السودان يشهد نزاعا داميا منذ الأسبوع الماضي
السودان يشهد نزاعا داميا منذ الأسبوع الماضي

قبل أيام، تم الإعلان عن تأمين عودة الجنود المصريين المحتجزين لدى قوات الدعم السريع في السودان عبر بيان مشترك صادر عن القاهرة وأبوظبي.

وجاء البيان المشترك متطابقا بالكامل باستثناء مفردة واحدة تغيرت لدى الجانبين: جهود بالنسبة لمصر ووساطة لدى الإمارات.

ورغم أن الفارق "لفظي" ويؤدي لمعنى واحد، يرى عضو مجلس النواب المصري، عماد جاد، في حديثه لموقع "الحرة" أن هناك "دلالة" لاستخدام كل دولة لمفردة مختلفة في هذه الجزئية من البيان.

وكانت الإمارات، أعلنت نجاح "الوساطة" التي قامت بها بالتنسيق والتعاون مع مصر لتأمين سلامة الجنود المصريين المتواجدين لدى قوات الدعم السريع، وتسليمهم إلى السفارة المصرية لدى الخرطوم، حسبما نقلت وكالة أنباء الإمارات (وام).

في المقابل، أعلنت مصر نجاح "الجهود" التي قامت بها بالتنسيق والتعاون مع الإمارات لتأمين سلامة باقي الجنود المصريين المتواجدين في السودان لدى قوات الدعم السريع وتسليمهم إلى السفارة المصرية لدى الخرطوم، وفقا لما نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط.

"فارق" بين المفردتين

وقال جاد إن "الجانب الإماراتي يريد أن يبين أنه لعب دور الوسيط، فيما لا يرغب الجانب المصري بإعطاء انطباع أن هناك طرفا ثالثا لعب هذا الدور".

وأرجع ذلك لأسباب تتعلق بالجوار بين مصر السودان، إذ إن "كلمة وساطة تعني أن هناك أزمة ووأن دورها (القاهرة) لم يكن كافيا".

وكانت قوات الدعم السريع أعلنت، الخميس، أنها سلمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر 27 جنديا مصريا كانت تحتجزهم.

واحتجزت القوات السودانية، الجنود المصريين بعدما اقتحمت قاعدة مروي الجوية بشمال السودان وسط صراع مسلح بين القوات شبه العسكرية والجيش النظامي منذ أسبوع.

وكان الجنود المصريون يشاركون في تدريبات عسكرية مشتركة بين القاهرة والخرطوم عندما اندلعت الاشتباكات التي أوقعت ما يزيد عن 400 قتيل، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وفي السياق ذاته، يرى المحلل السياسي السوداني، شوقي عبدالعظيم، أن هناك فارقا بين المفردتين وكل دولة تريد إيصال رسالة معينة من ذلك.

وقال لموقع "الحرة" إن الوساطة تتطلب "قبولا ونفوذا" من الوسيط على مختلف الأطراف، موضحا أن "الجهود" مفردة أشمل وأكثر إبهاما وقد تكون الوساطة جزءا منها، وفق تعبيره.

وأضاف: "من الواضح أن مصر لا تريد أن تفصح عن الدور التي لعبته الوساطة أو ربما لا تريد أن تعكس للراي العام أن هناك جهودا قامت بها دولة أخرى. وفي هذا الإطار يفهم الإبهام".

"تباين" مواقف

ويعتقد محللون ومنهم جاد وعبدالعظيم أن هناك تباينا إماراتيا مصريا في وجهات النظر بشأن ما يدور من أحداث في السودان.

وقال جاد إنه "بحسب ما هو منشور من تحليلات، فإن الإمارات أقرب تفهما لوجهة نظر الدعم السريع، ومصر أقرب تفهما لوجهة نظر القوات المسلحة".

يذهب عبدالعظيم في الاتجاه ذاته بقوله إن الشارع السوداني ينظر إلى أن مصر أقرب للجيش وأن الإمارات أقرب لقوات الدعم السريع التي "لديها علاقات اقتصادية مؤكدة مع أبوظبي"، بحسب تعبيره.

ودلل جاد على "أمور رمزية" في الفيديوات التي تسربت، قائلا: "المشهد الأول يظهر أن الجنود المصريين على الأرض ... وثانيا يتم تسليمهم للصليب الأحمر وليس للسفارة".

وقال إن "من يسلم للصليب الأحمر هو الأسير ... "، مردفا: "في الفيديو، يظهر الجنود المصريون وأيديهم مكبلة فوق رؤوسهم وهذا يعني أنهم في عداد الأسرى".

"رغبة بالاتهام فقط"

في الجهة المقابلة، استبعد المحلل السياسي الإماراتي، رعد الشلال، وجود تدخل لبلاده في الصراع السوداني أو دعم طرف ضد آخر.

وقال الشلال لموقع "الحرة" إن الإمارات "أبقت على شعرة معاوية بجميع أطراف النزاع" بعد الخلاف، في إشارة إلى أن علاقاتها مع الجيش وقوات الدعم السريع معا.

وضرب مثالا على "وساطة الإمارات" في قضية الجنود المصريين قائلا إن أبوظبي "خدمت بعلاقاتها مع جميع الأطراف شقيقتها مصر".

