معهد الفايروسات في ووهان هو أحد المختبرات الفائقة التي تدار من الحكومة الصينية
معهد الفايروسات في ووهان هو أحد المختبرات الفائقة التي تدار من الحكومة الصينية

أفاد تقرير أعدته صحيفة واشنطن بوست بوجود مشاكل خطيرة في إجراءات السلامة في المختبرات الصينية باهظة الثمن، مما ينذر بخطر بايولوجي ربما يمتد إلى مناطق أخرى في العالم.

وقال التقرير الذي أعده مجموعة من مراسلي الصحيفة إن النقص في تجهيزات الطوارئ والسلامة في المختبرات الصينية يمتد إلى نقص في أجهزة الإنذار والأضواء الوامضة حتى.

ويشير التقرير إلى "حادث غامض" وقع في منشأة طبية بايولوجية تديرها الحكومة شمال وسط الصين عام 2019 خلال البحث في جراثيم وميكروبات قادرة على الانتقال من الحيوانات إلى الإنسان.

وخلال هذا الحادث، بحسب الصحيفة، لم يستطع العمال اكتشاف خلل في نظام الصرف الصحي الذي كان يفترض أنه قادر على قتل الجراثيم في النفايات.

وتقول الصحيفة إن "ملايين الميكروبات المحمولة جوا تسربت من فتحات التهوية إلى الأحياء المجاورة" بسبب فشل النظام.

واستمر الخلل لمدة شهر قبل اكتشاف المشكلة، بعد تعرض أكثر من 10 آلاف شخص من سكان مدينة لانتشو إلى الجراثيم وأصيب مئات بـ"داء البروسيلات" وهو مرض ينتقل بين المواشي وممكن أن يسبب المرض – وحتى الموت - للبشر، وفقا للصحيفة.

التقارير تشير إلى مشاكل في أنظمة واجراءات السلامة في المختبرات الصينية

ليست حادثة منفردة

يشير التقرير إلى أن حادثة لانتشو تقدم تفاصيل جديدة عن مشكلة أكبر بكثير مخفية داخل المختبرات البيولوجية الصينية.

وانتشرت تقارير – لم تعترف بها بكين – تشير إلى أن مصدر فيروس كورونا، الذي تسبب بمقتل ملايين حول العالم، قد يكون تسربا من مختبر للأحياء الدقيقة في مدينة ووهان.

وتزداد المخاطر مع توجه بكين بتوسيع كبير لقطاع التكنولوجيا البايولوجية في البلاد، وتقول الصحيفة إن الصين ضخت مليارات الدولارات في بناء عشرات المختبرات وتشجيع الأبحاث المتطورة - والمثيرة للجدل في بعض الأحيان - في مجالات تشمل الهندسة الوراثية واللقاحات التجريبية والعلاجات.

وتقول الصحيفة إن فحصا أجرته أظهر فشلا في ممارسات السلامة في المختبرات الجديدة في الصين.

وتقوم البلاد بمحاولة مواكبة، أو تجاوز القدرات العلمية للولايات المتحدة والدول الأخرى، مركزة على تحقيق تقدم علمي ومضحية ربما بالتركيز على جهود السلامة.

وتنقل الصحيفة عن خبراء قولهم إن "المشاكل تتفاقم بسبب البيروقراطية التي تحدد أهدافا متطلبة بينما تتستر على الحوادث وتثبط أي اعتراف علني بأوجه القصور".

وتحدث حوادث المختبرات في كل مكان، بما في ذلك في الولايات المتحدة، حيث تظهر الأمراض والوفيات الناجمة عن العدوى العرضية، خاصة قبل اعتماد معايير السلامة الحديثة في 1970s.

لكن تقارير الحكومة الصينية، مدعومة بمقابلات وتصريحات من مسؤولين وعلماء غربيين وصينيين زاروا المنشآت مؤخرا في عام 2020، تتحدث عن استمرار مشاكل المعدات وتدريب غير كاف على السلامة، أدى في بعض الحالات إلى بيع حيوانات مختبرات بشكل غير قانوني بعد استخدامها في التجارب، وإلقاء نفايات ملوثة من المختبرات في المجاري، وفقا للصحيفة.

وتنقل الصحيفة عن خبير الأمن البيولوجي روبرت هاولي قوله إن "من الواضح جدا أن تدريبهم على السلامة البيولوجية ضئيل".

وترفض بكين انتقاد سجل الصين في الشفافية وسلامة المختبرات باعتباره نفاقا.

علماء صينيون في معهد الفيروسات والأوبئة في ووهان

إخفاقات منهجية

وتقول الصحيفة إنه من خلال استعراض البيانات والتقارير الرسمية، التي جمعها وترجمها باحثون في الكونغرس ومسؤولو وزارة الخارجية ومحققون مستقلون، فإن هناك إشارات إلى إخفاقات منهجية في تنفيذ معايير السلامة اللازمة لمنع انتشار البكتيريا والفيروسات الخطرة.

وتظهر تقارير تفتيش المختبرات وغيرها من الوثائق التي حصل عليها محققو الكونغرس والباحثون المستقلون أن المختبرات الصينية تكافح من أجل تنفيذ معايير السلامة، بما في ذلك في بعض أحدث المؤسسات وأكثرها شهرة في البلاد، مثل مختبر Wuhan BSL-4 في ووهان.

وأشارت برقية سرية لوزارة الخارجية الأميركية أرسلت عام 2018 إلى أن هناك "نقصا خطيرا في الفنيين والمحققين المدربين تدريبا مناسبا اللازمين لتشغيل هذا المختبر عالي الاحتواء بأمان".

وعلى الرغم من أن مختبر Wuhan BSL-4 تم بناؤه وفقا للتصميمات الفرنسية، إلا أن المسؤولين الصينيين أبعدوا تدريجيا شركاءهم الفرنسيين واستبدلوا بعض ميزات السلامة الأكثر تكلفة بنظائر محلية الصنع لم يتم اختبارها أبدا في ظل ظروف مختبرات من طراز BSL-4.

وهذا الطراز هو المختبر الأكثر حساسية من حيث التجارب التي يقوم بها، والمايكروبات التي يقوم بتخزينها، والتي تعتبر شديدة العدوى وتحتاج إلى أنظمة احتواء وعزل فائقة.

وتقول الصحيفة إنه وفقا للوثائق التي اطلعت عليها، فإن مديري المختبرات قاموا بعد أقل من 18 شهرا من الافتتاح الرسمي بطلب بدائل وإصلاحات للأعطال في أقفال الأبواب وأجهزة مراقبة التسريبات البايولوجية.

وتصف وثائق أخرى سلسلة مشتركة من أوجه القصور في مرافق مختبرية متعددة.

وتمتلك الصين عشرات المختبرات مثل مختبر ووهان الفائق، ويعتقد أن مشاكل الأمان فيها متشابهة.

وفي هذه المختبرات، تقوم الصين بأبحاث كثيرة جدا على مايكروبات غاية في الخطورة والقدرة على العدوى.

وتقول الصحيفة إنه في اعتراف نادر، حذر قاو هوتشينغ، العضو البارز في المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، في تقرير عام 2019 لزملائه المشرعين من أن "وضع الأمن البيولوجي في بلدنا قاتم".

وأشار على وجه التحديد إلى العواقب الوخيمة المحتملة الناجمة عن "المختبرات التي تتعرض إلى التسريب".

الصين تقوم باجراء ابحاث واسعة على مسببات أمراض عالية الخطورة

وفي العام نفسه، اعترف مسؤول صيني ثان بأن حكومته فشلت في تمويل العديد من المختبرات عالية الاحتواء التي بنتها بشكل كاف. وقال يوان زيمينغ، نائب مدير معهد ووهان لعلم الفيروسات، إن العديد من المختبرات رفيعة المستوى "ليس لديها أموال تشغيلية كافية للعمليات الروتينية الحيوية".

لكن أوجه القصور الأكثر انتشارا تضمنت عيوبا في التعامل مع نفايات المختبرات الخطرة، وهي مشكلة تم الاستشهاد بها في تقارير التفتيش والمراجعات الداخلية الأخرى للممارسات المختبرية في أجزاء مختلفة من الصين.

وفي تقرير عام 2018 أشار مسؤول في منطقة قوانغتشو الجنوبية في الصين إلى أن "مياه الصرف الصحي المختبرية يتم إطلاقها مباشرة" في أنظمة الصرف الصحي.

وقالت تقارير التفتيش إنه من غير الواضح ما إذا كان قد تم إطلاق أي مسببات أمراض حية، ويرجع ذلك جزئيا إلى فشل المختبرات في مراقبة التسربات بشكل كاف.

وبدون مراقبة كافية، يمكن أن تستمر التسريبات دون أن يلاحظها أحد لفترات طويلة - وهو بالضبط ما حدث في لانتشو في صيف عام 2019.

مبنى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ بفرنسا ( رويترز)
مبنى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ بفرنسا ( رويترز)

سيدة فرنسية قررت الامتناع عن معاشرة زوجها، لتصل قضيتها إلى أحد أكبر المحاكم الأوروبية التي تنظر في أي قوانين تخالف حقوق الإنسان، فما قصتها؟

في ضاحية "لو شيني" الهادئة، القريبة من باريس، عاشت السيدة التي جرى تعريف عنها بحرف "H.W "حياة بدت في ظاهرها عادية. 

فقد "هـ. و" العام 1955، وتزوجت سنة 1984، لتنجب لاحقا أربعة أطفال، أحدهم يعاني من إعاقة تطلبت وجودها المستمر كأم مكرسة حياتها لرعايته. 

ولكن وراء هذه الحياة العائلية، كانت تُخفي معاناة امتدت لسنوات طويلة، انتهت بمعركة قانونية وصلت إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

ففي بداية زواجها، ظهرت تصدعات في العلاقة عندما وُلد طفلها الأول. ومع مرور السنوات، تفاقمت المشكلات، وبدأت تعاني من مشكلات صحية منذ العام 1992. 

وبحلول عام 2002، أصبح الوضع أسوأ عندما تعرضت للإيذاء الجسدي واللفظي من زوجها، مما دفعها إلى اتخاذ قرار حاسم في عام 2004 بوقف حياتها الزوجية بالكامل، بما في ذلك العلاقات الحميمية.

معركة المحاكم

في عام 2012، طلبت تلك الزوجة الطلاق، وهو ما وافق عليه شريكها. لكن المشكلة لم تكن في الانفصل نفسه، بل في الأسباب التي استندت إليها المحاكم الفرنسية لإلقاء اللوم عليها في انهيار الزواج.

فقد  استخدم زوجها حججًا تستند إلى ما وصفه بـ"الواجب الزوجي" لإلقاء المسؤولية كاملة على عاتقها، وهو ما وافقت عليه محكمة الاستئناف في فرساي عام 2019. 

وعندما حاولت استئناف القرار أمام محكمة النقض، قوبل طلبها بالرفض دون توضيح للأسباب.

التوجه إلى المحاكم الأوروبية

بعد استنفاد جميع السبل القانونية في فرنسا، قررت "هـ. و" رفع قضيتها إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 2021. 

والقضية لم تكن مجرد طعن في قرار طلاق، بل كانت "معركة من أجل حماية الحقوق الأساسية للمرأة"، بما في ذلك الحق في الخصوصية والسلامة الجسدية.

وفي قرار  وصف بـ"التاريخي" ، قضت المحكمة الأوروبية، الخميس،  بأن المحاكم الفرنسية انتهكت حق "هـ.و"  في احترام حياتها الخاصة والعائلية. 

وأكدت أن فكرة "الواجب الزوجي" تتعارض مع الحرية الجنسية وحق الفرد في التحكم بجسده. 

ولفتت المحكمة إلى أن زوجها كان بإمكانه طلب الطلاق بناءً على "تفكك العلاقة" بدلاً من استخدام الحجة القائمة على العلاقة الحميمية.

وحظيت القضية بدعم من منظمات نسوية فرنسية مثل "مؤسسة النساء" و"الجمعية النسوية ضد الاغتصاب". 

وأكدت تلك المنظمات أن الزواج لا يجب أن يكون "عبودية جنسية"، وأن القضاء الفرنسي لا يزال يُظهر رؤية قديمة للعلاقات الزوجية. 

ودعت هذه المنظمات إلى القضاء على أي فكرة عن وجود "واجب زوجي"، مشيرة إلى أن ذلك يمكن أن يشجع العنف الجنسي داخل العلاقات.

قرار المحكمة الأوروبية لم يُغير وضع الطلاق نفسه، لكنه وجّه، حسب منظمات حقوقية، رسالة قوية إلى النظام القضائي الفرنسي بضرورة احترام الحريات الفردية وحقوق المرأة. 

وقالت "هـ. و" في بيان صادر عن محاميتها: "آمل أن يكون هذا القرار بداية لتحول جذري في حقوق المرأة في فرنسا، فقد حان الوقت لتبني ثقافة تقوم على الاحترام المتبادل والرضا".

يشار إلى أن قرار المحكمة الأوروبية جاء في سياق نقاشات أوسع بشأن حقوق المرأة في فرنسا. 

ففي ظل قضايا مشابهة، مثل قضية "جيزيل بيليكوت" التي صدمت الرأي العام، يبدو أن النظام القانوني الفرنسي مطالب بإجراء إصلاحات عاجلة تتماشى مع قيم الحرية والعدالة.

 ومع تصريحات وزير العدل الفرنسي الفرنسي، جيرالد دارمانان، بأن القانون سيتم تعديله لمواكبة هذه التطورات، يبدو أن القضية قد تكون بداية لعهد جديد في التعامل مع قضايا العنف الجنسي داخل مؤسسة الزواج.