"قالوا لزوجته وابنته اللتين رُحّلتا معه: اذهبا وانسيا أمره". صورة أرشيفية
"قالوا لزوجته وابنته اللتين رُحّلتا معه: اذهبا وانسيا أمره". صورة أرشيفية

أثار ترحيل السلطات اللبنانية لاجئين سوريين قلق العديد من المنظمات الدولية التي دعت المسؤولين اللبنانيين إلى إلى التوقف عن هذه العمليات "غير القانونية".

وفي حين تعيد منظمة العفو الدولية التأكيد على أنه لا تجوز إعادة أي لاجئ إلى مكان تتعرض فيه حياته للخطر، عرضت المنظمة شهادة محمد، شقيق لاجئ سوري رحل من لبنان، قال إن السلطات السورية اقتادت شقيقه إلى مكان غير مُعلن، وتابع أنهم قالوا لزوجته وابنته اللتين رُحّلتا معه "اذهبا وانسيا أمره".

وناشدت منظمة العفو الدولية السلطات اللبنانية بالكف فورا عن ترحيل اللاجئين السوريين قسرا إلى سوريا، وسط مخاوف من أن هؤلاء الأفراد مُعرضون لخطر التعذيب أو الاضطهاد على أيدي الحكومة السورية لدى عودتهم.

ففي الأسبوع الماضي، داهم الجيش اللبناني المنازل التي تسكنها عائلات سورية في مواقع مختلفة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك برج حمود في بيروت، ورحل إلى سوريا عشرات اللاجئين الذين دخلوا البلاد بشكل غير نظامي أو يحملون بطاقات إقامة منتهية الصلاحية، حسب المنظمة.

وفي تقرير سابق لموقع "الحرة" ورد أنه بحسب مركز وصول لحقوق الإنسان (ACHR)، اعتقلت السلطات اللبنانية حتى الآن 64 لاجئا سوريا من مناطق مختلفة في لبنان، وذلك يومي 10 و11 أبريل الجاري، من بينهم مرضى وأطفال.

وقال المركز الحقوقي إنهم تعرضوا خلال المداهمات الأمنية لانتهاكات خطيرة عدة، أبرزها الاعتقال التعسفي، والترحيل القسري، وسوء المعاملة تحت ظروف لا إنسانية.

وقال محمد، شقيق أحد اللاجئين الذين رحلهم الجيش اللبناني، لمنظمة العفو الدولية إنه تمكن من الاتصال بشقيقه، الذي أبلغه بأن الجيش اللبناني اقتاد اللاجئين مباشرة إلى الحدود وسلمهم إلى الجيش السوري. وقال إنَّ العديد منهم مُسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وصرحت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، آية مجذوب: "من المقلق للغاية أن نرى الجيش يقرر مصير اللاجئين، من دون احترام الإجراءات القانونية الواجبة أو السماح لأولئك الذين يواجهون الترحيل بالطعن في ترحيلهم أمام المحكمة أو طلب الحماية. ولا تجوز إعادة أي لاجئ إلى مكان تتعرض فيه حياته للخطر".

ووفقا لشقيق محمد، سيعرف أكثر من 100 لاجئ، محتجزين على الجانب السوري من الحدود منذ يوم الأربعاء، مصيرهم الأربعاء.

ووثقت منظمة العفو الدولية وغيرها من جماعات حقوق الإنسان كيف واجه اللاجئون الذين عادوا إلى سوريا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والاختفاء القسري، على أيدي النظام السوري.

وأبلغ محمد منظمة العفو الدولية أن شقيقه مطلوب من قبل الحكومة السورية لتهربه من الخدمة العسكرية. واقتاده الجيش اللبناني هو وزوجته وابنته مباشرة من منزلهم في برج حمود إلى الحدود السورية. ورغم تسجيله لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قال محمد إنَّ شقيقه لم يُمنح الحق في الطعن في أمر ترحيله. وأضاف أيضا أنه جرى إبلاغ المفوضية.

وأخبر محمد أن موجة الترحيل الأخيرة جعلته وعائلته يعيشون في خوف ويتجنبون مغادرة المنزل.

وعن حملة الترحيل القسري الأخيرة، علّق وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين، في حديث الثلاثاء لموقع "الحرة"،  بالقول إنها "محصورة جدا بنحو سبعين شخصا، وهم المتورطون بعمليات سرقة منها لأسلاك كهربائية وجرس كنيسة مار أنطونيوس في برمانا، كما ظهر أنهم دخلوا إلى لبنان بطريقة غير شرعية".

سهى ووردة
الترحيل القسري يحطم عائلات سورية في لبنان.. واحتجاجات على "خطاب الكراهية"
انتظرت رغد يوم الأربعاء الماضي انتهاء الحصة الدراسية للعودة إلى منزلها في بلدة رشميا في جبل لبنان، لتناول الطعام الذي أعدته والدتها واللعب مع أشقائها، لكن بدلاً من ذلك صدمت أنه لم يفتح أحد لها الباب. وقفت تبكي متفاجئة من سلوكهم غير المعتاد، من دون أن تعي أن الأمر خارج عن إرادتهم، وأن حملة التوقيفات التي يقوم بها الجيش اللبناني ضد اللاجئين السوريين شملتهم.

