صفقة التقارب الإيراني السعودي تتجاوز حدود الشرق الأوسط
صفقة التقارب الإيراني السعودي تتجاوز حدود الشرق الأوسط

تزعم الصين في تصريحاتها المتكررة أن وساطتها بين السعودية وإيران تهدف إلى تعزيز أمن واستقرار وتنمية الشرق الأوسط، فيما يؤكد تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي أن هذه الوساطة ترتبط في أهداف مشتركة بين بكين وموسكو وطهران تتعلق "بنظام عالمي جديد" ضد الولايات المتحدة.

والتحليل الذي أعده، سعيد جولكار، زميل أقدم في معهد توني بلير وأستاذ مساعد في جامعة تينيسي في تشاتانوغا، وکسری اعرابی، مدير برنامج إيران في معهد توني بلير للتغيير العالمي، يوضح أن أهداف الوساطة والاتفاق تتجاوز "تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران".

ويقول إن الأمر يهدف إلى "نشأة نظام عالمي جديد مناهض للغرب تستبعد فيه الولايات المتحدة من أي ترتيب إقليمي جديد"، وهو ما سيخدم مصالح الصين وروسيا وحتى إيران.

وكانت طهران والرياض أعلنتا في 10 مارس عن اتفاق بعد قطيعة استمرت سبع سنوات إثر مهاجمة البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران على خلفية إعدام رجل الدين السعودي، نمر النمر.

وفي هذا الإطار أجرى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي أي أيه"، وليام بيرنز زيارة "غير معلنة" إلى السعودية بحسب تقرير نشرته شبكة "سي أن أن"، والتي أبدى فيها انزعاج واشنطن من التقارب مع إيران وعلاقات المملكة مع سوريا.

واعتبر بعض الخبراء أن دور الصين في ترتيب الاتفاق يشير إلى تراجع نفوذ الولايات المتحدة مع السعودية وسط توترات بين واشنطن والرياض بشأن عدد من القضايا، بينها حقوق الإنسان وخفض إنتاج النفط السعودي، بحسب تقرير لوكالة رويترز.

ورغم أهمية "استعادة العلاقات مع السعودية" لطهران إلا أنها "الجانب الأقل أهمية في الصفقة"، إذ أنها "علامة فارقة أخرى نحو تحقيق طموحات النظام الكبرى"، في الوقت الذي ينظر فيه إلى الولايات المتحدة والنظام الدولي الليبرالي الذي تقوده على أنهما "العقبة النهائية أو الشيطان الأكبر" الذي يحول دون تحقيق الطموحات الكبرى.

وخاضت إيران والسعودية وهما خصمان إقليميان نزاعات بالوكالة مثل الحرب في اليمن.

تلاقي المصالح

وما يدعم الطموحات الإيرانية العلاقات القوية وتلاقي المصالح بين المرشد الأعلى علي خامنئي، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين والرئيسي الصيني، شي جين بيغ، إذ يعتبرون أنفسهم جميعا في حالة حرب مع الحضارة الغربية، إذ يطمح خامنئي لحضارة إسلامية بقيادة إيران، فيما يطمح بوتين لحضارة روسية سلافية بقيادة روسيا، ويطمح شي لحضارة كونفوشيوسية شيوعية بقيادة الصين.

وأعاد التحليل التذكير في رؤية خامنئي التي أعلن عنها في نوفمبر 2022 بأن "النظام العالمي الجديد قائم على عزل الولايات المتحدة ونقل السلطة إلى آسيا وتوسيع الجبهات المناهضة للغرب".

القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني، يحيى رحيم صفوي، كان قد قال  إن "حقبة جديدة بدأت في المنطقة حيث كانت الصفقة أكبر ضربة صينية للولايات المتحدة"، في إشارة للتقارب مع السعودية، وهذا أيضا ما يكشف أيضا عن توجهات طهران الداعمة لحرب بوتين في أوكرانيا بأن طهران تبحث عن أي شيء لمناهضة واشنطن والغرب.

وفي الوقت الذي تجري فيه هذه التجاذبات فهذا لا يعني أنها تجري بمعزل عن "إدراك الرياض" لهذا الأمر تماما، ولكن صفقة التقارب تمنحهم ببساطة "القدرة على متابعة أهدافهم الأساسية في بينا القوة الاقتصادية للسعودية" والإصلاحات الأخرى التي يرغب بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

سعى ولي العهد السعودي جاهدا لإعادة تنظيم العلاقات في منطقة الشرق الأوسط من خلال التعاون مع الأعداء القدامى وترتيب خفض إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" من النفط على غرار ما حدث مؤخرا وباغت الأسواق العالمية.

