ارتفاع العدد الإجمالي للضحايا إلى 83
ارتفاع العدد الإجمالي للضحايا إلى 83

عثر المحققون الكينيون، الثلاثاء، على رفات 10 أشخاص في مقابر جماعية مرتبطة بجماعة دينية تدعو إلى الصوم "للقاء المسيح"، ليرتفع العدد الإجمالي للضحايا إلى 83، حسبما أفاد صحفي في وكالة برس في الموقع، وسط تزايد المخاوف من احتمال العثور على المزيد من الجثث، وفق فرانس برس.

وتجري الشرطة، منذ أيام، عمليات تمشيط في غابة شاكاهولا القريبة من بلدة ماليندي الساحلية، بعد تلقيها معلومات عن جماعة دينية يرأسها بول ماكينزي نثينغي الذي قال إن الموت جوعا يرسل الأتباع إلى الله.

وتعود ثلاث من الجثث التي عثر عليها الثلاثاء لأطفال. وأخرج عمال الطوارئ بملابسهم البيضاء الرفات من مقابر ضحلة، وعثروا على ناجين مصابين بالهزال، وفق صحفي في وكالة فرانس برس.

وأحدثت تلك الأنباء صدمة في أنحاء البلاد، مما دفع الرئيس الكيني، وليام روتو، للتعهد بقمع "الحركات الدينية غير المقبولة".

ومع ارتفاع أعداد الموتى، حذرت سلطات مستشفى ماليندي الحكومي، الثلاثاء، من أن المشرحة لم تعد تتسع لمزيد من الجثث، وبأنها تعمل فوق طاقتها.

وقال المسؤول الإداري للمستشفى، سيد علي، إن "مشرحة المستشفى تتسع لـ40 جثة" مضيفا أن المسؤولين تواصلوا مع الصليب الأحمر الكيني، للحصول على حاويات مبردة.

ويُعتقد بأن عددا من أتباع جماعة "غود نيوز إنترناشيونال تشورتش" لا يزالون يختبئون في غابة، وهم يواجهون خطر الموت في حال عدم العثور عليهم بسرعة.

وكان حسين خالد، المدير التنفيذي لمجموعة "حقي أفريقيا" الحقوقية، قد أبلغ الشرطة عن ممارسات هذه الجماعة، وحض السلطات على نشر المزيد من عناصر الإنقاذ لتمشيط الغابة، البالغة مساحتها 800 فدان بحثا عن أحياء.

وقال لوكالة فرانس برس: "كل يوم يمر تزيد معه احتمالات وفاة المزيد من الأشخاص".

وأضاف أن "الرعب الذي شهدناه في الأيام الأربعة الماضية مثير للصدمة. لا شيء يجعلك مستعدا لمشاهد قبور جماعية ضحلة لأطفال".

وقال المحققون لوكالة فرانس برس إنهم عثروا على جثث مكدسة في حفر، احتوت واحدة منها على ما يصل إلى ست جثث، فيما تركت جثث أخرى ملقاة على الأرض.

وأكد قائد الشرطة، جافيت كومي، للصحفيين، الاثنين، إنقاذ 29 شخصا، ونقلهم إلى المستشفى.

درنة بعد الفيضانات.. لقطة من أعلى
درنة بعد الفيضانات.. لقطة من أعلى

قبل عام، خلّفت فيضانات عنيفة قتلى ودمارا في درنة الواقعة في الشرق الليبي، التي تحوّلت عمليات إعادة إعمارها إلى منجم ذهب لمعسكر خليفة حفتر، وإلى وسيلة لتوسيع نطاق نفوذه في البلاد، وفقا لخبراء.

وليل 10-11 سبتمبر 2023، ضربت العاصفة دانيال ساحل ليبيا الشرقي، مسبّبة فيضانات كبيرة في درنة، حيث انهار سدّان، مما أسفر عن سقوط نحو 4 آلاف قتيل، وآلاف المفقودين، وأكثر من 40 ألف نازح، بحسب الأمم المتحدة.

وبعد عام على هذه المأساة، يسبب حجم الدمار والحصيلة  البشرية التي لم تحدد بعد نهائيا الصدمة، في وقت كشفت فيه أعمال إعادة البناء عن شبهات فساد في هذا البلد الغني بالنفط.

وفي ظل الخصومات وانعدام الأمن منذ سقوط نظام معمر القذافي ومقتله عام 2011، انقسمت ليبيا إلى معسكرين متناحرين، يتمثل الأول في الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، التي تتخذ في طرابلس مقرّا بقيادة عبد الحميد الدبيبة، بينما يتمثّل الثاني بسلطة تنفيذية مقابِلة بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي يسيطر على الشرق وجزء كبير من الجنوب.

وفي الأشهر الأخيرة، تحوّلت درنة التي كان عدد سكانها 120 ألف نسمة قبل الكارثة، إلى موقع بناء ضخم تتقدم فيه مشاريع البناء بسرعة كبيرة، مع استبعاد أي دور في ذلك للسلطات في طرابلس، الواقعة على أكثر من 1300 كيلومتر.

