شمال غرب سورية وبالأخص في إدلب".

وأضاف: "إذا كان الجانب التركي جاداً فعلاً في تصحيح العلاقة مع سوريا، وفي احترام سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، فلا أعتقد أنه سيكون هناك صعوبة في التجاوب مع ما نطرحه".

"شروط وتخريب"

ولا يعتبر حديث رئيس وفد النظام جديدا على مشهد العلاقة بين أنقرة ودمشق، ولطالما كرر رئيس النظام السوري، بشار الأسد الشروط المذكورة وفي أوقات متفرقة، آخرها في أثناء زيارته إلى العاصمة الروسية موسكو.

وفي السابع عشر من شهر مارس الماضي أصر الأسد على "انسحاب تركيا من سوريا ووقف دعم الإرهاب"، حسب تعبيره، في وقت قال إن اللقاء مع نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، يعتمد على التقدم بهذين الأمرين.

وأضاف لوسائل إعلام روسية، حينها: "إذا استوفيت الشروط فلا موعد محددا للقاء إردوغان. قد يكون اليوم أو غدا. التوقيت ليس مشكلة". وتابع أن "أولوية إردوغان هي الانتخابات ولا شيء آخر، أما بالنسبة لسوريا فالأولوية هي للانسحاب واستعادة السيادة".

وجاءت هذه الكلمات بينما كان من المقرر أن يعقد اللقاء الرباعي على مستوى نواب وزراء الخارجية، خلال الشهر الماضي، لكن تم تأجيله بسبب العراقيل التي وضعها النظام السوري، وهو ما أشارت إليه تقارير سورية، من بينها لصحيفة "الوطن" شبه الرسمية.

بدوره قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، الأسبوع الماضي، إن النظام السوري يحاول تخريب عملية التقارب بين الجانبين، وأوضح أن اجتماع نواب وزراء الخارجية سيناقش ثلاث قضايا رئيسية.

وتتمثل هذه القضايا "في التعاون في محاربة الإرهاب، ودفع العملية السياسية في إطار مسار أستانة واللجنة الدستورية والمفاوضات بين المعارضة والنظام السوري، والعودة الكريمة والآمنة والطوعية للاجئين السوريين إلى بلدهم".

وأضاف قالن أن الهدف من هذه الاجتماعات "حماية وحدة الأراضي السورية، والانتقال من المحادثات الفنية إلى المحادثات الاستراتيجية، لكن يجب أولا التوافق على رؤية تأخذ في الاعتبار المخاوف الأمنية لبلاده، وتأمين العودة التدريجية للاجئين السوريين".

ويعد اللقاء على مستوى نواب وزراء الخارجية في موسكو أول مشاركة رسمية رفيعة المستوى بين مسؤولي تركيا والنظام السوري، وينظر إليه على أنه "بمثابة فحص" للاجتماع المتوقع بين وزراء خارجية الدول الأربع (تركيا، سوريا، إيران، روسيا).

لكن المحلل والباحث التركي المقيم في أنقرة، عمر أوزكيزيلجيك، يرجح أن "لا يسفر الاجتماع عن أي شيء ذي معنى".

ويوضح في حديث لموقع "الحرة": "الحقيقة المجردة أن نواب الوزراء حضروا بدلا من الوزراء المخطط لهم في البداية، وعلاوة على ذلك، تعلم جميع الأطراف أن تركيا تتقدم باتجاه الانتخابات".

وكان "اختراق المهمة مستحيلا من قبل" على صعيد التقريب بين أنقرة ودمشق، وفي الوقت الحالي وخلال فترة الانتخابات يشير أوزكيزيلجيك إلى أن "الأمر أصبح مستحيلا على نحو أكبر".

من جهته يرى الباحث في الشؤون الروسية، بسام البني أنه "طالما عقد الاجتماع الرباعي يعني ذلك أن الأطراف متفقة على نقاط غير مكتملة، ويجب مناقشتها رباعيا".

ولا يعتقد البني في حديثه لموقع "الحرة" أن يخرج "الاجتماع الرباعي" بأي نتائج ملموسة، ويضيف: "هناك خلاف جوهري بين النظرة التركية والسورية، ويكمن في أن تركيا تريد حفظ أمنها وسوريا تعتبر الأتراك قوة احتلال وعليهم الخروج من الأراضي السورية".