وأشار الأمير محمد بن سلمان إلى أنه مستعد للاعتماد على نفسه من دون مساعدة الولايات المتحدة لتحقيق المصالح السعودية، سواء كان ذلك يعني إعادة تأسيس العلاقات مع خصوم الولايات المتحدة مثل إيران، أو تقليص إمدادات النفط إلى السوق وإثارة غضب المستهلكين، وفق تقرير لوكالة رويترز.

تهدف الاستراتيجية السعودية إلى تهيئة الظروف التي تمكن المملكة من التركيز على خطة التحول الاقتصادي الواسعة المعروفة باسم رؤية 2030 التي يضخ فيها مئات المليارات من الدولارات، أملا في أن تفتح أبواب المملكة المحافظة أمام الأنشطة التجارية والسياحة وسط منافسة إقليمية متزايدة.

ويؤكد التحليل أن الرياض مدركة تماما أنها لا يمكنها الاعتماد على التزامات النظام الإيرانية أو استمرارية الاتفاق.

وأكد وزيرا الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود والإيراني حسين أمير عبداللهيان الخميس في لقاء نادر في بكين أن اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين بلديهما سيسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

وأعاد الجانبان التأكيد على إعادة فتح الممثلیات "خلال المدة المتفق علیها" والتي تمتد حتى مايو، والمضي قدما في "استئناف الرحلات الجویة، والزیارات المتبادلة للوفود الرسمیة والقطاع الخاص، وتسهیل منح التأشیرات لمواطني البلدین بما في ذلك تأشیرة العمرة".

وتلقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي دعوة من العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز لزيارة الرياض لتتويج التقارب بين البلدين. ومن المتوقع أن تجري الزيارة في نهاية أبريل بعد شهر رمضان.

وأعلنت السعودية عن قرارها الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون التي تقودها الصين في بادرة على إقامة علاقة طويلة الأمد مع بكين على حساب الولايات المتحدة.

الدخان يرتفع في جنوب بعد الضربات الإسرائيلية
الوضع بين لبنان وإسرائيل لا يزال هشًا

أجرى وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، السبت، اتصالا هاتفيا مع نظيره اللبناني، يوسف رجى،. بحث التطورات الأخيرة التي يشهدها جنوب لبنان.

وناقشا الوزيران آخر التطورات إزاء التصعيد المقلق في جنوب لبنان وما قد يشكله من توتر وعدم استقرار بالمنطقة ويؤدي إلى تأجيج الوضع الهش بالإقليم.

وحذر الوزير المصري من مخاطر الانزلاق لدائرة تصعيد قد تسفر عن مزيد من عدم الاستقرار بالمنطقة.

وشدد عبد العاطي على موقف مصر الداعم للدولة اللبنانية ومؤسساتها الوطنية واستقرارها في مواجهة التحديات الأمنية، معيدًا التأكيد على رفض مصر لأية تحركات من شأنها أن تمس أمن وسلامة واستقرار الشعب اللبناني الشقيق.

كما أشار إلى ضرورة التنفيذ والالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية في جنوب لبنان، والانسحاب الفوري والكامل غير المنقوص للقوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وتمكين الجيش اللبناني من تنفيذ القرار ١٧٠١، وأهمية التطبيق الكامل والمتزامن للقرار من جانب كل الأطراف دون انتقائية.

ويشهد الجنوب اللبناني تطورات أمنية كبيرة إثر إطلاق ثلاثة صواريخ باتجاه إسرائيل، وقيام الجيش الإسرائيلي بالردّ من خلال غارات وصفت بالعنيفة جدا على قرى في الجانب اللبناني.

واعتبرت قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان أن أي تصعيد من شأنه أن يؤدي إلى عواقب وخيمة في المنطقة وأنّ الوضع بين لبنان وإسرائيل لا يزال هشًا للغاية.

وقال الجيش الإسرائيلي في وقت سابق إنه اعترض ثلاثة صواريخ أطلقت من منطقة لبنانية على بعد نحو ستة كيلومترات شمال الحدود، في ثاني عملية إطلاق عبر الحدود منذ توقف القتال في نوفمبر تنفيذا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة.

وردا على الصواريخ، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان إنه أصدر تعليمات هو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس الجيش "بالتحرك بقوة ضد عشرات الأهداف الإرهابية في لبنان".