وفي فبراير، أنشأ عقيلة صالح رئيس البرلمان الذي يتخذ في الشرق مقرّا "صندوق تنمية وإعمار ليبيا" برئاسة بلقاسم حفتر (43 عاما) أحد أبناء حليفه، خليفة حفتر.

ويقول أنس القماطي مدير معهد الصادق لوكالة فرانس برس، إنّ صالح "أعطى بلقاسم 10 مليارات دينار (حوالى ملياري دولار)"، في ما يشكّل "شيكا على بياض من دون أي رقابة".

ويضيف أنّ هذا الصندوق يعدّ "مؤسسة منيعة، إذ يتم ابتلاع المليارات وتظهر مبانٍ من دون التأكّد من جودتها وبتكاليف مختلفة عمّا هي في الواقع".

ويؤكد هذا الخبير أنّه كان ينبغي إخضاع إعادة الإعمار هذه لإشراف وكالات الأمم المتحدة والمسؤولين المنتخبين محليا، "مع اتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد".

من جهته، يقول جلال حرشاوي الباحث المتخصص في الشؤون الليبية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إنّ "الغموض الذي يحيط بهذه المشاريع يثير تساؤلات بشأن احتمال إساءة استخدام الأموال العامة".

غير أنّ الخبيرين يؤكدان أنّ الصندوق لا يُدر مكاسب مالية فقط. ويشير القماطي في هذا السياق، إلى أنّ "أبناء حفتر يبنون منصة انطلاقهم السياسية. وكلّ لبنة يتم وضعها في درنة هي نقطة انطلاق لخطّة خلافتهم (لوالدهم الثمانيني) التي تموّلها المأساة".

ويوضح حرشاوي أنّه بالنسبة إلى بلقاسم حفتر الذي، على عكس شقيقيه صدام وخالد، لا يقوم بدور عسكري، فإنّ "الوعد بإعادة بناء ليبيا بأكملها، بما في ذلك طرابلس، يوفّر إمكانية تشكيل هوية سياسية على المستوى الوطني والدولي".

ويضيف هذا الخبير أنّه من خلال "هذا الحكم الاستبدادي... تستخدم الأُسرة ككل رأس مال سياسيا ودبلوماسيا ضخما وتظهر الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة على أنّها غير فعّالة وغير ضرورية".

والخميس، أشاد بلقاسم حفتر، خلال زيارة إلى الجنوب، واكبتها وكالة فرانس برس، بـ"نسبة إنجاز مرتفعة جداً، يعني تفوق الـ70 في المئة في جميع المشاريع" في درنة. وقال "قمنا باستكمال ألفي وحدة سكنية وأنشأنا 1500 وحدة سكنية (جديدة) بسبب العجز الكامل والكبير في السكن في درنة".

كذلك، أشار إلى "صيانة شبكة الكهرباء والطرق والبنية التحتية"، موضحا في الوقت ذاته أنّ "جميع المدارس (تلقّت) صيانة كاملة... وقمنا بإنشاء مدارس جديدة".

وعلى الصعيد القضائي، تقدّم البحث عن المسؤولين عن الكارثة في إطار تحقيق بدأ منذ عام، خصوصا أنّ السدود في درنة التي بنتها شركة يوغوسلافية في السبعينيات، لم تتلقَّ إلّا صيانة بسيطة على الرغم من تخصيص ميزانية لذلك.

وفي نهاية يوليو، أُدين 12 موظفا مسؤولا عن إدارة هذه السدود، بأحكام تراوح بين تسعة أعوام و27 عاما.

غير أن التحقيق الذي تجريه النيابة العامة الوطنية لم يتجاوز مستوى رئيس بلدية درنة وهو أيضا ابن شقيق عقيلة صالح. وقد أحرق متظاهرون غاضبون منزله بعد وقت قصير على وقوع المأساة.

ويضاف إلى ذلك، ثمة جدل آخر يتعلّق بعدد الضحايا الذي يُشتبه في أنّ السلطات في الشرق تحاول تقليله.

وقال كمال السيوي رئيس الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين لوكالة الأنباء الليبية (وال)، إنّ "الهيئة أنجزت ما يقارب 98 في المئة من ملفات أسر ضحايا كارثة إعصار درنة، وما زالت جهودها (جارية) في التعامل مع هذا الملف".

وأضاف أنّه "تم أخذ عينات الحمض النووي من كل الجثامين"، موضحا أنّ الهيئة "التزمت بالقوائم التي احيلت إليها من مكتب النائب العام ومن النيابة".

ولكن إلى جانب الأشخاص المدفونين الذين يبلغ عددهم 3800 شخص، تمّ جمع ما لا يقل عن "10 آلاف عيّنة من الحمض النووي من أقارب لمفقودين" خلال عام واحد، وذلك "باستثناء العائلات التي ليس لديها ناجون"، وفقا للقماطي الذي يقدّر الحصيلة الحقيقية بـ"ما بين 14 ألف و24 ألف" ضحية.