وفي المقابل ترى روسيا وإيران أنه على دمشق أن تكتفي ببرنامج أو خطة للانسحاب التركي من سوريا، ويعتبر البني أن "الانسحاب المفاجئ سيشكل عبء على الحليفين وعلى النظام السوري بحد ذاته".

ويتابع أن إصرار دمشق على الشروط "ربما تريد منه استغلال النفوذ الدبلوماسي الروسي والإيراني من أجل الضغط على تركيا، ولاسيما أن إردوغان بحاجة لهذا الاتفاق بسبب الانتخابات".

هل يمكن حل المعضلة؟

وفق وكالة الأنباء السورية "سانا" سيركز رئيس الوفد السوري في اجتماع موسكو، أيمن سوسان، على ثلاث نقاط رئيسية، "هي ضرورة إنهاء الوجود التركي غير الشرعي على الأراضي السورية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية، ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله".

واعتبرت صحيفة "الوطن" شبه الرسمية، الثلاثاء، أن "روسيا تريد من بناء الحوار بين سوريا وتركيا توافقيا، بينما تراه أنقرة انتخابيا ودمشق سياديا".

وأضافت الصحيفة، نقلا عن مصادر مطلعة، لم تسمها أنه "لا آمال كبيرة على الاجتماع الرباعي الذي يبدأ اليوم في موسكو"، وأن "تركيا تريد استثمار الاجتماع انتخابيا إلى أقصى درجة"، بينما يريد الجانب السوري "ضمانات موثقة عبر بيان يخرج من الاجتماع يلزم به جميع الأطراف بتنفيذه".

لكن "من غير المحتمل إصدار بيان مشترك بين تركيا وروسيا وسوريا وإيران، لأن الإجراءات المعتادة لاجتماعات نائب الوزير لا تؤدي إلى ذلك"، بحسب الباحث التركي، عمر أوزكيزيلجيك.

ويعتقد الباحث السياسي بسام البني أن "الحل بين الطرفين يمكن أن يندرج في إطار إعادة تفعيل معاهدة أضنة وتعديلها"، موضحا: "ربما توافق دمشق على هذه النقطة".

ومع ذلك يضيف البني أن "المعاهدة تعطي الحق لدمشق للتنسيق مع أنقرة. لكي يكون هناك تنسيق يجب أن يكون تطبيع".

وتم أول اتصال ثنائي رفيع المستوى بين أنقرة ونظام الأسد منذ انطلاقة الثورة، في 28 ديسمبر 2022، بلقاء وزير الدفاع، خلوصي آكار ورئيس الاستخبارات، حقان فيدان مع وزير دفاع الأسد، علي محمود عباس ورئيس استخباراته، حسام لوقا في موسكو.

وبعد هذا الاجتماع الأول، ظهر اتفاق لتطوير "الحوار التركي السوري" بطريقة تتناول العلاقات السياسية أيضا.

ونتيجة للاتصالات التي أجريت في يناير الماضي، تم وضع خطة لوزراء خارجية تركيا وروسيا وسوريا للاجتماع في شكل ثلاثي في فبراير الماضي. لكن هذا الاجتماع تأجل إلى أجل غير مسمى بسبب رغبة إيران في المشاركة في العملية والضغط على الأطراف في هذا الاتجاه، ثم زلزال 6 فبراير الذي ضرب تركيا وسوريا.

وبالفعل انخرطت إيران في المسار الذي كان ثلاثيا في محطاته الأولى، إلى أن اتجهت جميع الأطراف للاجتماع ضمن صيغة رباعية في موسكو، يوم الثلاثاء.

ويوضح الأكاديمي والباحث السياسي، محمود الأفندي المقيم في موسكو أن الطريق بين أنقرة ودمشق سيكون طويلا، وأنه "لن يكون هناك لقاء وحيد أو أخير بل عدة لقاءات، وستستمر ضمن المحور الرباعي".

ويقول الأفندي لموقع "الحرة": "يمكن أن نرى صيغة مطورة لمحادثات أستانة أو أن يتبع المسار الحالي لها، وهذا يعني إنهاء دور المعارضة، وانتهاء صلاحية القرار 2254"، حسب تعبيره.

ويعتقد الباحث أن "النتائج سيتم التوصل إليها لكن بصعوبة"، وأن "موسكو كانت قد أجّلت اللقاء على مستوى نواب وزراء الخارجية من شهر مارس الماضي إلى الآن لكي تعطي كل طرف الوقت لوضع خريطة طريق للنقاش".

ويشير الأفندي: "بحسب المعلومات لا مصلحة لتركيا وسوريا بالانسحاب الفوري للجيش التركي من المنطقة"، إذ "يجب أن يكون هناك تسلسل زمني وخطة واقعية يمكن أن تطبق على الأرض، مثل إدخال مؤسسات الدولة إلى الشمال السوري، وبقائها كمنطقة آمنة إلى أن يتم التوصل لتسوية نهائية في البلاد".

أربكت هجمات الحوثيين حركة الملاحة الدولية
أربكت هجمات الحوثيين حركة الملاحة الدولية

تسعى الولايات المتحدة إلى تأمين الممرات البحرية الحيوية في البحر الأحمر، خاصة مضيق باب المندب، من تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران.

وبدأت القوات الأميركية بالفعل شن عمليات عسكرية جوية واسعة النطاق ردا على هجمات الجماعة على حركة الشحن والتجارة البحرية.

والضربات، التي قد تستمر لأيام وربما لأسابيع، هي أكبر عملية عسكرية أميركية في الشرق الأوسط منذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه في يناير.

ترامب يراقب الهجمات التي أمر بشنها لشل قدرات الحوثيين

وتأتي في الوقت الذي تصعد فيه الولايات المتحدة ضغوط العقوبات على طهران بينما تحاول جلبها إلى طاولة المفاوضات على برنامجها النووي.

وشن الحوثيون عشرات الهجمات على حركة الملاحة  الدولية منذ نوفمبر 2023، في حملة قالوا إنها تأتي "دعما للفلسطينيين في الحرب التي تشنها إسرائيل على حركة حماس في غزة".

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الحوثيين هاجموا السفن الحربية الأميركية 174 مرة في حين هاجموا السفن التجارية 145 مرة منذ 2023.

ممرات بحرية في مرمى الحوثيين

يستهدف الحوثيون مناطق بحرية استراتيجية تربط بين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا.

أهم هذه الممرات هو مضيق باب المندب الذي يعتبر نقطة عبور استراتيجية تربط بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس.

يقع مضيق باب المندب بين اليمن في الشمال الغربي وجيبوتي وإريتريا في الجنوب الشرقي، ويفصل بين البحر الأحمر وخليج عدن.

ويربط مضيق باب المندب بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس، ما يجعله مسارا أساسيا للسفن القادمة من آسيا والمتجهة إلى أوروبا.

ناقلة نفط تشتعل فيها النيران بعد إصابتها بصاروخ في البحر الأحمر، قبالة ميناء الحديدة اليمني في الأول من أكتوبر 2024

يمر من خلاله نحو 15 في المئة من حجم التجارة العالمية، مما يجعله ذا أهمية قصوى لحركة الملاحة الدولية.

يستهدف الحوثيون السفن التي تمر في البحر الأحمر أيضا، الذي يربط مضيق باب المندب جنوبا وقناة السويس شمالا.

يعتبر البحر الأحمر شريانا حيويا لنقل البضائع، وتمر عبره آلاف السفن التجارية سنويا، حيث يعد مسارا مختصرا للسفن المتجهة من المحيط الهندي إلى البحر المتوسط، بدلا من الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا.

تأثرت أيضا قناة السويس المصرية التي تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط بهجمات الحوثيين.

وكان يمر عبر قناة السويس قبل هجمات الحوثيين حوالي 12 في المئة من التجارة العالمية، وخاصة ناقلات النفط والغاز الطبيعي.

وأجبرت الهجمات شركات شحن على تحويل مسارات السفن من قناة السويس إلى مسار رأس الرجاء الصالح الأطول حول إفريقيا، مما أثر على سير حركة التجارة العالمية بتأخير عمليات التسليم وزيادة التكاليف.

وكبّدت التوترات في منطقة البحر الأحمر مصر وحدها خسائر تبلغ نحو 7 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس خلال عام 2024، أي ما يعادل أكثر من 60 بالمئة من إيراداتها مقارنة بالعام السابق، وفق تصريحات سابقة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وتشير أحدث البيانات المتاحة إلى أن الإيرادات السنوية لقناة السويس تراجعت بنحو الربع في السنة المالية المنتهية في يونيو، إذ سجلت 7.2 مليار دولار في السنة المالية 2023-2024 من 9.4 مليار دولار في 2022-2023.

ومنذ نوفمبر 2023، صعّد الحوثيون من هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر، مما أدى إلى إغراق سفينتين، والاستيلاء على أخرى، ومقتل ما لا يقل عن أربعة بحارة.

وخلفت أعمال "قطع الطريق" بالبحر الأحمر خسائر مالية كبيرة، إذ أدت إلى انخفاض حاد في حركة الشحن البحري عبر البحر الأحمر، من 25 ألف سفينة سنوياً قبل الأزمة إلى نحو 10 آلاف سفينة فقط، بانخفاض قدره 60 في المئة، حسب البيت الأبيض.

وأجبرت الهجمات "حوالي 75 بالمئة من السفن المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على إعادة توجيه مساراتها" حول قارة أفريقيا بدلاً من عبور البحر الأحمر.

وأدى ذلك إلى إضافة نحو 10 أيام لكل رحلة، وتكاليف وقود إضافية تقدر بنحو مليون دولار لكل رحلة.

ووفقاً لبيان البيت الأبيض، تسببت هذه الهجمات، التي أدت إلى ارتفاع أسعار الشحن، في زيادة معدلات التضخم العالمي للسلع الاستهلاكية بنسبة تتراوح بين 0.6 و0.7 بالمئة عام 2024.

كما تضررت التجارة بين أوروبا وآسيا بشكل خاص من هذه الأزمة، حيث كان نحو 95 بالمئة من السفن المتجهة بين القارتين تمر عبر البحر الأحمر في الظروف الطبيعية.

ومن بين أكبر 10 دول مستوردة من حيث القيمة للتجارة عبر البحر الأحمر، 5 دول من الاتحاد الأوروبي.

كما تأثرت موانئ في المنطقة بشكل متفاوت جراء إعادة توجيه مسارات السفن؛ فقد شهدت الموانئ السعودية مثل جدة وميناء الملك عبدالله انخفاضاً حادا في حركة الشحن.

وتراجعت السفن المتجهة إلى ميناء الملك عبدالله بنسبة 88 بالمئة في النصف الأول من 2024 مقارنة بنفس الفترة من 2023، بينما انخفضت في ميناء جدة بنسبة 70 بالمئة، حسب الموقع المتخصص في شؤون الشحن البحري العالمي Lloyd's List.

بالإضافة إلى ذلك، تسببت الهجمات في إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية للموانئ اليمنية.

وانخفضت عمليات ميناء الحديدة، وهو ميناء حيوي لواردات المساعدات، إلى حوالي 25 في المئة من طاقته التشغيلية، بعد تعرضه لضربات جوية أدت إلى غرق أربع من خمس قاطرات بحرية أساسية وتضرر الخامسة.

هذه التهديدات دفعت الولايات المتحدة إلى النظر في تشكيل تحالفات دولية لتأمين هذه الممرات البحرية.

ففي ديسمبر 2023، شكلت الولايات المتحدة تحالفا بحريا دوليا أطلق عليه اسم "عملية حارس الازدهار".

وسعى هذا التحالف إلى تسيير دوريات في البحر الأحمر وخليج عدن، لحماية حركة الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين.

وضم التحالف عدة دول، بينها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا واليونان وكندا وأستراليا والبحرين، إضافة إلى دول أخرى ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في العمليات.

ونفذت سفن هذا التحالف عمليات اعتراض لصواريخ وطائرات مسيرة أطلقها الحوثيون باتجاه السفن التجارية، مما أسهم في تقليل الخسائر البشرية والمادية.

ورغم نجاح التحالف في اعتراض العديد من الهجمات، فقد استمر الحوثيون في استهداف السفن، مما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا في يناير 2024، إلى شن ضربات جوية مباشرة على مواقع عسكرية للحوثيين في اليمن، تبعتها هجمات متتالية استهدفت منصات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، قبل أن تصل الأمور إلى الهجمات الواسعة التي أمر بها ترامب السبت.

وكان الحوثيون قد قالوا الثلاثاء الماضي إنهم سيستأنفون الهجمات على سفن إسرائيلية تمر عبر البحر الأحمر والبحر العربي ومضيق باب المندب وخليج عدن منهيين بذلك فترة هدوء نسبي بدأت في يناير بالتزامن سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقالت القيادة المركزية الأميركية التي تشرف على القوات في الشرق الأوسط، إن ضربات السبت، هي "بداية لعملية واسعة النطاق" في أنحاء اليمن.

والأحد، أكد وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، أن الولايات المتحدة ستشن ضربات "لا هوادة فيها" على الحوثيين في اليمن لحين وقف عملياتهم العسكرية التي تستهدف الأصول الأميركية وحركة الشحن العالمي.