وردا على من يقول إن الإمارات تدعم قوات الدعم السريع، أبدى الشلال "استغرابه ممن يروج بأن الإمارات على علاقة بحميدتي، لكنهم لا يذكرون أنها علاقة برجل جزء من النظام والمؤسسة العسكرية طيلة عقود كعلاقة الخليج بالبشير ووزرائه ومساعديه".

وأضاف: "لأي دعم عسكري لصالح طرف ضد آخر في صراع مسلح، تحتاج دولة ما وقت قد يصل لأكثر من 10 أيام لإيصال إمدادات عسكرية ... ما يقال عن الإمارات هو مجرد رغبة بالاتهام فقط".

وقال الشلال إن "الإمارات معروف عنها أنها دولة تعتمد على التأني في اتخاذ القرار على مدى تاريخها، وسياستها تعتمد دراسة الموقف"، مردفا أن الإمارات دائما ما "تقف إلى جانب وحدة الدول العربية وتماسكها ضد أي زلزال سياسي يضرب هذه الدول".

غوتيريش حذر في رسالة من "انهيار كامل وشيك للنظام العام" في قطاع غزة
غوتيريش حذر في رسالة من "انهيار كامل وشيك للنظام العام" في قطاع غزة

اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، الأربعاء، أن ولاية الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تمثل "تهديداً للسلام العالمي" بعد أن طلب الأخير تفعيل آلية نادرة في مجلس الأمن الدولي بشأن الحرب في قطاع غزة.

وقال كوهين في منشور على منصة إكس إن "ولاية غوتيريش تمثل تهديدا للسلام العالمي. إن مطالبته بتفعيل المادة 99 (من ميثاق الأمم المتحدة) والدعوة لوقف لإطلاق النار في غزة يشكّلان دعماً لمنظمة حماس الإرهابية".

وللمرة الأولى منذ توليه الأمانة العامة، في عام 2017، تطرق الأمين العام للأمم المتحدة، غوتيريش، الأربعاء، إلى المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية، محذرا من أن النزاع بين إسرائيل وحماس "يمكن أن يعرض حفظ السلام والأمن الدوليين للخطر".

وفي رسالة غير مسبوقة إلى مجلس الأمن، حذر غوتيريش من "انهيار كامل وشيك للنظام العام" في قطاع غزة الذي يتعرض لقصف اسرائيلي مستمر بعد هجمات 7 أكتوبر، مشددا على وجوب إعلان وقف إنساني لإطلاق النار.

وكتب غوتيريش، متطرقا إلى المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية التي تتيح له "لفت انتباه" المجلس إلى ملف "يمكن أن يعرض حفظ السلام والأمن الدوليين للخطر"، قائلا: "مع القصف المستمر للقوات الاسرائيلية، ومع عدم وجود ملاجئ أو حد أدنى للبقاء، أتوقع انهيارا كاملا وشيكا للنظام العام بسبب ظروف تدعو إلى اليأس، الأمر الذي يجعل مستحيلا (تقديم) مساعدة إنسانية حتى لو كانت محدودة".

في سابقة تاريخية.. حرب غزة تدفع أمين عام الأمم المتحدة للتطرق للمادة 99
للمرة الأولى منذ توليه الأمانة العامة في 2017، تطرق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش،  إلى المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية، محذرا من أن حرب إسرائيل وغزة "يمكن أن يعرض حفظ السلام والأمن الدوليين للخطر".

وأضاف "قد يصبح الوضع أسوأ مع انتشار أوبئة وزيادة الضغط لتحركات جماعية نحو البلدان المجاورة"، مشيرا إلى إلى أنه في حين أن المساعدات الإنسانية التي تمر عبر معبر رفح "غير كافية، نحن ببساطة غير قادرين على الوصول إلى من يحتاج إلى المساعدات داخل غزة".

وقال "قوّضت قدرات الأمم المتحدة وشركائها في المجال الإنساني بنقص التموين ونقص الوقود وانقطاع الاتصالات وتزايد انعدام الأمن". 

وحذّر غوتيريش "نحن نواجه خطرا كبيرا يتمثل في انهيار النظام الإنساني. الوضع يتدهور بسرعة نحو كارثة قد تكون لها تبعات لا رجعة فيها على الفلسطينيين وعلى السلام والأمن في المنطقة".

وأضاف "يتحمّل المجتمع الدولي مسؤولية استخدام نفوذه لمنع تصعيد جديد ووضع حد لهذه الأزمة"، داعيا أعضاء مجلس الأمن إلى "ممارسة الضغط لتجنب حدوث كارثة إنسانية".

وعلق ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم غوتيريش، أن "الأمين العام يشير إلى إحدى السلطات النادرة التي يمنحه إياها الميثاق"، متحدثا عن "خطوة ذات دلالة كبيرة" لأنه لم يتم اللجوء الى المادة 99 "منذ عقود".

وأضاف "نريد أن نرى مجلس الأمن يدعو إلى وقف إنساني لإطلاق النار".

ومنتصف نوفمبر، وبعد رفض أربعة مشاريع قرارات، خرج مجلس الأمن عن صمته في نهاية المطاف وتبنى قرارا دعا فيه إلى "هدن وممرات للمساعدات الإنسانية" في قطاع غزة.