كذلك لفت شرف الدين في  إلى "التضييق على اللاجئين السوريين في عرسال بقرار من محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، وذلك من خلال إغلاق مستوصفات وغيرها". أما خطة الترحيل التي وضعها الوزير والتي تشمل 15,000 لاجئ شهريا فهي كما يقول "مجمدة بقرار سياسي".

في 2019، أصدر المجلس الأعلى للدفاع في لبنان، وهو الهيئة المسؤولة عن تنفيذ استراتيجية الدفاع الوطني اللبنانية، تعليمات للأجهزة الأمنية بترحيل السوريين الذين يدخلون لبنان عبر المعابر الحدودية غير الشرعية، حسب منظمة العفو الدولية.

وفي رسالة إلى منظمة العفو الدولية في ديسمبر 2020، أكدت مديرية الأمن العام أن السلطات رحلت 6002 سوري منذ مايو 2019، بما في ذلك 863 في 2020، فيما توقفت عمليات الترحيل جزئيا في 2020 بسبب وباء كورونا.

وأيضا، في تقرير صدر في سبتمبر 2021، وثقت منظمة العفو الدولية قائمة بـ"الانتهاكات المروعة التي ارتكبها ضباط المخابرات السورية بحق 66 لاجئا سوريا عائدا، من بينهم 13 طفلا. وكان معظم هؤلاء الأطفال مُعادون من لبنان، بمن فيهم اثنان سبق أن تمَ ترحيلهم"، وفق ما جاء في بيان المنظمة.

وجاء أيضا أنه "أخضع ضباط المخابرات السورية النساء والأطفال والرجال العائدين إلى سوريا للاحتجاز غير القانوني أو التعسفي، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك الاغتصاب والعنف الجنسي، والاختفاء القسري. وكانت هذه الانتهاكات نتيجة مباشرة لانتمائهم المتصور إلى المعارضة السياسية السورية، وذلك ببساطة بسبب وضعهم كلاجئين".

وحصل موقع "الحرة"، الثلاثاء، على تعليق من "مفوضية اللاجئين" التابعة للأمم المتحدة بشأن حملات الترحيل، التي باتت تأخذ منحى تصاعديا، في وقت تحذر جهات حقوقية من ازديادها في الأيام المقبلة.

وجاء في التعليق أن "المفوضية تحدثت إلى اللاجئين السوريين، الذين أكدوا زيادة الحملات التي تحدث في المجتمعات السورية في منطقة جبل لبنان وشمال لبنان".

وحتى الآن في شهر أبريل، علمت المفوضية بما لا يقل عن ثلاث عشرة حملة مؤكدة.

كما "تلقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقارير عن احتجاز سوريين وترحيلهم فيما بعد، بما في ذلك لاجئين معروفين ومسجلين لديها".

وأضاف التعليق أن "المفوضية تواصل الدعوة إلى احترام مبادئ القانون الدولي وضمان حماية اللاجئين في لبنان من الإعادة القسرية".

وتأخذ أيضا "تقارير ترحيل اللاجئين السوريين على محمل الجد، وتتابع ذلك مع أصحاب المصلحة المعنيين".

الأونروا تعلن تعليق العمل بمعبر كرم أبو سالم المنفذ الرئيسي لإدخال المساعدات إلى غزة- الصورة بتاريخ 17 مايو 2024
الأونروا تعلن تعليق العمل بمعبر كرم أبو سالم المنفذ الرئيسي لإدخال المساعدات إلى غزة- الصورة بتاريخ 17 مايو 2024

أعلن المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، فيليب لازاريني، تعليق إيصال المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، الذي يُعد الشريان الرئيسي لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وقال لازاريني في تغريدة نشرها الأحد، عبر حسابه على منصة أكس، إن الطريق المؤدي من المعبر لم يكن آمنا منذ شهور.

وأشار إلى حادثة وقعت في 16 نوفمبر الماضي، حيث تعرضت قافلة كبيرة من شاحنات المساعدات للسرقة على يد عصابات مسلحة.

وأضاف أن محاولة جديدة لإدخال شاحنات محملة بالغذاء السبت باءت بالفشل، إذ تم الاستيلاء على جميع الشاحنات.

وأشار لازاريني إلى أن هذا القرار الذي وصفه بـ"الصعب" يأتي في وقت يتفاقم فيه الجوع بسرعة، مؤكدا أن إيصال المساعدات الإنسانية "لا ينبغي أن يكون أبدا أمرا محفوفا بالمخاطر أو يتحول إلى معاناة".

وشدد على أن الأوضاع في غزة جعلت العملية الإنسانية شبه مستحيلة، بسبب عدة عوامل من بينها الحصار المستمر، والعقبات التي تفرضها السلطات الإسرائيلية، والقرارات السياسية التي تقيد كميات المساعدات المسموح بها، إضافة إلى انعدام الأمان على طرق المساعدات واستهداف الشرطة المحلية. وأوضح أن هذه العوامل مجتمعة أدت إلى انهيار في النظام العام.

وأكد لازاريني أن مسؤولية حماية عمال الإغاثة وضمان وصول المساعدات بأمان تقع على عاتق إسرائيل بصفتها قوة احتلال، مشددًا على ضرورة التزامها بضمان تدفق المساعدات بشكل آمن والامتناع عن استهداف العاملين في المجال الإنساني.

وجدد الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، مؤكدا أن هذا الإجراء سيتيح إيصال المساعدات بشكل آمن ومستمر إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها.