قوات الجيش السوداني داخل قاعدة للدعم السريع
قوات الجيش السوداني داخل قاعدة للدعم السريع

بالإضافة إلى القذائف والرصاص، تتبادل قوات الجيش وقوات الدعم السريع السودانية أيضا الاتهامات بالمسؤولية عن المعارك الدائرة في البلاد، كما تتبادل القوتان حرب المعلومات خصوصا بشأن السيطرة على المواقع الحساسة.

ويبدو من الصعب للغاية معرفة ما يجري بدقة في البلاد وسط التصريحات المتضاربة، إذ يعلن الجيش السوداني "نهاية الدعم السريع إلى الأبد"، كما يقول العقيد خالد العقيدة عضو غرفة عمليات الجيش السوداني في تصريحات لقناة "الحرة".

ويضيف العقيدة خلال اللقاء أن "الجيش حسم أمره تماما وكل المواقع العسكرية تحت سيطرته"، مؤكدا أن نحو 13 ألف من قوات الدعم السريع استسلمت لقواته في أم دومان والخرطوم بالإضافة إلى أعداد أخرى في مناطق ثانية.

وبحسب العقيدة، فإن من تبقى من "الميليشيا المنتهية" كما يصف قوات الدعم السريع، هم "هاربون تطاردهم القوات المسلحة ولا مكان لهم".

في المقابل يقول القيادي في قوات الدعم السريع، مصطفى محمد إبراهيم، لـ"الحرة" إن "قوات الدعم السريع تسيطر على عدد كبير جدا من المواقع العسكرية والمواقع الأخرى".

المعارك مستمرة داخل العاصمة منذ أيام

ويقول إبراهيم إن "القصر الجمهوري الآن في أيدي قوات الدعم السريع، وأيضا القيادة العامة للجيش وعدد كبير من المطارات منها مطار مروي".

ويصف إبراهيم مطار مروي بأنه "سبب هذه الأزمة كلها" وأن "السيطرة على هذا المطار كانت مهمة جدا لكشف المستور".

ووفقا للدعم السريع فإن مطار مروي "أصبح قاعدة جوية حربية للقوات المصرية، وليس مركزا تدريبيا"، مضيفا أنه توجد داخل المطار "مخازن كبيرة للصواريخ والأسلحة".

والاثنين قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي  إن القوات المصرية في السودان كانت هناك فقط للمشاركة في تدريبات مع القوات السودانية ولا تدعم أي طرف.

وأكد السيسي في كلمة بعد ترؤسه اجتماعا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وبثها التلفزيون المصري، على سلامة الجنود المصريين في السودان.

ويتهم إبراهيم وسائل الإعلام بعدم نقل ما يجري في السودان بحيادية وعدم تغطية "انتصارات الدعم السريع"، وهي الانتصارات التي يصفها الجيش بأنها "عمليات كر وفر تقليدية تقوم بها كل الميليشيات حول العالم".

وبحسب العقيدة فإن "الميليشيا تضرب وتهرب إلى مكان آخر".

والاثنين أعلن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتيس، أن حصيلة ضحايا المواجهات المسلحة المستمرة، منذ السبت، بلغت 180 قتيلا ونحو 1800 مصاب، وقال إن المنظمة الدولية لا تقوم بدور الوساطة حاليا هناك. 

وكانت نقابة أطباء السودان المستقلة قد أفادت، صباح الاثنين، بمقتل ما لا يقل عن 97 مدنيا، سقط 56 منهم السبت و41 الأحد، نصفهم تقريبا في العاصمة السودانية.

وأعرب موفد الأمم المتحدة عن "خيبة أمله الشديدة" من "انتهاكات" الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" للهدنة الإنسانية التي وافق عليها الطرفان، الأحد.

وأشار إلى قتال شديد في أغلب مناطق الخرطوم، وإغلاق المطارات، وصعوبة إيصال المساعدات الإنسانية.

وأكد أنه "من الصعب معرفة كفة أي طرف سترجح في القتال الحالي وما ستؤول إليه الأمور مستقبلا.

السفارة الأميركية في كوبا (رويترز)
السفارة الأميركية في كوبا (رويترز)

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، عزمها رفع كوبا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، في خطوة تأتي ضمن اتفاق تم التوصل إليه بوساطة الكنيسة الكاثوليكية، يتضمن إطلاق سراح مئات السجناء في الجزيرة الشيوعية.

وفي رسالة موجزة إلى الكونغرس، قال بايدن، الثلاثاء، إن الإجراءات المعلنة "ضرورية للمصالح الوطنية للولايات المتحدة وستعجل بالتحول إلى الديمقراطية في كوبا".

ورغم إقرارها بمحدودية نطاق القرار، رحبت هافانا بالخطوة، واعتبرتها "تصحيحا جزئيا لسياسة قاسية وغير عادلة".

وكان سلف بايدن وخليفته دونالد ترامب، قد أعاد إدراج كوبا في القائمة قبل نهاية ولايته الأولى عام 2021. ويمكنه إلغاء قرار بايدن بشكل مباشر بعد تنصيبه، الإثنين.

لماذا الآن؟

اتخذ بايدن قراره بإلغاء تصنيف كوبا كدولة راعية للإرهاب في الأيام الأخيرة من إدارته، بعد مراجعة شاملة خلصت إلى عدم وجود "دليل موثوق" على تورط هافانا حاليا في دعم الإرهاب الدولي، وتقديمها ضمانات بأنها لن تدعم أعمال الإرهاب في المستقبل.

ورغم طابعه الرمزي إلى حد كبير، فقد جاء القرار استجابة لطلبات من حلفاء رئيسيين. 

فقد طلب الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا مباشرة من بايدن رفع كوبا من القائمة، كما أرسلت الحكومة الكولومبية مذكرة دبلوماسية تشيد بمساعدة هافانا في تسهيل مفاوضات السلام.

ويتزامن القرار مع أزمة اقتصادية خانقة تواجهها كوبا، تتمثل في نقص حاد بالغذاء والوقود والدواء والكهرباء، دفعت نحو مليون مواطن لمغادرة البلاد منذ عام 2020، اتجه غالبيتهم إلى الولايات المتحدة.

وأدى ذلك إلى مفاقمة أزمة الهجرة على الحدود الأميركية. ويُنظر إلى تخفيف العقوبات على أنه محاولة لمعالجة جذور هذه الأزمة.

ولعبت الكنيسة الكاثوليكية دورا محورياً في تمهيد الطريق للقرار، عبر وساطة نشطة مع السلطات الكوبية بشأن العفو عن سجناء منذ عام 2023.

وللفاتيكان تاريخ في التوسط بين واشنطن وهافانا، إذ ساهم في استئناف العلاقات بين البلدين عام 2015.

وبالتزامن مع الإعلان الأميركي، كشفت وزارة الخارجية الكوبية عن خطط للإفراج التدريجي عن 553 سجيناً مدانين بجرائم مختلفة، وذلك في أعقاب محادثات مع بابا الفاتيكان، فرنسيس. 

ورغم عدم ربط هافانا مباشرة بين الخطوتين، فإنها وصفت قرار واشنطن بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح".

ماذا يعني تصنيف الدول الراعية للإرهاب؟

يتم تحديد الدول التي تقرر وزارة الخارجية أنها قدمت دعما متكررا لأعمال الإرهاب الدولي، وفقاً لثلاثة قوانين: المادة 1754(ج) من قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2019، والمادة 40 من قانون مراقبة صادرات الأسلحة، والمادة 620 (أ) من قانون المساعدات الخارجية لعام 1961.

وتترتب بموجب هذا التصنيف 4 فئات رئيسية للعقوبات: قيود على المساعدات الخارجية الأميركية، وحظر على صادرات ومبيعات الدفاع، وضوابط معينة على صادرات المواد مزدوجة الاستخدام، وقيود مالية وقيود أخرى متنوعة.

كما يؤدي التصنيف بموجب القوانين المشار إليها، إلى تطبيق قوانين عقوبات أخرى تعاقب الأشخاص والدول التي تشارك في تجارة معينة مع الدول الراعية للإرهاب.

وتضم القائمة حاليا كلا من كوريا الشمالية (منذ 20 نوفمبر 2017)، وإيران (منذ 19 يناير 1984)، وسوريا (منذ 29 ديسمبر 1979).

كيف وصلت كوبا إلى القائمة؟

أدرج ترامب كوبا على قائمة الدول الراعية للإرهاب في 12 يناير 2021، قبل أيام من انتهاء ولايته الرئاسية الأولى.

وجاء هذا القرار ليعيد تصنيفا سابقا كانت كوبا قد خضعت له منذ عام 1982، بسبب تاريخها في تقديم المشورة والملاذ الآمن والاتصالات والتدريب والدعم المالي للجماعات المتمردة والإرهابيين الأفراد.

واستند قرار ترامب إلى رفض هافانا طلب كولومبيا تسليم 10 من قادة جيش التحرير الوطني المقيمين فيها، بعد أن أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن تفجير أكاديمية الشرطة في بوغوتا عام 2019، مما أسفر عن مقتل 22 شخصاً وإصابة 87 آخرين.

كما اتهمت واشنطن كوبا بإيواء عدد من المطلوبين الأميركيين، من بينهم جوان تشيسيمارد، المدرجة على قائمة الإرهابيين المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفدرالي، بعد إدانتها بقتل شرطي في نيوجيرسي.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، قد رفعت كوبا من القائمة في 2015، بعد مراجعة شاملة وجدت أن هافانا استوفت المعايير القانونية للإلغاء. غير أن إدارة ترامب قررت إعادة التصنيف، متهمة كوبا أيضا بتقديم الدعم لنظام نيكولاس مادورو في فنزويلا.

وقالت واشنطن إن جهاز الاستخبارات والأمن الكوبي، "اخترق القوات الأمنية والعسكرية الفنزويلية، مما ساعد مادورو في إحكام قبضته على شعبه وسمح للمنظمات الإرهابية بالعمل".

موقف ترامب؟

من المرجح أن يتم عكس قرار بايدن سريعا بعد تولي ترامب منصبه في 20 يناير، إذ أشارت مجموعة من وسائل الإعلام الأميركية إلى أن الرئيس القديم ـ الجديد سيتوجه لإلغاء القرار، مستندة في ذلك إلى بعض التعيينات الرئيسية في إدارته.

واختار ترامب السناتور ماركو روبيو، وزيرا  للخارجية، وهو الذي غادرت عائلته الجزيرة في الخمسينيات قبل الثورة الشيوعية التي أوصلت فيدل كاسترو إلى السلطة، والمعروف بمواقفه المتشددة ضد نظام هافانا وتأييده الثابت للعقوبات عليها.

ومن المتوقع أن يتناول روبيو جذوره الكوبية في جلسة تأكيد تعيينه أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الأربعاء.

كما عيّن ترامب ماوريسيو كلافر-كارون، المؤيد القوي للعقوبات، مبعوثا خاصا لأميركا اللاتينية.

وسارع مشرعون جمهوريون إلى انتقاد قرار بايدن، حيث وصفه السناتور تيد كروز بأنه "غير مقبول"، متعهداً بالعمل مع ترامب لعكسه فورا.

أما النائب كارلوس خيمينيز فتوقع بأن ترامب وروبيو "لن يضعا كوبا فقط مرة أخرى على القائمة، بل سيسحقان النظام".

من جانبها، تبدو كوبا متحسبة لإمكانية تغيير القرار، إذ أقرت وزارة خارجيتها بذلك، لكنها أكدت في الوقت نفسه استعدادها لتطوير علاقة محترمة مع واشنطن "رغم الاختلافات".

وقال وزير الخارجية الكوبي، برونو رودريغيز، في منشور على منصة إكس إن "الولايات المتحدة اتّخذت إجراءات تسير في الاتجاه الصحيح، لكنّ الحصار لا يزال قائما"، في إشارة إلى الحظر الاقتصادي الأميركي المفروض منذ 1962 على الجزيرة.

وفيما سيكون للكونغرس وإدارة ترامب فرصة لمراجعة القرار، قال مسؤول في إدارة بايدن، إن الإدارة المقبلة ستكون أمام فرصة لمراجعة هذا الموقف أيضا.

وأشار إلى أنها ستعمل بناءً على نفس المعلومات المتوفرة حاليا، لتقييم ما إذا كانت كوبا تستوفي معايير تصنيفها كدولة راعية للإرهاب.